المياه تبتلع مزيداً من «مجانين السيلفي» في الهند

مجموعة من الأصدقاء يأخذون «السيلفي» في الهند (بي بي سي)
مجموعة من الأصدقاء يأخذون «السيلفي» في الهند (بي بي سي)
TT

المياه تبتلع مزيداً من «مجانين السيلفي» في الهند

مجموعة من الأصدقاء يأخذون «السيلفي» في الهند (بي بي سي)
مجموعة من الأصدقاء يأخذون «السيلفي» في الهند (بي بي سي)

أعلنت الشرطة الهندية، اليوم (الاثنين)، مقتل 3 رجال على الأقل، بالإضافة إلى وجود مخاوف بشأن غرق خمسة آخرين، بعد انقلاب قاربهم في أحد الأنهار بوسط الهند، أثناء قيامهم بالتقاط صور «سيلفي» وتصوير مقاطع فيديو، لعرضها على وسائل التواصل الاجتماعي.
وقع الحادث مساء أمس (الأحد)، أثناء خروج مجموعة من 10 رجال، تتراوح أعمارهم بين 21 و28 عاما، في قارب للصيد بنهر فينا القريب من مدينة ناجبور.
وقال تشانراشيخار باهادور، قائد شرطة المنطقة، إن قائد القارب أنقذ اثنين من الرجال، كما تم انتشال ثلاث جثث بعد ظهر اليوم الاثنين.
وأوضح باهادور: «توصلنا أثناء التحقيقات الأولية إلى أن المجموعة كانت مشغولة بتصوير مقاطع الفيديو، والتقاط صور السيلفي على متن القارب».
وأضاف: «يقول الناجون إن القارب فقد توازنه وانقلب، عندما انتقل عدد من الرجال إلى أحد جانبيه، للوقوف لالتقاط صور سيلفي أو تصوير مقطع فيديو».
كما أكد أن «الرجال كانوا قد نشروا مقطع فيديو على موقع (فيسبوك) قبل دقائق من انقلاب القارب».
من ناحية أخرى، أفادت الشرطة بأن الغواصين وأفرادا من قوة التعامل مع الكوارث المحلية، يواصلون البحث عن ناجين من ركاب القارب.
يشار إلى أن الهند لديها أعلى معدل من الوفيات المرتبطة بالتقاط صور «السيلفي»، بحسب بحث جديد تم إعداده.
وكشفت دراسة أجرتها جامعة «كارنيجى مليون» أن الهند استحوذت على نسبة 60 في المائة من حوادث «السيلفي» في العالم، التي بلغ عددها 127 حادثا، في الفترة بين مارس (آذار) 2014 وسبتمبر (أيلول) 2016.
وفى العام الماضي، أقامت الشرطة الهندية «مناطق حظر سيلفي» بعد غرق طالبة جامعية في البحر بينما كانت مشغولة بالتقاط صورة «سيلفي» لنفسها.



من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)
وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)
TT

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)
وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

في الدورة الرابعة من مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي»، تنافست أعمال استثنائية نقلت قصصاً إنسانية مؤثّرة عن واقع المرأة في إيران وأفغانستان. وسط أجواء الاحتفاء بالفنّ السينمائي بوصفه وسيلةً للتعبير والتغيير، قدَّم فيلما «السادسة صباحاً» للإيراني مهران مديري، و«أغنية سيما» للأفغانية رؤيا سادات، شهادتين بارزتين على تحدّيات النساء في بيئاتهن الاجتماعية والسياسية.

«السادسة صباحاً»... دراما الصراع مع السلطة

يروي الفيلم قصة «سارة»، الشابة الإيرانية التي تتأهّب لمغادرة طهران لإكمال دراستها في كندا. تتحوّل ليلة وداعها مواجهةً مفاجئةً مع «شرطة الأخلاق»؛ إذ يقتحم أفرادها حفلاً صغيراً في منزل صديقتها. يكشف العمل، بأسلوب مشوّق، الضغط الذي تعيشه النساء الإيرانيات في ظلّ نظام تحكمه الرقابة الصارمة على الحرّيات الفردية، ويبرز الخوف الذي يطاردهن حتى في أكثر اللحظات بساطة.

الفيلم، الذي أخرجه مهران مديري، المعروف بسخريته اللاذعة، يجمع بين التوتّر النفسي والإسقاطات الاجتماعية. وتُشارك في بطولته سميرة حسنبور ومهران مديري نفسه الذي يظهر بدور مفاوض شرطة يضيف أبعاداً مرعبة ومعقَّدة إلى المشهد، فيقدّم دراما تشويقية.

لقطة من فيلم «أغنية سيما» المُقدَّر (غيتي)

«أغنية سيما»... شهادة على شجاعة الأفغانيات

أما فيلم «أغنية سيما»، فهو رحلة ملحمية في زمن مضطرب من تاريخ أفغانستان. تدور الأحداث في سبعينات القرن الماضي، حين واجهت البلاد صراعات سياسية وآيديولوجية بين الشيوعيين والإسلاميين. يتبع العمل حياة «ثريا»، الشابة الشيوعية التي تناضل من أجل حقوق المرأة، وصديقتها «سيما»، الموسيقية الحالمة التي تبتعد عن السياسة.

الفيلم، الذي أخرجته رؤيا سادات، يستعرض العلاقة المعقَّدة بين الصديقتين في ظلّ انقسام آيديولوجي حاد، ويُظهر كيف حاولت النساء الأفغانيات الحفاظ على شجاعتهن وكرامتهن وسط دوامة الحرب والاضطهاد. بأداء باهر من موزداح جمال زاده ونيلوفر كوخاني، تتراءى تعقيدات الهوية الأنثوية في مواجهة المتغيّرات الاجتماعية والسياسية.

من خلال هذين الفيلمين، يقدّم مهرجان «البحر الأحمر» فرصة فريدة لفهم قضايا المرأة في المجتمعات المحافظة والمضطربة سياسياً. فـ«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة، مع الإضاءة على دور الفنّ الحاسم في رفع الصوت ضدّ الظلم.

في هذا السياق، يقول الناقد السينمائي الدكتور محمد البشير لـ«الشرق الأوسط»، إنّ فيلم «السادسة صباحاً» ينساب ضمن وحدة زمانية ومكانية لنقد التسلُّط الديني لا السلطة الدينية، واقتحام النيات والمنازل، وممارسة النفوذ بمحاكمة الناس، وما تُسبّبه تلك الممارسات من ضياع مستقبل الشباب، مثل «سارة»، أو تعريض أخيها للانتحار. فهذه المآلات القاسية، مرَّرها المخرج بذكاء، وبأداء رائع من البطلة سميرة حسنبور، علماً بأنّ معظم الأحداث تدور في مكان واحد، وإنما تواليها يُشعر المُشاهد بأنه في فضاء رحب يحاكي اتّساع الكون، واستنساخ المكان وإسقاطه على آخر يمكن أن يعاني أبناؤه التسلّط الذي تعيشه البطلة ومَن يشاركها ظروفها.

على الصعيد الفنّي، يقول البشير: «أجاد المخرج بتأثيث المكان، واختيار لوحات لها رمزيتها، مثل لوحة الفتاة ذات القرط اللؤلؤي للهولندي يوهانس فيرمير، ورسومات مايكل أنجلو على سقف كنيسة سيستينا في الفاتيكان، وغيرها من الرموز والاختيارات المونتاجية، التي تبطئ اللقطات في زمن عابر، أو زمن محدود، واللقطات الواسعة والضيقة».

يأتي ذلك تأكيداً على انفتاح مهرجان «البحر الأحمر السينمائي»، ومراهنته على مكانته المرتقبة في قائمة المهرجانات العالمية، وترحيبه دائماً بكل القضايا المشروعة.

ونَيل «أغنية سيما» و«السادسة صباحاً» وغيرهما من أفلام هذه الدورة، التقدير، وتتويج «الذراري الحمر» للتونسي لطفي عاشور بجائزة «اليُسر الذهبية»، لتقديمه حادثة واقعية عن تصفية خلايا إرهابية شخصاً بريئاً... كلها دليل على أهمية صوت السينما التي أصبحت أهم وسيلة عصرية لمناصرة القضايا العادلة متى قدّمها مُنصفون.

وأظهر المهرجان الذي حمل شعار «للسينما بيت جديد» التزامه بدعم الأفلام التي تحمل قضايا إنسانية عميقة، مما يعزّز مكانته بوصفه منصةً حيويةً للأصوات المبدعة والمهمَّشة من مختلف أنحاء العالم.