رئيس المحكمة العليا يطالب نتنياهو بالاستقالة بسبب الفساد

قال إن رابين استقال لأسباب أقل وموقفه أظهر معدنه

TT

رئيس المحكمة العليا يطالب نتنياهو بالاستقالة بسبب الفساد

بعد تراكم الشبهات والتحقيقات في قضايا الفساد، وانفجار فضيحة تلقي الرشاوى والعمولات السوداء على صفقات ضخمة لاقتناء الغواصات والسفن الحربية والأسلحة، خرج رئيس محكمة العدل العليا، الأسبق، في إسرائيل، القاضي مئير شمغار، بنداء إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أن يستقيل من منصبه.
وقال شمغار، إن إسرائيل شهدت، في الماضي، قضايا فساد أبسط وأقل خطورة من الشبهات حول نتنياهو، وكان رد الفعل عليها يتسم بالالتزام بالقيم. فعلى سبيل المثال، جرى اكتشاف وجود حساب بنكي في الخارج لزوجة رئيس الوزراء، إسحاق رابين في سنة 1977، فأعلن رابين أنه يتحمل كامل المسؤولية الأخلاقية، وقدم استقالته من رئاسة الحكومة، وسقطت حكومته، وأجريت انتخابات جديدة.
ويعتبر هذا التصريح ذا أهمية خاصة، ليس فقط لكون من تفوه به رئيسا سابقا للمحكمة العليا، بل لسببين آخرين: فأولا شمغار ينتمي إلى اليمين السياسي التقليدي، وقبل أن يعين قاضيا كان عضوا في قيادة حزب حيروت (الليكود الحاكم حاليا). وثانيا، كان شمغار قد كلف بوضع «الشروط الأخلاقية للحكومة وآداب التصرف والسلوك لدى الوزراء». يقول شمغار، في مقابلة صحافية تنشرها صحيفة «يديعوت أحرونوت» اليوم: «في أعقاب استقالة رابين، قمنا بصياغة الشروط، وقلنا إن على أعضاء الحكومة السلوك فقط لصالح الجمهور، ولا يتم توجيهه وفقا لمعايير الربح الاقتصادي أو غيره، والرشاوى التي ستعرض عليه وعلى المقربين منه. كما تطرقنا إلى المسموح والممنوع في تلقي الهدايا، وحددنا أن على عضو الحكومة أو رئيسها الاستقالة في حال نسبت إليه سلطات القانون ارتكاب مخالفات خطيرة، ولا ينتظر حتى حسم الأمر في المحكمة، وهذا هو ما كنت أتوقعه من نتنياهو».
وسئل شمغار عن رأيه في هبة الاحتجاج التي يقوم من خلالها ألوف الإسرائيليين بالتظاهر في نهاية الأسبوع مطالبين باستقالة نتنياهو، فأجاب: «أحيانا، عندما أرى ما يحدث في الدولة، أقول لنفسي: لو كنت أصغر بعشرين سنة لكنت سأقوم بعمل». ويقول شمغار الذي يكاد يبلغ الثانية والتسعين من العمر، إنه يعتقد بأن على نتنياهو الاستقالة، مضيفا: «في موضوع الهدايا، أنا مستعد للتوقيع على ذلك. حين يجري الحديث عن هدايا بحجم كبير، كالسيجار والشمبانيا، فإن رأيي القاطع هو أن على رئيس الحكومة الاستقالة». وقالت زوجة شمغار، القاضية ميخال روبنشطاين، نائبة رئيس المحكمة المركزية في تل أبيب سابقا، إنها تعتقد هي أيضا بأن على نتنياهو الاستقالة. وأوضحت أن رابين استقال على أمور أقل من ذلك. ورد شمغار: «رابين لم يتهم بالحصول على هدايا، لكن استقالته أظهرت معدنه».
من جهة ثانية، توجه رئيس حزب «يوجد مستقبل» المعارض، يائير لبيد، بطلب تشكيل لجنة تحقيق رسمية في قضايا الفساد الحكومي، خصوصا بعد الكشف عن تورط مجموعة كبيرة من كبار الموظفين في مكتب رئيس الحكومة والوزارات وعدد من جنرالات الجيش، بينهم قائد سابق لسلاح البحرية، في الحصول على عشرات ملايين الدولارات رشوة في صفقات اقتناء الغواصات والسفن الحربية الألمانية. وقال لبيد إن إسرائيل لم تشهد في تاريخها فضيحة فساد بهذا الحجم. لذلك، يجب عدم الاكتفاء بتحقيق الشرطة والدخول في عمق الجريمة وتبعاتها، ووضع أسس جديدة تمنع تكرارها. وقد أيد المطلب جميع نواب المعارضة. وفي السياق نفسه، كشف النقاب عن حراك داخل حزب اليهود الشرقيين المتدينين «شاس»، لمطالبة رئيس الحزب وزير الداخلية، أريه درعي، بالاستقالة من رئاسة الحزب وجميع وظائفه، بسبب التحقيقات الجارية ضده في قضية فساد جديدة.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.