نبيل فهمي لـ «الشرق الأوسط»: مصر تستعيد دورها ونسعى لاجتماع للجوار الليبي

أشار إلى تعاون مع السعودية والإمارات لإبراز الهوية العربية

نبيل فهمي لـ «الشرق الأوسط»: مصر تستعيد دورها ونسعى لاجتماع للجوار الليبي
TT

نبيل فهمي لـ «الشرق الأوسط»: مصر تستعيد دورها ونسعى لاجتماع للجوار الليبي

نبيل فهمي لـ «الشرق الأوسط»: مصر تستعيد دورها ونسعى لاجتماع للجوار الليبي

أشار نبيل فهمي وزير الخارجية المصري إلى حدوث تحول في التفهم الأوروبي للأوضاع المصرية، وقال في حوار أجرته معه «الشرق الأوسط» على هامش زيارته التي اختتمها أمس إلى لندن، إن مباحثاته في بريطانيا مرتبطة بالحالة المصرية وتواصل تنفيذ خارطة الطريق وقرب تحقيق الاستحقاق الثاني لها وهو الانتخابات الرئاسية التي ستجري قبل نهاية الشهر الحالي.

الحوار مع نبيل فهمي الذي تولى عبء الخارجية في فترة صعبة ترافقت مع تنفيذ خارطة طريق جرى الاتفاق عليها بعد الإطاحة بحكم الإخوان إثر مظاهرات 30 يونيو (حزيران) جاء في ختام مباحثات شملت وزير الخارجية البريطاني ومستشار الأمن القومي البريطاني ووزراء آخرين وبرلمانيين وندوة في تشاتم هاوس حول إخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية.

تحدث الوزير عن مباحثاته في لندن التي جاءت بعد عدة جولات أخيرة أفريقية وأميركية والانطباع الذي خرج به من اللقاءات قائلا إن المقصود بما قاله عن أن زيارته ترتبط بالحالة المصرية هو استعادة الدور الإقليمي والدولي بعد ثورتي 2011 و2013 وهذا يتطلب الانتشار سياسيا، و«بريطانيا ضمن دول كثيرة زرتها مع إعطاء الأولوية لأفريقيا والعالم العربي». «هذا التوقيت مهم، كما كانت الزيارة قبل ذلك إلى الولايات المتحدة وغينيا الاستوائية في الأسبوع الماضي لزرع بذور ما هو قادم معنا». وأشار نبيل فهمي إلى أن الحديث مع المسؤولين البريطانيين تناول قضايا إقليمية، بما فيها جنوب مصر، بمعنى التوجه نحو أفريقيا وسوريا وعملية السلام في الشرق الأوسط والملف النووي بصفة عامة في المنطقة، وشمل العلاقات الثنائية مع بريطانيا وما يجري في مجال التعاون الاقتصادي باعتبار بريطانيا ثاني أكبر مستثمر أجنبي في مصر، خارج الإطار العربي.

و«في الوقت نفسه شرحت ما جرى من تطورات مصرية؛ لأن موضوع الحالة المصرية محل اهتمام الكثيرين، ونشرحها بكل ثقة في النفس، ليس من منطلق الدفاع عن حالة إطلاقا، لكن من منطلق أن هناك صحوة شعبية ترجمت في مواقف معينة، وحاليا ننتقل من مرحلة الصحوة إلى مرحلة البناء، فكان من المهم الحضور إلى لندن كما ذهبت إلى دول كثيرة في هذا الإطار».

هل أصبح هناك تفهم لما يجري في مصر غربيا بعد الانتقادات في فترات سابقة؟ قال نبيل فهمي إن رسالته في محادثاته كانت أن مصر عاقدة العزم على المضي في بناء الدولة المصرية العربية الحديثة المتحضرة التي تشكل نموذجا يحتذى به في القرن الحادي والعشرين، وهذا المشروع المصري سيترجم إلى إجراءات معينة ويأخذ مداه التطبيقي. ويؤكد أنه لمس اهتماما كبيرا بنجاح خارطة الطريق، كما شعر هنا بنظرة إلى المستقبل أكثر من العودة إلى الماضي وبتقدير أكبر لحقيقة الوضع في مصر وما تتعرض له مصر من إرهاب وعنف، وهم من جانبهم «أثاروا بعض الملاحظات فيما يتعلق بأحداث معينة، وقرارات ترتبط أساسا بمجال حقوق الإنسان والحريات، وأحكام قضائية، ومثل هذا، وقد أوضحت حقيقة هذه الأوضاع بكل وضوح دون التعليق على مضمون حكم معين أو قضية معينة».

وعن الانتقادات الأخيرة خارجيا لأحكام الإعدام الصادرة بحق عدد من متهمي الإخوان، خاصة أن الغرب لديه أصلا رفض لمبدأ عقوبة الإعدام، وكيف تستطيع الدبلوماسية المصرية التعامل مع ذلك في الخارج؟ قال نبيل فهمي: «أولا لا أستطيع التعليق على مضمون حكم طالما أن الأحكام ما زالت في مراحل قضائية مختلفة، لأنه وارد جدا أن الحكم، يصدر وإلى حين ظهور أسبابه يكون هناك تصور معين، وفي مراحل الاستئناف يجري تغييره وهكذا، لذا لم أتعرض ولا تتعرض سفاراتنا في الخارج إلى مضمون أي حكم يصدر، وإنما نشرح العملية القضائية من ناحية آلياتها ومراحلها المختلفة، ولكن نتيجة لموقف أوروبا من عقوبة الإعدام يكون هناك رد فعل في بعض الأحيان وتساؤلات، كما قلت في سؤالك فإنه في أوروبا هناك رفض لمبدأ الإعدام كعقوبة من الأصل، ليس من دورنا الآن أن نبرر هذا أو ذاك، إنما شرحنا معنى قرار بتحويل ملفات إلى فضيلة المفتي الذي أعطى رأيه ثم عادت إلى الدائرة بأحكام مختلفة عن الذي صدر فلم يصدر حكم بإعدام 521 شخصا كما صور الأمر، وحتى ممن صدر ضدهم حكم كانت الغالبية العظمى أحكاما غيابية، إذ الحكم لا ينفذ إلا مع إعادة محاكمتهم، لكن الصورة الأولية قبل الشرح تترك انطباعا سلبيا، وما علينا إلا توضيح الموضوع بقدر الإمكان وحسب المعلومات المتاحة».

حول ملف الإخوان والدراسة التي أمر رئيس الوزراء البريطاني بإجرائها حول وجودهم في بريطانيا وما جرى التطرق إليه هذا الملف في المباحثات، قال نبيل فهمي إن الموضوع نوقش لكن في إطار الوضع السياسي في المنطقة، وفي مصر، وليس من زاوية تبادل المعلومات، وشرح في الحوار أن هناك جهات مصرية كثيرة تتعامل مع قضية الإرهاب، أما الخارجية المصرية فهي تتعامل معها من الزاوية السياسية وليس من الزاوية الأمنية، وهناك اتصالات مباشرة بين الأجهزة الأمنية المصرية والأوروبية والعالمية بما فيها بريطانيا، وتبادل المعلومات يجري من خلالها وليس من خلال الخارجية، ما نقوم نحن به هو شرح الإطار السياسي لأي تحرك لمواجهة تحد معين أو لمكافحة خطر معين.

بالنسبة للموقف في العواصم الأوروبية والغربية عموما تجاه ملف الإخوان والمطالبات التي تصدر باستيعابهم مع رفض في الشارع لذلك، أعرب وزير الخارجية المصري عن اعتقاده أن هناك تحولا في مواقف الكثير من الدول الغربية من ما كان في بداية الأمر من عدم الاعتراف بأن الإخوان يلجأون إلى العنف، ناهيك عن أنهم لا يفسرون هذا العنف على أنه إرهاب.

الآن في رأيه أصبح الموضوع أن هناك إقرارا عاما بأن الإخوان يلجأون إلى العنف، لكن الجدل هو حول ما هو الحل؟ فلم تعد المسألة هل هناك عنف من جانب الإخوان أم لا؟ أما مسألة استيعاب الإخوان فهي قضية تتجاوز الحكومة إلى المجتمع المصري، فلا بد في رأي الوزير أن يوافق المجتمع على مثل هذه الخطوة، ولكي يحدث ذلك، وهو أمر بالغ الصعوبة نتيجة ما شاهدناه من تدمير وضحايا وقتل، يجب أن تكون هناك مصالحة بين الإخوان والشعب أولا، وحتى تكون هناك مصالحة لا بد أن نشهد تحولا جذريا بالقول والفعل في آيديولوجية الإخوان ومواقفها وممارستها، فالإرادة الشعبية هي التي ستحكم وتحاسب أي حكومة وأي رئيس قادم، وسيكون لها الفيصل، إذا تغير الإخوان واحترموا الدستور والتزموا بالسلمية على المستوى الفردي وفقا للدستور فلهم حقوق معينة في مصر، أما كحركة ومنظمة وفكر فهذه قصة أخرى تحتاج إلى معالجة أوسع وأكبر وأعتقد أنها غير متاحة على المدى القصير.

فيما يتعلق بالتحديات التي تواجهها الدبلوماسية المصرية في ظل موقف فيه الكثير من التحديات الداخلية ومطالبات في بعض الأحيان من الرأي العام باتخاذ مواقف أكثر قوة تجاه أحداث معينة قال نبيل فهمي إنه يعتقد أن مصر في موقف متنام، وهي اتخذت مواقف قوية موضوعية ودون إيعاز من أحد، على سبيل المثال تحركنا تجاه روسيا والصين لم يكن رد فعل على شيء بقدر ما هو رؤية مصرية، مثل التركيز على أفريقيا والعالم العربي في الخليج والمشرق والجزائر والمغرب.

وشرح فهمي في الحوار: «نحن نحترم الرأي العام ولا يمكن أن ننعزل عنه، إنما مسؤوليتنا أمام الرأي العام هي تحقيق مصالحه وليس مجرد الاستجابة لعواطفه، وهذه علاقة جديدة ما بعد الصحوة التي رأيناها، وقد اتخذنا مواقف كثيرة أقوى بكثير جدا من أي مرحلة ثانية رغم الظرف المصيري». وأضاف: «من دون شك مع استقرار الأوضاع داخل مصر مع بدء النشاط الاقتصادي، ومع التفاف الرأي العام حول رئيس جديد وحكومة جديدة ستستطيع مصر أن تكون أكثر فعالية، بمعنى أننا أثبتنا حتى في هذا الظرف أننا أصحاب قرار وأصحاب تحرك وأصحاب رؤية، لكن حتى تكون أكثر فعالية لا بد أن تكون لدي أدوات التأثير وأولها أن لا أتعرض إلى ضغوط من أطراف أخرى بسبب حاجتي في هذا أو ذاك. ومع وجود ظرف وصحوة شعبية الرأي العام يثار ويستثار من أي حدث يحدث، وفي ليبيا تعرض بعض المواطنين المصريين لأحداث مؤسفة، وقمنا بكل ما هو ممكن في اتصالاتنا مع السلطات الليبية وهم أنفسهم ذكروا أن قدرتهم على السيطرة محدودة وكانت السلطات الليبية راغبة في التعاون لكنها غير قادرة على التنفيذ، ليس هناك غير ذلك يمكن أن تفعله، وحذرنا المواطنين المصريين بالنسبة إلى السفر. وإجمالا فإن هناك تناميا في الدور المصري وعودته إلى ما كان عليه بمعدلات أسرع من استقرار الأوضاع في مصر، لكن الاستقرار بدأ وهو مقبل، وأتوقع أن التحرك الخارجي سيدعم الاستقرار، والاستقرار بدوره سيدعم التحرك الخارجي».

وأشار إلى دور الحكومة الحالية والسابقة في مرحلة انتقالية مهمة بمعنى الانتقال إلى مرحلة البناء وليس بمعنى عدم الإنجاز، قائلا: «ولذلك حددت ثلاث مهام في ثالث يوم لي في الوزارة الأولى أولا حماية الثورة سياسيا ومن ناحية توفير الدعم الاقتصادي وغير ذلك، تحملنا العبء نظرا لأن الظرف الوطني كان يريدنا أن نتحمل العبء، الشق الثاني كان إعادة مركزة نقطة انطلاق السياسة الخارجية المصرية إلى وضعها الطبيعي حتى نتمكن من القيام بدورنا الطبيعي، وهو إعطاء الأولوية للعرب وأفريقيا، ثم ضمان تعدد الخيارات أمام الحكومة المصرية والمواطن المصري على المستوى السياسي، وليس الانعزال عن العالم وليس الابتعاد عن أصدقاء، ولكن إضافة أصدقاء، وهو ما فعلناه مع روسيا والصين، وهكذا، والمحور الثالث إعداد المؤسسة والخارجية المصرية لما هو مقبل بعد انتهاء خارطة الطريق، وجرت إعادة هيكلة المؤسسة من الداخل والتركيز على قضايا جديدة ووضع رؤية وتصور للشرق الأوسط حتى عام 2030».

حول مشروع السد في إثيوبيا وما إذا كان هناك تغير في اللهجة المصرية فيما يتعلق بمشروع السد في إثيوبيا، قال فهمي لا يوجد تغير في اللهجة الرسمية، هي لم تختلف، ركزنا على ثلاثة موضوعات، هي أولا لا يوجد حل دون إرضاء الأطراف الثلاثة الرئيسة: مصر وإثيوبيا والسودان، إذن هو حل توافقي.

ثانيا نحن نريد تعاونا فيما بيننا وليس الصدام، وذلك من خلال مفاوضات جادة.

وثالثا, لا يوجد وسيلة للحل إلا من خلال التفاوض، نظرا لأهمية الموضوع وخطورته فمصر تأخذ تسعين في المائة من استهلاكها للمياه من النيل، وأكد أنه لا يوجد تهاون ولن يوجد تهاون في التعامل مع هذا الملف، قناعتنا كانت وما زالت دائما تؤكد على ما يسمى المكسب للجميع، وأن الهدف هو التفاوض والابتعاد عن الصدام وأن الغرض تفاوض جاد. ولا توجد رفاهية التهاون في هذا الملف.

كما أكد أن الموقف الرسمي مبني على مواقف مدروسة تؤكد أنه يمكن أن نصل إلى حل من دون توافق من الجميع وهناك تفهم لحاجة إثيوبيا لبناء سد، والتحفظ هو حول خصوصيات السد وحجمه، وبعض الجوانب الهندسية ثم أسلوب إدارة المياه نتيجة احتمال تأثيره مبنية على استفسارات طرحت من قبل اللجنة الفنية الدولية في الدراسات الأولية، ونأمل تفاوضا جادا من منطلق إيجابي لمصلحة مشتركة وليس تغليب مصلحة طرف على آخر.

لكن عن العلاقات مع الولايات المتحدة واستئناف المساعدات قال فهمي هي بالفعل استؤنفت لكن لا يزال نصف المبلغ معلقا، ونحن من حيث المبدأ نرفض المشروطية وسنظل في نقاش وهم أصحاب القرار، لكن أعتقد مع استكمال خارطة الطريق واستقرار الأمور ستتحرك هذه المساعدات، وأشار إلى أن اختيار السفير الأميركي إشارة إيجابية لكنه لا يحمله أكثر من حجمه، ومن الناحية السياسية فإن إنجاز إجراءات ترشيح السفير سيكون مفيدا لأميركا ومفيدا لمصر لأنه يعطي وزنا أكبر للتراسل بين السفارة والإدارة في واشنطن.

على سؤال عن شكل العلاقة بين مصر والولايات المتحدة بعد استكمال خارطة الطريق، وما إذا كانت ستختلف عما كان قائما في السابق رد الوزير بسرعة قائلا: «من دون شك تختلف لأن مصر ذاتها تغيرت وأصبحت دولة الرأي العام والشعب يريد فيها أن يبدي رأيه ويشارك في اتخاذ القرار مع المسؤولين فالمسؤول عليه ألا ينعزل عن الرأي العام وألا ينجرف وراء عواطف الرأي العام». وتابع قائلا: «وكما فإن مصر ستضمن دائما تعدد خياراتها حتى تضمن أفضل فرصة، لأن الاعتماد أكثر من اللازم على طرف ينتهي في النهاية على حسابك». لكنه أكد أيضا أن هذا ليس نقدا للولايات المتحدة فهذا ينطبق على أي طرف أيا كانت الدولة. فالعلاقة مع واشنطن ستشهد المزيد من الاحترام المتبادل، ولن تشهد ابتعادا، على العكس أنا أجد أن الاحترام المتبادل سيحسن العلاقة وسيكون عليهم أن يتابعوا ويدققوا في المناخ السياسي والداخلي في مصر كما كان علينا ولا يزال أن نتابع تأثير الكونغرس والانتخابات وهكذا.

حول الموقف المصري من الملف السوري قال الوزير بكل صراحة هو ملف مأساوي ومتعثر، مأساوي من حيث ما يتعرض له الشعب السوري، والموقف المصري يتلخص في أنه من واقع تجربة ثورتين خلال ثلاث سنوات فنحن نؤيد المعارضة السورية المشروعة ولا خلاف أو تردد في ذلك، إنما قناعتنا أيضا أن حماية سوريا من هذا الظرف المأساوي شيء مهم جدا، بمعنى لا بد أن نحافظ على سوريا ككيان متكامل مع بعضه، ولا بد أن نحافظ على المؤسسات السورية، نحن لا نتدخل، لا نؤيد ما يسمى النظام السوري أو شخصية معينة، هذه ليست قضيتنا، على النظام السياسي أن يحترم شعبه ويستجيب إلى تطلعات شعبه ويعامل شعبه معاملة حسنة، ما يهمنا نحن هو الحفاظ على سوريا، الحفاظ على إمكانية إدارة الملف السوري من خلال السوريين، لم نكن مؤيدين لضرب سوريا عسكريا لقناعتنا أن هذا ليس حلا، ولخشيتنا أن ينتهي ذلك إلى تقسيم سوريا أو تغليب تيار متطرف في الساحة السورية، إذن نحن مع المعارضة المشروعة إنما نحتاط من تقسيم سوريا على أساس طائفي، نحن نحمل الحكومة السورية مسؤولية أفعالها بكل ما شهدناه من تجاوزات ضد مواطنيها إنما لا نريد تدمير سوريا كرد فعل لأخطاء الحكومة السورية.

حول الملف الليبي الذي أصبح صداعا أمنيا لمصر قال الوزير: «دعونا إلى اجتماع لدول الجوار لمناقشة مشاكل مرتبطة بتهريب السلاح عبر الحدود مع الدول المجاورة، وهذا سيجري قريبا، هناك استجابة من دول الجوار جميعا وما زلنا في حوار مع الجانب الليبي نأمل أن يعقد خلال الصيف، هناك أيضا جهد لبلورة موقف عربي سياسي تجاه ليبيا والجامعة العربية تدرس حاليا هذا الموضوع».

بالنسبة للعلاقات المصرية الخليجية خاصة مع السعودية والإمارات قال فهمي: «الحقيقة ما أستغربه هو استغراب البعض لمدى قوة هذه العلاقات مع السعودية والإمارات، فالعلاقات ممتدة منذ أكثر من 40 سنة وزيادة ودائما في مراحل حاسمة كانت هناك وقفات قوية من الدولتين ومن مصر مع بعضهم وهو شيء نقدره وممتنون له». وأشار إلى مواقف الملك فيصل والشيخ زايد، وأكد أن التعاون استراتيجية مشتركة، وهو تعاون قوي سيستمر ليس فقط لمواجهة تيار معين، وإنما لإعادة إبراز الهوية العربية الوطنية في الساحة الشرق أوسطية.



«اتفاق غزة»: الوسطاء يبحثون عن حل لتعثر «المرحلة الثانية»

فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

«اتفاق غزة»: الوسطاء يبحثون عن حل لتعثر «المرحلة الثانية»

فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)

تتواصل جهود الوسطاء للدفع نحو المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة المبرم قبل نحو شهرين، وسط حديث إسرائيل عن أن هناك تعثراً وشروطاً إسرائيلية للانتقال لتلك المرحلة.

تلك الجهود التي تشمل تحركات واتصالات أميركية ومصرية بخلاف اجتماع عسكري بالدوحة، تعزز فرص التوصل إلى حل لإنهاء تعثر المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، بحسب ما يرى خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، معتقدين أن هناك ترقباً للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب، برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لحسم الانتقال من عدمه.

وعاد الحراك الأميركي بشأن غزة مكثفاً، وأطلع ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، مبعوثا ترمب، وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، الاثنين، على المستجدات بشأن اتفاق غزة خلال مؤتمر عبر الفيديو، وفق ما نقلته وكالة «رويترز».

فلسطيني يجمع قوالب الخرسانة الخفيفة لبناء مأوى لعائلته قبل حلول فصل الشتاء في مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن توم برّاك مبعوث ترمب يصل إلى إسرائيل، الاثنين، لبحث بدء المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، مؤكدة أن «الزيارة بالغة الحساسية، وتقيّم مدى استعداد إسرائيل للتقدم نحو المرحلة الثانية، وتعكس نفاد صبر الرئيس ترمب إزاء تعثر الانتقال إلى المرحلة التالية من خطته لقطاع غزة، وستناقش قوات الاستقرار بغزة».

وأوضحت أن «برّاك يرى أن تركيا يجب أن تكون جزءاً من قوة الاستقرار، بفضل قدراتها العسكرية ونفوذها في غزة، ولكن إسرائيل تعدّ ذلك خطاً أحمر، إذ ترى أن أي طرف يحتفظ بعلاقات مع (حماس) لا يمكن أن يُصنف قوةَ استقرار، وإشراكه (في القوة الدولية) قد يقوض الاتفاق».

ورأت الهيئة زيارة برّاك، رغم أنه مهتم أكثر بشؤون سوريا ولبنان، «خطوة تحضيرية مباشرة للقاء المرتقب بين نتنياهو وترمب بفلوريدا في 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي»، في ظل انشغال ويتكوف وكوشنر بملف أوكرانيا.

وتأتي تلك الزيارة عشية استضافة الدوحة اجتماعاً للقيادة المركزية الأميركية، بمشاركة 25 دولة، الثلاثاء، لبحث هيكل القيادة وقضايا أخرى متعلقة بقوة الاستقرار في غزة، بحسب ما ذكره مسؤولان أميركيان لـ«رويترز» قبل أيام.

وسبق أن تحدثت القناة «14» الإسرائيلية أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الولايات المتحدة حددت منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، موعداً لبدء انتشار «قوة الاستقرار الدولية» في غزة، ونهاية أبريل (نيسان) المقبل موعداً نهائياً لإتمام عملية نزع السلاح من القطاع، مشيرة إلى أن ذلك طموح منفصل عن الواقع، في إشارة إلى إمكانية تأجيله مجدداً.

ويرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي، أن المساعي الأميركية تعكس وجود ضغوط لتسهيل التفاوض بشأن المرحلة الثانية، التي تبدو معقدة للغاية مع مساعي نزع سلاح القطاع وتشكيل قوات الاستقرار ولجنة إدارة القطاع، مشيراً إلى أن «تلك الملفات لم تحسم بعد، وليست هناك ملامح بشأن إنجازها قريباً والأمور ضبابية».

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، بأنه «أياً كانت المساعي فيجب أولاً وقف التماهي بين إسرائيل والولايات المتحدة، وأن تضغط واشنطن بقوة على نتنياهو، غير ذلك ستذهب التحركات الأميركية بلا نتائج مؤثرة، خصوصاً أن هناك حديثاً عن توجه للقفز للبند 17 من اتفاق غزة الذي يسمح ببدء تحركات فردية إسرائيلية في أماكن سيطرتها وإعمارها، وهذا أمر خطير».

ووسط تلك المساعي الأميركية، والمخاوف، أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال اتصال هاتفي، الاثنين، مع نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أهمية ضمان استدامة وقف إطلاق النار، وتنفيذ استحقاقات المرحلة الثانية من خطة ترمب، وأهمية نشر قوة الاستقرار الدولية المؤقتة لمراقبة وقف إطلاق النار، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية.

ونقلت هيئة البث الإسرائيلية، الاثنين، عن مصدر أمني، أن تنفيذ المرحلة الثانية «غير وشيك»، مع استمرار مساعي إسرائيل لاستعادة جثة الرهينة ران غويلي، التي تعد آخر جثة تطالب باستعادتها من قطاع غزة، فيما أفاد موقع «والا» العبري بأن تل أبيب تربط التقدم في الاتفاق باستعادة الجثة.

ويرى السفير هريدي أن إسرائيل تتعمد إفساد التوجه للمرحلة الثانية بتلك الذرائع، مشيراً إلى أن «القاهرة تعمل على إنهاء تلك الذرائع وتوسيع دائرة التحركات، لدفع واشنطن نحو إجبار نتنياهو على تنفيذ الاتفاق، وهذا سيتضح أكثر خلال لقاء القمة مع ترمب أواخر الشهر».

وشدد الرقب على أن «محددات المرحلة الثانية 3 أمور رئيسية؛ هي وصول قوات الاستقرار، وتشكيل لجنة إدارة القطاع، ووجود جهاز شرطي فلسطيني لتسلم غزة، وجميع ذلك لم يحدث، وبالتالي سيتأخر الانتقال لتلك المرحلة، ما لم يحسم ترمب الأمر مع نتنياهو خلال القمة المرتقبة».


الحد الأدنى للأجور يفجر تراشقاّ كلامياً بين ملياردير وبرلماني في مصر

مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)
مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)
TT

الحد الأدنى للأجور يفجر تراشقاّ كلامياً بين ملياردير وبرلماني في مصر

مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)
مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)

تفجّرت مشادة كلامية بين رجل الأعمال المصري البارز نجيب ساويرس، وعضو مجلس النواب مصطفى بكري، حول قيمة الحد الأدنى للأجور في البلاد.

وبدأت المهاوشة على خلفية دعوة ساويرس لرفع الحد الأدنى للأجور إلى 15 ألف جنيه شهرياً (الدولار يساوي نحو 47.48 جنيه)، إلا أن الرد من بكري جاء لاذعاً، متهماً رجل الأعمال بـ«البطولة الوهمية»، مطالباً إياه بأن يبدأ بنفسه بتطبيق الحد الأدنى في شركاته قبل أن يطالب الدولة.

رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس (صفحته الرسمية)

كان نجيب ساويرس قال قبل أيام، خلال كلمته في مؤتمر توظيفي، إن مؤسسة «ساويرس للتنمية الاجتماعية» تواصل جهودها في دعم وتأهيل الشباب لسوق العمل، بما يسهم في رفع دخولهم من مستويات متدنية قد لا تتجاوز ألفي جنيه إلى نحو 14 و15 ألف جنيه، وهو ما اعتبره «الحد الأدنى الضروري للمعيشة وضمان حياة كريمة للمواطن في ظل التضخم الحالي».

وقرر «المجلس القومي للأجور» في فبراير (شباط) الماضي زيادة الحد الأدنى من 6 آلاف جنيه لتصل إلى 7 آلاف جنيه بدأ تطبيقها في مارس (آذار) الماضي.

وتأتي دعوة رجل الأعمال المصري وسط مطالبات مجتمعية وبرلمانية متزايدة برفع مستويات الدخل في ظل ارتفاع أسعار السلع الأساسية والخدمات وتكاليف المعيشة، ومع تذبذب مؤشرات التضخم.

وأصدر البنك المركزي المصري، الأربعاء الماضي، بالتنسيق مع الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بيان التضخم عن نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، الذي أظهر استمرار التراجع الطفيف في وتيرة ارتفاع الأسعار؛ حيث بلغ معدل التضخم السنوي في الحضر 12.3 في المائة مقارنة مع 12.5 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول) السابق عليه.

ورغم أن مطلب ساويرس لاقى دعماً شعبياً واسعاً، وهو ما اتفق عليه أيضاً البرلماني والإعلامي مصطفى بكري، فإنه أضاف في تغريدة له على حسابه بمنصة «إكس»، موجهاً حديثه لرجل الأعمال: «ما رأيك أن تبدأ أنت بالمبادرة وترفع رواتب الموظفين عندك»، واتهم ساويرس بأن رواتب الأغلبية لديه «لا تتعدى 5760 جنيهاً شهرياً، وهناك من هو أقل من ذلك».

وأثارت هذه المهاوشة الافتراضية تفاعلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث انقسمت الآراء بين من يرى أن ساويرس يسلط الضوء على قضية فعلية تتعلق بضعف الأجور، ومن يعتبر أن بكري محق في مطالبته لرجل الأعمال بأن يكون قدوة في مؤسساته الخاصة قبل أن يطالب الدولة بالتغيير.

وأيد كثير من نشطاء التواصل الاجتماعي أن يكون الحد الأدنى للأجر 15 ألف جنيه، وتمنوا أن يصل صوت ساويرس إلى المسؤولين في مصر.

كما تفاعل عدد من الإعلاميين مع ما نادى به رجل الأعمال، وقال الإعلامي عمرو أديب، خلال برنامجه «الحكاية»، مساء الأحد، «إن مصر تحتاج إلى وزارة للرحمة، وأن المجتمع المصري لن ينجو بالاقتصاد ولكن سينجو بالرحمة».

وأشار إلى أنه طالب بهذا الرقم قبل سنوات ما عرضه للانتقاد وقتها، موضحاً «أن الحد الأدنى الحالي للأجور البالغ 7 آلاف لا يطبق في أغلب الشركات».

بدوره، قال الإعلامي محمد علي خير، في برنامجه «المصري أفندي»، إن ملف الأجور في مصر أصبح أحد أخطر ملفات العدالة الاجتماعية، مشدداً على أن الدخول الحالية لم تعد قادرة على تلبية الحد الأدنى من متطلبات المعيشة، خصوصاً للشباب المقبل على الزواج.

وأضاف: «الحديث عن أجور 4000 و5000 و6000 و7000 جنيه لم يعد مقبولاً في ظل الغلاء الحالي وتراجع القدرة الشرائية»، مؤكداً أن الأجور في مصر تحتاج إلى تغيير جذري وليس حلولاً شكليةً.

كما تبادل العديد من النشطاء الرؤى حول الحد الأدنى المناسب للراتب، لضمان حياة كريمة للملايين من العاملين.

وتطور الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص المصري منذ إقراره لأول مرة في يناير (كانون الثاني) 2022، حيث بدأ بـ2400 جنيه، ثم ارتفع إلى 2700 جنيه في يناير 2023، و3000 جنيه في يوليو (تموز) 2023، ثم 3500 جنيه في يناير 2024، و6000 جنيه في مايو (حزيران) 2024، ليصل إلى 7000 جنيه اعتباراً من مارس 2025.

في المقابل، انتقد بعض المدونين كلمات بكري المنتقدة لمطلب رجل الأعمال البارز، مطالبين إياه بمساندة ساويرس في كلامه بدلاً من السخرية منه. كما طالبه آخرون، كونه إعلامياً بارزاً وصوتاً للمواطن في البرلمان، بفتح النقاش عن الحد الأدنى للرواتب والمعاشات.

بينما سخر طرف ثالث من المهاوشة الافتراضية، لافتين إلى أن طرفيها رجلان يملكان الملايين، ويتنازعان حول أجور ومستحقات البسطاء، في حين أن المحصلة النهائية ستكون غياب أي نتيجة إيجابية من الطرفين.


أزمة تمويل تهدد معيشة اليمنيين خلال العام المقبل

فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)
فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)
TT

أزمة تمويل تهدد معيشة اليمنيين خلال العام المقبل

فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)
فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)

على الرغم من أن التدخلات التنموية في اليمن تمكّنت من إحداث فارق ملموس في تحسين سبل العيش، تزداد تحذيرات وكالات الأمم المتحدة من اتساع فجوة تمويل الأعمال الإنسانية في اليمن، مع سعيها إلى الاستجابة الطارئة لحماية الأطفال والفئات الأكثر هشاشة من الوصول إلى مستويات شديدة من نقص الاحتياجات.

نفاد الإمدادات

وأعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) عن حاجتها إلى 126.25 مليون دولار، لتنفيذ خطتها الإنسانية في البلاد للعام المقبل، وضمان استمرار خدمات الصحة والتغذية والمياه والتعليم والحماية لملايين الأطفال الذين يعتمد غالبيتهم على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة، محذرة من أن استمرار التدهور قد يحرم أعداداً متزايدة من الرعاية الأساسية.

وتراجعت حاجة «اليونيسف» إلى تمويل نشاطها في اليمن للعام المقبل بنسبة 40 في المائة عن العام الحالي، الذي طلبت فيه تمويلاً بمبلغ 212 مليون دولار.

ونبهت المنظمة الأممية إلى أن إغلاق أكثر من 3000 مركز تغذية، ونفاد الإمدادات الحيوية بحلول أوائل العام المقبل، يجعلان حياة مئات الآلاف من الأطفال عرضة للخطر.

ملايين الأطفال اليمنيين يواجهون خطر سوء التغذية ونقص الخدمات الصحية (الأمم المتحدة)

بدورها، أطلقت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) نداء تمويلياً بقيمة 86.57 مليون دولار، لدعم سُبل العيش الزراعية وتعزيز القدرة على الصمود لنحو 9.15 مليون شخص في اليمن خلال العام نفسه.

تدخلات زراعية

تقدّر «فاو» أن اليمن يُعد ثالث أكبر أزمة غذاء في العالم، حيث يواجه أكثر من نصف السكان مستويات حرجة من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بينهم نحو 41 ألف شخص معرضون لخطر المجاعة، بعد عقد من بدء النزاع المسلح، والتطورات الأخيرة التي عطّلت سلاسل التوريد، إلى جانب الانهيار الاقتصادي والتغيرات المناخية القاسية.

ويتوقع المنسق العام للجنة اليمنية العليا للإغاثة، جمال بلفقيه، أن نقل مكتب منسق الشؤون الإنسانية إلى العاصمة المؤقتة عدن سيساعد بشكل كبير على تنفيذ خطط الاستجابة الإنسانية وتغيير مسار العمل الإنساني وبيان أثرها، داعياً إلى الشراكة بين المنظمات الدولية والقطاع الخاص في اليمن، لتوفير السلع الأساسية والشراء من السوق المحلية.

فجوة تمويل الإغاثة في اليمن تهدد بتراجع كبير في القدرة الشرائية للسكان وفق خبراء (أ.ف.ب)

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط» يبدي المسؤول الإغاثي الحكومي قلقه من أن اختطاف الجماعة الحوثية العاملين في الوكالات الأممية، وممارسة الابتزاز باستخدام الورقة الإنسانية سيعوقان أداء المنظمات ويؤثران سلباً على الدعم الخارجي، مبدياً تفاؤله بأن تؤدي الإجراءات الاقتصادية الحكومية إلى تحسين أسعار المواد الأساسية، مما يساعد في تحسين القوة الشرائية.

وتوضح الوكالة الأممية أن 17.68 من التمويل سيُوجّه إلى صالح تدخلات زراعية طارئة لتحقيق تعافي سُبل المعيشة، ويشمل ذلك توزيع البذور، وتطعيم الماشية، وإعادة تأهيل البنى التحتية الزراعية والمائية، في مساعٍ للحد من اعتماد السكان الكامل على المساعدات الغذائية، فيما سيُستخدم المبلغ المتبقي لتعزيز القدرة على الصمود للفئات المستهدفة.

وبسبب مواجهة برنامج الغذاء العالمي عجزاً كبيراً في تمويله، تم تقليص المستفيدين من خدماته إلى النصف، وهو ما سيؤدي إلى انخفاض القدرة الشرائية وسحب ما بين 200 و300 مليون دولار سنوياً من الأسواق المحلية، حسبما أورده المستشار الاقتصادي في مكتب الرئاسة اليمنية، فارس النجار.

تعزيز صمود الريف

وبينما يحتاج البرنامج الأممي إلى أكثر من 300 مليون دولار للستة الأشهر المقبلة، لم يحصل سوى على 106 ملايين دولار فقط.

طفل يتلقى العلاج من سوء التغذية في أحد مستشفيات صنعاء (الأمم المتحدة)

ويقدّر النجار أن سوء التغذية سيؤدي إلى خسارة مستقبلية في إنتاجية الفرد ما بين 10 و15 في المائة، مما يعني اقتصاداً أصغر وناتجاً أقل لعقد كامل إذا لم تجرِ حماية الفئات الأضعف، لافتاً إلى أن عدم تمويل خطة الاستجابة الإنسانية سيضع اليمنيين أقرب من أي وقت مضى أمام سيناريوهات المجاعة.

في غضون ذلك، كشف الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد) عن أن التدخلات التنموية متوسطة المدى يمكن أن تُحدث فرقاً ملموساً حتى في ظل استمرار النزاع، وأن هذه التدخلات عززت من تحسين سبل العيش والأمن الغذائي لعشرات الآلاف من السكان في المناطق الريفية في اليمن، رغم استمرار النزاع وانهيار البنية التحتية والخدمات الأساسية.

جاء ذلك بعد أن أظهر مشروع تنمية سبل العيش الريفية، المنفذ بين عامَي 2021 و2024، أن تحسين الوصول إلى المياه وتحديث أنظمة الري أسهما في خفض استهلاك المياه بنسبة وصلت إلى 80 في المائة، إلى جانب زيادة الإنتاج الزراعي، وتحسين دخل آلاف الأسر في خمس محافظات يمنية.

تنمية سبل العيش الريفية تُسهم في تحسين الإنتاج الزراعي وتحسين دخل آلاف الأسر (إيفاد)

وذكر «إيفاد»، في تقرير حديث، أن إجمالي تمويل المشروع وصل إلى 5.3 مليون دولار، وشمل 5 محافظات و31 مديرية، واستفاد منه أكثر من 84 ألف شخص في نحو 12 ألف أسرة ريفية. وركزت التدخلات على تحسين الوصول إلى المياه، وإعادة تأهيل أنظمة الري، وحماية الأراضي الزراعية من الفيضانات، بالإضافة إلى دعم المزارعين بمدخلات زراعية وتدريب تقني.

ونوه «إيفاد» إلى أن اعتماد نهج التعاقد المجتمعي، بالشراكة مع صندوق التنمية الاجتماعية ومنظمة الأغذية والزراعة (فاو)، مكّن المجتمعات المحلية من قيادة عملية التخطيط والتنفيذ، مما عزّز الحوكمة المحلية والتماسك الاجتماعي في بيئات تعاني هشاشة مؤسسية شديدة.

وبيّن التقرير أن تحديث البنية التحتية المائية أسهم في خفض استهلاك مياه الري بنسبة تتراوح بين 70 و80 في المائة، وتحسين إنتاجية المزارعين، إلى جانب حماية 131 هكتاراً من الأراضي الزراعية. كما استفاد أكثر من 3300 مزارع من المدارس الحقلية والأعمال الزراعية، فيما تلقت 4000 امرأة ورجل تدريبات في مجالات التغذية والزراعة المنزلية.