16 قتيلاً في تحطم طائرة عسكرية بولاية ميسيسيبي

الولايات المتحدة تجري تجربة ناجحة لنظام «ثاد» في ألاسكا

طائرة حربية أميركية تحطمت أول من أمس في ميسيسيبي (أ.ب)
طائرة حربية أميركية تحطمت أول من أمس في ميسيسيبي (أ.ب)
TT

16 قتيلاً في تحطم طائرة عسكرية بولاية ميسيسيبي

طائرة حربية أميركية تحطمت أول من أمس في ميسيسيبي (أ.ب)
طائرة حربية أميركية تحطمت أول من أمس في ميسيسيبي (أ.ب)

أعلن الجيش الأميركي، أمس، إجراء تجربة ناجحة في ألاسكا لنظام اعتراض الصواريخ في الفضاء (ثاد) بعد تجربة إطلاق أول صاروخ كوري شمالي عابر. ونجح نظام «ثاد» في اعتراض صاروخ باليستي أطلق من طائرة نقل ضخمة من طراز «سي 17» قبالة هاواي، في المحيط الهادئ.
وأفاد بيان لهيئة الدفاع الصاروخي الأميركية بأن نظام «ثاد» الذي نصبت أجزاء منه في كوريا الجنوبية للتصدي للتهديد الكوري الشمالي نجح في «رصد وتتبع واعتراض الهدف». وأعد النظام لاعتراض الصواريخ الباليستية ذات المدى القصير والمتوسط، وليس الصواريخ العابرة كذلك الذي جربته بيونغ يانغ الأسبوع الماضي والقادر على بلوغ ألاسكا.
وقال الجيش الأميركي إن التجربة هي الـ14، وكللت بالنجاح. كما أفادت شركة «لوكهيد مارتن» المصنعة لمنظومة «ثاد» بأنها أول تجربة ناجحة لاعتراض صاروخ باليستي متوسط المدى. وقال ريتشادر ماكدانيال نائب رئيس «لوكهيد» في بيان إن أداء النظام كان «خاليا من أي عيب».
وبدأ الجيش الأميركي هذه السنة بنشر «ثاد» في كوريا الجنوبية، وهو ما أثار غضب بكين حليفة بيونغ يانغ التي اعتبرته تهديدا لاستقرار شبه الجزيرة الكورية. وقال مدير هيئة الدفاع الصاروخي، اللفتنانت جنرال سام غريفز، في البيان: «لا يسعني إلا أن أفخر بالفريق الذي نفذ التجربة اليوم». وأضاف أن «هذه التجربة تبين مجددا قدرات نظام ثاد على اعتراض وتدمير الصواريخ الباليستية. ثاد يواصل حماية مواطنينا وقواتنا وحلفائنا من تهديد حقيقي ومتزايد».
من جهتها، قالت هيئة الدفاع الصاروخي إن التجربة «تعزز القدرة الدفاعية الأميركية ضد التهديدات الصاروخية المتنامية في كوريا الشمالية وغيرها من البلدان حول العالم، وتسهم في منظومة استراتيجية الردع الأوسع». ونصبت الولايات المتحدة نظام «ثاد» كذلك في جزيرة غوام اليابانية.
على صعيد آخر، أكد مسؤولون أميركيون أمس أن جميع العسكريين البالغ عددهم 16 على متن طائرة عسكرية تابعة لمشاة البحرية لقوا حتفهم بعد تحطم الطائرة في منطقة ريفية في ولاية ميسيسيبي.
ونشرت السلطات تفاصيل قليلة حول ما حدث وطبيعة المهمة التي كانت تقوم بها طائرة «كاي سي - 130»، المخصصة لعمليات النقل والتزويد بالوقود في الجو، وفق ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية. وأقلعت الطائرة من قاعدة جوية لمشاة البحرية، في تشيري بوينت بنورث كارولاينا الاثنين، قبل اختفائها عن الرادار وتحطمها في وقت متأخر من فترة بعد الظهر.
وقال بيان لمشاة البحرية: «تحطمت طائرة نقل كاي سي - 130 تابعة لمشاة البحرية في مقاطعة ليفلور في ميسيسيبي في 10 يوليو (تموز) عند نحو الساعة 4.00 بالتوقيت الصيفي المركزي (التاسعة مساء بتوقيت غرينتش)، ما أودى بحياة 16 عنصرا على متنها». وأضاف أن سبب الحادث ما زال قيد التحقيق.
من جانبه، أعرب الرئيس دونالد ترمب في تغريدة عن حزنه الشديد لهذا النبأ، وكتب: «ميلانيا وأنا نقدم تعازينا الحارة إلى الجميع». وقال فرد راندل، مدير الطوارئ في مقاطعة ليفلور، لشبكة «سي إن إن»، إن «كل الضحايا كانوا على متن الطائرة، ولم ينج أحد».



2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟