قوات الاحتلال تقتحم مخيم جنين وتقتل فلسطينيين اثنين

الحكومة الفلسطينية تدين إسرائيل وتتهمها بالتصعيد لإفشال جهود الأميركيين

قريبات سعد سلامة الذي قتلته قوات الاحتلال يبكينه خلال جنازته أمس في مخيم جنين (أ.ف.ب)
قريبات سعد سلامة الذي قتلته قوات الاحتلال يبكينه خلال جنازته أمس في مخيم جنين (أ.ف.ب)
TT

قوات الاحتلال تقتحم مخيم جنين وتقتل فلسطينيين اثنين

قريبات سعد سلامة الذي قتلته قوات الاحتلال يبكينه خلال جنازته أمس في مخيم جنين (أ.ف.ب)
قريبات سعد سلامة الذي قتلته قوات الاحتلال يبكينه خلال جنازته أمس في مخيم جنين (أ.ف.ب)

قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي فلسطينيين اثنين، وأصابت ثالثا بجراح، بعد اقتحام مخيم جنين شمال الضفة الغربية، في تصعيد أدانته الحكومة الفلسطينية بشدة، وعدته محاولة لتخريب جهود الولايات المتحدة لإطلاق عملية سلام.
واقتحم الجيش الإسرائيلي مخيم جنين الخاضع لسيطرة السلطة الفلسطينية، لتنفيذ حملة اعتقالات، لكنه قتل قبل ذلك، سعد صلاح (21 عاما)، وأوس سلامة (17 عاما)، وأصاب عدي أبو ناعسة (19 عاما) خلال مواجهات اندلعت في المكان.
وتصدى شبان للقوات الإسرائيلية بالحجارة، ورد الجنود الإسرائيليون بالرصاص وقنابل الصوت والغاز المسيل للدموع.
وقالت مصادر طبية، إن صلاح قضى فورا بعد إصابته برصاصة مباشرة في الرأس، فيما قضى سلامة متأثرا بجراحه، وأصيب أبو ناعسة برصاص متفجر في الساق.
واتهم الفلسطينيون القوات الإسرائيلية بإعدام الشبان بدم بارد، لأنهم لم يكونوا يشكلون أي خطر يذكر.
ونعت حركة فتح، الشابين صلاح وسلامة، وقالت في بيان: «تنعى الحركة شهيديها البطلين صلاح وسلامة، اللذين استشهدا على أرض مخيم جنين الباسل، برصاص المجرمين القتلة الإسرائيليين الذين يسعون لقتل كل معاني الحياة والطفولة في فلسطين»، مؤكدة «أن العهد هو العهد والقسم هو القسم».
وأضافت الحركة، أنها إذ تودع شبلين من أشبالها سقطوا دفاعا عن أرض فلسطين «فإننا نؤكد لشعبنا ولدماء الشهداء الأبرار، أننا ماضون قدما في نضالنا المشروع ضد المحتل الغاصب لأرضنا ومقدساتنا، حتى دحر الاحتلال وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس».
وشيّع جمهور غفير جثماني الشابين في موكب كبير وهتفوا مطالبين بالانتقام.
وحملت الحكومة الفلسطينية، إسرائيل، المسؤولية الكاملة عن التصعيد الذي تقوده قوات الاحتلال في الأراضي الفلسطينية. وقال المتحدث الرسمي باسم الحكومة، يوسف المحمود، في بيان إن «حكومة بنيامين نتنياهو تتحمل كامل المسؤولية عن التصعيد والاعتداءات التي تشنها قوات الاحتلال ضد شعبنا وأرضه وممتلكاته ومقدساته، والتي كان آخرها اقتراف جريمة جديدة في مخيم جنين أدت إلى استشهاد أوس محمد سلامة (17 عاما)، وسعد ناصر حسن صلاح (20 عاما) بعد اقتحامها المخيم، تحت إطلاق مكثف للنار وسط الاعتداء على المواطنين العزل، ما خلف عدة إصابات بينهم».
وأضاف البيان أن «هذه الجريمة الدموية التي تضاف إلى سلسلة جرائم الاحتلال، تترافق مع العدوان على ممتلكات أبناء شعبنا في مدينة القدس العربية المحتلة، وسائر محافظات الضفة الغربية، واستمرار الحصار الجائر على المحافظات الجنوبية». وجدد المحمود مطالبة الأسرة الدولية بالتحرك الجدي والسريع لوقف التصعيد الإسرائيلي، وإنهاء هذا العدوان والاستهتار بالقوانين والشرائع والمواثيق الدولية.
ولفت المحمود إلى أن ما تقوم به حكومة الاحتلال تحت سمع وبصر العالم اجمع، يثبت، مرة أخرى، زيف ادعاءات المسؤولين الإسرائيليين بالسعي لتحقيق السلام، مشددا على أن تحقيق السلام والأمن والاستقرار في المنطقة لن يتم إلا بإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشرقية.
واتهم الفلسطينيون إسرائيل بالعمل على إفشال جهود الأميركيين في المنطقة.
وقالت وزارة الخارجية الفلسطينية في بيان لها، إن «الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو، تتعمد بشكل دائم، وبالتزامن مع جولات المبعوثين الأميركيين في المنطقة الهادفة إلى إحياء عملية السلام، تصعيد وتوتير الأجواء والمناخات، عبر جملة من التدابير والإجراءات القمعية والتنكيلية بالفلسطينيين، سواء أكانت تصعيدا في عمليات الاستيطان والتهويد أو القتل المباشر للمواطنين الفلسطينيين، وما جرى في مخيم جنين من جريمة بشعة، يتزامن مع اللقاءات التي يجريها جيسون غرينبلات، مبعوث الرئيس الأميركي لشؤون المفاوضات الدولية مع المسؤولين الفلسطينيين والإسرائيليين».
وأضافت أن «التصعيد يأتي أيضا، في إطار محاولات الائتلاف اليميني الحاكم في إسرائيل، خلط الأوراق وفرض أجندات وأولويات إسرائيلية معدة مسبقا، على أجندة تلك اللقاءات، وهذه جميعها عقبات الهدف منها إعاقة المسعى الأميركي الجدي الهادف إلى إحياء عملية السلام والمفاوضات».
وحملت الخارجية، حكومة نتنياهو المتطرفة، المسؤولية الكاملة عن هذه الجريمة البشعة، وعن تداعيات تصعيدها المستمر للأوضاع في فلسطين المحتلة، كما حملتها المسؤولية عن تداعيات هذا التصعيد على الجهد الأميركي المبذول لإحياء عملية السلام.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.