تحذيرات من «فخ سياسي» في التصعيد بين اللبنانيين واللاجئين السوريين

القوى الأمنية أوقفت لبنانيين تعرضوا لسوري بالضرب

مخيم الشهداء للاجئين السوريين في عرسال - لبنان
مخيم الشهداء للاجئين السوريين في عرسال - لبنان
TT

تحذيرات من «فخ سياسي» في التصعيد بين اللبنانيين واللاجئين السوريين

مخيم الشهداء للاجئين السوريين في عرسال - لبنان
مخيم الشهداء للاجئين السوريين في عرسال - لبنان

وصل التوتّر بين اللاجئين السوريين واللبنانيين إلى أعلى مستوياته في الأيام القليلة الماضية، كان آخرها يوم أول من أمس، عبر نشر شريط فيديو يتعرض فيه شاب سوري للضرب والإهانة من قبل شباب لبنانيين.
وأعلن أمس وزير الداخلية إلقاء القبض عليهم وإحالتهم إلى التحقيق، فيما أشارت معلومات لـ«الشرق الأوسط»، إلى توقيف ثلاثة شبان متورطين بضرب الشاب السوري أحدهم غير مدني، في منطقة الدكوانة في شرق بيروت، والتي كانت من أولى المناطق اللبنانية التي اتخذت قرارا تمنع بموجبه تجول السوريين بعد الساعة الثامنة مساء.
وإذا كان هذا الشريط ليس الأول من نوعه بعدما سبقته أعمال مماثلة مرات عدّة، فإن ما وصلت إليه العلاقة بين المجتمع اللبناني المضيف واللاجئين السوريين استدعت دق ناقوس الخطر من قبل جمعيات حقوقية وناشطين رفعوا الصوت محذرين من وصول الأمور إلى مرحلة يصعب العودة عنها، ومن الوقوع في «فخ سياسي».
وكانت قضية اللاجئين قد عادت إلى الواجهة بشكل كبير قبل نحو الأسبوعين وتحديدا عند تنفيذ الجيش اللبناني عملية استباقية في مخيمات اللاجئين في عرسال، في البقاع حيث قام ثلاثة انتحاريين بتفجير أنفسهم، والإعلان بعد ذلك عن وفاة أربعة موقوفين لأسباب صحية، بحسب بيان الجيش، وهو الأمر الذي شكّكت فيه منظمات حقوقية مطالبة بالتحقيق. وتربط منظمات إنسانية ارتفاع منسوب العنصرية في لبنان بين السوريين واللبنانيين بالمواقف السياسية المطالبة بإعادة اللاجئين إلى سوريا، والتي ترافقت مع تقديم بعض الأحزاب خططا لهذه العودة التي تلقى انقساما سياسيا بشأنها بين الأحزاب، وتحديدا بين تلك الداعية للتنسيق مع النظام السوري كـ«حزب الله» وحلفائه وبين الرافضة هذا الأمر ومطالبة بأن تتم عبر الأمم المتحدة. في وقت ذهب بعضهم أكثر من ذلك محذرا من تكرار مشهد الحرب الأهلية في لبنان، وهو ما أشار إليه رئيس الحزب الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، قائلا: «لا للمظاهرات حول موضوع النازحين، لا لتجربة العامين 1975 و1967 التي أساءت للبلاد وقسمتها، نعم للتمييز بين الإرهاب واللاجئ السوري»، في إشارة إلى انقسام اللبنانيين حول قضية الفلسطينيين في السبعينات، وذلك بعدما ظهرت دعوات للتظاهر دعما للجيش اللبناني في مقابل الدعوة لمظاهرة دعما للاجئين السوريين، الأسبوع الماضي.
وتعليقا منه على التوتّر المتفاقم بين اللاجئين السوريين واللبنانيين، نوّه «المنتدى الاشتراكي» الذي كان قد دعا إلى المظاهرة الداعمة للاجئين يوم الثلاثاء الماضي، قبل أن تعلن وزارة الداخلية عدم إعطائها الترخيص نتيجة محاولة بعض الأطراف استغلالها ضد الجيش اللبناني، بالتجاوب مع ما وصفه بـ«الفخ السياسي القديم الذي فتح باب الكراهية والحقد على مصراعيه ففاضت تلك البشاعة على مواقع التواصل الاجتماعي تهديداً وتخويناً وجزماً وتشنّجاً».
وأضاف المنتدى في بيان أصدره، أمس: «لعلّ أكثر ما أثار قلقنا وخوفنا وصدمتنا لم يكن قرار منع التظاهر ولا خطابات السياسيين العنصرية ولا حتى التهديدات التي انهمرت على رفاقنا ورفيقاتنا في المنتدى الاشتراكي، إنما الحملة المضّادة لمجرّد تنظيم وقفة تضامنية متواضعة مع اللاجئ السوري في لبنان، والتي - بلعبة سياسية - حوّرت الموضوع لترغم اللبنانيين على اتخاذ موقفٍ لم يكن مطروحاً أصلاً: إما أنتم مع (داعش) أو مع الجيش اللبناني، أو على الاختيار بين ازدواجية لا منطق لها إما أنتم مع السوريين أو مع اللبنانيين».
وأضاف: «رغم قساوة تلك الحملة المضادة الشائكة، إن أهم ما دق ناقوس الخطر في قلوبنا هو تجاوبكم السريع مع هذا الفخ السياسي القديم الذي فتح باب الكراهية والحقد على مصراعيه ففاضت تلك البشاعة على مواقع التواصل الاجتماعي تهديداً وتخويناً وجزماً وتشنّجاً».
وطلب «المنتدى» من اللبنانيين التوقيع على رسالة إلى الشعب اللبناني حول قضية اللجوء السوري، تتضمن ثلاثة أسئلة أساسية، هي: هل نسمح بنجاح هذا التكتيك اليوم، فتسود سنة انتخابية مشحونة بالكراهية والعنف؟ معتبرا فيها أن «قضية اللاجئين هي ورقة انتخابية تكاد في هذه الأشهر التي تسبق موعد الانتخابات النيابية». وأضاف: «هل نرضى بقمع التعبير عن رأي يتضامن مع اللاجئين؟ هل أعمانا الإعلام الطائفي في المنطقة حتى استحال علينا رؤية الإنسان السوري العالق بين مطرقة بشار وسندان (داعش)؟ الهارب من الطيران الروسي والسلاح الأميركي؟ هل ضاقت بنا السبل لأن نعلق كل سبب أزماتنا على أفرادٍ لا يحملون الجنسية. وسأل أخيرا هل الجيش فوق القانون؟» مضيفا: «حتى وزير الداخلية صرّح بضرورة البحث في الوفيات السورية التي حصلت في عهدة الجيش. ألا يخضع الجيش للقانون والمحاسبة؟ حتى العمليات العسكرية تخضع لقوانين دولية تمنع استهداف المدنيين وتفرض التحري في الوفيات وتمنع التعذيب».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.