«هزّة» في البيت السياسي السنّي بعد أسبوع على إعلان «تحالف القوى»

TT

«هزّة» في البيت السياسي السنّي بعد أسبوع على إعلان «تحالف القوى»

لم يمض أسبوع واحد على إعلان «تحالف القوى الوطنية العراقية» الذي يضم أغلب الشخصيات والجهات السياسية السنيّة، حتى أصابت البيت السني «هزّة» سياسية غير متوقعة إذا ما أخذ بنظر الاعتبار السياق السياسي التي سارت به تلك القوى مؤخرا، ونجمت الهزّة عن الإطاحة بالدكتور أحمد المساري رئيس «حزب الحق» وكتلة تحالف القوى النيابية وأحد الأعضاء المؤسسين لتحالف القوى الوطنية الجديد.
وكان رئيس مجلس النواب سليم الجبوري أعلن، الجمعة الماضي، عن تشكيل تحالف سياسي جديد باسم «تحالف القوى الوطنية العراقية»‏، وأكد أنه «سيعمل على إعادة النازحين وإيجاد حل لمشاكلهم». وإذا كان التحالف سيعمل على «إيجاد الحلول السريعة والحقيقية لمشكلة النزوح وإعادة ‏النازحين إلى مناطقهم». كما قال الجبوري، فإن مراقبين للشأن السياسي يميلون إلى الاعتقاد بأن «معالجة مشكلة النازحين أحد الأهداف الجانبية للتحالف الذي هدفه الأساسي تأليف كتلة سنية موحدة لخوض الانتخابات المقبلة والتفاوض مع بقية القوى السياسية».
وليس من الواضح المصير الذي ينتظر التحالف الجديد بعد خصام أغلب قواه مع النائب أحمد المساري وإزاحته من رئاسة الكتلة البرلمانية وبتوقيع أغلب أعضائها، لكن المرجّح أن يستمر في العمل وصولا إلى الانتخابات النيابية العامة المقررة مطلع عام 2018. واعتبر النائب أحمد المساري، أن اجتماع نواب تحالف القوى الذي صوت على إقالته من رئاسة الكتلة، أول من أمس «لم يكن رسميا». وقال المساري في مؤتمر صحافي عقده في مجلس النواب، (الأربعاء) إنه «خلال الثلاث سنوات كنت حريصا للحفاظ على كتلة تحالف القوى، وما زلت حريصا على لم الشمل ووحدة الصف»، مبيناً «أنا غير متمسك بالمنصب وإنما كنت أحاول الحفاظ على وحدة الكتلة وأنا حريص على أن أبقى جنديا فيها». وأشار إلى أن «بعض الزملاء من الكتلة حاولوا إبعادي عن رئاسة الكتلة، لأني كنت مصرا على عدم تمرير أحد مرشحي مفوضية الانتخابات». لكن مصدرا مقربا من تحالف القوى أشار إلى أن قضية الإبعاد عن رئاسة الكتلة أتت على خلفية كلمة ألقاها أحمد المساري في تجمع إعلان التكتل السياسي الجديد الجمعة الماضي، وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط»: «كان الاتفاق أن لا أحد يلقي كلمة في بروتيكول الاجتماع، لتلافي بعض الحساسيات الموجودة، لكن المساري دخل خلسة وألقى كلمته وسط استغراب واعتراض الجميع».
ويضيف، «البعض في تحالف القوى ينظر بعين الريبة لأحمد المساري، لأنه يطمح بدور أكبر من حجمه في الشارع السني». وكان المساري أشار في كلمته «المعترض عليها» في الجمعة الماضي إلى أن الإعلان عن تأسيس «تحالف القوى الوطنية العراقية» جرى استنادا إلى «معطيات داخلية» وأنه، «تجمع غير طائفي يحظى بتأييد محلي وإقليمي ودولي ويؤمن بأن استقرار العراق لا يمكن أن يتحقق إلا باستقرار المناطق التي تعرضت للإرهاب».
وبنظر بعض المراقبين للشأن السياسي العراقي، فإن القوى السنية، ما زالت تبحث عن خياراتها في مرحلة ما بعد الانتهاء من «داعش»، ولعل المؤتمرات التي عقدت والمزمع عقدها في الأيام المقبلة تشير إلى مسعى البحث عن تلك الخيارات، التي من بينها تأسيس مرجعية سياسية متماسكة في مقابل مرجعيات سياسية شيعية وكردية، وهناك من يرغب في مرجعية سنية دينية موحدة إن أمكن، ويشيرون إلى أن أغلب الاجتماعات التي عقدت غير قادرة حتى الآن على تجاوز الصراع الضمني بين الشخصيات السياسية السنية البارزة على «زعامة المكون السني».
ومع ذلك، لا يبدو موضوع «الهزات والانقسامات» بين الأحزاب والقوى غريبا على المشهد السياسي العراقي، حيث تعاني أغلب القوى السياسية من انقسامات وخلافات حادة بين كتلها وشخصياتها، فالصدريون مثلا، أعلنوا انسحابهم قبل أشهر طويلة من «التحالف الوطني» الشيعي، وكذلك أصابت «بيت» المجلس الإسلامي الأعلى قبل أسابيع «هزة» سياسية، عندما أعلن الشيخ جلال الدين الصغير، وهو من الحرس القديم، انسحابه من المجلس ووجه انتقادات لاذعة لطريقة عمله الجديدة، وكذلك فعل القيادي في المجلس باقر جبر الزبيدي، وانتقد صعود جيل جديد من الشباب في الهيئة القيادية للمجلس الإسلامي الأعلى.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.