الإمارات: أي خطوات مقبلة ضد قطر ستكون ضمن إطار القانون الدولي

قال الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي، إن أي خطوات ستقوم بها الدول الداعية لمكافحة الارهاب (السعودية والامارات والبحرين ومصر), في حال عدم استجابة الدوحة ستكون في إطار القانون الدولي، وذلك من خلال إجراءات يحق لدول ذات سيادة أن تتخذها ضد أي طرف آخر.
وقال الشيخ عبد الله بن زايد أمس: «نحن حتى الآن في انتظار إيصال الكويت للرد القطري، والذي تسلموه بالأمس، وبعد أن نرى هذا الرد وندرسه في ما بيننا سيكون القرار، وأعتقد أن من المفيد والمجدي وتقديراً للشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير الكويت ألا يكون هذا الرد من خلال وسائل الإعلام، بل عبر المبعوث الكويتي وعبر اتصالاتنا المباشرة معه».
وبيّن الوزير الإماراتي في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الألماني سيغمار غابرييل في العاصمة الإماراتية أبوظبي: «من السابق لأوانه أن نتحدث عما هي الخطوات التالية والإجراءات التي من الممكن أن تتخذها الدول، وهذا كله يعتمد على ما سنسمعه من الإخوة في الكويت، والحوارات التي ستتم في ما بيننا ودرس الردود، فلا أريد أن أسبق الأحداث فيما يتعلق بالخطوات القادمة». وأضاف: «ذكر وزير الخارجية الألماني نقطة مهمة فيما يتعلق بتمويل الإرهاب. الذي أريد أن أذكره أنه من المهم جداً أن ننظر للتحديات كافة في هذا الأمر، فالأمر لا يقتصر فقط على الإرهاب بل يتوجب مواجهة التطرف وخطاب الكراهية وتسهيل وإيواء المتطرفين والإرهابيين وتمويلهم أيضاً».
وزاد: «لا يمكن لنا أن نكون في مجتمع دولي يريد أن يصل للقضاء على صوت التطرف وأعمال الإرهاب التي نراها اليوم، دون اجتثاث هذا العمل بشكل واضح ومشترك». وتابع: «نحن في هذه المنطقة نرى، مع الأسف، أن قطر سمحت وآوت وحرّضت على هذا كله، ولم نصل إلى هذه القرارات بسهولة، لكن وصلنا إليها بعد سنوات من العمل ومحاولة إقناع الأشقاء في قطر، لكن مع الأسف لم نجد الشريك الذي يريد أن يتعامل معنا بهذا الشأن. لكن نأمل أنه بالخطوات التي اتخذناها بمساعدة شركائنا، بما فيهم ألمانيا، إيصال صوت العقل والحكمة للقيادة في قطر، بأنه كفى دعماً للإرهاب وللمحرضين وكراهية لخطاب المحبة والتسامح والتعايش في ما بيننا، وكفى أن تكون قطر حاضنة لهؤلاء ومفسدة للفرحة والبسمة والاستقرار في المنطقة».
من جهته، قال الوزير الألماني: «الإمارات لها صدقية كبيرة جداً في المنطقة، ونرى في بعض البلدان نوعاً من التقدم، وفي البلدان الأخرى لا نرى نوعاً من التقدم الكافي». وأضاف: «رأيت دائماً أن الإمارات كانت لديها رؤية شاملة لمكافحة الإرهاب ووقف تمويله». وأكد أنه «بطبيعة الحال هناك مشاورات حول المؤسسات الدولية وإسهامها في هذا الموضوع من أجل بناء الثقة أيضاً، ويتعلق الأمر الآن بجدية العمل وسننظر الآن إلى رد قطر». وأضاف أن «هناك إمكانات كافية لمنع تصعيد الوضع، ولذلك لا أرى أن من المجدي أن نتحدث الآن عن كل الاحتمالات والتطورات المحتملة، فيجب أولاً أن نرى ما هو الموضوع على الطاولة، وهذه هي الرسالة الصحيحة، ويجب أن ندرس الرد وبعد ذلك سنرى ما سيحدث».
وكان الشيخ عبد الله بن زايد قد التقى أمس الوزير غابرييل في أبوظبي واستعرضا علاقات التعاون المشترك بين البلدين، والسبل الكفيلة بتعزيزها، ومناقشة عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، خصوصاً الأوضاع في ليبيا وسوريا والعراق.
ورحب الشيخ عبد الله بن زايد بزيارة وزير الخارجية الألماني للإمارات، وأكد أن الإمارات تولي أهمية خاصة لعلاقتها الثنائية وشراكتها الاستراتيجية مع ألمانيا، والتي ترسّخت على مدار أكثر من أربعة عقود وأصبحت أكثر شمولية وحيوية في مختلف المجالات. وقال: «العلاقات بين البلدين تقوم على أسس راسخة من المصالح المشتركة والاحترام المتبادل، وتعتبر نموذجاً للعلاقات المتطورة بين الدول». وتابع: «اللقاء كان فرصة لنا للتحدث عن كثير من الموضوعات، فقد تحدثنا عن التطورات في سوريا والعراق وليبيا، وأيضاً ستكون لي فرصة لأتحدث بعد هذا اللقاء عن التطورات في اليمن وعملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين». وتابع: «لا شك في أن اللقاء كان فرصة أيضاً للتحدث عن التطورات في الأزمة القطرية وسنستمر في مشاوراتنا بعد هذا اللقاء الصحافي حول هذه المجالات».
من جانبه قال سيغمار غابرييل: «التقينا كثيراً في الأشهر والأسابيع الماضية، وكان الحوار دائماً مثمراً وحصلت على معلومات مفيدة حول تطور دولة الإمارات والمنطقة». وأضاف: «أعتقد أن دولة الإمارات أقرب وأهم شركاء ألمانيا، ولدينا علاقة ثابتة ووثيقة جداً في كثير من المسائل بطبيعة الحال. فهناك أكثر من 800 شركة ألمانية في المنطقة، ليست فقط شركات ألمانية كبيرة وإنما أيضاً شركات متوسطة وصغيرة ألمانية قوية جداً نعتمد عليها، فقد جاءت هنا ووجدت موقعاً اقتصادياً جيداً جداً بالنسبة لها في دولة الإمارات، ومن هنا تقيم اتصالات مع كل العالم».
وقال: «لدينا أيضاً علاقات جيدة جداً في مجال الأمن والتعاون العسكري في ما يخص التبادل حول مكافحة الإرهاب والتطرف، ونحن شركاء قريبون ووثيقون في هذه المجالات». وأضاف: «من الجيّد اليوم أننا تحدثنا عن كثير من المسائل التي تهمنا ولدينا تصورات مشتركة حول التوصل إلى حل في سوريا، ولدينا الرأي نفسه في ما يخص ليبيا، ويجب أن ننجح في الجمع بين الأطراف المختلفة حتى نرى بناء مؤسسات دولة، وأيضاً من أجل تحسين الوضع الكارثي بالنسبة للاجئين هناك. نحن نريد دولة واحدة في العراق، ولا نريد تقسيمه. ولدينا أيضا تصور مشترك فيما يخص دولة فلسطينية مستقلة».
ونوه إلى أنه جرى الحديث عن الوضع في منطقة الخليج والأزمة القطرية. وقال: «نحن نتشارك رأي الإمارات، فكل نوع من تمويل الإرهاب والتطرف وإيواء المتطرفين يجب إنهاؤه، ونتفق أيضاً في الرأي على أن ذلك يخص كل المنطقة».
وقال وزير الخارجية الألماني: «الآن أمامنا الفرصة في الأزمة القطرية لأن نصل إلى نتيجة جيدة لكل المنطقة، ولا يتعلق الأمر في الوقت نفسه بالمساس بالسيادة القطرية وكيان الدولة، فيجب العودة إلى العمل المشترك في مجلس التعاون الخليجي، وهذا بالنسبة للأوروبيين مهم جداً. فبالنسبة لنا، مجلس التعاون الخليجي هو ضامن للاستقرار والأمن في المنطقة». وأضاف: «لدينا مصلحة مشتركة أيضاً في التعاون مع مصر هذا البلد الكبير، واستقرار مصر مهم جداً بالنسبة لكل المنطقة ولكل أفريقيا، وبالنسبة إلى أوروبا».
وردا على سؤال حول التقدم الملحوظ لقوات التحالف وقوات دعم الشرعية في اليمن، قال الشيخ عبد الله بن زايد: «فيما يتعلق باليمن، لا شك أن هناك تقدماً في الأيام الماضية، وهذا التقدم انعكس بشكل إيجابي في عدة محاور، لكن في الوقت نفسه يهمنا أن نعزز ونسرّع في إيصال المساعدات الغذائية والإنسانية لجميع الأطراف اليمنية، ومن المهم على القوات التي قامت بعملية الانقلاب على الشرعية ألا تعيق إيصال هذه المساعدات إن كانت هذه المساعدات تأتي من قوات التحالف أو من المؤسسات والمنظمات الدولية». وأضاف: «هذا أمر رئيسي جداً، خاصة في ظل الصعوبات والظروف الإنسانية الموجودة في المناطق التي تقع تحت قوات الانقلاب».
وكان الشيخ عبد الله بن زايد، قد قال في بداية المؤتمر، إن «العلاقة بين الإمارات وألمانيا نمت بشكل مطرد في كثير من المجالات، ونحن سعداء بأن نرى التجارة غير النفطية بين البلدين وصلت إلى 16 مليار دولار، ونرى الشركات الألمانية وصل عددها إلى 3600 شركة ألمانية في دولة الإمارات، تقوم بدور مهم لتطوير العلاقات وتنمية الإمارات».
وأضاف: «على المستوى الشخصي، أنا سعيد جداً بأن أرى كثيراً من الألمان يعتبرون الإمارات وطناً ثانياً لهم، فهناك 14 ألف ألماني أتمنى أن نستطيع أن نوفر لهم كل سبل الراحة والعمل الكريم في هذا البلد». وأشار إلى أن هناك 87 ألف إماراتي يقومون بزيارة ألمانيا بشكل سنوي، وهناك 112 رحلة جوية مباشرة بين البلدين، وأكثر من 650 ألف زائر وسائح ألماني يزورون الإمارات، و«هذه أرقام ليست فقط مبشرة، بل تدل أيضاً على متانة العلاقة بين البلدين، ومدى ثقة ومحبة شعبيهما لهذه العلاقة».