جهاز «رئاسة أمن الدولة»... اليد الطولى لمحاربة الإرهاب

أبرزت الأوامر الملكية التي أصدرها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، أمس (الخميس)، بُعداً أكبر في تعزيز وجمع القوات الخاصة والمعروفة بمكافحة الإرهاب وتمويله ومراقبة أنشطته، ضمن جهاز واحد، تمت تسميته «رئاسة أمن الدولة» ويكون ارتباطه برئيس الوزراء في البلاد.
وجاء الأمر الملكي السعودي بفصل قطاعات: المباحث العامة، وقوات الأمن الخاصة، وقوات الطوارئ الخاصة، وطيران الأمن، والإدارة العامة للشؤون الفنية، ومركز المعلومات الوطني، عن وزارة الداخلية، وأن تصبح القطاعات السابقة ضمن الجهاز الجديد، وكل ما يتعلق بمهام الرئاسة، بما في ذلك مكافحة الإرهاب وتمويله، والتحريات المالية.
وتعد القطاعات المنفصلة عن وزارة الداخلية، قوات وأجهزة بارزة في صميم عملها الشامل والكبير في مكافحة الإرهاب وتعزيز السلم الاجتماعي في البلاد، وظلت من أذرع القوة في منظومة العمل الأمني، وكان لها الدور الكبير في إحباط كثير من المخططات الإرهابية، وأخذت على عاتقها أن تكون حد السيف في المواجهة مع أرباب الفكر المتطرف، وكانت ذات دوي في القوة والملاحقة، وقدم أفرادها أرواحهم في كل عملية وكل مهمة تحفظ نسيج الوطن وأمنه.
وجاء في الأمر الملكي تعيين عبد العزيز الهويريني رئيساً لـ«أمن الدولة»؛ أحد أبرز رجالات وزارة الداخلية، الذي بدأ رحلته فيها حتى وصل إلى أقصى رتب السلم العسكري في قطاع المباحث العامة، مع استمراره مديرا له، لكن باسم مدني، وليصبح أول رئيس لـ«أمن الدولة» بمرتبة وزير.
وسيمكّن إنشاء «رئاسة أمن الدولة» في السعودية، وزارة الداخلية من تقديم خدمات مباشرة ذات اتصال مباشر بالمواطنين والمقيمين حاليا في كل القطاعات التابعة لها، وسيمكن لـ«رئاسة أمن الدولة» التركيز على مكافحة الإرهاب أمنياً واستخباراتياً ومراقبة تمويله مالياً، وسيسهل للرئاسة التواصل مع الجهات ذات العلاقة خارجياً، في مرحلة الكفاءة التي تهدف لها السعودية.
مفهوم جديد بكيان حديث يحمل في محتواه أبرز القطاعات الأمنية، وفق التعريف الشامل، هو ما تقوم به الدولة للحفاظ على كيان الدولة المادي والبشري من الأخطار، ويعد ذلك تعريفاً للمصالح والمخاطر، مما يحقق الحماية للتركيبة الاجتماعية وعناصر القوة للكيان الوطني، لما لذلك من دور في تحقيق الرؤية الشاملة للأمن وما يؤثر عليه إقليمياً وعالمياً.
ويمثل القرار الملكي الذي أصدره الملك سلمان، رؤية وزير الداخلية الراحل الأمير نايف بن عبد العزيز، رحمه الله، بأن مفهوم «رئاسة أمن الدولة» يوجد بوصفه كياناً ضمن أفضل الممارسات المطبقة عالمياً، وجاء الأمر بناء على توجهات وقناعات عليا من الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، والأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف وزير الداخلية، التي اتجهت للموافقة الملكية من قبل الملك سلمان.
قطاعات ستتمكن في إطار الفصل بين قطاعات الداخلية السابقة، من تحقيق الجودة والفاعلية في تقديم خدمات المرور والشرطة وكذلك الجوازات وسواها، بعد أن كان ملف الإرهاب هو الحيز الأكبر في نطاق عمل الوزارة قبل القرار الملكي الذي صدر أمس. وعلى المستوى الاقتصادي، سيكون لـ«رئاسة أمن الدولة» تأثيره في ترشيد الإنفاق بشكل أكبر ضمن خطة الدولة الكبرى، وسيعطي إنشاء الجهاز الجديد توفيرا بعشرات المليارات من ميزانية الدولة من خلال رفع كفاءة العمل وتخفيض النفقات وترشيدها.
ويحسب لمستقبل «رئاسة أمن الدولة» أن يكون مجمعاً يكمل أركان ملفات الشؤون الأمنية والاستخباراتية، وهي بمثابة مراكز للدراسات الاستراتيجية التي تقوم على تحليل البيانات وتعزيز حضورها في تعزيز حصنها الأمني، على وقع التحولات الشاملة في المنطقة، وفق نظرة مستقبلية على تلك التطورات، وفق التوازن الاستراتيجي الذي يحفظ كيان الدولة وتركيبته الاقتصادية والاجتماعية؛ لما في ذلك من تحقيق المواطنة بصيغتها الحاضرة في توجهات العمل التنموية، التي تقوم على ربط الأحداث السابقة والقائمة والمحتملة من خلال مجالاتها الدائمة.
قوات أمنية سعودية، وأجهزة عملت بكفاءة متسارعة، ستكون لمعة القوة في كيان «رئاسة أمن الدولة» في البلاد، بعد أن حققت الإعجاب العالمي نظير القوة في تجفيف بؤر الإرهاب في عمليات متلاحقة ومستمرة، وفي استخدام التطبيقات المتنوعة في مجال الحماية ومكافحة الإرهاب، وتحقيق إنجازات عالية في القضاء على كل أشكال محاولات تهديد الاستقرار، مهما علت موجاته أو تجددت، وأضحت هذه المؤسسات الأمنية ذات وجود مميز في تحقيق الأمن والسلم.