استياء من «العنصرية الموجهة سياسياً» ضد السوريين في تركيا

الحكومة برّأتهم من ارتفاع معدلات الجريمة بعد تزايد التحريض ضدهم

طفلة في مخيم للاجئين السوريين في تركيا - اللاجئون السوريون في تركيا باتوا عرضة للتحريضات
طفلة في مخيم للاجئين السوريين في تركيا - اللاجئون السوريون في تركيا باتوا عرضة للتحريضات
TT

استياء من «العنصرية الموجهة سياسياً» ضد السوريين في تركيا

طفلة في مخيم للاجئين السوريين في تركيا - اللاجئون السوريون في تركيا باتوا عرضة للتحريضات
طفلة في مخيم للاجئين السوريين في تركيا - اللاجئون السوريون في تركيا باتوا عرضة للتحريضات

قوبل هاشتاغ انتشر في تركيا بسرعة كبيرة في الأيام القليلة الماضية بعنوان «أيها السوريون عودوا إلى بلادكم» باستياء رسمي وشعبي واسع، بعد أن حاول البعض تصوير السوريين الذين فروا إلى تركيا من نيران الحرب في بلادهم، والذين أكدت الإحصاءات الرسمية أنهم أعطوا الاقتصاد التركي قوة دفع كبيرة من خلال الإنفاق والأنشطة التي يقومون بها، على أنهم سبب في ارتفاع معدل الجريمة في البلاد عبر التهويل الكبير في وقائع صغيرة، لكن يجري تضخيمها كون المتورطين فيها غير أتراك.
وعلى الرغم من البعد الاجتماعي الذي يعد الأساس في بعض المناطق التي يقيم بها السوريون، وليس في جميع المناطق، يبقى هناك بعد سياسي للموقف من السوريين، تقول الحكومة التركية إنه نابع من محاولات البعض استغلال الأمر داخليا بالقول: إن الجنود الأتراك يرسلون للموت في سوريا، بينما الشباب السوريون «يتسكعون» مع فتياتنا في ميدان تقسيم أو يتنزهون في الحدائق وعلى الشواطئ.
وبدا في الأسابيع الأخيرة أن هناك نوعا من التعبئة ضد السوريين وأعمال تحريض واستفزاز تطورت إلى اشتباكات معهم من جانب مواطنين أتراك، آخرها مشادات وقعت في منطقة يني محلة، أحد أحياء العاصمة أنقرة، يوم الأحد الماضي أسفرت عن إصابة شخص وتحطيم عدد من المحال التجارية لسوريين وتركمان عراقيين يقيمون في المنطقة.
وفي غضون ذلك انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي هاشتاغ «أيها السوريون عودا إلى بلادكم» الذي أحدث جدلا كبيرا وانقساما في المجتمع التركي بين مؤيد ورافض، وأطلق مجموعة من الأتراك الرافضين لهذا المطلب هاشتاغ آخر هو «السوريون إخوتنا»، وصف المتفاعلون معه المطالبة بطرد السوريين بأنه عنصرية بغيضة وغير إنسانية.
وإزاء تصاعد التحريضات على السوريين، أبدت الحكومة التركية انزعاجها من هذه التصرفات، ودافعت عن السوريين باعتبارهم ضيوفا على تركيا، ودعا نائب رئيس الوزراء، ويسي كايناك، في تصريحات أمس، إلى التسامح قائلا إننا «نرى ردات فعل اجتماعية ضد السوريين، لو كانت هناك منطقة آمنة لهم في بلادهم لعادوا إليها». وأضاف أن «الحجة القائلة إن جنودنا يذهبون للموت في سوريا والسوريون ينعمون بالحياة هنا هي مقولة صحيحة، لكنها غير كافية، فالناس الذين في سن يتراوح بين 20 و45 سنة، يمكنهم أن يذهبوا للقتال لكنهم يحتاجون إلى تعليم وتدريب، وهذه ليست مسؤولية تركيا وحدها، فتركيا تتصرف بمفردها بدافع إنساني. هناك مليون و200 ألف امرأة سورية بلا عائل في تركيا، وليس من الممكن لتركيا أن تتخلى عنهم».
وتعليقا على الحوادث والتوترات التي شهدتها بعض المناطق في تركيا أخيرا، بين بعض الأتراك وبعض السوريين، قالت وزارة الداخلية التركية في بيان أمس، إن هناك محاولات لخلق سياسة توتر مع الأخوة السوريين في بلادنا وإيجاد حالة من السخط والغضب المبالغ فيهما، وثمة من يشوّه الأحداث ويبالغ فيها، لدفع الناس إلى التفاعل السلبي، وذلك يتعارض تماما مع أخلاقنا وقيم حسن الضيافة.
وأشار البيان إلى أن نسبة تورط السوريين الذين وصل عددهم إلى 3 ملايين سوري، 300 ألف منهم فقط في مخيمات اللاجئين والباقي في المدن، بالمشاكل والجرائم في تركيا لا تتجاوز 1.3 في المائة بين عامي 2014 و2017، وهي نسبة ضئيلة جداً مقارنة بعدد الجرائم التي تسجل في تركيا؛ علاوة على أنها في غالبيتها نزاعات وخلافات بين بعضهم البعض.
وحسب إحصاءات وزارة الداخلية التركية، وعلى الرغم من ازدياد أعداد السوريين المقيمين في تركيا، تراجعت الجرائم التي تورط فيها سوريون بنسبة 5 في المائة خلال الأشهر الستة الماضية، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وسجلت في الآونة الأخيرة بعض التوترات بين مواطنين أتراك وسوريين تسببت بسلسلة من المشاحنات انعكس صداها في مواقع التواصل الاجتماعي، وأدت إلى صدور ردود أفعال من بعض فئات الشعب التركي.
ويؤخذ على بعض السوريين، حسب ما يتداول عبر هذه المواقع، عدم مراعاتهم أو احترامهم عادات الأتراك وتقاليدهم التي هي عادات وتقاليد شرقية إسلامية في مجملها.
في المقابل، تجمع غالبية السوريين، على شجب هذه التصرفات والتنديد بها، ولا سيما أنها ليست من أخلاق السوريين أصلاً، معربين عن أسفهم لإساءة البعض من عديمي المسؤولية إلى السوريين بأكملهم وإفساد سمعتهم.
ويقول بعض المطالبين برحيل السوريين: إن التركيبة السكانية في مدن كيليس وغازي عنتاب وكهرمان مراش، تغيرت بعد وصول السوريين إلى تركيا، داعين إلى طردهم إلى داخل الحدود السورية.
ومن بين ما جاء من تعليقات على الهاشتاغ الداعي لمغادرة السوريين أن هناك تزايدا في التحرش والسرقة واللافتات العربية والمحال التجارية غير المرخصة واليد العاملة الرخيصة.
ويعمل غالبية السوريين في ورش ومصانع تركية تدفع لهم أقل بكثير مما يتقاضاه العمال الأتراك؛ نظرا لقلة الأعمال التي تناسب اللاجئين السوريين، ولا سيما الذين لا يجيدون اللغة التركية.
في المقابل، رد الأتراك الرافضون للنزعة العنصرية ضد السوريين بقولهم إن «تركيا هي وطنهم، وسنحميهم من الاضطهاد».
في المقابل، أطلق مجموعة من المواطنين الأتراك هاشتاغ بعنوان «اللاجئون السوريون إخوتنا» ردا على دعوات إعادتهم إلى بلدهم شارك فيه صحافيون وناشطون أتراك، أكدوا أن السوريين هم ضيوف تركيا، ويجب مناصرتهم والوقوف إلى جانبهم في ظل ما يعانونه من ظلم منذ ست سنوات.
شركة الكهرباء التركية من جانبها علقت على الهاشتاغ بالقول إن «السوريين هم الوحيدون الذين يدفعون الفواتير في الوقت المناسب».
وفيما يتعلق بالمحال التجارية وأماكن العمل الخاصة بالسوريين التي تحمل لافتات باللغة العربية، أصدرت بلديات كل من مدن هطاي ومرسين وأضنة (جنوب تركيا) قرارات بإزالة جميع لافتات محلات اللاجئين السوريين التجارية المكتوبة باللغة العربية، معتبرة أنها تشوه المنظر العام في الشوارع، وعلى الرغم من أن مدينة إسطنبول التي تعد واجهة تركيا يقطنها نحو نصف مليون سوري وتنتشر فيها اللافتات باللغة العربية بشكل كبير إلا أن البلدية لم تصدر قرارا بإزالة هذه اللافتات.
وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قد انتقد أخيرا، تسمية بعض المحلات التجارية والمقاهي التركية بأسماء أجنبية باللغة الإنجيليزية أو غيرها من اللغات غير التركية، مطالبا بالابتعاد عن هذا الأمر، لكنه لم يتطرق إلى السوريين واللافتات العربية.
وتوسعت تركيا منذ نزوح السوريين إليها بأعداد كبيرة باستخدام اللغة العربية في الهيئات والمصالح التي يتعامل معها العرب خصوصا، مثل إدارة شؤون الهجرة وخدمات الشرطة والإسعاف والمستشفيات والمراكز الطبية، فضلا عن إدراج اللغة العربية بصفتها إحدى المواد الدراسية بالمدارس الابتدائية اعتبارا من العام الماضي.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».