معركة الرقة تستكمل شهرها الأول بتقدم {قسد} في المدينة القديمة

غارات روسية مكثفة ضد «داعش» في ريف حماة

مقاتل من «قوات سوريا الديمقراطية» ينظر إلى مدينة الرقة بعد غارة من طيران التحالف الدولي ضد «داعش» الشهر الماضي (رويترز)
مقاتل من «قوات سوريا الديمقراطية» ينظر إلى مدينة الرقة بعد غارة من طيران التحالف الدولي ضد «داعش» الشهر الماضي (رويترز)
TT

معركة الرقة تستكمل شهرها الأول بتقدم {قسد} في المدينة القديمة

مقاتل من «قوات سوريا الديمقراطية» ينظر إلى مدينة الرقة بعد غارة من طيران التحالف الدولي ضد «داعش» الشهر الماضي (رويترز)
مقاتل من «قوات سوريا الديمقراطية» ينظر إلى مدينة الرقة بعد غارة من طيران التحالف الدولي ضد «داعش» الشهر الماضي (رويترز)

أكملت معركة مدينة الرقة شهرها الأول يوم أمس، وسط استمرار للمعارك على مختلف الجبهات، في حين وصل عدد القتلى المدنيين خلال ثلاثين يوماً جراء غارات التحالف الدولي إلى 224 شخصاً بينهم 38 طفلاً. يأتي ذلك، في وقت شكَّلت فيه فصائل «الجيش الحر» في ريف درعا الغربي، «غرفة عمليات الصف الواحد»، وأطلقت معركة «فتح الفتوح» ضد «جيش خالد بن الوليد»، المبايع لتنظيم داعش في حوض اليرموك، بينما استهدفت طائرات النظام وروسيا بغارات مكثفة مواقع تنظيم داعش في ريف حماه الشرقي.
وأفاد، أمس، المرصد السوري لحقوق الإنسان باستمرار الاشتباكات العنيفة بين قوات عملية «غضب الفرات» من جانب، وعناصر تنظيم داعش من جانب آخر، على محاور في مدينة الرقة وبشكل أساسي في المدينة القديمة حيث تمكّنت «قوات سوريا الديمقراطية» من التقدم في محاور عدة.
ولفت المرصد إلى اشتداد المعارك في حي البريد وعلى محاور أخرى في القسم الغربي لمدينة الرقة، في محاولة من كل طرف تحقيق تقدُّم على حساب الطرف الآخر، مشيراً إلى أن «داعش» يعمد إلى تنفيذ هجمات معاكسة عبر مجموعات من عناصره أو بواسطة سيارات وآليات مفخخة، مستهدفاً مواقع قوات عملية «غضب الفرات» بغية إجبارها على التراجع وإيقاع أكبر عدد ممكن من الخسائر البشرية في صفوف قوات سوريا الديمقراطية.
وقال نوري محمود، الناطق باسم وحدات حماية الشعب الكردية أمس لـ«الشرق الأوسط»: «بانتهاء الشهر الأول من بدء المعركة لا تزال الاشتباكات مستمرة بوتيرة عنيفة، وقد تمكنت (قوات سوريا الديمقراطية) في المعارك التي تخوضها على ثلاث جبهات، من تحقيق تقدم في المدينة القديمة، أمس، ونجحت في تطويق المسجد حيث لا يزال عناصر (داعش) محاصرين داخله في حين تمكنت من التصدي لهجوم (داعش) في المحور الغربي»، وأشار إلى أن المعارك في اليومين الأخيرين أدت إلى مقتل 36 عنصراً من «داعش» و3 من «سوريا الديمقراطية».
وفي درعا، شكَّلت فصائل «الجيش الحر» في الرف الغربي، غرفة عمليات جديدة، أطلقت عليها اسم «غرفة عمليات الصف الواحد»، مطلِقَةً معركة «فتح الفتوح» ضد «جيش خالد بن الوليد»، المبايع لتنظيم داعش في حوض اليرموك.
وذكرت مصادر ميدانية في درعا، لموقع «الدرر الشامية» المعارض أن «الفصائل شنَّت هجوماً بعد تشكيل الغرفة وإطلاق المعركة الجديدة على أكثر من محور ضد (جيش خالد)، لكن دون إحراز أي تقدم»، لافتةً إلى أن حدة الاشتباكات انخفضت خلال الساعات الأخيرة.
مع العلم بأن «جيش خالد» بات يسيطر على معظم بلدات حوض اليرموك، بعد أن كان قد شنَّ هجوماً مباغتاً، في فبراير (شباط) الماضي، انتزع من خلاله تلالاً وبلدات جديدة من المعارضة، أبرزها سحم الجولان وتسيل وتل الجموع.
ويتمركز عناصره في مناطق حوض اليرموك، وقريتي جملة وعابدين الحدوديتين مع الجولان المحتل، إضافة لمنطقة القصير وكويا على الحدود مع الأردن، ويحاصرون من ثلاث جهات بلدة حيط الحدودية مع الأردن في ريف درعا الغربي، الخاضعة لسيطرة فصائل الثوار، وفشل مرات عدة في اقتحامها.
وفي حماة، كثفت الطائرات الحربية الروسية والتابعة للنظام غاراتها على مناطق سيطرة «داعش» في الريف الشرقي، وأشار المرصد إلى تنفيذ هذه الطائرات ما لا يقل عن 90 غارة، طالت قرى عكش وسوحا وصلبا وجروح النعيمية الحانوتة وعرشونة وأبو دالية والقسطل ومسعود، ومناطق أخرى في ناحية عقيربات التي يسيطر عليها التنظيم، ويأتي ذلك ضمن السعي الروسي للسيطرة على هذه المنطقة، والاقتراب من مناطق حقول النفط والغاز، والسيطرة عليها هي الأخرى.
وكانت الطائرات الحربية الروسية والتابعة للنظام، نفذت خلال الفترة الممتدة بين 20 يونيو (حزيران) وحتى 5 من يوليو (تموز) مئات الضربات الجوية في مناطق يسيطر عليها «داعش» في حماة الشرقي في إطار العملية العسكرية التي بدأتها قوات النظام والمسلحون الموالون لها من جنسيات سورية وغير سورية، بدعم روسي، محاوِلَةً التقدم من نقاط شهد 9 وشهد 10 بجنوب الشيخ هلال نحو مناطق سيطرة قوات النظام في حقل شاعر بامتداد داخل مناطق سيطرة التنظيم، بغية استعادة السيطرة على نحو 2500 كلم مربع من محافظتي حماة وحمص، لإنهاء وجود تنظيم داعش في محافظة حماة.
كما أشار المرصد السوري إلى أن القوات الروسية تسعى من خلال هذه العملية للسيطرة على المساحات المتبقية تحت سيطرة تنظيم داعش، التي تحوي حقول نفط وغاز، لافتاً إلى أن هذا التقدم في حال جرى تنفيذه من قبل قوات النظام والمسلحين الموالين لها المدعومة روسياً، فإنه من شأنه تأمين كامل لطريق سلمية - أثريا - خناصر - حلب، الذي يعد الشريان الرئيسي المغذي لمدينة حلب ومناطق سيطرة النظام في المحافظة، كما أنها ستؤمن طريق تدمر - حمص بشكل كامل.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.