مصر: وحدة أفلام ورسوم متحركة بـ«الإفتاء» لمحاربة تكنولوجيا الإرهاب

دعوة للغرب لوقف مخططات «القاعدة» أثناء هزائم «داعش»

مصر: وحدة أفلام ورسوم متحركة بـ«الإفتاء» لمحاربة تكنولوجيا الإرهاب
TT

مصر: وحدة أفلام ورسوم متحركة بـ«الإفتاء» لمحاربة تكنولوجيا الإرهاب

مصر: وحدة أفلام ورسوم متحركة بـ«الإفتاء» لمحاربة تكنولوجيا الإرهاب

بينما رحب «مرصد الإسلاموفوبيا» التابع لدار الإفتاء في مصر بمسيرة أئمة المساجد في أوروبا ضد الإرهاب، حيث أطلق أئمة من فرنسا وإيطاليا والبرتغال وبلجيكا «مسيرة المسلمين ضد الإرهاب»، دشنت دار الإفتاء وحدة تكنولوجية متخصصة لإنتاج أفلام رسوم متحركة وقصيرة لبلورة ردود قصيرة على دعاة التطرف والإرهاب، في قوالب تكنولوجية حديثة تمكنها من الوصول إلى الشرائح المتعددة، خصوصا فئات الشباب، وترد على الدعاية المضادة والمضللة من جانب الجماعات المتطرفة التي تنشط في مجالات التكنولوجيا والتصوير.
وأوضح «مرصد الإسلاموفوبيا» بمصر أن مسيرة أوروبا دشنها نحو 30 إماماً انطلقت من شارع الشانزليزيه الشهير في باريس «رمز الوحدة الوطنية» في فرنسا، حيث تعيش أكبر مجموعة مسلمة في أوروبا. ويذكر أن هذا الشارع شهد مقتل أحد رجال الشرطة الفرنسية على يد أحد إرهابي تنظيم داعش.
وقال «المرصد» إن مسيرة الأئمة دعت إلى عدم ربط المسلمين بجرائم ترتكب باسم الإسلام، وهي الرسالة التي يحرص الأئمة على التركيز عليها في لقاءاتهم مع القيادات الدينية والسياسية والمجتمعية في المحطات التي ستتوقف بها المسيرة وهي مدن ضربها الإرهاب، داعيا إلى استثمار هذه المبادرة في التأكيد على أن المسلمين جزء أصيل من المجتمع الأوروبي، وأنهم يقفون في الخط الأول للدفاع عنه ضد الإرهاب، مساهمين في استقراره ورخائه.
وضمن جهودها لمحاربة التطرف، دشنت دار الإفتاء مشروع «تشريح دورة بناء الإرهابي» وهو المشروع الذي يهدف إلى تشريح عقلية المتطرف ونفسيته والتداخل مع المؤثرات التي يتعرض لها ويتأثر بها؛ سعيا لوقف تسلسل تلك المراحل التي تؤدي بالمتطرف إلى التحول إلى عنصر إرهابي يسعى بكل قوة وعزيمة إلى الإضرار بالغير، وذلك من خلال عقد جلسات العصف الذهني لخبراء في مجالات علم النفس والعلوم الشرعية وخبراء الأمن والمتخصصين في شؤون الجماعات الإرهابية والراديكالية، للخروج بدليل إرشادي يحتوي على إجابات محددة وواضحة فيما يتعلق بكيفية تشكيل العناصر الإرهابية وتكوينها، والمراحل التي يمر بها المتطرف؛ بداية من التشدد، وصولا إلى العنف والتفجير.
وأضافت الدار أن ذلك لن يتأتى إلا بتكوين مكتبة إلكترونية ضخمة عن التطرف والإرهاب باللغتين العربية والإنجليزية، تضم أحدث الإصدارات والكتب والدوريات وتقارير مراكز البحث الأجنبية المختصة بمعالجة التطرف والإرهاب، كما تضم كل الإصدارات والكتب والمقالات والمواد الصوتية والفيديوهات الصادرة عن الجماعات المتطرفة والإرهابية في مصر وخارجها.
وفي هذا الإطار، تصدر «الإفتاء» في منتصف يوليو (تموز) الحالي موسوعة لقضايا التكفير باللغتين العربية والإنجليزية، تتناول كل المواضع والقضايا والشبهات التي تستند إليها الجماعات المتطرفة، وترد عليها بأسلوب علمي.
في غضون ذلك، كشفت الدار عن استراتيجية تنظيم «القاعدة» الإرهابي بقيادة أيمن الظواهري الحالية، قائلة إن التنظيم رغم الخسائر والنكسات التي مُني بها في الأعوام السابقة على جميع الجبهات، ما زال متمسكا بخطته طويلة المدى، «التي ستسهم في ارتفاع أسهمه في ظل الهزائم المتلاحقة التي طالت تنظيم داعش، إيذانا بانهياره التام ونهايته ليفسح المجال مرة أخرى أمام (القاعدة) للصعود إلى صدارة (الجهاد العالمي)».
مشيرة إلى أن استراتيجية «القاعدة» تعتمد على تكتيكات ضبط النفس، وتثبيت أقدام التنظيم في المجتمع المحلي وإيقاف الهجمات ضد غير المقاتلين... واستمرار التركيز الأساسي للتنظيم على العدو البعيد (الولايات المتحدة وإسرائيل وحلفاؤهما)، مع التركيز الثانوي على الحلفاء المحليين. وتتجلى هذه المبادئ التوجيهية بنجاح في أنشطة أفرع التنظيم المختلفة في «شبه الجزيرة العربية» و«المغرب الإسلامي»؛ مما يجعل تنظيم القاعدة يبدو أكثر عقلانية مقارنة مع تنظيم داعش.
وأكدت «الإفتاء» في تقرير لها أمس، أن تأثير «القاعدة» يزداد شراسة على الرغم من الضغوط الشديدة التي تعرض لها طوال السنوات العشر الماضية، وأنه سيكون من الصعوبة بمكان القضاء على عناصر «القاعدة» التي أسست لنفسها مكانا في شمال غربي سوريا، وليبيا واليمن وباكستان وأفغانستان وشمال أفريقيا والصومال.
وحذرت «الدار» من خطورة التركيز على «داعش» فقط وتجاهل التنظيمات والجماعات المتطرفة الأخرى في المنطقة، لافتة إلى أنه في حين تستهدف الحملات الدولية «داعش»، يتوارى تنظيم «القاعدة» عن الأنظار تمهيدا لظهوره من جديد، حيث يحاول التنظيم إعادة لمّ شتاته على عدة جبهات اجتماعية وسياسية وعسكرية، و«هو أمر ليس بالمُفاجئ، فتنظيم القاعدة والجماعات التابعة له كـ(الحرباء) يتسم بسهولة التخفي والتكيف مع الظروف المحيطة به».
ودعت «الإفتاء» إلى ضرورة تركيز القوى الدولية على مخططات «القاعدة» وهي تدحر «داعش» وتطرده من الأراضي التي يسيطر عليها؛ «فرغم أن النجاحات التي تحققت ضد تنظيم القاعدة واقعية ومؤثرة وأدت إلى تراجع التنظيم، فإن الحراك الإرهابي الأوسع الذي يعززه لا يزال قويا ومستمرا، فما زالت جماعات أخرى ومنظمات منبثقة عنه تستفيد من آيديولوجياته وشبكاته التي أنشأها من قبل».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.