انحسار المعروض يرفع الأسعار في مدينة فرانكفورت الألمانية

قلة الأراضي تتسبب في انخفاض عمليات البناء... وأسعار العقارات فيها أقل من الأسواق الكبرى

أكثر المشترين الأجانب في فرانكفورت من أوروبا أو الصين أو دول الشرق الأوسط
أكثر المشترين الأجانب في فرانكفورت من أوروبا أو الصين أو دول الشرق الأوسط
TT

انحسار المعروض يرفع الأسعار في مدينة فرانكفورت الألمانية

أكثر المشترين الأجانب في فرانكفورت من أوروبا أو الصين أو دول الشرق الأوسط
أكثر المشترين الأجانب في فرانكفورت من أوروبا أو الصين أو دول الشرق الأوسط

تقع هذه الشقة العلوية، التي توجد في الطابق الرابع، في حي ويستيند بمدينة فرانكفورت، وتبلغ مساحتها نحو 3 آلاف قدم مربع مخصصة للمعيشة على مستويين. وتعد واحدة من بين 10 شقق في مبنى يقع على مقربة من الحي المالي، على حد قول داغمار كورز، التي تعمل لدى شركة «بيترز آند بيترز سوثبيز إنترناشيونال ريالتي» العقارية التي تعرض الشقة للبيع.
يمكن الوصول إلى الشقة بمصعد يعمل بمفتاح، وينفتح مباشرة على مساحة المعيشة التي تشبه شقة السطح التي تخرج من قلب رف على شكل مكعب. توجد مساحة فراغ كبيرة بفضل الأسقف التي يبلغ ارتفاعها 15 قدماً والمحاطة بالنوافذ، والأبواب الزجاجية، من جانب وتنفتح على شرفة كبيرة.
المطبخ، الذي تم تصميمه على الطراز الصناعي، مصنوع بشكل كامل من المعدن الذي لا يصدأ بدءاً بالخزانات ووصولا إلى الأجهزة. في الوقت الذي تغطي فيه الأرضيات الخشبية الجزء الأكبر من المساحة المخصصة للمعيشة، أرضية المطبخ مصنوعة من الخرسانة المصقولة التي تمتد باتجاه الشرفة، واضعة بذلك حدود المساحة المخصصة لتناول الطعام.
يوجد في كل واحدة من غرفتي النوم في الطابق الرئيسي الحمام الخاص بها. ويتسم حمام غرفة النوم الرئيسية بالاتساع، وبأرضيته المصنوعة من حجر الأردوزا الأسود، وكذلك به حوضان لغسيل الوجه، وحوض استحمام، و«ساونا»، وملحق به شرفة خاصة. وهناك أيضاً غرفة لارتداء الملابس. وهناك سلم خراساني يظهر مرتفعاً عن الأرض في مساحة المعيشة الرئيسية، ويؤدي إلى مكتب في مستوى أعلى به نوافذ سقفية، وغرفة للتخزين.
أصحاب الشقة من هواة جمع الأعمال الفنية، لذا يوجد في تلك الوحدة أضواء مركزة، وأشكال أخرى من الإضاءة التي تم تصميمها لتسليط الضوء على الأعمال الفنية، كما توضح كورز. ويوجد في الغرفة أيضاً ظلال تعمل ذاتياً، ومدفأة تعمل بالحطب. ويشمل المنزل مرآب للسيارة.
ويحظى حي ويستيند السكني المميز، الذي يضم بعض من البنايات باهظة الثمن، بشهرة كبيرة في فرانكفورت، إلى حد أن اسمه بات مثل العلامة التجارية على حد قول أوليفر بيترز، المدير التنفيذي للشركة التي تعرض الشقة للبيع. هذا المبنى قريب من فندق «غراند أوتيل هيسشر هوف» الخمس نجوم، وقاعة العروض والحفلات «فيست هول فرانكفورت»، والكثير من المتنزهات والمطاعم. كذلك لا يبعد سوى 25 دقيقة بالسيارة من مطار فرانكفورت.
* نظرة عامة على السوق
نظراً لكون مدينة فرانكفورت مركزاً مالياً كبيراً، ومقرّ البنك المركزي الأوروبي، شهدت نمواً كبيراً خلال السنوات القليلة الماضية. وقد بلغ تعداد السكان بها حالياً نحو 730 ألف نسمة، ومن المتوقع أن يزداد العدد إلى نحو 764 ألف نسمة بحلول عام 2020 طبقاً لتقرير سوق الوحدات السكنية، الذي نشره مصرف «دويتشه بنك» (البنك الألماني)، في يناير (كانون الثاني) الماضي. الجدير بالذكر أن عدد سكان المنطقة الحضرية المحيطة بها يزيد على مليوني نسمة.
يؤدي النمو السكاني، إلى جانب ازدهار اقتصاد البلاد، والعرض المحدود من الوحدات السكنية في المدينة مقارنة بالطلب، إلى ارتفاع أسعار العقارات في فرانكفورت، رغم أنها تظل أقل من أسعار العقارات في مدن ألمانية كبرى أخرى. خلال الفترة بين عامي 2009 و2016، ارتفعت أسعار الشقق الموجودة بالفعل في فرانكفورت بنسبة 40 في المائة، بحسب ما أشار التقرير، مقابل زيادة تفوق الـ60 في المائة في ميونيخ، وتفوق الـ90 في المائة في برلين.
مع ذلك في عام 2016، ارتفعت أسعار المنازل، التي تتسع لأسرة واحدة، في مدينة فرانكفورت بنسبة 12 في المائة تقريباً، في حين ارتفعت أسعار الشقق بنسبة 10 في المائة تقريباً، وهي زيادة أرجعها التقرير إلى توقع انتقال الأفراد من بريطانيا بعد التصويت لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وسبب تراجع المعروض من المنازل في فرانكفورت هو عدم توافر ما يكفي من الأرض للبناء، والرفض المحلي لمشروعات البناء واسعة النطاق بحسب ما جاء في التقرير. مع ذلك من المرجح أن يتم عرض وحدات في أبراج سكنية، يتراوح عددها بين ثمانية وعشرة أبراج في السوق خلال العامين المقبلين على حد قول ديفيد شميت، شريك تنفيذي في مكتب «إنجيل أند فولكرز» للعقارات في فرانكفورت.
وأوضح قائلاً إن «الزيادة الأخيرة في الأسعار تعني أن سعر منزل يتسع لأسرة واحدة مكون من أربع غرف نوم، وملحق به حديقة صغيرة، وغرفة لمربية الأطفال، إن كنت محظوظاً، قد أصبح 2.4 مليون يورو، أو ما يعادل 2.7 مليون دولار، بعدما كان 1.6 مليون يورو تقريباً، أو ما يعادل 1.8 مليون دولار، منذ بضع سنوات. وخلال الفترة نفسها، ارتفع سعر القدم المربع للشقق من 5 آلاف يورو تقريباً، أو ما يعادل 5.595 دولار، إلى 8 آلاف يورو، أو ما يعادل 8.953 دولار»، مضيفاً أن السعر في حالة المباني الجديدة يمكن أي يصل إلى 12 ألف يورو، أو ما يعادل 13.430 دولارا، للقدم المربع.
ويعد كل من حي ويستيند وإيست إيند، حيث يقع البنك المركزي الأوروبي الجديد، والحي الدبلوماسي من الأحياء التي يرتفع بها سعر المنازل كثيراً.
* من يشتري في فرانكفورت؟
في الوقت الذي أدت فيه الأزمة المالية إلى تباطؤ سوق العقارات خلال الفترة من 2009 حتى 2011، بدأ المشترون الأجانب منذ عام 2012 يلاحظون الأسعار التنافسية في فرانكفورت على حد قول بيترز، حيث يشير إلى أنها تعد ملاذا آمنا، وأسعار العقارات فيه أقل من أسعارها في الأسواق الكبرى.
أكثر المشترين الأجانب في فرانكفورت من أوروبا، أو الصين، أو دول الشرق الأوسط كما يوضح شميت. وأشار إلى أن ما يجذبهم هو الاقتصاد القوي، ومطار فرانكفورت، الذي يعد مركزاً دولياً كبيراً، وأكثر المطارات ازدحاماً في البلاد، مما يجعل الوصول إلى المدينة سهلاً.
* المبادئ الأساسية للشراء
لا يوجد قيود على المشترين الأجانب في ألمانيا باستثناء بعض الشروط من بينها أن يكون لديك حساب مصرفي في مصرف ألماني، حيث يقول شميت: «لا يمكنك أن تأتي إلى هنا ومعك حقيبة مليئة بالمال». من الممكن للأجانب الحصول على رهن عقاري، لكن عادة ما لا يتجاوز القرض نصف سعر الشراء، وأسعار الفائدة منخفضة جداً على مدى السنوات الأخيرة، حيث تزيد على الواحد في المائة بقليل. يجب أن يتولى كاتب عدل (موثق) إتمام المعاملات، وتبلغ الرسوم نحو 1.5 في المائة. يستعين بعض المشترين بمحامٍ كإجراء احترازي، لكن ذلك ليس ضرورياً. مع ذلك من المعتاد في فرانكفورت أن يدفع المشتري عمولة نسبتها 6 في المائة إلى شركة العقارات كما توضح كورز، عوضاً عن تقاسمها مع البائع.
* اللغات والعملة
الألمانية، اليورو (دولار = 0.89 يورو)
* الضرائب والرسوم
تختلف ضريبة نقل ملكية العقارات من ولاية لولاية. وتبلغ قيمة تلك الضريبة في فرانكفورت 6 في المائة كحد أقصى، كما يوضح شميت. وتبلغ قيمة الضريبة العقارية السنوية على هذه الشقة نحو 700 يورو، أو ما يعادل 783 دولارا على حد قول كورز.
* خدمة {نيويورك تايمز}



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».