معارك كر وفر في أحد أحياء الرقة

سقوط 14 شخصاً على الأقل في قصف على دير الزور

الميادين بريف دير الزور كما بدت أول من أمس إثر قصف الطيران الروسي (مكتب أخبار سوريا)
الميادين بريف دير الزور كما بدت أول من أمس إثر قصف الطيران الروسي (مكتب أخبار سوريا)
TT

معارك كر وفر في أحد أحياء الرقة

الميادين بريف دير الزور كما بدت أول من أمس إثر قصف الطيران الروسي (مكتب أخبار سوريا)
الميادين بريف دير الزور كما بدت أول من أمس إثر قصف الطيران الروسي (مكتب أخبار سوريا)

دارت اشتباكات بين تنظيم داعش و«قوات سوريا الديمقراطية»، صباح أمس، بمحيط سوق الهال جنوب شرقي الرقة، في حين صد تنظيم داعش محاولة تقدم لـ«القوات» في حي هشام بن عبد الملك جنوب مركز المدينة، بالتزامن مع قصف طيران التحالف الدولي مواقع تنظيم داعش في الحي نفسه، واقتصرت الأضرار على الماديات.
وتحدثت «وكالة قاسيون» عن قصف الطيران الحربي، صباح أمس، بعدة غارات جوية منطقة جامع النور غرب مدينة الرقة، دون ورود أنباء عن خسائر بشرية. ووثق موقع «الرقة24» استشهاد 7 مدنيين من محافظة دير الزور بقصف على منزلهم بمدينة الرقة من قبل طيران التحالف الدولي.
أما في دير الزور ومعقل «داعش» الثاني في سوريا، فتحدث «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عن سقوط 14 شخصا، على الأقل، معظمهم من الأطفال والمواطنات، خلال نحو 24 ساعة من تصعيد القصف الجوي على مدينة الميادين بشرق دير الزور، في حين هزت انفجارات صباح أمس، مدينة الميادين، ناجمة عن تنفيذ طائرات حربية غارات على المدينة، الواقعة في الريف الشرقي لدير الزور. ورصد نشطاء «المرصد»، استهداف الطائرات، التي لا يعلم ما إذا كانت روسية أم تابعة للتحالف الدولي، في أول غارة لها سوق المدينة، بينما استهدفت الغارة الثانية منازل مقابلة لمستشفى «الشرق» للأطفال، فيما استهدفت الغارة الثالثة منازل مدنيين قرب مرأب المدينة، وتسببت الغارات في تدمير 3 منازل وأضرار مادية أخرى في ممتلكات مواطنين.
ونشر «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أمس، أن طائرات يرجح أنها تابعة للتحالف الدولي جددت استهدافها لمناطق في مدينة الميادين، التي تعد عاصمة «ولاية الخير»، ورصد نشطاء «المرصد السوري لحقوق الإنسان» تنفيذ الطائرات ضربات استهدفت عند الساعة 5:30 من فجر السبت 15 يوليو (تموز) الحالي منازل تعود لمواطنين قرب المدرسة النسوية بمدينة الميادين، حيث تسبب القصف في دمار بممتلكات مواطنين، متسببا في استشهاد 8 مدنيين؛ هم 6 أطفال دون سن الثامنة عشرة، ومواطنتان فوق سن الـ18، فيما لا يزال عدد الشهداء قابلاً للازدياد لوجود جرحى بحالات خطرة، ووجود مفقودين تحت أنقاض الدمار الناجم عن القصف، حيث يواصل الأهالي مع فرق الإنقاذ انتشال العالقين تحت الأنقاض من أحياء وجثث بقيت تحت الدمار.
كذلك قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن القوات التركية عمدت لليوم الثاني على التوالي إلى استهداف مناطق في محيط وأطراف مدينة عفرين، الواقعة في الريف الشمالي الغربي لحلب، والتي تسيطر عليها «وحدات حماية الشعب الكردي»، وأكدت مصادر أهلية لـ«المرصد السوري» أن القذائف سقطت في محيط المدينة، ما تسبب بأضرار مادية، واندلاع نيران في مناطق سقوط القذائف، دون ورود معلومات عن خسائر بشرية إلى الآن.
وأفادت التقارير بمقتل امرأة واثنين من أطفالها ومواطنين اثنين آخرين وإصابة نحو 20 آخرين بجراح متفاوتة الخطورة.
بالتزامن، قتل سوري وأصيب 5 آخرون بجروح، أمس، جراء استهدافهم من قبل حرس الحدود التركي، أثناء محاولتهم دخول الأراضي التركية بطريقة غير شرعية.
وأفاد الناشط المدني المعارض أحمد الحاج، لـ«مكتب أخبار سوريا»، بأن الضحايا سقطوا إثر استهدافهم بالرصاص بشكل مباشر أثناء عبورهم الحدود قرب قرية عزمارين بريف إدلب الغربي الخاضع لسيطرة المعارضة، مشيرا إلى أنهم نقلوا إلى مستشفى ميداني بالمنطقة. وكان شخصان قتلا قبل يوم قرب معبر باب الهوى الحدودي، إثر تعرضهما لإطلاق رصاص مباشر من حرس الحدود التركي، أثناء محاولتهما الدخول إلى تركيا بطريقة غير شرعية.
في الأثناء، يتعرض ريف إدلب الغربي، وقرى كبانة بجبل الأكراد وعين عيسى والشحرورة بجبل التركمان في ريف اللاذقية الشمالي، لقصف صاروخي ومدفعي متقطع مصدره مراصد القوات النظامية في الجبلين.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.