أشهر طرق العالم للرحلات بالسيارة

إيطاليا والولايات المتحدة من بين أجملها

طريق ساحل أمالفي في إيطاليا
طريق ساحل أمالفي في إيطاليا
TT

أشهر طرق العالم للرحلات بالسيارة

طريق ساحل أمالفي في إيطاليا
طريق ساحل أمالفي في إيطاليا

لا يقتصر جمال الرحلات السياحية بالسيارة في أوروبا على بلدان بعينها فكل بلد لديها ما تقدمه. ولكن إيطاليا على وجه الخصوص تقدم من التنوع وجمال الطبيعة ما يقتصر عليها دون كثير من الدول الأخرى. وهي تتميز بشبكة طرق جيدة وتوفر للسائق كل عناصر القيادة المثيرة من طرق جبلية وساحلية ومتعرجة بالإضافة إلى مسالك ريفية بين المزارع وشوارع فارهة داخل المدن.
ولكن لكل بلد أوروبي طرقه السياحية التي تجذب السائحين عاما بعد عام مثل ممر كلاوسين في سويسرا وطريق ساحل اسيتوريل في البرتغال وطريق الألب في فرنسا، بالإضافة إلى القيادة على كورنيش الريفييرا جنوبي فرنسا. هناك أيضاً الطريق 500 في ألمانيا والطريق الدائري المسمى كيري في آيرلندا وأخيرا طريق أمالفي الإيطالي، وهو أصعب الطرق الإيطالية على الإطلاق ولا يقبل عليه إلا المحترفون. فهو يسير بحذاء ممر جبلي يطل مباشرة على البحر بتعرج شديد لا يقبل الخطأ في المناورة بالإضافة إلى أنه مليء بكل أنواع المواصلات من الباصات السياحية التي تسد الطريق تماما عند تخطيها المنعطفات وإلى الدراجات النارية التي تنطلق من كل حدب وصوب.
ويبدأ طريق أمالفي من مدينة ساليرنو ويتجه غربا إلى فيتري سول ماري وهي قرية ساحلية تشتهر بالفخاريات النحتية التي تبيعها للسياح ومنها يبدأ الطريق الساحلي الذي يضيق رويدا ويرتفع عن سطح البحر مضطردا. وبعد نحو 20 كيلومترا يصل السائق إلى مدينة أمالفي الرئيسية التي يقرر بعدها عما إذا كان يفضل أن يعود أدراجه أو يستمر في الارتفاع إلى قمة التل حيث قرية رافيللو الهادئة التي يمكن تناول الغذاء فيها بهدوء بإطلالة بانورامية رائعة على البحر.
ويمكن بعد ذلك استكشاف الكثير من المدن الصغيرة المنمقة مثل بوسيتانو وسورينتو وكلها مناطق سياحية تكون مكتظة بالسياح على مدار العام. والمنطقة كلها قريبة من البركان الخامل فيسوفيوس الذي يعتبر مزارا سياحية مهما في جنوب إيطاليا.
ولكن ليست كل الطرق الإيطالية بها تحديات قاسية للسائق فهناك مثلا مناطق مثل توسكاني المرصعة بالمدن التاريخية القديمة التي تربط بينها طرق زراعية هادئة تستحق الاستكشاف. والرحلات بالسيارة من فلورنسا إلى شيانتي ومنها إلى منطقة أومبريا المجاورة توفر تجربة سياحية متميزة بالسيارة. ولعل دخول الميدان التاريخي في مدينة سيينا الذي يعود تاريخه إلى القرن الثاني عشر تجربة تستحق القيادة عبر إيطاليا من أجلها.
وفي أقصى الجنوب حيث جزيرة صقلية يمكن استكشاف طرق تعتبرها منظمة اليونيسكو طرقا تاريخية، بداية من مدينة كاتانيا وسوق السمك الشهير فيها وحتى منطقة الآثار الرومانية في سيراكيوز.
ومن مدينة موديكا التي تشتهر بصناعة الشوكولاته وإلى المنطقة الجبلية راغوسا يمكن التجول على طرق بلا ازدحام مروري واختيار أحد المطاعم المنتشرة على الجانبين من أجل الاسترخاء قليلا قبل مواصلة الرحلة.
وفي وسط إيطاليا تشتهر منطقة بحيرة كومو بطرقها الخضراء المتعرجة حول البحيرة حيث تصطف فلل تاريخية وغابات الصنوبر في أجمل بقاع البحيرات الإيطالية. ويزداد الإقبال على الرحلات بالطرق البرية في هذه البقاع خلال فصل الصيف حيث تغطي المنطقة الخضرة والزهور بأنواعها.
وتبدأ الرحلات في هذه المنطقة من مدينة كومو وحول البحيرة إلى مدينة بيلاجيو حيث يمكن التوقف فيها للغذاء والتنزه بقارب في البحيرة. ومن بيلاجيو إلى مدينة بيرغامو حيث يمكن قضاء ليلة فيها قبل مواصلة الرحلة.
وعلى مقربة ساعة من روما يمكن التجول بالسيارة في منطقة غير معروفة سياحيا اسمها أبروزو حيث تنتشر بها الوديان والطرق الجبلية نادرة السكان. ويمكن اختيار الطريق السريع رقم 24 من روما وهو ينطلق صاعدا وملتويا إلى فونتي سيراتو ثم إلى كامبو أمبراتوري حيث أعلى نقطة في المنطقة وهي كورنو غراندي.
ومن إيطاليا إلى اليونان حيث يمكن القيادة من العاصمة أثينا إلى عدد من المدن الإغريقية التاريخية مثل ميسينا وكورينثوس ومنطقة أوليمبيا بالقرب من آثار منطقة ديلفي. وهي مدن ترتبط بالأساطير اليونانية القديمة وتنتشر بها الآثار الإغريقية ويمكن قضاء أسبوع من القيادة الممتعة فيها.
وفي ألمانيا يعتبر الطريق الصنوبري الجبلي في بافاريا من أفضل طرق القيادة في ألمانيا. وهو يمتد على ارتفاعات شاهقة في غابات وجبال المنطقة وتحيطه البحيرات العذبة الشفافة الناتجة عن ذوبان الجليد. ويبدأ الطريق من مدينة ليندو بجوار البحيرات ويستمر بين الوديان والأنهار والجبال حتى بلدة فوسن المشهورة بصناعة آلات الكمان. وهي منطقة تشتهر بالقلاع التاريخية التي يشبه بعضها قلعة والت ديزني الشهيرة في فلوريدا. وتنتهي رحلة السيارة في عاصمة الإقليم ميونيخ أو في مدينة سالزبرغ التاريخية القريبة.
ومن الطرق المألوفة لبعض السياح المغامرين السفر بمحاذاة شاطئ البرتغال على المحيط الأطلسي ثم الاتجاه جنوبا إلى منطقة الغارف ومنها إلى عبور الحدود الجنوبية إلى إسبانيا حيث منطقة الجزيرة الخضراء ومنها يمكن العبور إلى المغرب في معدية تستغرق أقل من ساعة بحيث يمكن بلوغ الصحراء المغربية في اليوم نفسه. وهي أيضا من ارخص الرحلات البرية السياحية التي يمكن القيام بها في أوروبا.
المغامرون الذين يتطلعون إلى آفاق قيادة جديدة يمكنهم استكشاف شرقي أوروبا في رحلة تمتد من بوخارست إلى ترانسلفانيا ثم بودابست وبراتسيلافا لكي تنتهي في فيينا. وتبدأ الرحلة من بوخارست وتتجه شمالا نحو جبال ترانسلفانيا حيث قلعة بران التي تشتهر بشخصية دراكولا الأسطورية. ويعد الطريق الجبلي في ترانسلفانيا من أجمل الطرق الأوروبية ويمر بكثير من المدن التاريخية والقلاع غير المعروفة للعالم الخارجي.
ويستمر الطريق حتى بودابست في المجر التي يمكن قضاء بضعة أيام فيها قبل مواصلة الرحلة إلى براتيسلافا التي لا تبعد أكثر من ساعة عن عاصمة الثقافة والإبداع، فيينا.
وفي فرنسا يمكن التمتع برحلة برية بين العاصمة باريس وبرلين عبر لوكسمبورغ عن طريق مناطق شامبين وريم. ومع الاستمرار على الطريق شمالا وشرقا يبلغ السائق الحدود الألمانية حيث يمر على مدن ترير ورايسلنغ ونورمبرغ ولايبزغ. وتنتهي الرحلة في مدينة درسدن التي أعيد بناؤها بالكامل بعد الحرب العالمية الثانية ثم العاصمة الألمانية برلين، واحدة من أكثر مدن أوروبا ابتكارا وثقافة. ويمكن بداية هذه الرحلة من لندن إلى برلين عبر الطريق نفسه ولكن عبر نفق المانش.
هناك أيضاً رحلة برية ينشدها بعض السياح في شمالي إسبانيا حيث منطقة الباسك وهي تبدأ من مدينة بلباو ومنها يتخذ السائق طريقه بمحاذاة الساحل حتى مدينة سان سباستيان. ويدخل السائق بعد ذلك منطقة البيرينيز الطبيعية لكي يقضي بضعة أيام بين مدن فرنسية خلابة مثل بياريتز وبوردو.
* رحلات أميركية
من الطموحات التي يتطلع إليها كثير من السياح قيادة السيارة من الشاطئ الأميركي الشرقي إلى الغربي عبر شبكة الطرق الأميركية. ولكن اختيار القيادة على طرق بعينها أو في ولايات غربية خالية من الازدحام المروري يوفر تجربة سياحية متميزة لا تنسى.
من أشهر طرق القيادة في أميركا الطريق 66 الذي يعبر المنطقة من ولاية الينويز إلى كاليفورنيا وهناك كثير من الطرق الشهيرة مثل «هيل كونتري هايدواي» في تكساس و«غريت ريفر واي» من مينيسوتا إلى لويزيانا والطريق الموازي للمحيط الهادئ المسمى «باسفيك كوست هايواي». وأخيراً هناك الطريق الممتد على سلسة جزر «كي وست» جنوبي فلوريدا.
واشتهر الطريق 66 السريع بين عامي 1926 و1985 لمسافة 2500 ميل بين شيكاغو وعبر ميسوري وأوكلاهوما وتكساس ونيومكيسكو وأريزونا حتى ينتهي في لوس أنجليس. أما الآن فهناك فقط علامات الطريق التي تشير إلى مسار الطريق التاريخي.
ولا يلجأ السياح إلى قيادة كل الطريق في الوقت الحاضر وإنما مقاطع منه تمر بالولايات المختلفة خصوصا في المناطق السياحية مثل فلاغستاف وسان لويس.
وهناك أيضاً الطريق رقم واحد الممتد من ميامي إلى جزر «كي وست» جنوبي فلوريدا عبر 545 ميلا يمكن أن تمتد إلى ثلاثة أيام من القيادة. ويقضي السائق معظم فترات الرحلة على مشاهد بحرية أو بالقيادة فوق مياه المحيط الأطلسي. وفي نهاية الرحلة يمكن قضاء ليلة أو ليلتين في معسكر سياحي يوفر إقامة رخيصة.
أما أشهر ثالث طريق للقيادة في أميركا فهو الموازي لساحل المحيط الهادئ المعروف رسميا باسم الطريق رقم واحد في كاليفورنيا. وأجمل قطاع في هذا الطريق يقع بين مونتراي وبيغ سور، حيث يمكن من مقاطع على الطريق مشاهدة الحيتان وأسود البحر من مواقع للمشاهدة مثل جسر ديكسبي أو «بوينت سور». ولا يمتد هذا القطاع من الطريق لأكثر من 24 ميلا ولذلك يمكن قيادته بسهولة في يوم واحد.
* قواعد وأصول رحلات الطرق السياحية
القيام بالرحلات البرية السياحية بالسيارة يلزمها بعض الاستعدادات خصوصاً لو كانت بصحبة العائلة والأطفال.
فلا بد من تخزين بعض الطعام والشراب في السيارة لحين الضرورة واصطحاب أدوات الإسعاف الأولية والتأكد من صلاحية السيارة للرحلات الطويلة والالتزام بكافة معايير الأمان المطلوبة في الدول التي تمر بها هذه الرحلات.
وقبل القيام بالرحلة لا بد من بعض التخطيط حول المسافة المزمع قطعها خلال اليوم والإقامة الليلية بعد رحلة النهار. أيضاً لا بد من متابعة كميات الوقود في السيارة والتأكد من وجود محطات تزود بالوقود على خط الرحلة.
ويجب التوقف للاستراحة كل ساعتين أو عند الشعور بالتعب كما يجب التحلي بالصبر حتى لو اقتضى الأمر الوصول المتأخر بعض الشيء.



قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
TT

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)

في الخلف من البقع السياحية السحرية بأنحاء مصر، توجد قرى مصرية تجذب السائحين من باب آخر، حيث يقصدونها للتعرف على الحرف التقليدية العتيقة والصناعات المحلية التي تنتجها هذه القرى وتتخصص فيها منذ عشرات السنوات، وفاقت شهرتها حدود البلاد.

ويشتهر كثير من القرى المصرية بالصناعات اليدوية، ذات البعدين التراثي والثقافي، مثل صناعة أوراق البردي، والأواني الفخارية، والسجاد اليدوي وغيرها، وهي الصناعات التي تستهوي عدداً كبيراً من الزوار، ليس فقط لشراء الهدايا التذكارية من منبعها الأصلي للاحتفاظ بها لتذكرهم بالأيام التي قضوها في مصر؛ بل يمتد الأمر للتعرف عن قرب على فنون التصنيع التقليدية المتوارثة، التي تحافظ على الهوية المصرية.

«الشرق الأوسط» تستعرض عدداً من القرى التي تفتح أبوابها للسياحة الحرفية، والتي يمكن إضافتها إلى البرامج السياحية عند زيارة مصر.

السياحة الحرفية تزدهر في القرى المصرية وتجتذب السائحين (صفحة محافظة المنوفية)

ـ الحرانية

قرية نالت شهرتها من عالم صناعة السجاد والكليم اليدوي ذي الجودة العالية، والذي يتم عرضه في بعض المعارض الدولية، حيث يقوم أهالي القرية بنقش كثير من الأشكال على السجاد من وحي الطبيعة الخاصة بالقرية.

والسجاد الذي يصنعه أهالي القرية لا يُضاهيه أي سجاد آخر بسبب عدم استخدام أي مواد صناعية في نسجه؛ حيث يتم الاعتماد فقط على القطن، والصوف، بالإضافة إلى الأصباغ النباتية الطبيعية، من خلال استخدام نباتي الشاي والكركديه وغيرهما في تلوين السجاد، بدلاً من الأصباغ الكيميائية، ما يضفي جمالاً وتناسقاً يفوق ما ينتج عن استخدام الأجهزة الحديثة.

تتبع قرية الحرانية محافظة الجيزة، تحديداً على طريق «سقارة» السياحي، ما يسهل الوصول إليها، وأسهم في جعلها مقصداً لآلاف السائحين العرب والأجانب سنوياً، وذلك بسبب تميُزها، حيث تجتذبهم القرية ليس فقط لشراء السجاد والكليم، بل للتعرف على مراحل صناعتهما المتعددة، وكيف تتناقلها الأجيال عبر القرية، خصوصاً أن عملية صناعة المتر المربع الواحد من السجاد تستغرق ما يقرُب من شهر ونصف الشهر إلى شهرين تقريباً؛ حيث تختلف مدة صناعة السجادة الواحدة حسب أبعادها، كما يختلف سعر المتر الواحد باختلاف نوع السجادة والخامات المستخدمة في صناعتها.

فن النحت باستخدام أحجار الألباستر بمدينة القرنة بمحافظة الأقصر (هيئة تنشيط السياحة)

ـ القراموص

تعد قرية القراموص، التابعة لمحافظة الشرقية، أكبر مركز لصناعة ورق البردي في مصر، بما يُسهم بشكل مباشر في إعادة إحياء التراث الفرعوني، لا سيما أنه لا يوجد حتى الآن مكان بالعالم ينافس قرية القراموص في صناعة أوراق البردي، فهي القرية الوحيدة في العالم التي تعمل بهذه الحرفة من مرحلة الزراعة وحتى خروج المنتج بشكل نهائي، وقد اشتهرت القرية بزراعة نبات البردي والرسم عليه منذ سنوات كثيرة.

الرسوم التي ينقشها فلاحو القرية على ورق البردي لا تقتصر على النقوش الفرعونية فحسب، بل تشمل أيضاً موضوعات أخرى، من أبرزها الخط العربي، والمناظر الطبيعية، مستخدمين التقنيات القديمة التي استخدمها الفراعنة منذ آلاف السنين لصناعة أوراق البردي، حيث تمر صناعة أوراق البردي بعدة مراحل؛ تبدأ بجمع سيقان النبات من المزارع، ثم تقطيعها كي تتحول إلى كُتل، على أن تتحول هذه الكتل إلى مجموعة من الشرائح التي توضع طبقات بعضها فوق بعض، ثم تبدأ عملية تجفيف سيقان النباتات اعتماداً على أشعة الشمس للتخلص من المياه والرطوبة حتى تجف بشكل تام، ثم تتم الكتابة أو الرسم عليها.

وتقصد الأفواج السياحية القرية لمشاهدة حقول نبات البردي أثناء زراعته، وكذلك التعرف على فنون تصنيعه حتى يتحول لأوراق رسم عليها أجمل النقوش الفرعونية.

تبعد القرية نحو 80 كيلومتراً شمال شرقي القاهرة، وتتبع مدينة أبو كبير، ويمكن الوصول إليها بركوب سيارات الأجرة التي تقصد المدينة، ومنها التوجه إلى القرية.

قطع خزفية من انتاج قرية "تونس" بمحافظة الفيوم (هيئة تنشيط السياحة)

ـ النزلة

تُعد إحدى القرى التابعة لمركز يوسف الصديق بمحافظة الفيوم، وتشتهر بصناعة الفخار اليدوي، وقد أضحت قبلة عالمية لتلك الصناعة، ويُطلق على القرية لقب «أم القرى»، انطلاقاً من كونها أقدم القرى بالمحافظة، وتشتهر القرية بصناعة الأواني الفخارية الرائعة التي بدأت مع نشأتها، حيث تُعد هذه الصناعة بمثابة ممارسات عائلية قديمة توارثتها الأجيال منذ عقود طويلة.

يعتمد أهل القرية في صناعتهم لتلك التحف الفخارية النادرة على تجريف الطمي الأسود، ثم إضافة بعض المواد الأخرى عليه، من أبرزها الرماد، وقش الأرز، بالإضافة إلى نشارة الخشب، وبعد الانتهاء من عملية تشكيل الطمي يقوم العاملون بهذه الحرفة من أهالي القرية بوضع الطمي في أفران بدائية الصنع تعتمد في إشعالها بالأساس على الخوص والحطب، ما من شأنه أن يعطي القطع الفخارية الصلابة والمتانة اللازمة، وهي الطرق البدائية التي كان يستخدمها المصري القديم في تشكيل الفخار.

ومن أبرز المنتجات الفخارية بالقرية «الزلعة» التي تستخدم في تخزين الجبن أو المش أو العسل، و«البوكلة» و«الزير» (يستخدمان في تخزين المياه)، بالإضافة إلى «قدرة الفول»، ويتم تصدير المنتجات الفخارية المختلفة التي ينتجها أهالي القرية إلى كثير من الدول الأوروبية.

شهدت القرية قبل سنوات تشييد مركز زوار الحرف التراثية، الذي يضمّ عدداً من القاعات المتحفية، لإبراز أهم منتجات الأهالي من الأواني الفخارية، ومنفذاً للبيع، فضلاً عن توثيق الأعمال الفنية السينمائية التي اتخذت من القرية موقعاً للتصوير، وهو المركز الذي أصبح مزاراً سياحياً مهماً، ومقصداً لهواة الحرف اليدوية على مستوى العالم.

صناعة الصدف والمشغولات تذهر بقرية "ساقية المنقدي" في أحضان دلتا النيل (معرض ديارنا)

ـ تونس

ما زلنا في الفيوم، فمع الاتجاه جنوب غربي القاهرة بنحو 110 كيلومترات، نكون قد وصلنا إلى قرية تونس، تلك اللوحة الطبيعية في أحضان الريف المصري، التي أطلق عليها اسم «سويسرا الشرق»، كونها تعد رمزاً للجمال والفن.

تشتهر منازل القرية بصناعة الخزف، الذي أدخلته الفنانة السويسرية إيفلين بوريه إليها، وأسست مدرسة لتعليمه، تنتج شهرياً ما لا يقل عن 5 آلاف قطعة خزف. ويمكن لزائر القرية أن يشاهد مراحل صناعة الخزف وكذلك الفخار الملون؛ ابتداء من عجن الطينة الأسوانية المستخدمة في تصنيعه إلى مراحل الرسم والتلوين والحرق، سواء في المدرسة أو في منازل القرية، كما يقام في مهرجانات سنوية لمنتجات الخزف والأنواع الأخرى من الفنون اليدوية التي تميز القرية.

ولشهرة القرية أصبحت تجتذب إليها عشرات الزائرين شهرياً من جميع أنحاء العالم، وعلى رأسهم المشاهير والفنانون والكتاب والمبدعون، الذين يجدون فيها مناخاً صحياً للإبداع بفضل طقسها الهادئ البعيد عن صخب وضجيج المدينة، حيث تقع القرية على ربوة عالية ترى بحيرة قارون، مما يتيح متعة مراقبة الطيور على البحيرة، كما تتسم بيوتها بطراز معماري يستخدم الطين والقباب، مما يسمح بأن يظل جوها بارداً طول الصيف ودافئاً في الشتاء.

مشاهدة مراحل صناعة الفخار تجربة فريدة في القرى المصرية (الهيئة العامة للاستعلامات)

ـ ساقية المنقدي

تشتهر قرية ساقية المنقدي، الواقعة في أحضان دلتا النيل بمحافظة المنوفية، بأنها قلعة صناعة الصدف والمشغولات، حيث تكتسب المشغولات الصدفية التي تنتجها شهرة عالمية، بل تعد الممول الرئيسي لمحلات الأنتيكات في مصر، لا سيما في سوق خان الخليلي الشهيرة بالقاهرة التاريخية.

تخصصت القرية في هذه الحرفة قبل نحو 60 عاماً، وتقوم بتصدير منتجاتها من التحف والأنتيكات للخارج، فضلاً عن التوافد عليها من كل مكان لاحتوائها على ما يصل إلى 100 ورشة متخصصة في المشغولات الصدفية، كما تجتذب القرية السائحين لشراء المنتجات والأنتيكات والتحف، بفضل قربها من القاهرة (70 كم إلى الشمال)، ولرخص ثمن المنتجات عن نظيرتها المباعة بالأسواق، إلى جانب القيمة الفنية لها كونها تحظى بجماليات وتشكيلات فنية يغلب عليها الطابع الإسلامي والنباتي والهندسي، حيث يستهويهم التمتع بتشكيل قطعة فنية بشكل احترافي، حيث يأتي أبرزها علب الحفظ مختلفة الأحجام والأشكال، والقطع الفنية الأخرى التي تستخدم في التزيين والديكور.

الحرف التقليدية والصناعات المحلية في مصر تجتذب مختلف الجنسيات (معرض ديارنا)

ـ القرنة

إلى غرب مدينة الأقصر، التي تعد متحفاً مفتوحاً بما تحويه من آثار وكنوز الحضارة الفرعونية، تقبع مدينة القرنة التي تحمل ملمحاً من روح تلك الحضارة، حيث تتخصص في فن النحت باستخدام أحجار الألباستر، وتقديمها بالمستوى البديع نفسه الذي كان يتقنه الفراعنة.

بزيارة القرية فأنت على مشاهد حيّة لأهلها وهم يعكفون على الحفاظ على تراث أجدادهم القدماء، حيث تتوزع المهام فيما بينهم، فمع وصول أحجار الألباستر إليهم بألوانها الأبيض والأخضر والبني، تبدأ مهامهم مع مراحل صناعة القطع والمنحوتات، التي تبدأ بالتقطيع ثم الخراطة والتشطيف للقطع، ثم يمسكون آلات تشكيل الحجر، لتتشكل بين أيديهم القطع وتتحول إلى منحوتات فنية لشخصيات فرعونية شهيرة، مثل توت عنخ آمون، ونفرتيتي، وكذلك التماثيل والأنتيكات وغيرها من التحف الفنية المقلدة، ثم يتم وضع المنتج في الأفران لكي يصبح أكثر صلابة، والخطوة الأخيرة عملية التلميع، ليصبح المنتج جاهزاً للعرض.

ويحرص كثير من السائحين القادمين لزيارة المقاصد الأثرية والسياحية للأقصر على زيارة القرنة، سواء لشراء التماثيل والمنحوتات من المعارض والبازارات كهدايا تذكارية، أو التوجه إلى الورش المتخصصة التي تنتشر بالقرية، لمشاهدة مراحل التصنيع، ورؤية العمال المهرة الذين يشكلون هذه القطع باستخدام الشاكوش والأزميل والمبرد، إذ يعمل جلّ شباب القرية في هذه الحرفة اليدوية.