المغرب يبدأ تلقي «العرائض» المطلبية من الشعب

في أول تطبيق للخطوة منذ أقرها دستورها 2011

TT

المغرب يبدأ تلقي «العرائض» المطلبية من الشعب

أعلنت الحكومة المغربية، أمس، البدء في تلقي العرائض المطلبية من الشعب، وذلك في أول تطبيق عملي للخطوة التي أقرها دستور عام 2011. ويقصد بالعريضة كل طلب تقدمه مجموعة من المواطنين إلى السلطات العمومية قصد اتخاذ ما تراه مناسباً في إطار احترام الدستور.
وعقد بمقر رئاسة الحكومة في الرباط، أمس، أول اجتماع للجنة العرائض التي ستتكلف بإعطاء رأيها حول مصير العريضة في ظرف شهر. ووضع القانون شروطاً تعتبر العرائض غير مقبولة بموجبها إذا «كانت تمس بالثوابت الجامعة للأمة، والمتعلقة بالدين الإسلامي أو بالوحدة الوطنية أو بالنظام الملكي للدولة أو بالاختيار الديمقراطي أو بالمكتسبات التي تم تحقيقها في مجال الحريات والحقوق الأساسية، كما هو منصوص عليها في الدستور». كما تعتبر العرائض لاغية إذا كانت تهم قضايا تتعلق بالأمن الداخلي أو بالدفاع الوطني أو الأمن الخارجي للدولة أو قضايا معروضة أمام القضاء أو صدر حكم بشأنها أو بوقائع تكون موضوع تقصٍ من قبل اللجان البرلمانية لتقصي الحقائق.
وقال رئيس الحكومة سعد الدين العثماني إن الاجتماع الأول للجنة العرائض يعد خطوة جديدة نحو الديمقراطية التشاركية في المغرب. وأضاف: «وبهذا الاجتماع نكون قد وفينا بأحد التزاماتنا أمام المواطنين والكرة الآن عند المجتمع المدني والمواطنين ليستعملوا هذا الحق الدستوري»، وفق مقتضيات القوانين التنظيمية المفعلة لحق تقديم ملتمسات في مجال التشريع وحق تقديم العرائض إلى السلطات العمومية. وتعهد العثماني بتسهيل حكومته للعملية، وأن تحظى مضامين العرائض بالعناية الكاملة من طرف رئاسة الحكومة ومختلف القطاعات الحكومية.
وأعلن العثماني خلال رئاسته اجتماع اللجنة قيام الوزارة المكلفة العلاقة مع البرلمان والمجتمع المدني بتنظيم حملة إعلامية للتعريف بهذه المبادرة، وبأن الحكومة مستعدة لتلقي العرائض. وكانت الحكومة قد أحدثت، في يونيو (حزيران) الماضي، بموجب مرسوم، لجنة تحت اسم «لجنة العرائض».
وتمارس اللجنة، المكونة من ممثلي السلطات الحكومية المعنية، الاختصاصات المتمثلة في التحقق من استيفاء العرائض للشروط المنصوص عليها في القانون التنظيمي المذكور، وكذا إبداء واقتراح الإجراءات التي تراها مناسبة في شأن العرائض المقبولة. كما تتولى اللجنة اقتراح الإجراءات الكفيلة بتيسير عملية ممارسة الحق في تقديم العرائض وإنشاء بوابة إلكترونية لهذا الغرض تنشر فيها على وجه الخصوص العرائض المقدمة إلى رئيس الحكومة والمآل المخصص للعرائض المقبولة، وتقوم اللجنة بإعداد تقرير سنوي حول حصيلة وآفاق عملها، يرفع إلى رئيس الحكومة.
ويقصد بالعريضة في القانون التنظيمي، طبقاً لما ورد بالجريدة الرسمية في 18 أغسطس (آب) من العام الماضي «كل طلب مكتوب يتضمن مطالب أو مقترحات أو توصيات، يوجهه، مواطنات ومواطنون، مقيمون بالمغرب أو خارجه إلى السلطات العمومية المعنية، قصد اتخاذ ما تراه مناسباً في شأنه من إجراءات في إطار احترام أحكام الدستور والقانون وطبقاً للإجراءات المنصوص عليها في هذا القانون التنظيمي». ولتقديم العرائض لا بد من توفر عدد من الشروط، على رأسها «أن يكون الهدف منها تحقيق مصلحة عامة، وأن تكون المطالب أو المقترحات أو التوصيات التي تتضمنها مشروعة»، وتقدم العرائض لرئيس الحكومة أو إلى رئيس أحد مجلسي البرلمان.
ويضاف إلى الاستثناءات التي ترفض بموجبها العريضة القضايا المتعلقة بـ«مطالب نقابية أو حزبية أو ذات طابع تمييزي، أو تتضمن سباً أو قذفاً أو تشهيراً أو إساءة إلى المؤسسات أو الأشخاص».
وينص القانون أيضاً على تكوين «لجنة تقديم العريضة» تضم 9 أعضاء من أصحاب المبادرة تتولى جمع ما لا يقل عن 5 آلاف توقيع من مدعمي العريضة مرفقة بنسخ من بطاقات التعريف الخاصة بهم. كما اشترط القانون أن يكون أصحاب العريضة، الذين اتخذوا المبادرة لإعدادها والتوقيع عليها، متمتعين بحقوقهم المدنية والسياسية، ومسجلين في اللوائح الانتخابية العامة، وفي وضعية جبائية سليمة. ولم يسلم قانون تقديم العرائض من انتقادات الحقوقيين ونشطاء المجتمع المدني شأنه في ذلك شأن القانون التنظيمي المتعلق بالملتمسات التشريعية الذي تضمن شرط الحصول على 25 ألف توقيع من مواطنين مسجلين في اللوائح الانتخابية، حيث اعتبر الرقم «تعجيزياً». إلا أن الحكومة دافعت عنه، حينذاك وقارنت بينه وبين إسبانيا التي تشترط 500 ألف توقيع، وإيطاليا التي تشترط 50 ألف توقيع.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».