رئيس حزب «تونس الخضراء» المعارض: البلاد مهددة بثورة اجتماعية جديدة

الزيتوني قال إن حكومة الشاهد تقف مكتوفة الأيدي والرئيس السبسي هو من يتحكم في العمل السياسي

عبد القادر الزيتوني
عبد القادر الزيتوني
TT

رئيس حزب «تونس الخضراء» المعارض: البلاد مهددة بثورة اجتماعية جديدة

عبد القادر الزيتوني
عبد القادر الزيتوني

اعتبر عبد القادر الزيتوني، رئيس حزب تونس الخضراء المعارض، أن الحرب التي تشنها حكومة الوحدة الوطنية على الفساد بقيادة يوسف الشاهد، هي حرب سياسية بالأساس، واتهم عدة أطراف سياسية بالحصول على أموال خارجية، خصوصاً من قطر، لدعم حظوظها في الانتخابات وسد الطريق أمام الأحزاب والقيادات السياسية التي قادت أولى شرارات الثورة. ودعا القطريين إلى استثمار أموالهم في مجالات التنمية وتشغيل الشبان العاطلين عن العمل، بدل تشجيعهم على السفر إلى بؤر التوتر وضخ أموال لزعزعة الاستقرار الاجتماعي والأمني.
وبخصوص الوضع السياسي الذي تعيشه البلاد، قال الزيتوني في مقابلة مع «الشرق الأوسط»، إن كل الدلائل تشير إلى إمكانية حدود ثورة اجتماعية جديدة، لأن عمل الحكومة لا يلبي طموحات المواطنين في العمل والتنمية، بدليل اعتمادها على قانون الطوارئ بعد فشل مقاربتها في قيادة البلاد، ورأى أن حكومة الشاهد تقف مكتوفة الأيدي من قبل الرئيس الباجي قائد السبسي، الذي يتحكم في كل خيوط العمل السياسي، على حد تعبيره.
وأضاف الزيتوني معلقاً على تأزم الوضع السياسي في تونس بعد نحو 10 أشهر من تولي الشاهد رئاسة الحكومة: «يمكن القول إن الوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي صعب للغاية. فالتنمية تكاد تكون معطلة وجحافل العاطلين تجاوزت 630 ألف عاطل، والحكومة متجهة بالأساس نحو تلبية توصيات صندوق النقد الدولي وإملاءاته الكثيرة التي قد تعود بالوبال على استقرار البلاد».
وبخصوص الحرب التي تشنها الحكومة على الفساد، أوضح الزيتوني أن «كل ما تقوم به حالياً من حرب على الفساد يطرح عدة تساؤلات.. وهي حرب سياسية بامتياز هدفها الأساسي وغير المعلن إبعاد بعض الأطراف عن الحياة السياسية»، وشدد في هذا السياق على أن «الظروف الاجتماعية الحالية تهيئ التونسيين لثورة اجتماعية جديدة، لأن حرب الشاهد ضد الفساد طالت الفروع، ولم تذهب مباشرة إلى مراكز الفساد الكبرى ولم تهدد مصالحهم. ورئيس الحكومة يدرك ذلك جيداً من خلال توجهه إلى صغار الفاسدين بتعليمات مباشرة من الرئيس السبسي، الذي حدد له رقعة لمحاربة الفساد قبل أن ينطلق في تنفيذ مهمة محددة بعناية».
وتابع الزيتوني موضحاً: «لقد اكتشفنا بعد مرور 10 أشهر على تكليف الشاهد برئاسة الحكومة أن الرئيس الحالي هو الذي يملك زمام كل السلطات، سواء على مستوى الحكومة أو البرلمان، ورئيسا هاتين المؤسستين الدستوريتين من صنيعة الباجي، وهو الذي سلط الأضواء على بعض المسؤولين، ومكنهم من الوصول إلى أعلى المراتب، ولذلك لا يجرؤون على تجاوز تعليماته التي لا نسمع عنها شيئاً، ولكنها تظهر على مستوى الممارسة السياسية».
وبخصوص قانون الطوارئ الذي اعتمدته الحكومة أخيراً، قال رئيس حزب تونس الخضراء المعارض، إن إصرار الدولة على إقرار قانون الطوارئ في كل مرة وتمديده أخيراً لأربعة أشهر كاملة، يؤكد أن الحكومة في وضع صعب، على اعتبار أن هذا القانون يمكنها من اتخاذ إجراءات استثنائية، والزج بأي شخص في السجن لمجرد الشبهة، وهذا يعد، حسب رأيه، التفافاً على ثورة 2011 التي جاءت لتكريس حرية الرأي والتعبير والاحتجاج السلمي على كل الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية، مبرزاً أن السياسة الجديدة جاءت بالأساس للقضاء على شعارات ثورة 2011، وإعادة إنتاج المنظومة القديمة نفسها، مع قليل من التجميل حتى لا يقال إن الثورة لم تنجح في تونس.
وانتقد الزيتوني وجود أموال فاسدة في الحياة السياسية، بقوله إن وصول أشخاص مجهولي التاريخ السياسي، وتشكيل أحزاب سياسية ووصولها في ظرف قياسي إلى السلطة، «يثير المخاوف ويؤكد وجود أموال طائلة استخدمت سواء لقطع الطريق أمام أطراف سياسية، أو تسهيل وصول أخرى إلى مواقع القرار. وقد رأينا كيف تم استبعاد كثير من الوجوه السياسية التي قاومت ضد النظام الاستبدادي السابق، وكيف أوصلت من لا تاريخ لهم إلى السلطة. وأعتقد أن أموالاً قطرية بالأساس وصلت إلى تونس بأشكال مختلفة، ووظفت لتشجيع التونسيين على السفر إلى بؤر التوتر في العراق وسوريا، على وجه الخصوص».
وبخصوص مقترح التعديل الوزاري الذي يلوح به الشاهد، وموقف حزبه من الاستقطاب الثنائي بين حزب النداء وحركة النهضة، أوضح الزيتوني أن «أي تعديل وزاري يعيد التركيبة نفسها للحكومة المعتمدة على محاصصة بين الأطراف السياسية نفسها لا يمكن أن يتمخض عن نتائج إيجابية تخدم تونس. فمن الضروري الاعتماد على كفاءات محلية أثبتت جدارتها في ملفات بعينها، وعدم الزج بشخصيات بريئة في العمل الحكومي لنفاجأ بكوارث على مستوى التسيير واتخاذ القرار. أما بخصوص الاستقطاب الثنائي بين (النداء) و(النهضة)، فإننا لا نرى اختلافا بينهما، بل إنهما يسيران في اتجاه واحد ويلبسان الطربوش نفسه أو لنقل إنهما يتداولان عليه. وقد أفاجئ من لا يعرفون خفايا الأمور السياسية في تونس بالقول إن (النهضة) تسير بأوامر الباجي، باعتبار أنه هو الذي فرضها على الساحة السياسية، وهو الذي قد يقضي على وجودها السياسي».
وحول المستقبل الذي ينتظر البلاد في ظل انتشار الإرهاب والتطرف، أوضح الزيتوني أنه «لا يمكن الحديث عن استقرار أمني واجتماعي في تونس ما دام هناك شبان في الجبال يعتنقون أفكاراً متطرفة ويحاربون الدولة بالسلاح. ولذلك يجب على الدولة إنزال هؤلاء من الجبال بأي طريقة حتى تتم تهيئة الظروف الفعلية لعودة الاستثمارات الخارجية»، حسب رأيه.
وبخصوص الدور الذي يمكن لحزب تونس الخضراء أن يلعبه في هذا المجال، قال الزيتوني: «حزبنا كبلته منظومة الانتخابات التي وضعت على قياس الأحزاب السياسية، التي اعتمدت على أصحاب رؤوس المال الفاسد في الانتخابات الماضية، وهم يطالبون اليوم حزبنا، الذي يعتمد على إمكانياته الذاتية فحسب بنحو مليون دينار (نحو 400 ألف دولار) ومعاقبته لأنه لم يتجاوز عتبة 3 في المائة في الانتخابات البرلمانية التي جرت سنة 2014، لذلك ستجد معظم كوادرنا وقياداتنا السياسية التاريخية نفسها مهددة بعدم الترشح للانتخابات البلدية المقبلة، وفي ذلك حيف وظلم لحزبنا، الذي له إشعاع إقليمي ودولي مهم، وذلك من خلال أحزاب الخضر المنتشرة في كل الدول، ولنا مصداقية عند الحديث عن الوضع السياسي في تونس».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم