الجيش التركي يقصف عفرين بالصواريخ الموجهة

أنقرة تؤكد حصول العملية العسكرية

TT

الجيش التركي يقصف عفرين بالصواريخ الموجهة

تجدد التوتر على الحدود التركية السورية، على محور عفرين الذي تركز عليه القوات التركية قصفها، وسط مؤشرات على قرب قيام الجيش التركي بعملية عسكرية موسعة، بالتعاون مع فصائل من الجيش السوري الحر للسيطرة على عفرين ومنبج وبعض مواقع القوات الكردية جنوب أعزاز.
وفي حين عاود الجيش التركي، الليلة قبل الماضية، قصفه الصاروخي والمدفعي لمواقع الميليشيات الكردية داخل عفرين، للمرة الثالثة خلال أسبوع، عبر وحداته المتمركزة في محافظة كيليس الحدودية مع سوريا، التي حشد فيها قواته بشكل مكثف، أكد وزير الدفاع التركي فكري إيشيك، أمس، أن بلاده لن تترد في شن عملية عسكرية على مدينة عفرين، الواقعة تحت سيطرة «وحدات حماية الشعب» الكردية، الذراع العسكرية لحزب الاتحاد الديمقراطي، إذا تطلب الأمر.
وأضاف أن تركيا لديها الحق والقوة لتدمير جميع أشكال التهديد الموجهة إليها من المصدر، سواء في منبج أو عفرين أو غيرهما، لافتاً إلى أنه يتم الرد بالمثل، وفق قواعد الاشتباك، على أي نيران مصدرها عفرين، مهما كانت صغيرة... «لكن في حال تحولت عفرين إلى موقع يشكل تهديداً مستمراً لتركيا، فلن نتردد وقتها في القيام بما يلزم، والأمر نفسه ينطبق على منبج، فأولويتنا الأساسية هنا هي أمننا القومي»، بحسب قوله.
وأضاف إيشيك أن بلاده لن تتوانى في الرد على أي هجمات قد تتعرض لها من قبل «التنظيمات الإرهابية»، مشيراً إلى أن القوات التركية تمكنت من القضاء على 11 ألف إرهابي خلال عامين، وأن عمليات مكافحة الإرهاب تسير بنجاح.
وتصاعد الحديث من جانب المسؤولين الأتراك، وفي مقدمتهم الرئيس رجب طيب إردوغان، في الفترة الأخيرة عن عملية عسكرية في عفرين، ولفتت تقارير إعلامية إلى أن هذه العملية انتهى الإعداد لها، وتعتزم تركيا إطلاقها ضد عناصر «حزب الاتحاد الديمقراطي»، وجناحه المسلح المتمثل بـ«وحدات حماية الشعب» الكردية، بمشاركة 7 آلاف من القوات الخاصة التركية، و20 ألفاً من فصائل «الجيش السوري الحر». وذكرت تقارير إعلامية أنها قد تبدأ في نهاية يوليو (تموز) الحالي أو مطلع أغسطس (آب) المقبل، وأنها قد تستمر 70 يوماً، وتشمل إلى جانب مدينة عفرين كلاً من مدينة تل رفعت ومطار منغ العسكري، الخاضعين لسيطرة عناصر «وحدات حماية الشعب» الكردية.
وأفادت التقارير التي نشرت بصحف قريبة من الحكومة التركية، على مدى الأسبوع الماضي، إلى تنسيق بين أنقرة وموسكو لإتمام هذه العملية، وأن الجيش السوري قد بدأ في سحب عناصره من عفرين ومحيطها، بعد التقارب الكبير بين عناصر «حزب الاتحاد الديمقراطي» والولايات المتحدة، فيما صدرت معلومات من موسكو عن دعم ستقدمه روسيا لهذه العملية التي يطلق عليها «سيف الفرات».
وبحسب ما أفادت به مصادر تركية لـ«الشرق الأوسط»، تناول الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، خلال لقائه وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، الأحد الماضي، في إسطنبول، كيفية تعزيز التعاون والتنسيق بين أنقرة وموسكو في مجال مكافحة المنظمات الإرهابية التي تهدد أمن واستقرار المنطقة، وتفاصيل العملية العسكرية التي ستقودها تركيا، بالتعاون مع الجيش السوري الحر في عفرين، بريف حلب.
إلى ذلك، قصفت قوات الجيش التركي المتمركزة على الحدود بين تركيا وسوريا مواقع لحزب الاتحاد الديمقراطي في عفرين، الذي تعتبره تركيا الذراع السورية لحزب «بي كي كا» المحظور في تركيا، بعشرين قذيفة مدفعية الليلة قبل الماضية.
وقالت مصادر مطلعة من المنطقة لموقع «آرا نيوز» إن «فصائل المعارضة، مدعومة بالجيش التركي، قصفت قرية كفرانطون، بمناطق سيطرة (قسد) في ريف حلب، بدءاً من الثالثة فجر أمس، حيث قصفت القرية بعشرات قذائف المدفعية، وفقد جراء القصف 3 مدنيين حياتهم، وأصيب 4 آخرون بجروح خطيرة، وهم من عائلة واحدة».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.