ابن كيران يلمح لولاية ثالثة على رأس «العدالة والتنمية»

السجن لشبان أشادوا بمقتل السفير الروسي في «فيسبوك»

TT

ابن كيران يلمح لولاية ثالثة على رأس «العدالة والتنمية»

يعقد حزب العدالة والتنمية المغربي، ذو المرجعية الإسلامية متزعم الائتلاف الحكومي اليوم دورة استثنائية لمجلسه الوطني (برلمان الحزب)، بهدف التحضير للمؤتمر الوطني الثامن للحزب، المقرر عقده في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وفق ما أعلن عنه عبد الإله ابن كيران، الأمين العام للحزب، مساء أول من أمس عقب اجتماع الأمانة العامة.
ويأتي انعقاد المجلس في ظل ظروف صعبة يعيشها الحزب منذ إعفاء ابن كيران من تشكيل الحكومة، وتعيين سعد الدين العثماني خلفا له، وما قدمه هذا الأخير من تنازلات إبان تشكيل الحكومة، ما أثر سلبا على تماسكه الداخلي وشعبيته.
وسبق لابن كيران أن أقر قبل أسبوعين أن حزب العدالة والتنمية يمر بأصعب امتحان في حياته منذ أن كان حركة، وأنه «في ورطة حقيقية»، ووصف ما حدث للحزب خلال الفترة الماضية من تداعيات سياسية عقب إعفائه بأنه «ابتلاء»، وأن الحزب تعرض لمؤامرة، لكنه حث أعضاء حزبه على تجاوز المرحلة.
ويرى قياديون في الحزب ومتتبعون خارجه أن ابن كيران هو وحده القادر على إخراج الحزب من «الانتكاسة» التي تعرض لها، لا سيما إذا ما جرى انتخابه لولاية ثالثة على رأس الحزب، وهو الموضوع الذي يثير جدلا كبيرا داخله.
ولمح ابن كيران مساء أول من أمس إلى إمكانية بقائه على رأس الحزب لولاية ثالثة رغم أن القانون الداخلي للحزب لا يسمح بذلك، إلا أن «الاستثناء» وارد.
وقال ابن كيران في هذا الصدد إنه سبق له أن أبدى في برنامج تلفزيوني، عدم رغبته في الحديث حول هذا الموضوع، كما أكد خلال اللقاء الأخير مع مؤسسة منتخبي «العدالة والتنمية» أن «مرحلتي انتهت من الناحية القانونية.. وقد قلت إن هذه نهاية مهمتي اللهم إلا إذا وقع شيء غير معلوم، أوفي حالة كان للإخوة رأي آخر قد يطالبون ويرون مصلحتهم. وقتها سيكون كلام آخر».
ونظرا لما يثيره موضوع تمديد ولاية زعيم سياسي عبر تغيير القوانين الداخلية من حساسية، بسبب ارتباطه بالتسلط والديكتاتورية بعد أن قطعت جل الأحزاب السياسية المغربية مع مرحلة خلود الزعيم في منصبه وتشبثه بالكرسي، شدد ابن كيران على القول إن «العدالة والتنمية يحترم قوانينه الداخلية.. نحن حزب يحترم القانون، مرحلتي انتهت وكان يفترض أن أغادر في سنة 2016 قبل أن يقرر الإخوان التمديد للأمانة العامة لمدة سنة، بالتزامن مع الانتخابات التشريعية، لكن الآن يجب أن أذهب، إلا إذا كانت هناك أمور أخرى سيضطر إليها الإخوان وليس أنا».
كما كشف ابن كيران عن تاريخ انعقاد المؤتمر الوطني الثامن للحزب «المصباح»، وقال إنه سيتم في غالب الظن خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، موضحا أنه تم الاتفاق داخل الأمانة العامة على هذا التاريخ، وأن لقاء الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، الذي انعقد بالمقر المركزي للحزب بالرباط، مر في أجواء إيجابية، خلافا للقاء العاصف الذي عقد قبل أسبوع.
وكان ابن كيران قد اضطر إلى إصدار توضيح الأربعاء الماضي، ردا على ما ينشر من مقالات صحافية تتطرق إلى الخلافات الداخلية للحزب، ومنها وجود خلاف بينه وبين سعد الدين العثماني رئيس الحكومة، ما أدى إلى بروز تيارين داخل الحزب: واحد موال لابن كيران والآخر للعثماني. إلا أن ابن كيران أوضح أن ما ينشر «إما غير صحيح أو غير دقيق»، مؤكدا أن ما يلزمه هو خطاباته الرسمية والبيانات التي يوقعها، وأن «الهدف من أغلب تلك المقالات هو محاولة استهداف تماسك الصف الداخلي للحزب، وزرع الشك والبلبلة فيه وزعزعة الثقة بين مسؤوليه ومناضليه».
في سياق آخر، قضت ملحقة محكمة الاستئناف بسلا، المجاورة للرباط، مساء أول من أمس بسنة حبسا نافذا وغرامة مالية قدرها 10 آلاف درهم (ألف دولار) في حق خمسة شبان، ينتمون إلى حزب العدالة والتنمية من أجل تهمة الإشادة بالإرهاب، فيما جرت تبرئتهم من تهمة التحريض عليه، وذلك على خلفية نشرهم تدوينات وصورا على «فيسبوك» تشيد بمقتل السفير الروسي بأنقرة في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وأوضح عبد الصمد الإدريسي، عضو هيئة الدفاع، أن هذا الحكم يشمل جميع الشباب باستثناء ياسر الخباط، الذي حكمت عليه المحكمة بسنتين سجنا نافذا في تهمة مغايرة.
وكانت قضية هؤلاء الشباب قد أثارت جدلا وانتقادات، لا سيما من قبل الحزب بعد أن جرى تكييف التهمة الموجهة إليهم مع قانون الإرهاب وليس قانون الصحافة والنشر.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.