عرقل تنظيم «جبهة النصرة» في جرود عرسال الحدودية مع سوريا في شرق لبنان، مفاوضات تقضي بإعادة اللاجئين السوريين في عرسال الذين يتحدرون من قرى القلمون الغربي، إلى بلداتهم، استكمالاً لمفاوضات سابقة أفضت إلى إعادة نحو مائتي شخص إلى عسال الورد في الشهر الماضي.
وتعثرت المفاوضات التي كان يفترض أن تنقل نحو 500 شخص إلى القلمون من الراغبين بالعودة إلى بلادهم في عيد الفطر الماضي، قبل أن تُستأنف، وتتوقف مجدداً خلال الأسبوع الماضي، إثر «ضغوط مارستها (جبهة النصرة) على اللاجئين»، بحسب ما قال لـ«الشرق الأوسط» مصدر لبناني رفيع مطلع على مسار التفاوض.
وتعد هذه المفاوضات «محدودة»، و«تعمل على خط إعادة النازحين الذين يتحدرون من القلمون السوري والموجودين في بلدة عرسال وجرودها، إلى بلداتهم في القلمون الغربي»، وهي منفصلة عن مشروع الحكومة اللبنانية لعودة النازحين السوريين إلى بلادهم، الذي أثار انقسامات في مجلس الوزراء، أول من أمس، على خلفية الدعوات للتنسيق مع حكومة النظام السوري، والرفض الذي قابلها من قبل أطراف لبنانية ترفض الحوار مع النظام، وإيكال المهمة إلى الأمم المتحدة.
وأوضح المصدر اللبناني نفسه أن هذه المفاوضات التي يتولاها السوري محمد رحمة المعروف باسم «أبو طه»، «تعثرت لأن تنظيم (النصرة) يرفض بالمبدأ فكرة عودة النازحين»، في حين «لم يستقر اللاجئون على موقف موحد للعودة، حيث ينقسمون بين مؤيد ورافض».
ويعد المفاوض أبو طه، همزة الوصل بين النظام السوري و«حزب الله» من جهة، واللاجئين في عرسال من جهة أخرى. ورفض أبو طه وصف المفاوضات بأنها متعثرة، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «ثمة تأخير بالتوصل إلى اتفاق، وأنا متفائل بأن العراقيل سيتم تذليلها، لأن الناس ترغب في العودة إلى بيوتها وأملاكها وبلداتها». وأضاف: «من يعرقل فعلياً هم المسلحون المتشددون في جرود عرسال، أي (النصرة) و(داعش)».
وعن الضمانات الأمنية للاجئين في حال عودتهم، قال أبو طه إن النظام السوري «يتعهد بتقديم التسهيلات والضمانات واستقبال الناس في قراهم لتثبيت المصالحات واستكمالها في المنطقة»، مشدداً على أن اللاجئين الذين يرغبون في العودة طوعاً «سيتم تسهيل عودتهم»، مؤكداً أنه «لا إجبار لأحد على العودة».
ورغم ذلك، فإن لاجئين مدنيين من رافضي العودة إلى القلمون يتخوفون من اعتقال العائدين، أو اقتياد المطلوبين للخدمة العسكرية إلى جبهات القتال. ويقول اللاجئون في عرسال إن الاتفاقات المحلية التي توصل إليها سكان ريف دمشق مع النظام، لم تعفِ الموافقين على التسوية من الالتحاق بجبهات القتال.
وتعمل المفاوضات على إعادة لاجئين يتحدرون من قرى حوش عرب، وعسال الورد، والمعرة، والجبة، ويبرود، إليها. وقالت مصادر ميدانية في شرق لبنان لـ«الشرق الأوسط» إن «حزب الله» الذي يسيطر على مناطق واسعة في القلمون الغربي «قدم تعهدات بمواكبة العائدين» كما حصل في المرة الأولى حين عاد نحو مائتي شخص إلى عسال الورد، وإن هناك طريقين للعبور باتجاه الأراضي السورية؛ الأول يسير من عرسال باتجاه عقبة الجرد وعسال الورد، والثاني يسير من عرسال باتجاه جرد نحلة اللبناني ووادي الرعيان باتجاه قرى القلمون الغربي في سوريا. وكان يخطَّط لتكرار عملية الإجلاء كل شهر، في حال نجحت المفاوضات وتم الاتفاق على إعادة الراغبين بالعودة.
ويلوح «حزب الله» بعملية عسكرية في الجرود وحسم المعركة فيها لصالحه، في حال فشلت المفاوضات لإعادة المدنيين وترحيل المقاتلين غير الراغبين بالعودة إلى الشمال السوري. وفي المقابل، تعمل «النصرة» على اختبار الواقع الميداني وإيفاد رسائل عسكرية قاسية تفيد برفض أي محاولات لإفراغ الجرود من المخيمات.
ومنذ استئناف المفاوضات، نفذت «النصرة» عمليتين على مواقع تابعة «حزب الله» في جرود فليطا السورية المقابلة لبلدة عرسال اللبنانية. وتحدث ناشطون سوريون أمس عن اشتعال المحور قرب فليطا فجأة، حينما شنت «جبهة تحرير الشام» هجوماً مباغتاً على مواقع «حزب الله» في المنطقة، لافتين إلى أن الاشتباكات تخللها قصف مدفعي عنيف. وقال هؤلاء إن «النصرة» استهدفت مواقع الحزب بصواريخ موجهة، في وقت قال فيه الإعلام الحربي التابع للحزب إن قوات النظام السوري ومقاتلي الحزب «استهدفوا بالقذائف المدفعية والصاروخية تحركاً لمجموعة من مسلحي (جبهة النصرة) في جرد فليطا بالقلمون الغربي».
هذا، وأفادت مصادر ميدانية بأن الطيران الحربي النظامي استهدف مواقع في جرود فليطا، إثر الاشتباكات.
«النصرة» تعرقل «مفاوضات محدودة» لإعادة اللاجئين في عرسال
هجمات ضد مواقع «حزب الله» تواكب رفض التنظيم للاتفاقات
«النصرة» تعرقل «مفاوضات محدودة» لإعادة اللاجئين في عرسال
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة