مقتل وجرح 26 جندياً بهجوم نفذه «تكفيريون» في رفح المصرية

مسلحون يطلقون النار على ضابط شرطة ويستهدفون مركزاً أمنياً شمال القاهرة

TT

مقتل وجرح 26 جندياً بهجوم نفذه «تكفيريون» في رفح المصرية

كثّف إرهابيون من استهدافهم للجيش والشرطة في مصر وشنّوا سلسلة هجمات أوقعت عدداً كبيراً من الضحايا في صفوف العسكريين، ولا سيما في سيناء التي شهدت أحد أكثر الأيام دموية منذ شهور.
وأعلن الجيش، أمس، إحباطه هجوماً إرهابياً استهدف نقاطاً أمنية جنوب رفح في سيناء. وقال العقيد تامر الرفاعي، المتحدث العسكري باسم الجيش، إن «قوات إنفاذ القانون بشمال سيناء نجحت بإحباط هجوم للعناصر الإرهابية على بعض نقاط التمركز جنوب رفح»، مشيراً إلى «مقتل أكثر من 40 إرهابياً وتدمير 6 سيارات يستخدمها المتطرفون في عملياتهم ضد الجيش». لكنه أضاف أن «إحدى النقاط تعرضت لانفجار عربات مفخخة نتج منه مقتل وإصابة 26 من قوات الجيش».
وقالت الداخلية المصرية: إن ضابطاً في قطاع الأمن الوطني قتل أمس جراء استهدافه بالرصاص بمحافظة القليوبية شمال القاهرة، وذلك بعد ساعات من تعرض تمركز أمني بطريق إقليمي غرب القاهرة لهجوم مسلح أدى إلى إصابة شرطي ومدني بجروح، وفق مصدر أمني.
وأدان مجلس الوزراء المصري «الهجوم الإرهابي الغاشم» الذي استهدف قوات الجيش في سيناء، مشيداً بشجاعة رجال القوات المسلحة في التصدي للمهاجمين. وأكد رئيس الوزراء شريف إسماعيل، على ضرورة «تكاتف جهود دول العالم في مواجهة الإرهاب بما يساهم في وضع حد للدول الداعمة له، ومحاصرة عناصره الإجرامية، وتجفيف منابع تمويله، وتقويض قدرته على تنفيذ مخططاته الخبيثة التي ترفضها الشرائع السماوية وتتنافى مع كل القيم الإنسانية».
وكثّف متشددون هجماتهم على قوات الجيش والشرطة في شمال سيناء وقتلوا مئات من أفرادهما في السنوات الأربع الماضية. ويقول الجيش إنه قتل مئات منهم في حملة تشارك فيها الشرطة.
وفي تفاصيل هجوم سيناء أمس، قالت مصادر أمنية: إن «مجموعة من الإرهابيين حاولوا تفجير مقر كتيبة للصاعقة في منطقة البرث بشمال سيناء»، مضيفة أن «الإرهابيين حاولوا الهجوم على الكتيبة بنحو 12 سيارة دفع رباعي وعشرات الدراجات النارية، وقاموا في البداية بتفجير سيارتين مفخختين في الكمين وحاولوا حصاره»، مشيرة إلى أن الهجوم أسفر أيضاً عن مقتل العقيد أحمد منسي، قائد الكتيبة.
ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم في شكل فوري، لكن المتحدث العسكري باسم القوات المسلحة نشر صوراً لجثث عناصر تكفيرية شاركت في الهجوم على نقاط التمركز جنوب رفح، بشمال سيناء. ويخوض الجيش المصري حرباً قوية ضد جماعات العنف والإرهاب في سيناء. ويقدّر حجم القوات التابعة للجيش المصري في شمال سيناء بنحو 41 كتيبة قوامها 25 ألف فرد تواجه الجماعات الإرهابية الناشطة هناك. ووفق آخر إحصائية مصرية، وصل إلى 92 عدد العمليات الإرهابية خلال الـ3 أشهر الأخيرة من عام 2016 في شبه جزيرة سيناء وحدها.
وينشط بقوة في سيناء تنظيم «أنصار بيت المقدس» الذي بايع أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم داعش الإرهابي في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2014، وأطلق على نفسه «ولاية سيناء»، لكن هذه التسمية رفضتها السلطات المصرية فصار التنظيم يُعرف في الإعلام بـ«داعش سيناء». ومنذ عزل الرئيس محمد مرسي المنتمي إلى جماعة «الإخوان» الإرهابية عن السلطة عام 2013، استهدف «داعش سيناء» العسكريين ورجال الأمن والارتكازات والنقاط الأمنية، وتبنى الكثير من عمليات قتل جنود غالبيتهم في سيناء، إضافة إلى استهداف حافلة سياحية تقل أجانب قرب مدينة طابا، فضلاً عن استهداف الطائرة الروسية فوق سيناء.
وأعلن «داعش» مرات عدة أنه يستهدف إقامة «إمارة» متطرفة في تلك المنطقة، لكن مصادر عسكرية أكدت استحالة ذلك بالنظر إلى موازين القوى على الأرض. وذكرت دراسة صادرة عن مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أن تنظيم «ولاية سيناء» نفذ العدد الأكبر من العمليات الإرهابية خلال الربع الأخير من عام 2016، حيث قام بنحو 89 في المائة من العمليات الإرهابية، مقابل 11 في المائة من العمليات الإرهابية قامت بها تنظيمات عشوائية اقتصر نشاطها على محافظات الوادي والدلتا.
ويفرض الجيش والشرطة المصرية طوقاً أمنياً شديداً على المداخل الغربية لسيناء لمنع دخول الأسلحة والمتفجرات من خلال الأنفاق المتواجدة شرقاً.
وأكدت مصادر عسكرية، أن «رجال الجيش في سيناء ماضون في التصدي للإرهاب الذي يحاول النيل من مؤسسات الدولة وإضعافها»، وشددت على أن «العمليات الإرهابية الجبانة لن تزيدهم إلا إصرارا وعزيمة... إنهم ماضون في طريقهم للثأر لدماء الشهداء».
وجاء الهجوم الإرهابي في سيناء بعد ساعات من استهداف مرتكز أمني بمحور 26 يوليو (تموز) في القاهرة، أسفر عن إصابة اثنين من أفراد الشرطة المصرية. وقال مصدر أمني إن «مسلحين في سيارة (ميكروباص) أطلقوا أعيرة نارية باتجاه القوة وتبادلوا إطلاق النيران وفروا هاربين... ولم تتمكن القوة الأمنية من التقاط أرقام السيارة».
كما قتل ضابط مصري في قطاع الأمن الوطني (أمن الدولة سابقاً) بعد استهدافه من قبل مسلحين اثنين على دراجة نارية أثناء خروجه من صلاة الجمعة أمس في أحد مساجد منطقة الجبل الأصفر بمحافظة القليوبية المتاخمة للعاصمة القاهرة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.