القضاء على 16 إرهابياً بينهم قياديان في الشيشان منذ مطلع العام

أحكام بالسجن على متهمين في قضايا إرهاب بجنوب روسيا

TT

القضاء على 16 إرهابياً بينهم قياديان في الشيشان منذ مطلع العام

قال وزير الداخلية الشيشاني رسلان ألخانوف، إن قوات الأمن في الشيشان تمكنت منذ مطلع العام الحالي من القضاء على 16 مسلحاً، بينهم اثنان من قادة المجموعات المسلحة غير الشرعية. وقالت وكالة «تاس» الروسية إن الوزير رسلان ألخانوف، ترأس اجتماعاً موسعاً لكبار المسؤولين في الوزارة، وكان الاجتماع مكرساً لاستعراض نتائج عمل الوزارة في الآونة الأخيرة. وقال ألخانوف خلال الاجتماع: «منذ بداية هذا العام قضينا على 16 عضواً من الجماعات المسلحة غير المشروعة خلال سير التحقيقات والعمليات الخاصة، من بينهم اثنان من زعماء العصابات، بالإضافة إلى اعتقال أحد زعماء العصابات و40 عضواً منها و20 آخرين من المؤيدين الداعمين لهذه الجماعات».
وأكد المسؤول الشيشاني أن موظفي الأجهزة الأمنية تمكنوا خلال هذه الفترة من إقناع 14 مسلحاً بالاستسلام، مشيراً إلى أن عدد الجرائم التي ارتكبت في الأماكن العامة في الجمهورية انخفض بنسبة 6.6 في المائة، فيما ارتفعت نسبة إجمالي الكشف عن الجرائم بـ3.3 في المائة. وأكد «توفير الأمن والنظام للمواطنين خلال أكثر من 600 فعالية ونشاط اجتماعي وسياسي وثقافي ورياضي، شارك فيها نحو مليون شخص».
في شأن متصل، حكمت المحكمة العسكرية في مديرية منطقة شمال القوقاز بالسجن 5 سنوات على مواطن من أبناء العاصمة الشيشانية غروزني، بتهمة ممارسة التجنيد في صفوف «داعش». وحسب الادعاء، فإن المدعو كيامران أوشيف، قام منذ صيف عام 2015 وحتى مايو (أيار) عام 2016، وبينما كان موجوداً في مدينته غروزني، قام بمحاولات تجنيد مواطنين وجذبهم للمشاركة في نشاط تنظيم داعش الإرهابي.
وحسب ملف القضية، فإن المتهم كان يستخدم الهاتف الجوال في نشاطه، ويقوم بإرسال مقاطع فيديو ذات طابع «حماسي تحفيزي»، كما عمل على إقناع الآخرين بالتوجه إلى سوريا للمشاركة في نشاط المنظمات الإرهابية الدولية. وفي جلسة أمس، أدانت المحكمة المتهم أوشيف، بموجب فقرة قانون الجنايات الخاصة بجريمة «المساعدة في نشاط إرهابي»، وبناء عليه، حكمت المحكمة على أوشيف بالسجن 5 سنوات في سجن إصلاحي لمدة عام، وغرامة مالية قيمتها 5 آلاف روبل روسي.
وفي مدينة كراسنويارسك، شرق سيبيريا، أصدرت المحكمة العسكرية في مديرية أقصى شرق روسيا حكمها في قضية المدعو عبد الرحمن آية الله، المتهم بـ«محاولة الالتحاق بصفوف الإرهابيين». ورأت المحكمة أن المتهم مذنب، وقالت إنه حاول السفر إلى سوريا بهدف الانضمام إلى صفوف تنظيم داعش الإرهابي، وبناء عليه، حكمت المحكمة على المتهم آية الله بالسجن 6 سنوات، في سجن مشدد. وحسب معلومات هيئة الأمن الفيدرالي، فإن المتهم قرر عام 2016 الذهاب إلى سوريا للمشاركة في النزاع المسلح إلى جانب المجموعات الإرهابية. واتخذ آية الله قراره حينها، تحت تأثير أشخاص كانوا يمارسون تجنيد عناصر جدد للالتحاق بصفوف تنظيم داعش الإرهابي. وحسب اعترافات المتهم نفسه، فقد اقترح عليه هؤلاء الأشخاص الذين يمارسون التجنيد مبلغاً من المال لتسديد نفقات الطريق إلى سوريا. لكن آية الله قام بنفسه بتجميع المبلغ المطلوب، واشترى بطاقة ليتجه بداية إلى موسكو وبطاقة يتجه بعد ذلك من موسكو إلى إسطنبول، حيث يفترض أن يستقبله هناك أعضاء من تنظيم داعش، ويقومون بنقله عبر الحدود التركية إلى سوريا. لكن عناصر الأمن الفيدرالي اعتقلوه وحالوا دون تنفيذه مخططه بالقتال في صفوف الجماعات الإرهابية.



2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟