الصحف الأميركية تتفاعل مع تسريب ترمب الابن

الإعلام الأوروبي يحيي ذكرى هجوم نيس ويقيمّ تركيا في سنوية الانقلاب الفاشل

الصحف الأميركية تتفاعل مع تسريب ترمب الابن
TT

الصحف الأميركية تتفاعل مع تسريب ترمب الابن

الصحف الأميركية تتفاعل مع تسريب ترمب الابن

كان الأسبوع الماضي، في التغطية الإعلامية الأميركية، هو أسبوع دونالد ترمب الابن، نجل الرئيس الأميركي. مثل والده، لا يعجبه الإعلام الأميركي. ومثل والده، يفضل تحاشيه ومخاطبة الناس عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة «تويتر».
لهذا، حقق ترمب الابن سبقا صحافيا على الإعلام التقليدي عندما نشر وثائق اجتماعه مع محامية روسية، خلال الحملة الانتخابية لوالده في العام الماضي. كانت التقارير الصحافية عن علاقة ترمب بروسيا قادت إلى كشف هذا الاجتماع الذي عقد في يونيو (حزيران) الماضي في برج «ترمب» في نيويورك. لكن، لم يكن الناس يعرفون عما دار في الاجتماع. فنشر ذلك ترمب الابن.
لكن، لم يكن السبق الصحافي كمّا «شفافا». فبعد يومين، ظهرت تفاصيل أن سبق ترمب الابن لم يكن كاملا. وحقق تلفزيون «إن بي سي» سبقا صحافيا، ونشر أن ترمب الابن لم يقل إن الاجتماع حضره رينات أخمد شين، أميركي من أصل روسي، ويدير لوبي في واشنطن لصالح روسيا، ويقال عنه إنه جاسوس لموسكو.
لهذا، كانت افتتاحيات كثير من الصحف الأميركية في الأسبوع الماضي مكرسة للتعقيب على القضية.
صحيفة «نيويورك تايمز» قالت: «يبدو أن البيت الأبيض صار عشا لثقافة عدم النزاهة». ثم استفسرت: «عندما تعم ثقافة عدم النزاهة في البيت الأبيض، كيف يصدقه الشعب الأميركي؟».
وقالت افتتاحية صحيفة «واشنطن بوست»: «ها نحن، أخيرا، عثرنا على النار تحت الرماد. لم يكن كل هذا (روسيا غيت) رمادا من دون نار، كما اعتقدنا». وأضافت: «هذه اعترافات يمكن أن تكون إجرامية، إذا ليست حقيقة إجرامية».
في سياق آخر تنوعت اهتمامات الصحف الأوروبية الأسبوع الماضي وشملت عدة موضوعات منها، تركيا تحيي الذكرى الأولى لمحاولة الانقلاب الفاشل، وإردوغان يُحكم قبضته الحديدية على البلاد، وفي الشأن الفرنسي توقفت هذه الصحف عند تكريم ضحايا اعتداء نيس، والاحتفال بالعيد الوطني. وأيضا الاحتفال بالعيد الوطني في بلجيكا والسماح لأول مرة للشرطة باستخدام الذخيرة الحية لتأمين الاحتفالات.
ونبدأ من الصحف الفرنسية في باريس وبعد عام من الانقلاب الفاشل تغيّر وجه تركيا تقول صحيفة «لوفيغارو»، فقد وسّع الرئيس صلاحياته وتصلّب النظام ما أدخل البلاد في عزلة.
صحيفة «لاكروا» رأت أن المشهد السياسي والدبلوماسي في تركيا تغير تماما بعد الانقلاب الفاشل. وأن الأجواء الجديدة، حسبما أشارت الصحيفة، أدت إلى استيقاظ المعارضة فليس الاتحاد الأوروبي وحده يرى أن إردوغان تجاوز حدوده.
وتطرقت الصحف الفرنسية مطولا إلى تكريم ضحايا اعتداء نيس... مشيرة إلى أن الرئيس إيمانويل ماكرون قام أمس بتكريم ضحايا الاعتداء الإرهابي الذي خلف 86 قتيلا قبل عام في مدينة نيس جنوب فرنسا، وقال الرئيس الفرنسي لدى مشاركته في عملية التكريم في هذه المدينة، إن الاحتفال بالعيد الوطني الفرنسي في 14 يوليو (تموز) الماضي «لن يعود أبدا كما كان» قبل الاعتداء.
وننتقل إلى بروكسل والصحف البلجيكية واهتمت الصحف بتطورات المفاوضات السياسية من أجل تشكيل حكومة إقليمية بعد انسحاب الإيكولوجيين والحجر على الحزب الاشتراكي.كما اهتمت الصحف البلجيكية أيضا بالإعلان عن السماح لعناصر الشرطة بحمل الذخيرة الحية لتأمين احتفالات العيد الوطني يوم 21 من الشهر الحالي حسب ما ذكرت صحيفة «ستاندرد».



كاتدرائية «نوتردام» في باريس تعود إلى العالم في احتفالية استثنائية

صورة داخل كاتدرائية «نوتردام دو باري» بعد إنجاز ترميمها (إ.ب.أ)
صورة داخل كاتدرائية «نوتردام دو باري» بعد إنجاز ترميمها (إ.ب.أ)
TT

كاتدرائية «نوتردام» في باريس تعود إلى العالم في احتفالية استثنائية

صورة داخل كاتدرائية «نوتردام دو باري» بعد إنجاز ترميمها (إ.ب.أ)
صورة داخل كاتدرائية «نوتردام دو باري» بعد إنجاز ترميمها (إ.ب.أ)

قبل 861 عاماً، نهضت كاتدرائية «نوتردام دو باريس» في قلب العاصمة الفرنسية. ومع مرور العقود والعصور تحوّلت إلى رمز لباريس، لا بل لفرنسا. ورغم الثورات والحروب بقيت «نوتردام» صامدة حيث هي، في قلب باريس وحارسة نهر السين الذي يغسل قدميها. إلا أن المأساة حلّت في شهر أبريل (نيسان) من عام 2019، عندما اندلع حريق هائل، التهمت نيرانه أقساماً رئيسة من الكاتدرائية التي انهار سقفها وتهاوى «سهمها»، وكان سقوطه مدوياً.

منظر للنافذة الوردية الجنوبية لكاتدرائية نوتردام دو باريس(رويترز)

حريق «نوتردام» كارثة وطنية

وكارثة «نوتردام» تحوّلت إلى مأساة وطنية، إذ كان يكفي النظر إلى آلاف الباريسيين والفرنسيين والسياح الذين تسمّروا على ضفتي نهر السين ليشهدوا المأساة الجارية أمام عيونهم. لكن اللافت كانت السرعة التي قررت فيها السلطات المدنية والكنسية مباشرة عملية الترميم، وسريعاً جدّاً، أطلقت حملة تبرعات.

وفي كلمة متلفزة له، سعى الرئيس إيمانويل ماكرون إلى شد أزر مواطنيه، مؤكداً أن إعادة بناء الكاتدرائية و«إرجاعها أجمل مما كانت» ستبدأ من غير تأخير. وأعلن تأسيس هيئة تشرف عليها، وأوكل المهمة إلى الجنرال جان لويس جورجولين، رئيس أركان القوات المسلحة السابق. وبدأت التبرعات بالوصول.

وإذا احتاجت الكاتدرائية لقرنين لاكتمال بنائها، فإن ترميمها جرى خلال 5 سنوات، الأمر الذي يعد إنجازاً استثنائياً لأنه تحول إلى قضية وطنية، لا بل عالمية بالنظر للتعبئة الشعبية الفرنسية والتعاطف الدولي، بحيث تحوّلت الكاتدرائية إلى رابطة تجمع الشعوب.

وتبين الأرقام التي نشرت حديثاً أن التبرعات تدفقت من 340 ألف شخص، من 150 دولة، قدّموا 846 مليون يورو، إلا أن القسم الأكبر منها جاء من كبار الممولين والشركات الفرنسية، ومن بينهم من أسهم بـ200 مليون يورو. ومن بين الأجانب المتبرعين، هناك 50 ألف أميركي، وهو الأمر الذي أشار إليه الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، وكان أحد الأسباب التي دفعته للمجيء إلى فرنسا؛ البلد الأول الذي يزوره بعد إعادة انتخابه في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

متطوعون يضعون برنامج الحفل على المقاعد قبل الحفل (أ.ف.ب)

منذ ما يزيد على الشهر، تحوّلت الكاتدرائية إلى موضوع إلزامي في كل الوسائل الإعلامية. وخلال الأسبوع الحالي، حفلت الصحف والمجلات وقنوات التلفزة والإذاعات ببرامج خاصة تروي تاريخ الكاتدرائية والأحداث الرئيسة التي عاشتها في تاريخها الطويل.

وللدلالة على الأهمية التي احتلتها في الوعي الفرنسي، فإن رئيس الجمهورية زارها 7 مرات للاطلاع على التقدم الذي حققه المهنيون والحرفيون في إعادة البناء والترميم. وإذا كانت الكاتدرائية تجتذب قبل 2012 ما لا يقل عن 12 مليون زائر كل عام، فإن توقعات المشرفين عليها تشير إلى أن العدد سيصل العام المقبل إلى 15 مليوناً من كل أنحاء العالم.

المواطنون والسياح ينتظرون إفساح المجال للوصول الى ساحة الكاتدرائية (أ.ف.ب)

باريس «عاصمة العالم»

خلال هذين اليومين، تحوّلت باريس إلى «عاصمة العالم»، ليس فقط لأن قصر الإليزيه وجّه دعوات لعشرات من الملوك ورؤساء الدول والحكومات الذين حضر منهم نحو الخمسين، ولكن أيضاً لأن الاحتفالية حظيت بنقل مباشر إلى مئات الملايين عبر العالم.

وقادة الدول الذين قدّموا إلى «عاصمة النور» جاءوا إليها من القارات الخمس. وبسبب هذا الجمع الدولي، فإن شرطة العاصمة ووزارة الداخلية عمدتا إلى تشكيل طوق أمني محكم لتجنب أي إخلال بالأمن، خصوصاً أن سلطاتها دأبت على التحذير من أعمال قد تكون ذات طابع إرهابي. وإذا كان الرئيس الأميركي المنتخب قد حظي بالاهتمام الأكبر، ليس لأنه من المؤمنين المواظبين، بل لأنه يُمثل بلداً له تأثيره على مجريات العالم.

لكن في المقابل، تأسف الفرنسيون لأن البابا فرنسيس اعتذر عن تلبية الدعوة. والمثير للدهشة أنه سيقوم بزيارة جزيرة كورسيكا المتوسطية الواقعة على بُعد رمية حجر من شاطئ مدينة نيس اللازوردية، في 15 الشهر الحالي. والمدهش أيضاً أنه منذ أن أصبح خليفة القديس بطرس في روما، «المدينة الخالدة»، فإنه زار فرنسا مرتين، ثانيها كانت لمدينة مرسيليا الساحلية. بيد أنه لم يأتِ إلى باريس إطلاقاً. ووفق مصادر واسعة الاطلاع، فإن قرار البابا أحدث خيبة على المستويين الديني والرسمي. ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى حدث تاريخي رئيس، وهو أن بابا روما بيوس السابع، قدم إلى باريس يوم 2 ديسمبر (كانون الأول) من عام 1804، لتتويج نابليون الأول إمبراطوراً.

وتمثل لوحة الرسام الفرنسي الشهير لوي دافيد، التي خلد فيها تتويج بونابرت، ما قام به الأخير الذي لم ينتظر أن يضع البابا التاج على رأسه، بل أخذه بيديه ووضعه بنفسه على رأسه، وكذلك فعل مع الإمبراطورة جوزفين.

احتفالية استثنائية

لم يساعد الطقس مساعدي الاحتفالية الذين خططوا لأن تكون من جزأين: الأول رسمي، ويجري في ساحة الكاتدرائية الأمامية؛ حيث يلقي الرئيس ماكرون خطابه المقدر من 15 دقيقة، وبعدها الانتقال إلى الداخل للجزء الديني. وكان مقدراً للمواطنين الـ40 ألفاً، إضافة إلى 1500 مدعو حظوا بالوجود داخل الكاتدرائية، أن يتابعوا الحدث من المنصات التي نصبت على ضفتي نهر السين، إلا أن الأمطار والعواصف التي ضربت باريس ومنطقتها أطاحت بالبرنامج الرئيس، إذ حصلت كل الاحتفالية بالداخل. بيد أن الأمطار لم تقض على شعور استثنائي بالوحدة والسلام غلب على الحاضرين، وسط عالم ينزف جراء تواصل الحروب، سواء أكان في الشرق الأوسط أم في أوكرانيا أم في مطارح أخرى من العالم المعذب. وجاءت لحظة الولوج إلى الكاتدرائية، بوصفها إحدى المحطات الفارقة، إذ تمت وفق بروتوكول يعود إلى مئات السنين. بدءاً من إعادة فتح أولريش لأبواب «نوتردام» الخشبية الكبيرة بشكل رمزي.

كاتدرائية «نوتردام» السبت وسط حراسة أمنية استعداداً لإعادة افتتاحها (إ.ب.ى)

وسيقوم بالنقر عليها 3 مرات بعصا مصنوعة من الخشب المتفحم الذي جرى إنقاذه من سقف الكاتدرائية الذي دمرته النيران، وسيعلن فتح الكاتدرائية للعبادة مرة أخرى. ونقل عن المسؤول عن الكاتدرائية القس أوليفييه ريبادو دوما أن «نوتردام»، التي هي ملك الدولة الفرنسية، ولكن تديرها الكنيسة الكاثوليكية «أكثر من مجرد نصب تذكاري فرنسي وكنز محبوب من التراث الثقافي العالم، لا بل هي أيضاً علامة على الأمل، لأن ما كان يبدو مستحيلاً أصبح ممكناً»، مضيفاً أنها أيضاً «رمز رائع».

الأرغن الضخم يحتوي على 8 آلاف مزمار تم ترميمها وتنظيفها من غبار الرصاص السام (أ.ف.ب)

كذلك، فإن تشغيل الأرغن الضخم الذي تم تنظيفه وتحضيره للمناسبة الاستثنائية، تم كذلك وفق آلية دقيقة. ففي حين ترتفع المزامير والصلوات والترانيم، فإنه جرى إحياء الأرغن المدوي، الذي صمت وتدهورت أوضاعه بسبب الحريق. ويحتوي الأرغن على 8 آلاف مزمار، تم ترميمها وتنظيفها من غبار الرصاص السام. وقام 4 من العازفين بتقديم مجموعة من الألحان بعضها جاء مرتجلاً.

إلى جانب الشقين الرسمي والديني، حرص المنظمون على وجود شق يعكس الفرح؛ إذ أدت مجموعة من الفنانين الفرنسيين والأجانب لوحات جميلة جديرة بالمكان الذي برز بحلة جديدة بأحجاره المتأرجحة بين الأبيض والأشقر وزجاجه الملون، وإرثه الذي تم إنقاذه من النيران وأعيد إحياؤه.

وبعد عدة أيام، سيُعاد فتح الكاتدرائية أمام الزوار الذي سيتدفقوة بالآلاف على هذا المعلم الاستثنائي.

حقائق

846 مليون يورو

تدفقت التبرعات من 340 ألف شخص من 150 دولة قدموا 846 مليون يورو لإعادة ترميم نوتردام