فرنسا تريد تقديم «مقترحات» للأطراف المتحاربة في سوريا

TT

فرنسا تريد تقديم «مقترحات» للأطراف المتحاربة في سوريا

قال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان إن فرنسا تريد من القوى المعنية بالأزمة السورية الانضمام إلى مجموعة اتصال تقدم مقترحات للأطراف المتحاربة في محاولة لكسر الجمود في المفاوضات السياسية.
وكان فوز إيمانويل ماكرون في انتخابات الرئاسة الفرنسية وفر لفرنسا فرصة لإعادة النظر في سياستها تجاه سوريا. والتغير الذي طرأ هو تخليها عن مطالبتها بتنحي الرئيس السوري بشار الأسد كشرط مسبق للمحادثات رغم أن المسؤولين الفرنسيين ما زالوا مصرين على أنه لا يمكن أن يكون جزءاً من مستقبل سوريا في الأجل الطويل.
وتنسق فرنسا حالياً سياستها الخارجية على ما يبدو على أساس الأولويات الأميركية، فيما يتعلق بمحاربة الإرهاب والسعي لروابط أوثق مع روسيا، وهي خطوة ترى فرنسا أنها تعطيها دوراً في الوساطة بين القوتين، لا سيما فيما له صلة بسوريا.
وقال لو دريان في حديث لشبكة «سي نيوز» نشر الأربعاء على موقعها الإلكتروني: «تفترض هذه المبادرة ألا نضع رحيل الأسد شرطاً مسبقاً للمحادثات». وقال إن من شأن ذلك أن يشجع روسيا على دخول العملية.
ولم يورد لو دريان تفاصيل عن نوعية المقترحات الجديدة التي يمكن عرضها أو عن الشكل المحتمل لمجموعة الاتصال أو كيف ستؤثر على جهود السلام التي تشرف عليها الأمم المتحدة والمتعثرة منذ سنوات.
ولم ترد وزارة الخارجية أو مكتب الرئيس على أسئلة عن هذه المبادرة.
وقال ماكرون إنه يأمل أن تضم المجموعة الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، وهي بريطانيا والصين وفرنسا وروسيا والولايات المتحدة، فضلاً عن قوى إقليمية ومسؤولين من المعارضة والحكومة.
وقال دبلوماسي من الشرق الأوسط إن الرئيس الأميركي دونالد ترمب وافق من حيث المبدأ على الفكرة خلال زيارة لباريس الأسبوع الماضي لكنه يريد أن تضم المجموعة فقط أعضاء مجلس الأمن.
وفي شهر يونيو (حزيران)، قال ماكرون، وهو وسطي انتخب في مايو (أيار)، إنه لم يعد يعتبر رحيل الأسد شرطاً مسبقاً للتفاوض على تسوية للصراع الذي أودى بحياة مئات الألوف من الأشخاص، ودفع أكثر من 11 مليوناً للفرار من ديارهم.
وقال السفير الروسي ألكسي بورودافكين للصحافيين في جنيف الأربعاء إن موسكو ترى ذلك تطوراً إيجابياً.
وأضاف: «المهم في رأيي هو أن هذه المبادرة تستند كذلك إلى ما أعلنه الرئيس ماكرون عن أن فرنسا لم تعد تطالب بأن يتنحى الأسد على الفور».
وتم فتح موضوع اقتراح فرنسا تشكيل مجموعة اتصال بالفعل مع بعض الأطراف المحتملة غير أن كثيراً من الدبلوماسيين الفرنسيين قالوا إن الفكرة ما زالت غير واضحة.
وعلق ستيفان دي ميستورا، وسيط الأمم المتحدة في المحادثات السورية الحالية الآن، على الاقتراح في جنيف الجمعة الماضي بعد الجولة السابعة من المحادثات. وقال: «في الواقع ستكون الأمم المتحدة في وضع يؤهلها للقيام بما تقوم به الآن لكن مع اختلاف وحيد وهو أن تكون الدول المؤثرة للغاية فعلياً في وضع قد يكون له تأثير مباشر أثناء المحادثات... هل أعارض ذلك؟ هذا بالتحديد ما تحتاج إليه الأمم المتحدة وتريده أن يحدث».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».