الفجوة بين التعليم ومتطلبات سوق العمل ... حان الوقت لسدها

تقرير لجامعة جورج تاون: التعليم العالي أصبح أشبه بجهاز كومبيوتر من دون نظام تشغيل

الفجوة بين التعليم ومتطلبات سوق العمل ... حان الوقت لسدها
TT

الفجوة بين التعليم ومتطلبات سوق العمل ... حان الوقت لسدها

الفجوة بين التعليم ومتطلبات سوق العمل ... حان الوقت لسدها

دعا تقرير صدر مؤخرا عن «مركز التربية وسوق العمل» التابع لجامعة جورج تاون الأميركية تحت عنوان «السبل إلى سوق العمل: خمس طرق للربط بين الكلية والوظائف»، إلى مساعدة الطلاب وعائلاتهم وأصحاب الأعمال إلى الكشف عن معنى شهادات المرحلة ما بعد الثانوية وتوضيح قيمتها في سوق العمل.
وقال البيان الصادر عن الجامعة حول التقرير، إنه «لو عدنا إلى الوراء عندما كان العامل الحاصل على شهادة إتمام الشهادة الثانوية يستطيع الحصول على عمل بأجر لائق، فإن السؤال الذي كان يثار حينها هو هل يلتحق بالجامعة أم لا. لم يعد هذا الوضع موجودا في اقتصادات اليوم، حيث أصبحت الشهادة الجامعية مطلوبة، لكي تجعلك ضمن الطبقة المتوسطة».
وخلصت الدراسة إلى النتائج التالية:
*تضاعفت البرامج الدراسية ما بعد المرحلة الثانوية أكثر من خمسة أضعاف خلال الفترة بين عامي 1985 و2010، من 410 برامج إلى 2260 برنامجا.
*تضاعفت أعداد الكليات والجامعات ما بين عامي 1950 و2014 أكثر من مرتين، من 1850 إلى 4720.
*زادت المهن من 270 مهنة عام 1950 إلى 840 مهنة عام 2010.
كذلك تضاعفت أعداد مستندات وشهادات المرحلة ما بعد الثانوية والجهات المانحة لها، ناهيك بمختلف سبل الحصول عليها عبر الإنترنت، بسرعة كبيرة في السنوات الأخيرة، مما أدى إلى ظهور الحاجة إلى استحداث طريقة تقييم موحدة ومشتركة للأجور.
كذلك أظهر خريجو الجامعات حالة الندم التي تنتاب البعض منهم، فرغم أنهم ربما يكونون سعداء بقرارهم الالتحاق بالكليات، فقد أبدى أكثر من نصف الأعداد رغبتهم في تغيير الكلية أو التخصص لو أتيحت لهم الفرصة، وفق التقرير.
وأشارت الدراسة إلى أن نقص المعلومات تدفع سوق العمل إلى البحث عن وسيط. ويجادل التقرير أن التعليم ما بعد الثانوي والتدريب يحتاج إلى التقارب بدرجة أكبر مع متطلبات سوق العمل، وذلك لإعداد المتدربين بصورة أفضل وتزويدهم بالمهارات التي يحتاجونها في اقتصادات القرن الحادي والعشرين ولسد فجوة المهارة الموجودة.
لم تكن حظوظ الطلاب في اتخاذ القرارات الصائبة، فمنذ عام 1980 زادت المصروفات الدراسية المطلوبة من طلاب الكليات الحكومية ذات نظام السنوات الأربع بواقع 19 في المائة، وهو معدل يفوق زيادة دخل أي أسرة. ولذلك فالطلاب والعائلات في حاجة إلى معرفة العائد من هذا الاستثمار.
فقد أصبح الالتحاق بالجامعة ضمن أكبر الاستثمارات التي يقدم عليها الإنسان خلال حياته. فالكليات تقدم مردودا كبيرا، حيث يتسنى لخريجيها كسب ما يفوق مليون دولار أميركي أكثر من غيرهم من الحاصلين على شهادة متوسطة (ثانوية) خلال حياتهم. غير أن ذلك ينطوي على مخاطرة كبيرة، حيث يبلغ الفارق بين أعلى أجر وأقل أجر يكسبه الإنسان طوال حياته إلى 3.4 مليون دولار أميركي، ولذلك فإن تحقيق التكامل بين بيانات التعليم وسوق العمل من شأنه أن يوفر علينا التخمين عند الدخول في متاهة البحث بين الكليات ولاحقا عند البحث عن عمل.
وفي السياق ذاته، قال أنطوني كرنفال، مدير مركز جورج تاون والكاتب الرئيسي للتقرير، إن «التعليم العالي أصبح أشبه بجهاز كومبيوتر بقيمة 500 مليار دولار من دون نظام تشغيل»، مضيفا أن «الدارسين والعاملين كلاهما في حاجة إلى نظام إرشاد عصري يتضمن معلومات شاملة وواضحة للمستهلك تساعده على اتخاذ القرار الأنسب للكلية ولفرصة العمل».
كذلك سيساعد مثل هذا القرار أصحاب الأعمال الذين يشعرون بالضيق من نقص المهارات على تحديد وحسن اختيار العاملين الموهوبين. وسيساعد ذلك أيضا الكليات على إنعاش برامجها لتحسين ما تقدمه للطلاب، وستساعد متخذي القرارات على تخصيص موارد أفضل للدخل لبناء اقتصاديات أقوى.
بالفعل شرعت عدد من الكليات في دعم بيانات التعليم المتكامل واحتياجات سوق العمل لديها بالحصول على البيانات المتاحة في المجالات الخمسة التالية:
*التغييرات التربوية، وتوسيع نطاق الأعمال، ونوعية قوى العمل جميعها أصبحت أدوات لمساعدة القادة في مجالات الاقتصاد والتوظيف على اجتذاب أصحاب الأعمال الجدد، والمحافظة على الموجود منهم عن طريق عرض البيانات التي يستطيع نظام التعليم الثانوي والجامعي توفيرها، ومن ثم تزويدهم بالمهارات اللازمة لسوق العمل.
*تنسيق البرنامج مع متطلبات سوق العمل هي أدوات لمساعدة أعضاء هيئة التدريس للتنسيق بين المناهج الدراسية والمهارات التطبيقية والقدرات التي يحتاجها الطلاب لتحقيق النجاح في أعمالهم.
*الاستشارة والإرشاد لطريق العمل هي الأدوات التي يستخدمها المستشارون لدعم طلابهم خلال المراحل الدراسية وفي اتخاذ القرار بشأن العمل، وكذلك تحديد الطلاب الذين يحتاجون إلى الدعم وإلى تسهيل الوصول إليهم.
*التوظيف وتحليل نقص المهارات، هي أدوات لمساعدة العاملين على تحديد كيف أن المعرفة والمهارات والقدرات والاهتمامات وقيم العمل التي يمتلكونها يمكن نقلها إلى العمل الجديد. تساعد تلك الأدوات أيضا العاملين على تقييم نقص الخبرات وعمل الربط بين التعليم ما بعد الثانوي وخيارات التدريب التي ستساعدهم على التهيؤ لتغيير العمل.
في الحقيقة، فإن تقليص الحيرة والارتباك بشأن اختيار الكلية وطبيعة العمل هي الأسلوب الأمثل لإعداد مزيد من الأفراد وتزويدهم بالمهارات التي يحتاجونها في اقتصادات القرن الحادي والعشرين، وكذلك لتقديم العمالة الماهرة لأصحاب الأعمال.
يذكر أن مركز جامعة جورج تاون للتربية والعمل هو مركز بحثي مستقل غير ربحي يعمل على دراسة الصلة بين الأهداف الخاصة والتربية ومناهج التدريب وسوق العمل. مركز جورج تاون تابع لكلية «جورج تاون ماكروت للسياسة العامة».



20 مليون طالب أجنبي في جامعات أميركا... أغلبهم من الصين والهند

20 مليون طالب أجنبي في جامعات أميركا... أغلبهم من الصين والهند
TT

20 مليون طالب أجنبي في جامعات أميركا... أغلبهم من الصين والهند

20 مليون طالب أجنبي في جامعات أميركا... أغلبهم من الصين والهند

ارتفع عدد الطلاب الأجانب بالتعليم العالي في الولايات المتحدة الأميركية العام الماضي بنسبة 3.4 في المائة؛ أي نحو مليون طالب، وبزيادة تصل إلى 35 ألف طالب عن عام 2016، والذين جاءوا إلى الولايات المتحدة الأميركية على تأشيرات الطلاب غير المهاجرين.
وحسب تقرير مؤسسة «الأبواب المفتوحة (أوبن دورز)» الذي نشر في آخر 2017، فإن الزيادة في عدد الطلاب تأتي للمرة السابعة، وإن عدد الطلاب الأجانب الذين يدرسون في كليات وجامعات أميركا ارتفع بنسبة 85 في المائة منذ 10 سنوات.
تم نشر تقرير «الأبواب المفتوحة» عن التبادل التعليمي الدولي، من قبل معهد التعليم الدولي الذي يعد من أهم منظمات التبادل الثقافي الرائدة في الولايات المتحدة. وقد «أجرى معهد التعليم الدولي إحصاءات سنوية عن الجامعات حول الطلاب الدوليين في الولايات المتحدة منذ عام 1919، وبدعم من مكتب الشؤون التعليمية والثقافية بوزارة الخارجية منذ أوائل السبعينات. ويستند التعداد إلى استطلاع شمل نحو 3 آلاف من المؤسسات التعليمية المرموقة في الولايات المتحدة».
وحسب التقرير المفصل، فإن هذا العدد من الطلاب الأجانب لا يشكل إلا 5 في المائة من عدد الطلاب الذين يدرسون في قطاع التعليم العالي بالكليات والجامعات الأميركية، حيث يصل مجمل العدد حسب التقرير إلى 20 مليون طالب؛ أي بارتفاع بنسبة تتراوح بين 3 و4 في المائة عن عام 2007. ويعود سبب الارتفاع إلى ازدياد عدد الطلاب الأجانب وتراجع عدد الطلاب الأميركيين في البلاد منذ أن سجل عدد الطلاب الأميركيين أعلى معدل في عامي 2012 و2013.
وحول أصول الطلاب الأجانب الذين يدرسون في الولايات المتحدة الأميركية، فقد ذكر التقرير أنه للسنة الثالثة على التوالي كان أكبر نمو في عدد الطلاب من الهند، وعلى مستوى الدراسات العليا في المقام الأول وعلى مستوى التدريب العملي الاختياري (أوبت). ومع هذا، لا تزال الصين أكبر دولة من ناحية إرسال الطلاب الأجانب، حيث يبلغ عدد الطلاب في الولايات المتحدة نحو ضعف عدد الطلاب الهنود. لكن ما يؤكد عليه التقرير هو النمو في عدد الطلاب الآتين من الهند.
ومن هنا أيضا فقد وجد التقرير أن 50 في المائة من إجمالي الطلاب الدوليين في الولايات المتحدة من دولتي الصين والهند.
ووصلت نسبة التراجع لدى الطلاب السعوديين في الولايات المتحدة إلى 14.2 في المائة، ويعود ذلك، حسب التقرير، إلى حد كبير للتغييرات في برنامج المنح الدراسية للحكومة السعودية الذي يقترب الآن من عامه الرابع عشر.
التراجع الملحوظ في عدد الطلاب الأجانب في الولايات المتحدة، كان من اليابان والمملكة المتحدة وتركيا، وبنسبة أقل من اثنين في المائة لكل من هذه الدول. وإضافة إلى كوريا الجنوبية، فقد انخفض عدد طلاب هونغ كونغ بنسبة 4.7 في المائة. وكانت أكبر نسبة انخفاض بين الطلاب الأجانب من البرازيل، حيث وصلت نسبة الانخفاض إلى 32.4 في المائة. ويعود ذلك أيضا إلى نهاية البرامج الحكومية البرازيلية التي تساعد الطلاب الذين يدرسون في الخارج، خصوصا في الولايات المتحدة.
وحول أسباب التراجع في عدد طلاب هذه الدول بشكل عام، يقول تقرير «أوبن دورز» إنه من المرجح أن تشمل عوامل التراجع مزيجا من العوامل الاقتصادية العالمية والمحلية في هذه الدول؛ «وفي بعض الحالات توسع فرص التعليم العالي في داخل هذه الدول وتراجع عدد السكان».
ويكشف التقرير الأخير أن 25 من أفضل الجامعات الأميركية و10 ولايات أميركية يستقبلون أكبر عدد من الطلاب الأجانب السنة الماضية. وكان على رأس المستقبلين كما هو متوقع ولاية كاليفورنيا، تبعتها ولاية نيويورك، وولاية تكساس في المرتبة الثالثة، وماساتشوستس في المرتبة الرابعة.
ويتضح من التقرير أن 22.4 من مجمل الطلاب الأجانب الذين جاءوا إلى الولايات المتحدة الأميركية، جاءوا إلى الجامعات الـ25 الأولى في ترتيب الجامعات التي استقبلت الطلاب الأجانب.
وعلى الصعيد الاقتصادي، وحسب غرفة التجارة الأميركية، فإن لارتفاع عدد الطلاب الأجانب في الولايات المتحدة، نتائج إيجابية على الصعيد الاقتصادي؛ إذ ارتفع ما يقدمه هؤلاء الطلاب إلى الاقتصاد الأميركي من 35 مليار دولار إلى 39 مليار دولار العام الماضي. ويبدو أن سبب الارتفاع يعود إلى أن ثلثي الطلاب الأجانب في الولايات المتحدة يتلقون تمويلهم من الخارج، أي من حكوماتهم وعائلاتهم وحساباتهم الشخصية. ولا تتوقف منفعة الطلاب الأجانب على الاقتصاد؛ بل تتعداه إلى المنافع العلمية والبحثية والتقنية.
وحول الطلاب الأميركيين في الخارج، يقول التقرير إنه رغم التراجع الطفيف في السنوات القليلة الماضية، فإن عدد هؤلاء الطلاب تضاعف 3 مرات خلال عقدين. ووصلت نسبة الارتفاع إلى 46 في المائة خلال العقد الماضي. كما أن عدد هؤلاء الطلاب في الخارج وصل إلى 325.339 ألف طالب لعامي 2015 و2016.
ويبدو أن معظم الطلاب الأميركيين يرغبون بدراسة العلوم والهندسة والرياضيات في الخارج وتصل نسبة هؤلاء الطلاب إلى 25.2 في المائة من إجمالي عدد الطلاب. وبعد ذلك يفضل 20.9 في المائة من هؤلاء الطلاب دراسة إدارة الأعمال والعلوم الاجتماعية.
ولا تزال الدول الأوروبية المحطة الرئيسية للطلاب الأميركيين في الخارج، وقد ارتفع عدد هؤلاء الطلاب بنسبة 3.5 في المائة عامي 2015 و2016. وتأتي على رأس لائحة الدول المفضلة للطلاب الأميركيين بريطانيا، تليها إيطاليا وإسبانيا وفرنسا وألمانيا التي احتلت المركز الخامس بدلا من الصين العامين الماضيين. كما ارتفع عدد الطلاب الأميركيين في الفترة نفسها في كل من اليابان وكوريا الجنوبية وجنوب أفريقيا والدنمارك وتشيكيا ونيوزيلندا وكوبا وهولندا. ولاحظ التقرير أيضا ارتفاعا في عدد الطلاب الأميركيين الذين يذهبون إلى دول الكاريبي ودول أميركا اللاتينية للدراسة الجامعية.
ووصلت نسبة الارتفاع في هذه الدول إلى 5.6 في المائة، ووصل عدد الطلاب الأميركيين الذين يدرسون في دول الكاريبي ودول أميركا اللاتينية إلى 53.105 ألف طالب.
لكن أهم نسب الارتفاع على عدد الطلاب الأميركيين في الخارج كما جاء في التقرير، كانت في اليابان التي سجلت نسبة ارتفاع قدرها 18 في المائة، وكوريا الجنوبية بنسبة 3 في المائة.
ورغم هذه الارتفاعات في كثير من الدول، خصوصا الدول الأوروبية، فإن هناك تراجعات في عدد الطلاب الأميركيين الذين يدرسون في بعض البلدان كما يشير التقرير الأخير، ومن هذه الدول كما يبدو الصين التي تراجع عدد الطلاب الأميركيين فيها بنسبة 8.6 في المائة، أما نسبة التراجع في فرنسا فقد وصلت إلى 5.4 في المائة، حيث وصل عدد الطلاب إلى 17.215 ألف طالب، وسجلت البرازيل نسبة كبيرة من التراجع في عدد الطلاب الأميركيين الذين يأتون إليها، ووصلت نسبة هذا التراجع إلى 11.4 في المائة، ووصل عدد الطلاب إلى 3.400 ألف طالب. أما الهند فقد تراجع عدد الطلاب الأميركيين فيها خلال العامين الماضيين بنسبة 5.8 في المائة، ووصلت هذه النسبة إلى واحد في المائة في اليونان التي عادة ما تستقطب الطلاب المهتمين بالميثولوجيا اليونانية والراغبين بدراسة اللغة اليونانية نفسها.
مهما يكن، فإن عدد الطلاب الأميركيين الذين يدرسون في الخارج لا يزيدون بشكل عام على 10 في المائة من مجمل عدد الطلاب الأميركيين الباحثين عن جامعة جيدة لإنهاء تحصيلهم العلمي قبل دخول عالم العمل والوظيفة.