بنك إنجلترا يكافح لإنقاذ الاقتصاد من «عاصفة بريكست»

خلافات حادة بين الصقور والحمائم... وثبات مطمئن بـ«منحنى فيلبس»

يشهد البنك تحديا خطيرا في ظل ارتفاع معدل التضخم ومخاوف الخروج من الاتحاد الأوروبي (رويترز)
يشهد البنك تحديا خطيرا في ظل ارتفاع معدل التضخم ومخاوف الخروج من الاتحاد الأوروبي (رويترز)
TT

بنك إنجلترا يكافح لإنقاذ الاقتصاد من «عاصفة بريكست»

يشهد البنك تحديا خطيرا في ظل ارتفاع معدل التضخم ومخاوف الخروج من الاتحاد الأوروبي (رويترز)
يشهد البنك تحديا خطيرا في ظل ارتفاع معدل التضخم ومخاوف الخروج من الاتحاد الأوروبي (رويترز)

في وقت غاية في الحساسية، وقع بنك إنجلترا (المركزي البريطاني) في خلاف حاد بين الصقور والحمائم حول رفع سعر الفائدة في الاجتماع المقبل في أغسطس (آب) المقبل، وانقسمت الآراء بين أعضاء السياسة النقدية فمن المرجح أن يصوت ثلاثة أعضاء بمن فيهم المحافظ مارك كارني لترك تكاليف الاقتراض عند أدنى مستوى قياسي عند 0.25 في المائة فقط.
ويشهد البنك تحديا خطيرا في خلق التوازن الصعب الذي يواجه الاقتصاد البريطاني للابتعاد به عن الركود، في ظل ارتفاع معدل التضخم وانخفاض الأجور ومخاوف الخروج من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، فضلا عن ارتفاع قيمة الجنيه الإسترليني. ويعد البنك المسؤول الفعلي المحمل عبء المحافظة على الاقتصاد البريطاني وسط بحر العواصف المحيط بالبلاد، والآثار المترتبة على القرارات السياسية للحكومة، ومعالجة كل المشكلات التي يتسبب فيها «بريكست».
وهبطت لجنة السياسة النقدية في بنك إنجلترا بسعر الفائدة إلى مستوى قياسي منخفض بلغ 0.25 في المائة في أغسطس (آب) الماضي، ردا على تصويت يونيو (حزيران) لمغادرة الاتحاد الأوروبي، وأدى انخفاض الجنيه في أعقاب ذلك التصويت إلى ارتفاع أسعار الواردات والتضخم.
وفعليا يتحمل البنك خصوصا أعضاء السياسة النقدية قرارات مهمة، منتظرين اللحظة المناسبة لزيادة سعر الفائدة الرئيسي للبنك المركزي، وربما يكون الارتفاع في سعر الفائدة «في الطريق»، لكن مع التأكد من نمو الاستثمار التجاري بشكل كاف لتعويض التباطؤ في الإنفاق الاستهلاكي.
وقال نائب المحافظ، بين برودبنت، إن «البنك ليس مستعدا لرفع أسعار الفائدة بعد»، مما يقلل من فرص ارتفاع تكاليف الاقتراض قريبا، محذرا خلال زيارته لمدينة أبردين الاسكوتلندية من أن الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي قد يضر بتجارة المملكة المتحدة. وحدد في رسالته إلى المجلس الاسكوتلندي للتنمية الصناعية، أن «بريطانيا ستعاني إذا أضعف (بريكست) روابطها التجارية القائمة مع الاتحاد الأوروبي».
وأكد برودبنت أن «مزاج الأعمال» هو عامل رئيسي في تفكيره، لكنه أضاف أنه «من الصعب علينا في اللجنة أن نحكم على ما إذا كانت الثقة تتحسن»، وقال نائب محافظ المركزي: «هناك ما يدعو إلى رؤية اللجنة تتحرك في هذا الاتجاه (ارتفاع سعر الفائدة)، ولكن لا يزال هناك كثير من الإمكانيات».
وأعربت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني عن قلقها إزاء الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي دون التوصل إلى اتفاق جيد. ورغم بدء المفاوضات مؤخرا، فإنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت الحكومة البريطانية يمكنها أن تحقق في نهاية المطاف نتائج جيدة إلى حد معقول بالنسبة للمملكة المتحدة. وانضم بيان «موديز» لأبواق التحذير المتشائمة في تقييم قاتم بشكل عام، محذرا من تباطؤ الاقتصاد البريطاني الذي يزداد «سوءا»، موضحا أن الجدارة الائتمانية للمملكة المتحدة تتعرض لـ«ضغوط» بعد تصويت الصيف الماضي لمغادرة الاتحاد الأوروبي، وتساءلت الوكالة عما إذا كان بوسع بريطانيا تحقيق نتائج «جيدة إلى معقولة» من محادثاتها مع بروكسل.
وحذرت «موديز» من أن فقدان أغلبية الحكومة في انتخابات الشهر الماضي أثار «المخاطر السياسية والمالية» التي تواجه المملكة المتحدة.
وتتوقع «موديز» أن يضعف الاقتصاد البريطاني بشكل ملحوظ خلال الفترة المتبقية من العام، مع تراجع السيناريو الأساسي إلى 1.5 في المائة هذا العام، و1 في المائة في 2018، مقابل 1.8 في المائة في 2016.
وعلى المدى المتوسط، يمكن أن تكون آفاق النمو البريطانية على أرض الواقع «أضعف»، إذ لم تتمكن من الوصول إلى السوق الواحدة بشروط جيدة.
وأشار تقرير اقتصادي حديث إلى نمو الاقتصاد البريطاني بوتيرة ضعيفة خلال الأشهر الثلاثة حتى نهاية يونيو الماضي، وهي الوتيرة المسجلة نفسها حتى نهاية الشهر السابق، رغم نمو قطاع الخدمات الذي عوض انكماش ناتج قطاع التصنيع.
وذكر المعهد الوطني للأبحاث الاقتصادية والاجتماعية البريطاني أن الناتج الاقتصادي لبريطانيا زاد بنسبة 0.3 في المائة خلال الأشهر الثلاثة الماضية حتى نهاية يونيو الماضي، وهو معدل النمو نفسه خلال الأشهر الثلاثة المنتهية في مايو (أيار) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار نمو الاقتصاد بأقل من المعدل المسجل على المدى الطويل وقدره 0.6 في المائة. ويقدر المعهد نمو الاقتصاد البريطاني بمعدل 0.3 في المائة خلال الربع الثاني من العام الحالي.
وقالت ريبيكا بيجوت، الباحثة في المعهد، إن «النمو في قطاع الخدمات عوض الانكماش في الناتج الصناعي. وما زال معدل النمو ضعيفا مقارنة بالعام الماضي».
وأضافت أن معدل الادخار في بريطانيا وصل خلال الربع الأول من العام الحالي إلى مستوى منخفض تاريخي قدره 1.7 في المائة فقط، ومعنى ذلك أن الأسر قلصت مدخراتها لكي تعوض تأثير التراجع في دخولها الحقيقي على الإنفاق الاستهلاكي مع ارتفاع معدل التضخم. وكان المعهد يتوقع في مايو الماضي نمو الاقتصاد خلال العام الحالي بمعدل 1.7 في المائة، وفي العام المقبل بمعدل 1.9 في المائة من إجمالي الناتج المحلي.
وتعد سوق العمالة البريطاني بمثابة «مكعب روبيك» لبنك إنجلترا، وذلك رغم تراجع معدل البطالة بشكل أكبر من المتوقع في الأشهر الثلاثة الأخيرة حتى مايو (أيار) الماضي، وكان الأمر مقترنا بشكل أساسي بعلامات مؤقتة على نمو الأجور، وارتفع متوسط الأرباح باستثناء العلاوات بنحو 2 في المائة في مايو الماضي، بعد أن كان 1.7 في المائة وبلغ معدل التوقعات 1.9 في المائة.
وترى مؤسسة «برايس ووتر هاوس» PWC للأبحاث الاقتصادية، أن العمالة في المملكة المتحدة سجلت رقما قياسيا جديدا، حيث بدأت آليات خلق الوظائف في التعافي مرة أخرى مع تسارع نمو العمالة في الأشهر الأخيرة بعد نمو أبطأ منذ أواخر العام الماضي، ليقترب المعدل العمالة الحالي من 75 في المائة لأول مرة على الإطلاق، ولينخفض معدل البطالة إلى 4.5 في المائة. لكن المؤسسة البحثية تخشى تباطؤ نمو «الأجور الحقيقية» في الوقت الراهن.
ويظهر «منحنى فليبس» (الذي يختص بالعلاقة العكسية بين مستوى البطالة ومعدل التضخم، حيث إذا ارتفعت البطالة فإن الأجور تنخفض والعكس) «الآن» ثباتا ملحوظا مع استمرار تباطؤ نمو الأجور العادية عند 2 في المائة، على الرغم من بعض التحسن الشهر الماضي، وانخفض متوسط نمو الأرباح إلى 1.8 في المائة. ومع ذلك في المملكة المتحدة وكثير من الاقتصادات المتقدمة أظهرت معدلات البطالة انخفاضا حادا. ولكن الأرباح لم ترتفع. ويتوقع خبراء أن يتغير الموقف في وقت قريب؛ الأمر الذي سيضعف الإنفاق الاستهلاكي، رغم استمرار قوة سوق العمل الذي يجب أن يمنع التباطؤ الأخير في الاقتصاد من التحول إلى الركود.
وبحسب البيانات الأخيرة، يظهر «منحنى فيلبس» تفاؤلا أكثر من المتوقع مع الثورة الصناعية الرابعة، مع ارتفاع استخدام الذكاء الاصطناعي التي لا تتطلب ارتفاعا للأجور، وضعف الإنتاجية الملحوظ.



قطر تطلق استراتيجيتها للصناعة والتجارة 2024 - 2030 لتحقيق نمو مستدام

جانب من إطلاق استراتيجية قطر للصناعة والتجارة (الشرق الأوسط)
جانب من إطلاق استراتيجية قطر للصناعة والتجارة (الشرق الأوسط)
TT

قطر تطلق استراتيجيتها للصناعة والتجارة 2024 - 2030 لتحقيق نمو مستدام

جانب من إطلاق استراتيجية قطر للصناعة والتجارة (الشرق الأوسط)
جانب من إطلاق استراتيجية قطر للصناعة والتجارة (الشرق الأوسط)

أطلقت وزارة التجارة والصناعة القطرية، الخميس، استراتيجيتها للفترة 2024 - 2030، التي تتضمن 188 مشروعاً، منها 104 مشروعات مخصصة للصناعات التحويلية، مما يشكل 55 في المائة من إجمالي مشاريع الاستراتيجية.

وتهدف هذه الاستراتيجية إلى تحقيق نمو مستدام، وتحسين بيئة الأعمال والاستثمار، وتنمية الصناعات المحلية، وتعزيز التبادل التجاري، وحماية المستهلك، وتشجيع المنافسة، ودعم نمو الصناعات الصغيرة والمتوسطة، بالإضافة إلى تعزيز حماية الملكية الفكرية، كما تسعى إلى دعم الصناعات الوطنية وزيادة نفاذها للأسواق الدولية.

وأوضح وزير التجارة والصناعة القطري، فيصل آل ثاني، أن هذه الاستراتيجية تمثل خريطة طريق لدعم أهداف التنمية المستدامة في الدولة وتحقيق نمو اقتصادي متوازن وشامل، مع التركيز على تطوير القطاعات التجارية والاستثمارية والصناعية.

وتتضمن الاستراتيجية الصناعية 60 مشروعاً تهدف إلى رفع القيمة المضافة إلى 70.5 مليار ريال، وزيادة الصادرات غير الهيدروكربونية إلى 49.1 مليار ريال، وزيادة الاستثمار السنوي في الصناعة التحويلية إلى 2.75 مليار ريال، وتنويع الصناعات التحويلية إلى 49.4 في المائة، كما تهدف إلى زيادة القوى العاملة القطرية في هذا القطاع بنسبة 3 في المائة وتعزيز جاهزية المصانع القطرية للصناعات الذكية.

وتسعى هذه الخطوة إلى دعم «رؤية قطر الوطنية 2030» من خلال تعزيز النمو الاقتصادي المستدام، وتنويع القطاعات الاقتصادية ذات الأولوية، وزيادة مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي، فضلاً عن تطوير الصناعات المختلفة.