قلادة كتبت عليها كلمات أغنية لأم كلثوم - أقراط وسوار وخاتم من الذهب والفضة يظهر فيها شكل الأفعى جذابا - سوار عريض تستكين فيه أفعى بين الورود والسنابل - سوار عريض من مجموعتها الأخيرة
لندن:«الشرق الأوسط»
TT
لندن:«الشرق الأوسط»
TT
أمينة غالي تخاطب بنات جيلها بلغة الطبيعة
قلادة كتبت عليها كلمات أغنية لأم كلثوم - أقراط وسوار وخاتم من الذهب والفضة يظهر فيها شكل الأفعى جذابا - سوار عريض تستكين فيه أفعى بين الورود والسنابل - سوار عريض من مجموعتها الأخيرة
«الأفاعي ليست جديدة في عالم المجوهرات، ولا ملكا لدار بعينها؛ بل هي قديمة عرفها الفراعنة والإغريق والرومان منذ قديم الزمان». هكذا بدأت أمينة غالي حديثها وهي تستعرض مجموعتها الأخيرة التي تشكل الطبيعة والكائنات الحية، بما فيها الأفاعي، موضوعات مثيرة فيها. كانت بأشكال قوية، تتلوى حينا على قرط أذن ثلاثي الأبعاد، أو تنام بسكينة بين الأزهار على قلادة أو وسط سوار عريض. كان رد فعل أمينة مفاجئا وهي تشرح أن هذا التصميم ليس ملكا لدار «بولغاري» التي كانت أكثر من استفاد منه وروج له عالميا. صحيح أن الدار الإيطالية تُبدع في كل موسم مجموعات كثيرة تلعب فيها الأفاعي أدوار البطولة؛ سواء في مجوهراتها أو حقائب يدها وباقي إكسسواراتها، إلا أن هناك دور مجوهرات كثيرة أخرى تعشق التواءاتها وأشكال حراشفها. ولا تخفي أمينة أن ما ساعد على ترسيخ اسم «بولغاري» مالكا لهذا الشكل، نجمات عالميات من عيار الراحلة إليزابيث تايلور. فهذه الأخيرة مثلا ظهرت بساعة «سيربانتي» التي يتلوى سوارها على المعصم وكأنه أفعى ناعمة الملمس رغم حراشفها الواضحة في فيلم «كليوباترا»، عدا قطع أخرى ظهرت بها في عدة مناسبات. بالنسبة لأمينة غالي، فإن هذا الشكل ملك تاريخي عام عرفته مصر منذ أيام الفراعنة وبرعت فيه دار «عزة فهمي» في كل الأحوال، وهو ما تؤكده مجموعتها الأخيرة لعام 2017. تضيف أن المجموعة امتداد لما تم طرحه من قبل «لكن الجديد هنا أنها تتضمن ترجمات جديدة لجوانب لم يتم التطرق إليها من قبل فيما يخص الطبيعة، وعلى رأسها الأفعى؛ سواء كانت رمزا للخصوبة، أو الحكمة، أو تعويذة من الحسد... وغيرها». وتتابع: «أعيدت صياغة الأفعى مثلا لتبدو أكثر رقة ونعومة. فهي لحد الآن لا تزال ترمز في كثير من الثقافات إما للقوة والجمال، أو الخوف والتبجيل، أو فقط للخير والشر». هذه التناقضات والدلالات المتضاربة أثارت خيال أمينة غالي وحفزتها على أن تنقشها على الفضة والذهب ناعمة ومستكينة في أشكال أبعد ما تكون عن التخويف أو الشر، مستفيدة من ورشات والدتها المصممة عزة فهمي وما توفره من خبرات وحرفيين مهرة. أمينة غالي لمن لا يعرفها هي ابنة مصممة المجوهرات عزة فهمي التي قدمت لنا أجمل التصاميم المستوحاة من الثقافة العربية. فهي، كما تقول أمينة، تعشق الشعر والتاريخ. كان بإمكان أمينة أن تمتهن أي عمل آخر، لكن تصميم المجوهرات كان عشقها وحلمها، وإعجابها بوالدتها كان دافعا قويا لها لكي تُبدع وتفرض نفسها بأسلوبها. لكن من دون أن تتسرع. قررت أن تدرس فن التصميم على أصوله، فتوجهت إلى جامعة برمنغهام ببريطانيا لتتخصص فيه. وبالفعل حصلت على شهادة البكالوريوس في تصميم الحلي وشُغل الفضة. فتحت لها والدتها أبواب ورشاتها ومنحتها الفرصة للإبداع. كان شرطها ألا تحاول أن تكون نُسخة منها بقدر ما أن تكون امتدادا لها. فهي تفهم لغة بنات جيلها وطموحاتهن أكثر، لهذا شجعتها على ضرورة التعبير عن أسلوبها بحرية. وكانت النتيجة أن البنت احترمت إرث والدتها، وفي كل موسم تبني عليه بطريقتها ولغة بنات جيلها. فبينما تُتحفنا والدتها ولا تزال بالأشعار العربية وكلمات الأغاني التي تمس شغاف القلوب مع إدخال تطويرات جديدة حتى لا تقع في مطب التكرار، تستعمل الابنة الطبيعة وأشكالها لكي تصوغها في أساور وعقود عملية ومرنة يمكن للمرأة استعمالها بسهولة في مناسباتها اليومية أو الخاصة.
الأقمشة تبرز لاعباً أساسياً في أزياء المساء والسهرة هذا الموسمhttps://aawsat.com/%D9%8A%D9%88%D9%85%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%82/%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%B6%D8%A9/5094507-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%82%D9%85%D8%B4%D8%A9-%D8%AA%D8%A8%D8%B1%D8%B2-%D9%84%D8%A7%D8%B9%D8%A8%D8%A7%D9%8B-%D8%A3%D8%B3%D8%A7%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D9%8B-%D9%81%D9%8A-%D8%A3%D8%B2%D9%8A%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%A1-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%87%D8%B1%D8%A9-%D9%87%D8%B0%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%B3%D9%85
الأقمشة تبرز لاعباً أساسياً في أزياء المساء والسهرة هذا الموسم
الممثلة الأميركية أوبري بلازا في جاكيت توكسيدو وقبعة من المخمل تتدلى منها ستارة من التول (دولتشي أند غابانا)
في عالم الموضة هناك حقائق ثابتة، واحدة منها أن حلول عام جديد يتطلب أزياء تعكس الأمنيات والآمال وتحتضن الجديد، وهذا يعني التخلص من أي شيء قديم لم يعد له مكان في حياتك أو في خزانتك، واستبدال كل ما يعكس الرغبة في التغيير به، وترقب ما هو آتٍ بإيجابية وتفاؤل.
جولة سريعة في أسواق الموضة والمحال الكبيرة تؤكد أن المسألة ليست تجارية فحسب. هي أيضاً متنفس لامرأة تأمل أن تطوي صفحة عام لم يكن على هواها.
بالنسبة للبعض الآخر، فإن هذه المناسبة فرصتهن للتخفف من بعض القيود وتبني أسلوب مختلف عما تعودن عليه. المتحفظة التي تخاف من لفت الانتباه –مثلاً- يمكن أن تُدخِل بعض الترتر وأحجار الكريستال أو الألوان المتوهجة على أزيائها أو إكسسواراتها، بينما تستكشف الجريئة جانبها الهادئ، حتى تخلق توازناً يشمل مظهرها الخارجي وحياتها في الوقت ذاته.
كل شيء جائز ومقبول. المهم بالنسبة لخبراء الموضة أن تختار قطعاً تتعدى المناسبة نفسها. ففي وقت يعاني فيه كثير من الناس من وطأة الغلاء المعيشي، فإن الأزياء التي تميل إلى الجرأة والحداثة اللافتة لا تدوم لأكثر من موسم. إن لم تُصب بالملل، يصعب تكرارها إلا إذا كانت صاحبتها تتقن فنون التنسيق. من هذا المنظور، يُفضَّل الاستثمار في تصاميم عصرية من دون مبالغات، حتى يبقى ثمنها فيها.
المصممون وبيوت الأزياء يبدأون بمغازلتها بكل البهارات المغرية، منذ بداية شهر أكتوبر (تشرين الأول) تقريباً، تمهيداً لشهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول). فهم يعرفون أن قابليتها للتسوق تزيد في هذا التوقيت. ما يشفع لهم في سخائهم المبالغ فيه أحياناً، من ناحية الإغراق في كل ما يبرُق، أن اقتراحاتهم متنوعة وكثيرة، تتباين بين الفساتين المنسدلة أو الهندسية وبين القطع المنفصلة التي يمكن تنسيقها حسب الذوق الخاص، بما فيها التايورات المفصلة بسترات مستوحاة من التوكسيدو أو كنزات صوفية مطرزة.
بالنسبة للألوان، فإن الأسود يبقى سيد الألوان مهما تغيرت المواسم والفصول، يليه الأحمر العنابي، أحد أهم الألوان هذا الموسم، إضافة إلى ألوان المعادن، مثل الذهبي أو الفضي.
ضمن هذه الخلطة المثيرة من الألوان والتصاميم، تبرز الأقمشة عنصراً أساسياً. فكما الفصول والمناسبات تتغير، كذلك الأقمشة التي تتباين بين الصوف والجلد اللذين دخلا مناسبات السهرة والمساء، بعد أن خضعا لتقنيات متطورة جعلتهما بملمس الحرير وخفته، وبين أقمشة أخرى أكثر التصاقاً بالأفراح والاحتفالات المسائية تاريخياً، مثل التول والموسلين والحرير والمخمل والبروكار. التول والمخمل تحديداً يُسجِّلان في المواسم الأخيرة حضوراً لافتاً، سواء استُعمل كل واحد منهما وحده، أو مُزجا بعضهما ببعض. الفكرة هنا هي اللعب على السميك والشفاف، وإن أتقن المصممون فنون التمويه على شفافية التول، باستعماله في كشاكش كثيرة، أو كأرضية يطرزون عليها وروداً وفراشات.
التول:
لا يختلف اثنان على أنه من الأقمشة التي تصرخ بالأنوثة، والأكثر ارتباطاً بالأفراح والليالي الملاح. ظل طويلاً لصيقاً بفساتين الزفاف والطرحات وبأزياء راقصات الباليه، إلا أنه الآن يرتبط بكل ما هو رومانسي وأثيري.
شهد هذا القماش قوته في عروض الأزياء في عام 2018، على يد مصممين من أمثال: إيلي صعب، وجيامباتيستا فالي، وسيمون روشا، وهلم جرا، من أسماء بيوت الأزياء الكبيرة. لكن قبل هذا التاريخ، اكتسب التول شعبية لا يستهان بها في القرنين التاسع عشر والعشرين، لعدد من الأسباب مهَّدت اختراقه عالم الموضة المعاصرة، على رأسها ظهور النجمة الراحلة غرايس كيلي بفستان بتنورة مستديرة من التول، في فيلم «النافذة الخلفية» الصادر في عام 1954، شد الانتباه ونال الإعجاب. طبقاته المتعددة موَّهت على شفافيته وأخفت الكثير، وفي الوقت ذاته سلَّطت الضوء على نعومته وأنوثته.
منذ ذلك الحين تفتحت عيون صناع الموضة عليه أكثر، لتزيد بعد صدور السلسلة التلفزيونية الناجحة «سيكس أند ذي سيتي» بعد ظهور «كاري برادشو»، الشخصية التي أدتها الممثلة سارة جيسيكا باركر، بتنورة بكشاكش وهي تتجول بها في شوارع نيويورك في عز النهار. كان هذا هو أول خروج مهم لها من المناسبات المسائية المهمة. كانت إطلالة مثيرة وأيقونية شجعت المصممين على إدخاله في تصاميمهم بجرأة أكبر. حتى المصمم جيامباتيستا فالي الذي يمكن وصفه بملك التول، أدخله في أزياء النهار في تشكيلته من خط الـ«هوت كوتور» لعام 2015.
ما حققه من نجاح جعل بقية المصممين يحذون حذوه، بمن فيهم ماريا غراتزيا تشيوري، مصممة دار «ديور» التي ما إن دخلت الدار بوصفها أول مصممة من الجنس اللطيف في عام 2016، حتى بدأت تنثره يميناً وشمالاً. تارة في فساتين طويلة، وتارة في تنورات شفافة. استعملته بسخاء وهي ترفع شعار النسوية وليس الأنوثة. كان هدفها استقطاب جيل الشابات. منحتهن اقتراحات مبتكرة عن كيفية تنسيقه مع قطع «سبور» ونجحت فعلاً في استقطابهن.
المخمل
كما خرج التول من عباءة الأعراس والمناسبات الكبيرة، كذلك المخمل خرج عن طوع الطبقات المخملية إلى شوارع الموضة وزبائن من كل الفئات.
منذ فترة وهو يغازل الموضة العصرية. في العام الماضي، اقترحه كثير من المصممين في قطع خطفت الأضواء من أقمشة أخرى. بملمسه الناعم وانسداله وألوانه الغنية، أصبح خير رفيق للمرأة في الأوقات التي تحتاج فيها إلى الدفء والأناقة. فهو حتى الآن أفضل ما يناسب الأمسيات الشتوية في أوروبا وأميركا، وحالياً يناسب حتى منطقة الشرق الأوسط، لما اكتسبه من مرونة وخفة. أما من الناحية الجمالية، فهو يخلق تماوجاً وانعكاسات ضوئية رائعة مع كل حركة أو خطوة.
تشرح الدكتورة كيمبرلي كريسمان كامبل، وهي مؤرخة موضة، أنه «كان واحداً من أغلى الأنسجة تاريخياً، إلى حد أن قوانين صارمة نُصَّت لمنع الطبقات الوسطى والمتدنية من استعماله في القرون الوسطى». ظل لقرون حكراً على الطبقات المخملية والأثرياء، ولم يُتخفف من هذه القوانين إلا بعد الثورة الصناعية. ورغم ذلك بقي محافظاً على إيحاءاته النخبوية حتى السبعينات من القرن الماضي. كانت هذه هي الحقبة التي شهدت انتشاره بين الهيبيز والمغنين، ومنهم تسلل إلى ثقافة الشارع.
أما نهضته الذهبية الأخيرة فيعيدها الخبراء إلى جائحة «كورونا»، وما ولَّدته من رغبة في كل ما يمنح الراحة. في عام 2020 تفوَّق بمرونته وما يمنحه من إحساس بالفخامة والأناقة على بقية الأنسجة، وكان الأكثر استعمالاً في الأزياء المنزلية التي يمكن استعمالها أيضاً في المشاوير العادية. الآن هو بخفة الريش، وأكثر نعومة وانسدالاً بفضل التقنيات الحديثة، وهو ما جعل كثيراً من المصممين يسهبون فيه في تشكيلاتهم لخريف وشتاء 2024، مثل إيلي صعب الذي طوعه في فساتين و«كابات» فخمة طرَّز بعضها لمزيد من الفخامة.
أما «بالمان» وبرابال غورانغ و«موغلر» و«سكاباريللي» وغيرهم كُثر، فبرهنوا على أن تنسيق جاكيت من المخمل مع بنطلون جينز وقميص من الحرير، يضخه بحداثة وديناميكية لا مثيل لها، وبان جاكيت، أو سترة مستوحاة من التوكسيدو، مع بنطلون كلاسيكي بسيط، يمكن أن ترتقي بالإطلالة تماماً وتنقلها إلى أي مناسبة مهمة. الشرط الوحيد أن يكون بنوعية جيدة حتى لا يسقط في خانة الابتذال.