القاهرة تدعو لطرد قطر من التحالف لمكافحة «داعش»

TT

القاهرة تدعو لطرد قطر من التحالف لمكافحة «داعش»

اعتبرت وزارة الخارجية المصرية أن التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش الإرهابي «يجب ألا يضم دولاً تدعم الإرهاب»، في إشارة إلى دولة قطر. وأوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، أحمد أبو زيد، الذي يرأس الوفد المصري في اجتماع للتحالف، بدأ أمس في واشنطن، ويستمر ثلاثة أيام: «لم يعد مقبولا أن يضم التحالف بين أعضائه دولا داعمة للإرهاب أو تروج له في إعلامها». وتابع في بيان: «ومن هذا المنطلق جاء قرار كل من مصر والسعودية والإمارات والبحرين بمقاطعة قطر، عضو التحالف».
ورأى أبو زيد، عقب انتهاء اجتماعات مجموعة العمل الخاصة باستراتيجية الاتصال والإعلام الخاصة بالتحالف، أن هذا الاجتماع ينعقد في توقيت مفصلي ومنعطف بالغ الأهمية بعد إعلان الحكومة العراقية رسميا تحرير مدينة الموصل من قبضة «داعش»، وفي أعقاب انعقاد القمة العربية - الإسلامية - الأميركية لمكافحة الإرهاب في الرياض في مايو (أيار) الماضي. واعتبر أبو زيد أن هذه العوامل تؤسس لمرحلة جديدة وتمهد الطريق نحو دفع الجهود الدولية من أجل القضاء على أفكار التطرف والإرهاب بجميع صوره وأشكاله، ووفقا لرؤية واضحة ومقاربة شاملة تتسق مع وجهة النظر المصرية بحتمية المواجهة الشاملة مع الإرهاب، التي عبر عنها الرئيس عبد الفتاح السيسي في كلمته أمام قمة الرياض.
وأضاف أبو زيد أن مصر أكدت في بيانها خلال الاجتماع، أن الانتصار الميداني والعسكري ضد تنظيم داعش الإرهابي، بقدر أهميته، «يجب أن يمتد لينال من جميع التنظيمات الإرهابية والمتطرفة»، ومن الأذرع التي تساند هذه التنظيمات «بالمال أو بالسلاح أو بالغطاء السياسي والإعلامي أو بتوفير الملاذ الآمن».
واعتبر أبو زيد أن قرار كل من مصر والسعودية والإمارات والبحرين بمقاطعة قطر، جاء من هذا المنطلق، في ظل دعمها لجماعات التطرف والإرهاب في المنطقة، ولا سيما في ليبيا وسوريا واليمن، وزعزعتها للاستقرار والأمن الإقليمي، فضلاً عن توفيرها منابر إعلامية لتمجيد أعمال الإرهاب والتعاطف معها. واستهجن المتحدث «الدفاع المستميت من قبل البعض عن محطة (الجزيرة) الفضائية، التي تتخفى تحت عباءة حرية التعبير من أجل نشر أفكار سامة ومحتوى إعلامي مغرض يحض على العنف والإرهاب». واستشهد في ذلك باستضافة المحطة لأبي محمد الجولاني، زعيم جبهة النصرة أكثر من مرة، وليوسف القرضاوي الذي تأويه قطر، وهو يبيح العمليات الانتحارية ضد المدنيين.
وأضاف المتحدث باسم الخارجية أن مصر أكدت في بيانها أنّها ساهمت منذ نشأة التحالف الدولي في رسم استراتيجية متكاملة لمواجهة الإرهاب شملت، إلى جانب البعد العسكري، محاور عدة، على رأسها كيفية دحض الفكر الداعشي وغيره من أفكار التطرف. وأسفرت تلك الجهود، على حد تعبير أبو زيد، عن استصدار قرار من مجلس الأمن رقم 2354 للترحيب بالإطار الدولي الشامل لمكافحة الخطاب الإرهابي، الذي تم اعتماده خلال رئاسة مصر للجنة مكافحة الإرهاب. كما تناول البيان في السياق ذاته الجهود المبذولة من جانب الأزهر الشريف ودار الإفتاء من أجل مواجهة خطاب التطرف، وتفنيد الأفكار السامة.
واختتم أبو زيد تصريحاته بالإشارة إلى أنه دعا، خلال إلقائه بيان مصر، دول التحالف إلى وقفة صادقة مع النفس والنظر بجدية إلى ما بها من تناقضات، لافتا إلى أن عضوية التحالف يجب أن تقتصر على الدول متشابهة الفكر التي تقف على قلب رجل واحد في مواجهة الإرهاب، وهو ما لا يتحقق بانضمام دول تعاني انفصاما وترتدي قناعين.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.