أمر توقيف لـ90 % من أعضاء مجلس الأنبار

TT

أمر توقيف لـ90 % من أعضاء مجلس الأنبار

في سابقة هي الأولى من نوعها، أصدرت هيئة النزاهة أوامر توقيف طالت 90 في المائة من أعضاء مجلس الأنبار، إلى جانب أمر توقيف بحق المحافظ صهيب الراوي، على خلفية ملف فساد يتعلق بمنحة مالية سابقة مقدمة من رئاسة الوزراء بقيمة 10 مليارات دينار.
ويبلغ عدد أعضاء المجلس المشمولين بالاتهام 28 من أصل 31 عضواً. وقال مصدر من مجلس محافظة الأنبار لـ«الشرق الأوسط»، إن «بناية مجلس المحافظة بدت خالية تماماً (أمس) من الأعضاء والموظفين، بعد أن حضرت قوة من عناصر سوات (القوات الخاصة) وممثلي هيئة النزاهة، لتنفيذ أوامر القبض»، مشيراً إلى أن القوة المنفذة «بحثت عن المطلوبين في أماكن وجودهم ومنازلهم، لكنها لم تتمكن من إلقاء القبض على أي عضو».
واعتبر رئيس اللجنة الأمنية في مجلس المحافظة نعيم الكعود، وهو أحد الأعضاء غير المدرجين على لائحة المطلوبين، أن مداهمة قوات «سوات» لمبنى مجلس المحافظة «انتهاك لحرمته». ولم تصدر عن هيئة النزاهة إشارة توضّح ملابسات الموضوع، لكن رئيسها حسن الياسري أصدر بياناً حث فيه مؤسسات الدولة على التعاون مع الهيئة في «إيقاع عمليات ضبط كبار الفاسدين بالجرم المشهود، مهما كانت مواقعهم ومناصبهم الرسمية»، مشيراً إلى «عدم وجود خطوط حمر لأي منهم».
لكن رواية عضو مجلس محافظة الأنبار فهد تركي الراشد، غير المطلوب هو الآخر ضمن اللائحة، تشير إلى أن القصة تتعلق أساساً بـ«صراع» بين كتلتين داخل المجلس لإقالة المحافظ. ولم يستبعد أن يكون للأخير دور في «فبركة الموضوع»، رغم ورود اسم المحافظ ضمن قائمة المطلوبين. وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «المحافظ مستفيد من موضوع أمر التوقيف، خصوصاً أن التهمة الحالية لا تؤثر عليه لأنه حصل على إفراج سابق بكفالة قيمتها 25 مليون دينار عراقي».
وعن عملية التنافس الحاد بين كتل مجلس الأنبار المختلفة، يقول الراشد، إن «مجلس الأنبار منقسم إلى كتلتين، كل واحدة تضم مجموعة من الاتجاهات، وهناك صراع كبير بينهما حول إقالة المحافظ صهيب الراوي، لكن الأمر لم يحسم حتى الآن». ويشير إلى أن القضاء «أصدر قبل أيام حكماً بالسجن سنة واحدة مع وقف التنفيذ على المحافظ، خرج بعده بكفالة، وما زال على ذمة ثلاث دعاوى قضائية، وهناك ضغوط من مجلس المحافظة عليه لتقديم استقالته حتى يتجنب الحكم القضائي الجديد ويتفادى القيد الجنائي».
ويعتقد الراشد أن «لا وجود لقضية فساد في الموضوع، وقد تعرضت هيئة النزاهة للتضليل بشأن مبلغ المليارات العشرة، ذلك أن مجلس المحافظة طلب من رئاسة الوزراء منحة بقيمة 10 مليارات لترميم مبنى المحافظة الذي تضرر بفعل الحرب على (داعش) إلى جانب دعم قوات الحشد العشائري وملف النازحين. وشكل المجلس لجاناً لصرف هذه المنحة، وأنفقت استناداً إلى أوامر موثقة ورسمية».
ورأى أن «البعض أوحى لهيئة النزاهة بأن المجلس تصرف في مبالغ الموازنة التشغيلية، وذلك لم يحدث، إنما صار التصرف بمبلغ المنحة المالية المذكورة، ومع ذلك يحق للمجلس وفق القانون مناقلة ومداورة بعض الأموال». وتوقع أن تسوى مسألة أمر التوقيف بعد «مثول الأعضاء المدرجين على لائحة المطلوبين أمام القضاء، والخروج بكفالة ضامنة».
على أن أوساط من محافظة الأنبار لا تستبعد وقوف «عوامل الصراع السياسي المتعلقة بالانتخابات المقبلة والمنافسة على مشروعات الإعمار في المحافظة» وراء أمر التوقيف.
وشهدت محافظة البصرة الجنوبية واقعة مماثلة، طالت رئيس مجلسها صباح البزوني الذي ألقي القبض عليه، أول من أمس، على خلفية قضايا فساد. ويتهم المدافعون عن البزوني المنتمي إلى «ائتلاف دولة القانون» بزعامة نوري المالكي، محافظ البصرة ماجد النصراوي المنتمي إلى «كتلة المواطن» بزعامة عمار الحكيم، بتدبير قضية الفساد ضده.
ويقول رعد البزوني، شقيق رئيس مجلس المحافظة المتهم، إن «ملابسات وظروف الاعتقال بهذه الطريقة تثبت بما لا يقبل الشك، أن الواقعة مدبرة من قبل جهات متضررة من تسجيل صوتي سلمه رئيس مجلس المحافظة قبل يومين، يثبت تورط جهات رفيعة المستوى بملف شراء الطاقة الذي يشوبه كثير من شبهات الفساد وهدر المال العام».
ويعاني العراق منذ عام 2003 من آفة فساد طالت غالبية مفاصل الدولة ومشروعاتها. وتعاقدت حكومة العبادي مع شركات محاسبة وخبراء دوليين للمساهمة في كشف ملفات الفساد والحد منه.



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».