ألمانيا تجمد التوقيع على صفقة الغواصات لثبوت تهمة الفساد حولها

النيابة الإسرائيلية تتوصل إلى اتفاق مع رجل أعمال متورط ليصبح «شاهد ملك»

TT

ألمانيا تجمد التوقيع على صفقة الغواصات لثبوت تهمة الفساد حولها

قررت الحكومة الألمانية تأجيل موعد توقيع مذكرة التفاهم بشأن بيع ثلاث غواصات لإسرائيل، الذي كان مفترضا أن يجري الأسبوع المقبل، في أعقاب التحقيق في شبهات حدوث أعمال فساد في الصفقة.
واعتبر الإسرائيليون هذا القرار، الذي كان سيوقعه سفير إسرائيل لدى ألمانيا، يعقوب هداس، دليلا على حدوث تطور دراماتيكي في القضية. بل إن مسؤولا إسرائيليا رفيعا، قال إنه لا يستبعد أن تقود التطورات في نهاية الأمر، إلى إلغاء الصفقة الضخمة بين البلدين. وبسبب هذا التخوف، سافر إلى ألمانيا، أخيرا، المدير العام لوزارة الدفاع الإسرائيلية، أودي آدم، للقاء نظيره الألماني، ومحاولة منع إلغاء الصفقة ودفعها قدما. وادعت مصادر إسرائيلية أن المقصود تأجيل التوقيع وليس إلغاء الصفقة، وأنها تأمل بأن يصل التحقيق إلى نهايته عاجلا، كي لا يجري وقف الصفقة وإلغاؤها. وكانت ألمانيا قد أضافت إلى المذكرة بندا يسمح لها بإلغاء الصفقة من جانب واحد، إذا ثبت بأنها تمت بفضل أعمال فساد ورشوة. ويصل حجم الصفقة مع تيسنكروب [حوض السفن الألماني] إلى مليار ونصف مليار يورو، يفترض بألمانيا أن تمول ثلثها.
وفي تل أبيب، حصل تطور درامي آخر، إذ تسرب إلى الإعلام أن النيابة توصلت إلى اتفاق مع المتهم الرئيسي في هذه الفضيحة، رجل الأعمال، ميكي غانور، لكي يصبح «شاهد ملك» ضد بقية المشبوهين، وفي مقدمتهم نائب رئيس مجلس الأمن القومي في حكومة بنيامين نتنياهو، أفريئيل بار يوسف، وقائد سلاح البحرية الأسبق، الجنرال احتياط إليعزر (تشيني) ماروم، وابن خال نتنياهو وكاتم أسراره، المحامي ديفيد شمرون، ومشبوهين آخرين. ومع أن رئيس الوزراء، نتنياهو، ليس مشبوها بعد، إلا أن إشارات عدة تصدر عن ملف التحقيق تتوقع أن تطاله النيران في هذه القضية أيضا. فالمحققون لا يصدقون بأنه كان بعيدا عنها، في الوقت الذي يتورط فيها أقرب المقربين إليه.
وقالت صحيفة «معريب»، أمس: «من الواجب أن نؤكد ثانية أن نتنياهو غير مُعّرف كمشتبه به في هذه القضية حتى الآن، ومن يدقون المسامير في نعشه يستبقون الوقت. ومن جهة أخرى، وفي اللحظة التي ستجري فيها مفاوضات متقدمة مع شاهد الملك الرئيسي في القضية، يجري سباق لتحضير شهود ملك محتملين. ولن تكون هناك حاجة للإثبات أن رئيس الوزارة قد تلقى رشاوى من صفقات «تيسنكروب» المختلفة. بل يكفي إثبات أنه كان على علم بوجود علاقة بين المحامي شمرون والألمان. سيظهر الأمر أنه يوجد «تناقض مصالح» حاد سيؤدي إلى لائحة اتهام.
من جهة ثانية، تشير أوساط سياسية مطلعة، إلى أن شركة «أحواض سفن في إسرائيل»، تدخل الآن على الخط بتساؤلات شديدة حول هذه الصفقة. فهي تقول إنها هي أيضا قادرة على بناء السفن الصاروخية، وقد حصل وأن بنت الكثير منها وقامت بتأجيرها إلى اليونان وغيرها من دول العالم. ويتضح أن الشركة الإسرائيلية، وهي شركة خاصة يملكها شركاء ثلاثة: شلومي فوغل، عائلة شملتسر، وعائلة كتساف، لم تكن على علم بتاتا بوجود نية لبناء سفن في ألمانيا.
وتتساءل: «كيف يعقل أن أحواض إسرائيل لم تكن على دراية بمناقصة بناء السفن الحربية التي رست، في نهاية المطاف، على تيسنكروب، السفن التي من المفترض فيها أن تحمي حقول الغاز الطبيعي في البحر؟ وهل صحيح أن الأمر أخفي عنها بشكل متعمد بضغط من شمرون، وبضلوع مباشر من نتنياهو؟ هل يعلمون أنه لو كانت أحواض السفن الإسرائيلية قد فازت بالمناقصة، لكانت قادرة على توفير وظائف للمئات من الإسرائيليين، بل الآلاف منهم، وجلب الرزق لعائلات إسرائيلية. وإن صفقة كهذه، تضيف إلى سمعة أحواض السفن، وإلى معرفتها التراكمية، وإلى قدراتها؟».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.