اجتماعات «العشرين»... دبلوماسية ضبط النفس

أوروبا تسعى لاختبار التزام ترمب بمبادئهم المشتركة وبأمنهم

في قمة العشرين من اليسار: الرئيس الأميركي ترمب والرئيس الصيني جينبينغ والمستشارة الألمانية ميركل والرئيس الأرجنتيني ماكري ورئيس الوزراء الأسترالي تيرنبول (أ.ف.ب)
في قمة العشرين من اليسار: الرئيس الأميركي ترمب والرئيس الصيني جينبينغ والمستشارة الألمانية ميركل والرئيس الأرجنتيني ماكري ورئيس الوزراء الأسترالي تيرنبول (أ.ف.ب)
TT

اجتماعات «العشرين»... دبلوماسية ضبط النفس

في قمة العشرين من اليسار: الرئيس الأميركي ترمب والرئيس الصيني جينبينغ والمستشارة الألمانية ميركل والرئيس الأرجنتيني ماكري ورئيس الوزراء الأسترالي تيرنبول (أ.ف.ب)
في قمة العشرين من اليسار: الرئيس الأميركي ترمب والرئيس الصيني جينبينغ والمستشارة الألمانية ميركل والرئيس الأرجنتيني ماكري ورئيس الوزراء الأسترالي تيرنبول (أ.ف.ب)

تعدّدت العبارات لوصف سياسات قادة دول العشرين في قمة هامبورغ أمس، بين «دبلوماسية أوروبية حذرة» مع موسكو وبكين، و«دبلوماسية البندا» بين الصين وألمانيا، و«دبلوماسية المصافحة» بين دونالد ترمب وأنجيلا ميركل تارة، وبين الرئيس الأميركي ونظيره الروسي تارة أخرى. ولعل الوصف الأدق جاء على لسان وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس عند حديثه عن موقف واشنطن من الأزمة الكورية، بالقول إن «الدبلوماسية لم تفشل، وسياسة ضبط النفس التي انتهجناها جنّبت الحرب».
لا تقتصر أبعاد «دبلوماسية ضبط النفس» على الدول المارقة أو بين القوى النووية في عهد الحرب الباردة، بل شهدنا تجلياتها أمس في لقاءات قادة دول حليفة في قمة مجموعة العشرين، التي تلتئم سنويا منذ عام 1999، وأصبحت هذه القمة التي انعقدت أول مرة في برلين لبحث تداعيات أزمات مالية خانقة، إلى محفل دولي يناقش القضايا المستعصية ويقرب وجهات النظر. وقرر قادة أقوى اقتصادات العالم، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2008، المشاركة في القمة بأنفسهم بدل قصر تمثيلهم على وزراء المالية.
وفي أول يوم اجتماعات أمس، سعى قادة الدول الـ19 والاتحاد الأوروبي إلى تجاوز خلافاتهم المتعددة وتحديد الحد الأدنى لاتفاق يرضي جميع الأطراف. كما عكفت مختلف الدول على دفع العلاقات بين الغرب وروسيا والصين لتحقيق توافق متواضع، دون التنازل عن «مبادئ الغرب» كما وصفها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أو تجاوز الخطوط الحمراء الوطنية التي تهدد في الحالة الألمانية فرص إعادة انتخاب المستشارة أنجيلا ميركل لولاية ثالثة على رأس ألمانيا.
وتحمل هذه القمة الخلافية رهانات بالغة لكل المشاركين. وبالنسبة للرئيس ترمب، فإن التحدي مزدوج؛ حيث يسعى من جهة إلى تحسين علاقاته مع حلفائه الأوروبيين بعد زيارة أولى مخيبة للآمال إلى القارة العجوز، في حين يحاول تعزيز مستويات شعبيته المتدنية في الولايات المتحدة بالحفاظ على قاعدته الانتخابية وتوسيعها عبر عكس صورة السياسي المحنك على الساحة الدولية. وأكد ترمب هذا التوجه في خطابه ببولندا الداعم للدفاع عن «مبادئ الغرب»، وتغريدته أمس التي أكد فيها التزامه بتمثيل بلده «بشكل جيد» والدفاع عن مصالحه».
ويبدو أن قادة الاتّحاد الأوروبي سعوا إلى اختبار مدى التزام الرئيس الأميركي بالعلاقات بين ضفتي الأطلسي؛ إذ انتقد رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر سياساته الحمائية، في حين أشاد رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي دونالد توسك بـ«لهجته الدبلوماسية الجديدة».
وهدد يونكر الرئيس الأميركي بإجراءات مضادة حال إغلاقه السوق الأميركية أمام شركات الصلب الأوروبية. وقال رئيس المفوضية الأوروبية، في إيجاز صحافي حضرته «الشرق الأوسط» أمس «أريد أن أخبرهم بأننا سنتخذ إجراءات مضادة في غضون أيام قليلة. الحمائية طريق غير سليم على الإطلاق».
في المقابل، قال توسك: إن كلمات الرئيس الأميركي الدبلوماسية «فاجأته»، بعد أن شدد على التعاون بين الولايات المتحدة وأوروبا، ولفت إلى حضارتنا وتقليدنا السياسي المشترك. وتابع توسك: «انتظرنا طويلا لسماع هذه الكلمات من الرئيس الأميركي، والسؤال هنا هو ما إذا كانت هذا حدثا وقتيا أو سياسة جديدة». وأضاف أن «أول اختبار سيكون هنا في هامبورغ».
وسعيا منه إلى تبديد مخاوف الحلفاء حيال التزام الولايات المتحدة بحلف شمال الأطلسي، أكد ترمب تأييده البند الخامس من ميثاق الدفاع المتبادل بين جميع الدول الأعضاء في الحلف. وأوضح في هذا السياق، أن بلاده «أظهرت ليس فقط بالكلمات، إنما بالأفعال أنها تقف بقوة وراء المادة الخامسة»، إلا أنه دعا إلى مزيد من الإنفاق الدفاعي على الجبهة الشرقية للأطلسي. وتابع أن «الروابط الأطلسية بين الولايات المتحدة وأوروبا قوية مثلما كانت سابقا، وربما لا تزال أكثر قوة في نواح كثيرة».
وبعيدا عن تطلعات الأوروبيين، فقد كان أبرز اختبار للرئيس الأميركي لقاؤه أمس مع نظيره الروسي. وقبل ساعات من مصافحة بوتين، اتخذ ترمب موقفا صارما من سياسات موسكو «المزعزعة للاستقرار»، وأقر باحتمال تدخل روسيا في الانتخابات الأميركية الأخيرة. وفي خطوة استباقية للقاء الثنائي بين الجانبين، سحب المشرعون الأميركيون في الأيام الماضية قدرة الرئيس ترمب على رفع العقوبات المفروضة على موسكو دون الرجوع إلى الكونغرس.
وفي الدولة المنظمة لقمة العشرين، تجلت ممارسات «دبلوماسية ضبط النفس» في خطاب المستشارة الألمانية بامتياز. ففي تصريحات أدلت بها خلال الأيام الماضية، شددت ميركل على ضرورة تحمل قادة العشرين مسؤوليتهم الدولية واحترام المبادئ المشتركة بما يشمل التجارة الحرة وحماية المناخ، في انتقاد مبطن لسياسات الرئيس الأميركي. لكنها عادت في المقابل لتؤكد على ضرورة التوصل إلى حلول وسط بين دول كبرى في الساحة الدولية، وشجعت على مد الجسور.
وفي خطابها الافتتاحي، طالبت ميركل رؤساء دول العشرين الكبرى بتعزيز التعاون والاستعداد للتوصل لحلول وسط. وأعربت ميركل في كلمتها عن أملها في أن تساهم القمة في حل المشكلات الملحة في العالم، موضحة أنها تعتقد أن المشاركين كافة في القمة يسعون إلى ذلك أيضا، مشيرة إلى أنه ينبغي التعاون بين المشاركين انطلاقا من هذه الروح.
وقالت ميركل: «نعلم أن الوقت يضغط؛ لذلك قد يكون إيجاد الحلول أمر غير ممكن في أغلب الأحيان، إلا عندما نكون مستعدين لقبول حلول الوسط والتقارب من بعضنا بعضا دون الانحناء»، وذلك في إشارة منها إلى مبادئ المشاركين في القمة، مضيفة أنه يمكن أيضا الإفصاح عن الاختلافات. وبدت كلمة ميركل متوازنة بين إنجاح قمة هامبورغ وعدم «الانحناء» والتنازل عن المبادئ.
أما الرئيس الفرنسي الشاب الذي يخطو أولى خطواته في الساحة الدولية، فنجح في رهان التشديد على قيم الاتحاد الأوروبي والتجارة الحرة دون عزل قادة مثل ترمب وبوتين اللذين لا يتمتعان بشعبية كبيرة في مؤسسات بروكسل. واستضاف إيمانويل ماكرون نظيره الروسي في باريس في 29 مايو (أيار) الماضي، بعد أيام قليلة من فوزه بالانتخابات، في حين قبل الرئيس الأميركي دعوة لحضور فعاليات يوم الباستيل في العاصمة الفرنسية الأسبوع المقبل.
وعلى صعيد العلاقات مع الصين، فإن المشهد معقد. ففي الوقت الذي قدمت فيه بكين نفسها بديلا عن الولايات المتحدة وداعما أساسيا لاتفاق باريس للمناخ، تواجه الحكومات الأوروبية ضغوطا لدفع ملفي الديمقراطية وحقوق الإنسان في المحادثات. وزادت هذه الضغوط بعد نقل الكاتب والناشط الحائز جائز نوبل، ليو شياوبو، إلى المستشفى بسبب إصابته بسرطان الكبد في السجن. وكان ليو (61 عاما) قد شارك في كتابة وثيقة موقعة في 2008 من قبل 300 مثقف، تدعو إلى دولة حرة، ديمقراطية ودستورية. كما سجن في السابق لدعم احتجاجات مطالبة بالديمقراطية في 1989 في ميدان تيانانمين في بكين.
بدورها، تعاني العلاقات الأميركية - الصينية توترا كذلك، بعد أن اختبرت بيونغ يانغ صاروخا باليستيا عابرا للقارات. واعتبر ترمب أن جهود الرئيس الصيني سي جينبينغ لم تكن كافية، وانتقد ارتفاع حجم التجارة بين البلدين.



لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
TT

لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)

اتفقت المملكة المتحدة وإيطاليا واليابان، اليوم الجمعة، على إنشاء شركة مشتركة لبناء طائرتها المقاتِلة الأسرع من الصوت، والمتوقع أن تجهز في عام 2035، في إطار برنامج يحمل اسم القتال الجوي العالمي «GCAP».

وأعلنت الشركات المصنّعة الثلاث المسؤولة عن تطوير الطائرة المقاتِلة، الجمعة، في بيان، أنها وقّعت على اتفاقية إنشاء الشركة التي تملك كلٌّ منها ثُلثها. والشركات هي: «بي إيه إي سيستمز (BAE Systems)» البريطانية، و«ليوناردو (Leonardo)» الإيطالية، و«جايك (JAIEC)» اليابانية، التي أنشأتها، على وجه الخصوص، شركة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة.

وأنشئت الشركة المشتركة، التي ستبدأ أنشطتها منتصف عام 2025، في إطار برنامج القتال الجوي العالمي الذي أُعلن في عام 2022 بالشراكة بين لندن وروما وطوكيو. وستحلّ الطائرة الضخمة ذات الذيل المزدوج على شكل حرف V محل طائرات «إف-2» (F-2) اليابانية ومقاتِلات يوروفايتر الإيطالية والبريطانية. ومن المتوقع أن يمتد عمرها الافتراضي إلى ما بعد عام 2070، وفقاً للبيان.

وفي حال احترام الجدول الزمني، الذي وضعه القائمون على المشروع، فإنها ستدخل الخدمة قبل خمس سنوات على الأقل من الطائرة التي يبنيها مشروع نظام القتال الجوي المستقبلي «SCAF» الذي تُنفذه فرنسا وألمانيا وإسبانيا.