مؤتمر في بغداد يطالب بـ«دولة المواطنة لا المكوّنات»

مشاركون فيه يتهمون رئيس البرلمان بـ«أخونة» القرار السنّي

TT

مؤتمر في بغداد يطالب بـ«دولة المواطنة لا المكوّنات»

عقد في فندق بابل بالعاصمة العراقية، أمس، مؤتمر «بغداد للحوار الوطني» بحضور نواب سنة سابقين وحاليين ومجموعة من شيوخ القبائل. ورفع القائمون على المؤتمر شعار «نحو دولة المواطنة لا دولة المكوّنات»، وأطلقوا على أنفسهم تجمّع «البيت العراقي».
ويتقاطع المؤتمر الحالي، من حيث الحضور والتوجهات، مع مؤتمر آخر تخطط له قوى سنيّة أخرى يتقدمها رئيس البرلمان سليم الجبوري، وكان مقرراً انعقاده في بغداد منتصف يوليو (تموز) الحالي، لكن إعلان تحرير الموصل اضطر القائمين عليه إلى تأجيله.
وأبلغت مصادر في مؤتمر بغداد «الشرق الأوسط» بأن بعض «الحاضرين من شيوخ العشائر انسحبوا من المؤتمر، متهمين القائمين عليه بالتخطيط لمصالح انتخابية مقبلة».
وقال النائب الحالي الرئيس السابق لمجلس النواب محمود المشهداني، الراعي الأبرز للمؤتمر، في كلمة الافتتاح: «مؤتمرنا يقوم على دعامتين، الأولى، الانتقال من دولة المكوّنات إلى المواطنة، والثانية، تحقيق التسوية السياسية». وأضاف أن «أهداف المؤتمر هي وحدة العراق، ونبذ العنف والإرهاب بمختلف أشكالهما... ورفض التدخل الخارجي، وأن التسويات الوطنية التاريخية خيار ممكن على أساسها تُحل كل الخلافات، إضافة إلى التنازل واللجوء إلى المصالح المشتركة، وتأكيد التعايش وتجريم الطائفية». واعتبر أن «الشهداء مسحوا عار الهزائم السياسية التي ولّدتها الأحزاب الطائفية المقيتة».
وشدد المشهداني على «ضرورة أن نعي الدرس جيداً، واعتبار المحاصصة والفساد والإرهاب والتبعية للغير أسساً هادمة للحكم».
من جانبه، قال النائب عبد الرحمن اللويزي، وهو أحد المشاركين الفاعلين في مؤتمر بغداد، إن «المؤتمر يسعى إلى توجيه رسالتين، الأولى مفادها أن المؤتمر الآخر (في إشارة إلى مؤتمر سليم الجبوري) لا يمثّل جميع السنة، والثانية التأسيس لمشروع انتخابي».
ووجّه اللويزي انتقادات لاذعة لمؤتمر يوليو المؤجل، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هناك قضية غير منظورة وخطرة في قناعتنا، تتمثل بالتماهي بين التحالف الوطني وكل من قطر وتركيا، لإنشاء مرجعيتين سنيتين، دينية وسياسية، وهما في جوهرهما إخوانيتان».
وأصر اللويزي على أن المؤتمر الذي كان الجبوري يحضّر له يسعى إلى «الاستحواذ على مرجعية القرار السني عبر طرح مرجعية سياسية ودينية إخوانية، ترعاها تركيا وقطر»، وإن هذا المؤتمر «في ظاهره سني وفي جوهره إخواني»، مشيراً تحديداً إلى عشرات المدعوين المنتمين إلى تيارات «إخوانية».
ورأى أن بعض القوى السنية يمارس «نوعاً من الخداع... عبر الترويج لفكرة المرجعية السنية الموحدة، لكنها في الحقيقة مرجعية إخوانية هدفها تصدّر المشهد السني وإنشاء قائمة استعداداً للانتخابات المقبلة».
واعترف اللويزي بواقع الانقسام الذي تعانيه الساحة السنية إلى جبهتين، لكنه أصر على أن «أعضاء مؤتمر بغداد استبعدوا من مؤتمر يوليو ووجدوا أنفسهم مضطرين للدفاع عن أنفسهم عبر هذا التجمع». واعترف أيضاً بأن مؤتمر بغداد الحالي يهدف إلى القول إن «المؤتمر الآخر لا يمثّل جميع السنة ولا يمكن للجهات المشرفة عليه الاستئثار بالقرار السني».
من جهته، وجّه النائب محمد عبد ربه انتقادات لاذعة لمؤتمر بغداد الحالي، معتبراً أن «عدم حضور أي شخصية حكومية أعمال المؤتمر يدل على عدم قبول الحكومة به». وقال عبد ربه لـ«الشرق الأوسط»: «إذا كانوا يتهمون مؤتمر الجبوري بالدعم الخارجي، ويؤكدون أن مؤتمرهم مدعوم وطنياً، فلماذا لم يوجهوا دعوات للآخرين إلى حضوره. هم وضعوا أنفسهم في خندق آخر ومؤتمرهم يفتقر للترتيب والإدارة الجيدة». وبرأيه، فإن القائمين على المؤتمر «غير صادقين وهم من قرر الابتعاد عن الآخرين، نحن غير مرتبطين بالإخوان أو الحزب الإسلامي، وسعينا إلى تقريب وجهات النظر بين الجهتين». وأكد عبد ربه أن اليوم الجمعة سيشهد الإعلان عن موعد جديد لمؤتمر السنة المؤجل، والحديث عن «أهدافه وأسباب إرجائه».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.