فقدان 35 مهاجراً بسواحل ليبيا يعيد أزمة الهجرة للواجهة

TT

فقدان 35 مهاجراً بسواحل ليبيا يعيد أزمة الهجرة للواجهة

أعلن خفر السواحل الليبي أن 35 مهاجرا، بينهم سبعة أطفال، باتوا في عداد المفقودين بعدما غرق قاربهم المطاطي أمس قبالة سواحل البلد الشمال أفريقي، في إحصاء نقلا عن شهادات الناجين.
وأفاد عيسى الزروق، المسؤول في خفر السواحل في القره بوللي (60 كلم شرق طرابلس)، بأنه تم إنقاذ 85 مهاجرا، بينهم 18 امرأة، بمساعدة الصيادين الذين أبلغوا خفر السواحل بالحادثة. فيما أكد المتحدث باسم البحرية الليبية أيوب قاسم لاحقا، أن القارب غرق على بعد ستة أميال بحرية شمال غربي القره بوللي، مضيفا أن عشرة قوارب صيد شاركت في عمليات البحث، وأن المهاجرين الذين تم إنقاذهم من نيجيريا والسنغال والكاميرون وساحل العاج وغانا.
وجاءت هذه الحادثة لتعيد إلقاء الضوء على أزمة الهجرة ومعاناة المهاجرين داخل ليبيا، وبعد ثلاثة أيام فقط من إعلان رئيس البرلمان الأوروبي أنطونيو تاياني أنه أصبح من الضروري القيام مع ليبيا بالإجراء ذاته الذي طبق مع تركيا بهدف احتواء تدفق المهاجرين إلى السواحل الأوروبية.
وقالت وكالة «آكي» الإيطالية إن تصريحات أنطونيو وردت في تصريحات على هامش الجمعية العامة لاتحاد الزراعيين التي احتضنتها العاصمة الإيطالية روما قبل 3 أيام، التي شدد فيها على ضرورة تخصيص استثمارات «أكبر بكثير مما وافقنا عليه أمس في البرلمان الأوروبي التي تشتمل على 4 مليارات يورو»، كما أن «علينا مساعدة ليبيا وقوات خفر سواحلها».
من جهته، أعلن وزير الخارجية الإيطالي أنجيلينو ألفانو، أن بلاده تريد الحد من تدفق المهاجرين إلى ليبيا، وذلك خلال حديثه عن أهداف المؤتمر الوزاري الذي عقد في روما بحضور ممثلين عن دول أوروبية، وقال إن «إيطاليا خصصت مبلغ 10 ملايين يورو للصندوق الائتماني لأفريقيا من أجل تعزيز حماية الحدود الجنوبية لليبيا»، بالإضافة إلى 18 مليون يورو للمنظمة الدولية للهجرة لدعم العودة الطوعية للمهاجرين من ليبيا إلى بلدان المنشأ، و«3 ملايين يورو أخرى إلى مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات لمكافحة المهربين»، وأثنى في هذا السياق على أستونيا وهولندا وألمانيا والنمسا التي خصصت مبالغ جديدة للسيطرة على الحدود الليبية، موضحا أنه «لا يجب السيطرة على البحر فقط، بل على الحدود الجنوبية لليبيا أيضا... وللحد من قدوم المهاجرين يجب ألا نسمح لهم بالدخول إلى ليبيا»، مشددا على «أهمية العمل على إعادة دعم اقتصاد ليبيا».
ويستغل مهربو البشر الفوضى التي تسود ليبيا منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011 لتهريب عشرات الآلاف من المهاجرين كل عام إلى إيطاليا مقابل مبالغ مالية طائلة.
ومنذ يناير (كانون الثاني) الماضي وصل أكثر من مائة ألف مهاجر ولاجئ إلى أوروبا عبر المتوسط، فيما توفي أو فقد 2247 منهم، بحسب منظمة الهجرة الدولية. وقد هددت إيطاليا بإغلاق مرافئها أمام السفن التي ترفع أعلاما أجنبية، من بينها تلك المستأجرة على سبيل المثال من قبل جمعيات غير حكومية فرنسية وإسبانية وألمانية تشارك في عمليات الإنقاذ قبالة ليبيا. وطلبت الحكومة الإيطالية مزيدا من التضامن من شركائها الأوروبيين، علما بأن عددا قليلا يلتزم بحصص استقبال المهاجرين الصادرة عن الاتحاد الأوروبي.
وتطلب ليبيا مساعدة أوروبا من أجل مراقبة حدودها، حيث تعبر غالبية المهاجرين القادمين من جنوب الصحراء الأفريقية الكبرى.



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.