جون ـ هو بونغ لـ «الشرق الأوسط»: فيلم الخيال العلمي كان نبوءة والآن صار واقعاً

المخرج جون- هو بونغ
المخرج جون- هو بونغ
TT

جون ـ هو بونغ لـ «الشرق الأوسط»: فيلم الخيال العلمي كان نبوءة والآن صار واقعاً

المخرج جون- هو بونغ
المخرج جون- هو بونغ

* «أوكجا» هو فيلم عن حيوان كبير لكن بعض النقاد وصف الحيوان بـ«الوحش»، والفيلم بأنه من نوع أفلام الوحوش. هل توافق على ذلك؟
- لا. ليس تماماً. لقد أخرجت (سنة 2006) فيلماً في كوريا يمكن وصفه بفيلم وحوش.
* تقصد «المضيف» (The Host)؟
- نعم. ذلك الفيلم يلائم التسمية أكثر من «أوكجا» لأنه فيلم رعب وفيه بعض الخيال - العلمي، لكن «أوكجا» فيلم فانتازي مع رسالة واقعية حول العالم الذي نعيش فيه اليوم.
* كلاهما، إذا ما كنت أتذكر «المضيف» جيداً حمل رسالة اجتماعية. هل هذه حال أفلامك عموماً؟
- نعم. أميل إلى هذا الاعتقاد بصورة عامّة. كل فيلم لا يريد أن يكون مجرد ترفيه عابر عليه أن ينص على رسالة ما. لا فرق في حجم هذه الرسالة. قد تكون في مشهد ما، لكن الفرق يجب أن يكون في كيفية تقديمها من دون موعظة. هذا هو «الميتافور» الصحيح في نظري.
* التعليق الذي يرد في هذا الفيلم، أو رسالته بالأحرى، تخص حياتنا كمستهلكين للحم الأحمر. هل تتناوله أنت؟
- أنا ممتنع عنه منذ عدة سنوات. هناك مفهوم غير أخلاقي في عملية التواصل بين البشر والحيوان يستخدم فيها البشر قدرتهم على الإفناء ويتهمون الحيوانات عادة بالتوحش. هذا يتضح في الفيلم لكنه ليس محوره ولا أقصد به أن يكون. أعتقد أننا كشعوب نستهلك أكثر مما يجب من لحوم الماشية. طبعاً هذا يعود إلى وجود هذا الكم الهائل من البشر في عالمنا لكن الأمور أفلتت من منهجها المدروس إلى حيث يستخدم العلم المواد الكيماوية والجينات المنشطة لزيادة النسل أو للإسراع في نمو الماشية ولست الخبير الذي يمكن سؤاله التفاصيل. أعلم فقط، ويعلم كثيرون، أن منهج تربية المواشي انتقل من المزارع الصحية المفتوحة إلى المختبرات وهذا وحده شيء مخيف.
* هذا يشمل الدواجن أيضاً... اللحم الأبيض.
- صحيح، لكنك تستطيع أن تربي الدواجن كما تريد في مزرعتك، وتستغني عن شراء الدجاج الذي تمّت تربيته في مزارع متخصصة. لكن ما يهم هو أن كثيراً من آكلي اللحوم الحمراء، أو البيضاء إذا أردت، لديهم حيوانات أليفة يحنون عليها ويهتمون بها. الحيوانات الأخرى لا تجد شيئاً من هذه الرعاية.
* فيلمك هذا يبعث على التفكير بأن الفانتازيا والخيال العلمي باتا نوعين يعكسان الواقع. في السابق كانا منفصلين عنه.
- في السابق كان فيلم الخيال العلمي هو نبوءة وتحذير. يكتفي بذلك. اليوم لم يعد قادراً على التنبؤ أو التحذير، لأن ما تنبأ به وما حذر منه وقع، هو اليوم واقع. نعيش في عالم اليوم قدراً كبيراً من المشكلات السياسية والاجتماعية ما يجعلنا في صميم ما كانت أفلام جيدة في هذا النوع حذرت منه. هل تذكر مثلاً فيلم «1984»؟
* ما رأيك في الضجة التي أثارها الفيلم حين تم عرضه في «كان»؟
- كما لا بد تعلم بدأت الضجة قبل عرضه في «كان» (يضحك). الحقيقة هي أنني لا أوافق على أن الفيلم المنتج بعناصر سينمائية لا حق له في أن يعرض في المهرجانات وعلى الشاشات الكبيرة حتى وإن كانت الجهة المنتجة لن توزعه على تلك الشاشات. ما دام الفيلم مصنوعاً من العناصر الفنية والتقنية ذاتها للفيلم السينمائي المتوجه أساساً إلى صالات السينما فإنه من غير المعقول الحكم عليه بأنه فيلم «بيتي»، كما قيل.
* بات من المقدور عرض الفيلم على أجهزة الهاتف؟
- ليس فقط أفلام كإنتاجات شركة «نتفلكس»... أي فيلم سينمائي يمكن اليوم الحصول عليه ومشاهدته على أجهزة الهاتف، لكني ضد ذلك تماماً.
* «أوكجا»، كما «سنوبيرس» و«المضيف» من قبل، مصوّر وفي البال الفيلم ذو اللقطات والمشاهد الشاسعة. ربما هذا ما لم يكن منتظراً من شركة ستعرض الفيلم للبيوت مثل «نتفلكس».
- هذا القرار الذي تم الوصول إليه عندما تباحثنا. كانت لدي النية أساساً تحقيق فيلم كبير في إنتاجه وفي الطريقة التي يجسد فيها فكرته وعناصره الإنتاجية على الشاشة.
* إذن كان لديك كلمة أولى على المشروع أو قدرة على التصرف به كما تشاء؟
- إلى حد كبير. هذه مسؤولية كل مخرج حيال ما يريد تحقيقه. لا يهم (في ذلك) أن يكون فيلماً كبيراً أو صغيراً، لكن بما أن هذا الفيلم تطلب ميزانية كبيرة فإنه من الأجدى أن ينجز المخرج عمله متضمناً رؤيته الخاصة. بالنسبة لي، لن أصنع فيلماً لا دور لي فيه سوى التنفيذ حتى ولو كان كبيراً.
* هل حاول الإنتاج التدخل في عملك على نحو ما في أي مرحلة من مراحله؟
- كان التفاهم سائداً بيننا منذ البداية. الفيلم هو رؤية المخرج ويعبر عنها وليس رؤية المنتج. لقد كنت قادراً منذ البداية تحقيق ما عزمت على تحقيقه حتى حين دخلت غرفة التوليف. لم يواجهني أي ضغط من أي فريق.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».