سلطات الجزائر تطلق سراح أشهر النشطاء الانفصاليين الأمازيغ

TT

سلطات الجزائر تطلق سراح أشهر النشطاء الانفصاليين الأمازيغ

استعاد أشهر النشطاء السياسيين الأمازيغ في الجزائر حريته بعد عقوبة عامين سجنا نافذا، قضى شهورها الأخيرة مضربا عن الطعام احتجاجا على سجنه.
واتهم الطبيب كمال الدين فخار الحكومة بمحاولة دفعه إلى الانتحار بواسطة ضغوط نفسية رهيبة تعرض لها في سجنه، وذكر في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، ساعات قليلة بعد خروجه من السجن، أنه تعرض للمتابعة القضائية والسجن «بسبب آرائي ومواقفي السياسية»، في إشارة إلى كونه قيادي في «جبهة القوى الاشتراكية»، أقدم أحزاب المعارضة، وناشط بارز في «الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان»، التي تعد من أشد خصوم السلطات.
وينحدر فخار من منطقة غرداية (600 كلم جنوب العاصمة)، يسمى قطاع واسع من سكانها «ميزابيين»، ينتمون للمذهب الإباضي ويتكلمون البربرية، وتجمع بينهم وبين فئة «الشعانبة» الناطقين بالعربية التابعين للمذهب المالكي عداوة كبيرة، وقد حصلت بينهما عام 2009 ثم في 2012 و2013 مواجهات خلفت قتلى وجرحى، وتم اعتقال المئات من بينهم فخار وأتباع له، وتمت إدانتهم بتهمة «زرع الفتنة والتحريض على انفصال غرداية».
وأوضح فخار أن السلطات «تبقي الكثير من رفاقي في النضال في السجن، لا لشيء إلا لمحاولة ثنيهم عن نضالهم من أجل قضيتهم العادلة».
وتعود أسباب سجن فخار إلى رسالة رفعها إلى الأمين العام للأمم المتحدة عام 2014، نشرها بصفحته الشخصية بـ«فيسبوك»، جاء فيها «إن الشعب «الميزابي» الذي يوجد حاليا رهينة لنظام لا يعرف الرحمة، يطلب من سيادتكم التدخل العاجل لوضع حد لهذه الحرب غير المبررة ضد شعب ضعيف عدديا يبلغ 300 ألف شخص، يشنها نظام متسلط، وهذا لوقف معاناته ووضع حد لهذه المأساة الإنسانية، التي تستمر منذ أكثر من خمسين سنة»، في إشارة إلى مطالبة «الميزاب» بالاعتراف بهويتهم الأمازيغية منذ الاستقلال عام 1962.
وذكر فخار في رسالته أنه «منذ شهور طويلة يخوض النظام حلقة جديدة من خطته في تنفيذ الإبادة الثقافية ضد المزابيين، والتي تتجسد في نشر الترويع واستنزاف (المزابيين)، الشعب الأمازيغي الأصلي الذي يسكن في منطقة ميزاب منذ فجر التاريخ، وتحديدا في ولاية غرداية».
ودخل فخار السجن عدة مرات بسبب نشاطه السياسي ضمن «القوى الاشتراكية» و«الرابطة الحقوقية»، علما بأن الحكومة تواجه نشاط انفصاليين آخرين يوجدون بولايات القبائل الأمازيغية بشرق البلاد، ويسمى تنظيمهم «حركة الاستقلال الذاتي للقبائل».
من جهته، صرح صالح دبوز محامي الناشط، أنه «تم اعتقال نجلي شقيق الدكتور فخار من طرف أفراد من الأمن واقتيادهما إلى مخفر الشرطة في شعبة النيشان بغرداية، من دون أي أمر قضائي ولا أي سبب قانوني مقبول، وقد خضعا لمساءلة بسبب علاقتهما العائلية مع الدكتور، وبقيا رهن الحجز الإداري لساعات طويلة وأخلي سبيلهما. لكن بعد أن وجهت لهما تحذيرات شديدة بسبب مساندتهما لعمهما بعد خروجه من السجن وفق تصريحاتهما».
وفرضت السلطات مطلع 2009 حضرا للتجوال في مدينة بريان الواقعة بولاية غرداية غداة اشتباكات عرقية وقعت بين مصلين، إثر صلاة الجمعة وخلفت 27 جريحاً. وهدد وزير الداخلية آنذاك يزيد زرهوني بإصدار عقوبات ضد المتورطين في الأحداث، وقال إن ما جرى «لا يعدو أن يكون معارك بين مجموعات من الشباب نشبت بعد صلاة الجمعة»، مشيرا إلى أن «مثل هذه الأحداث تقع في مناطق أخرى من البلاد بما فيها العاصمة». وحاولت الحكومة التقريب بين عقلاء الطائفتين، وعقدت صلحا بينهم، لكن سرعان ما تجددت المواجهات، ولا تزال غرداية تعيش الاحتقان.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».