دبلوماسي أميركي يرفض التكهن بقرار ترمب المرتقب بشأن الخرطوم

مباحثات سودانية ـ أوروبية تتناول حقوق الإنسان والحريات السياسية

TT

دبلوماسي أميركي يرفض التكهن بقرار ترمب المرتقب بشأن الخرطوم

ما زالت التكهنات تتضارب بشأن رفع العقوبات الأميركية عن السودان، وما إن كانت الإدارة الأميركية ستنفذ الأمر التنفيذي الذي قضى باتخاذ قرار بشأنها بحلول 12 من الشهر الحالي، سواء برفعها كلياً أو إبقائها، أو تمديد المهلة المشروطة لفترة زمنية أخرى، وهو ما جعل القائم بالأعمال الأميركي في السودان يرفض التكهن بالقرار المزمع، مكتفياً بالإشارة إلى أن الأمر رهين بما تم تحقيقه من قبل السودان على أرض الواقع.
وقال ستيفن كوتسيس في كلمته إلى مدعوين بمناسبة اليوم الوطني للولايات المتحدة، أول من أمس، إن الجميع ينتظرون القرار الذي سيتخذه الرئيس دونالد ترمب بعد أيام، وتابع موضحا: «أنا أعلم أن كل واحد منكم يأمل في معرفة القرار المتوقع، وكل ما يمكنني قوله هو أننا جميعا ننتظر قرار الرئيس ترمب في 12 يوليو (تموز)... لذا يرجى عدم محاولة التنبؤ بالمستقبل أو قراءة الفنجان، لا أعتقد أن هناك أي شخص يريد أن يعيد عقارب الساعة. إن التقدم في علاقاتنا حقيقي ونريد أن يستمر هذا الزخم الإيجابي».
وأوضح كوتسيس أن السودان أظهر شراكة فعالة في حل القضايا الإقليمية، واتخذ خطوات مهمة تجاه السلام.
واشترطت الولايات المتحدة الأميركية التزام السودان بما عرف بخطة (المسارات الخمسة) لتحويل الرفع الجزئي للعقوبات الأميركية الذي اتخذ بأمر تنفيذي أصدره الرئيس السابق باراك أوباما في 12 يناير (كانون الثاني) الماضي إلى رفع كلي في غضون 180 يوماً، وتتضمن التعاون في مجال مكافحة الإرهاب، وحفظ الأمن الإقليمي، والسلام في كل من السودان وجنوب السودان، وإيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين من النزاعات في السودان، إضافة إلى مكافحة «جيش الرب» الأوغندي.
ودعا كوتسيس الخرطوم إلى المحافظة على إمكانية إجراء حوار سياسي شامل، و«فتح أذرعها لوجهات النظر المختلفة، ووقف سجن النشطاء والطلاب، وغيرهم من الذين تتعارض أفكارهم مع الحكومة السودانية».
وطلب كوتسيس من السلطات السودانية ما سماه «التحرك باتجاه مستقبل أكثر تقدماً، بخلق حكومة مؤسسات تحترم حقوق الإنسان وتحقق العدالة وسيادة القانون، وتسمح للجميع بممارسة حرياتهم الدينية من دون مضايقات».
كما رحب الدبلوماسي الأميركي بإعلان الحكومة السودانية تمديد وقف إطلاق النار في جميع مناطق العمليات لإعطاء مزيد من الوقت للجماعات المسلحة للدخول في عملية السلام، متعهداً بأن تسعى حكومته بجميع السبل لتمكين المجموعات الدارفورية المسلحة من العودة الآمنة والمنسقة للانضمام لعملية السلام.
من جهة ثانية، أبدى مسؤول أوروبي رفيع المستوى ترحيبه بوقف إطلاق النار الذي أعلنته الحكومة السودانية، واستعداد السودان لتبادل وجهات النظر بشأن القضايا التي تتعلق به وبالدول المجاورة، وطالب بتحسين أوضاع حقوق الإنسان وإطلاق الحريات السياسية، ومواصلة الحوار الوطني الداخلي مع المعارضين.
وأجرى كوين فيرفايك، مدير إدارة العمل الخارجي الأوروبي في أفريقيا بالاتحاد الأوروبي، جولة مباحثات ثنائية مع مساعد الرئيس السوداني إبراهيم محمود، تناولت الأوضاع الداخلية والإقليمية المحيطة بالسودان، خلال زيارته الثانية أمس للخرطوم منذ تسنمه مهام منصبه، بحث خلالها انشغالات دول الاتحاد بأوضاع السودان والدول المحيطة.
وقال فيرفايك بعد اجتماعه بالمسؤول البارز في القصر الرئاسي بالخرطوم أمس، إن مباحثاته تناولت الأوضاع في دولة جنوب السودان، والآثار المترتبة على أزمة الخليج، والأوضاع في ليبيا، والقضايا المتعلقة بالصراع على موارد نهر النيل، بالإضافة إلى التطورات السياسية الجارية في البلاد التي أعقبت تكوين الحكومة السودانية الجديدة، وأهمية مواصلة الحوار الوطني مع المعارضين، والانتخابات الرئاسية والبرلمانية السودانية المزمع إجراؤها في عام 2020، فضلاً عن بحث تطور الأوضاع في إقليم دارفور المضطرب.
وأشار فيرفايك إلى ما أطلق عليه «تقدماً إيجابياً حدث في السودان»، بيد أنه قال إنه «ما زالت هناك خطوات على السودان سيرها ليجد طريقه إلى السلام الداخلي، وتحقيق الوفاق السياسي».
ووصف المسؤول الغربي القرارات التي اتخذتها الحكومة السودانية بإعلان وقف إطلاق النار من جانب واحد بأنها مهمة، بيد أنه شدد على أهمية مواصلة الحوار الوطني الداخلي، وبذل المزيد من الجهود لتحسين أوضاع حقوق الإنسان، وإطلاق الحريات السياسية.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».