رأس سدر... جنة عشاق التزحلق على مياه البحر الأحمر

يزورها سكان القاهرة للعلاج والمزارات الدينية و{المعجزات}

مزار عيون موسى إحدى المعجزات المذكورة في الكتب السماوية - رأس سدر مركز لرياضات التزحلق على الماء لتميزها بتيارات هوائية - متحف النقطة الحصينة العسكري - رأس سدر شواطيء ساحرة تمنحك الاستجمام
مزار عيون موسى إحدى المعجزات المذكورة في الكتب السماوية - رأس سدر مركز لرياضات التزحلق على الماء لتميزها بتيارات هوائية - متحف النقطة الحصينة العسكري - رأس سدر شواطيء ساحرة تمنحك الاستجمام
TT

رأس سدر... جنة عشاق التزحلق على مياه البحر الأحمر

مزار عيون موسى إحدى المعجزات المذكورة في الكتب السماوية - رأس سدر مركز لرياضات التزحلق على الماء لتميزها بتيارات هوائية - متحف النقطة الحصينة العسكري - رأس سدر شواطيء ساحرة تمنحك الاستجمام
مزار عيون موسى إحدى المعجزات المذكورة في الكتب السماوية - رأس سدر مركز لرياضات التزحلق على الماء لتميزها بتيارات هوائية - متحف النقطة الحصينة العسكري - رأس سدر شواطيء ساحرة تمنحك الاستجمام

تعتبر «رأس سدر» وجهة سياحية يهرب إليها سكان القاهرة من صخب المدينة فهي تبعد عن العاصمة نحو 200 كيلومتر. تقع المدينة الساحرة على خليج السويس، وتحديدا (شرق محافظة السويس). ويمكن الوصول إليها خلال ساعتين بالسيارة عبر نفق الشهيد أحمد حمدي، وهو أول نفق يربط قارتي أفريقيا، وآسيا، فهو يربط شبه جزيرة سيناء بمدينة السويس. يستوعب النفق نحو 20 ألف سيارة يوميا، ويبعد عن القاهرة نحو 130 كيلومترا. كما يمكن الوصل إليها جوا عبر مطار شرم الشيخ أو الغردقة أو مطار مرسى علم، لكن من المتوقع أن يتم الانتهاء من مطار رأس سدر في غضون عامين.
مؤخرا زاد الإقبال على منتجعات وشواطئ رأس سدر رغم؛ كونها وسواحلها معروفة منذ عهد الفراعنة. واشتهرت بكونها وجهة سياحية لرحلات اليوم الواحد للاستماع بالشواطئ، لكن هذه المدينة تنفرد بمزارات متنوعة تجعلها على رأس خريطة السياحة العلاجية والحربية والثقافية وسياحة السفاري أيضا.
تتميز رأس سدر بطقس معتدل طوال العام؛ فهي تصلح مشتى ومصيفا للاستمتاع بالمياه الرائقة ومشاهدة ظاهرة المد والجزر، حيث تتراجع مياه البحر لتزيد مساحة الشاطئ الرملية، ويمكنك السير إلى مسافات لم تكن لتصل إليها بمستوى منسوب مياه البحر الطبيعية. أيضا تتميز شواطئها بأنها ذات ملوحة أقل من باقي شواطئ البحر الأحمر، ولا توجد بها شعاب مرجانية كثيفة.
في كثير من الأحيان ستجد مجموعات من الدلافين تسبح حولك، بينما تحلق من فوقك أسراب من الطيور المهاجرة من أوروبا في سماء رأس سدر، وستجد هواية ممتعة في مراقبة الطيور مع رفقاء منغمسين في تلك الهواية. كما يمكنك الاستمتاع بركوب الخيل على الشاطئ والاستمتاع بمنظر رائع لغروب الشمس.

كيف تقضي وقتك؟

أهم ما يمكنك فعله في رأس سدر الاسترخاء على شاطئ البحر والاستمتاع بنسيم البحر الأحمر العليل، وأشعة الشمس الدافئة، ومشاهده الأفق الأزرق دون حواجز إسمنتية، حيث سترى على الضفة الأخرى منتجعات العين السخنة بينما تلتقط الصور الفوتوغرافية المميزة في ساعات الغروب والشروق؛ لأن أهم ما يميز رأس سدر أنها ليست بصخب أو زحام منتجعات العين السخنة، فهي لعشاق الهدوء والاستجمام.
أما عشاق المغامرات الجريئة، فسوف يجدون لذة ومتعة كبرى في ممارسة الرياضات المائية، حيث تتميز شواطئ رأس سدر بتيارات هوائية قوية وسرعة رياح عالية ومياه مستقرة دون أمواج عالية؛ مما يجعلها مكانا مناسبا لممارسة مختلف أنواع الرياضات المائية، وتتيح الكثير من المنتجعات برأس سدر مراكز متخصصة لمحبي رياضة «كايت سيرفينج» Kite surfing، أو التزحلق على الماء بالطائرات الورقية؛ لذا فيمكنك أن تتعلم تلك الرياضة من خلال مدربين محترفين وبعدها سوف تدمن الإقامة في رأس سدر لممارسة هوايتك أو الدخول في سباقات دورية بين عشاق تلك الرياضة.

مزارات تاريخية

تنفرد رأس سدر بكونها قريبة من عدد من المزارات التي يعود عمرها لآلاف السنين ومزارات تعكس التاريخ الحديث، ولا سيما التاريخ العسكري كونها تقع في جنوب سيناء التي وقعت تحت الاحتلال الإسرائيلي.

عيون موسى

على مقربة من مدينة رأس سدر يمكنك زيارة عيون موسى الشهيرة وعددها 12 عينا، وهي أحد المعجزات التي حدثت في عهد النبي موسى عليه السلام حيث تفجرت له ولقومه من الصخور أثناء فرارهم من بطش فرعون. يزيد عمر هذه العيون على 5 ألاف عام تقريبا، وحاليا هناك 4 عيون فقط هي الباقية بينما طمرت باقي العيون بسبب تراكم الطحالب وعدم الاهتمام بها.
تشتهر هذه العيون بخواص مياهها العلاجية حيث تشفي من الأمراض الروماتيزمية والجلدية؛ لأنها تحتوي على عنصر الكبريت. وتحيط بها أشجار النخيل الباسقة، ويعيش حولها عدد من الأسر البدوية.

متحف «النقطة الحصينة» العسكري

هو مزار يشبع رغبات محبي سياحة الحروب، فهو أحد المواقع الحربية التي استغلتها إسرائيل لضرب مدينة السويس وبورتوفيق في حرب أكتوبر (تشرين الأول)، ويعتبر المتحف شاهدا على معركة من المعارك الباسلة لجيش المصري، واستردت أرض هذا الموقع يوم 9 أكتوبر 1973. في هذا الموقع أيضا ستتعرف إلى قصة صمود الكتيبة 603 من اللواء 130 مشاة برمائيات، الذين صمدوا 134 يوما بلا إمدادات أو مؤن في خنادق ترابية؛ لحماية الموقع وحماية النصر الذي حققوه.
يقع المتحف على بعد نحو 20 كيلومترا من مدينة السويس (شمال شرقي مصر)، على مقربة من موقع عيون موسى التاريخي، الذي سميت النقطة باسمه. وستجده مطلا على الطريق إلى مدينة رأس سدر. يسمح فيه بزيارة السائحين لتفقد الخنادق وغرف القادة الإسرائيليين ومشاهدة معداتهم وأدواتهم الشخصية. وفي أعلى نقطة من الموقع ستشاهد عبر المنظار المعظم، الذي كان قائد الكتيبة الإسرائيلية يستخدمه للمراقبة، منظرا بانورامياً للجزء الشمالي من خليج السويس وهو المدخل الجنوبي لقناة السويس.
ومن أهم مزارات المتحف، مدفع «أبو جاموس» وهو مدفع هاوتزر عيار 155 ملم، وأطلق عليه هذا الاسم أهالي السويس لصوته المخيف الذي يشبه ولشدة تدميره. وهو مدفع فرنسي الصنع وضخم يرتكز على أربع عجلات ويحتاج إلى 8 جنود لتشغيله وكانت منه تطلق القذائف على مدينتي السويس وبور توفيق.
يمكنك تناول المأكولات والمشروبات في مقهى ومطعم سياحي دائري الشكل يتوسطه المنظار المعظم، وبه منفذ لبيع المنتجات البدوية ذات الطراز السيناوي والهدايا التذكارية.

قلعة الجندي

يعود بناء تلك القلعة إلى عهد صلاح الدين الأيوبي وشقيقه الملك العادل، وبدأ البناء فيها عام 1183م وانتهى عام 1187م. تقع على تل «رأس الجندي» الذي يصل ارتفاعه إلى 2150 قدما فوق سطح البحر، ويرتفع نحو 500 قدم فوق السهل المنبسط المتسع حوله من كل الجهات. ويتمتع التل بشكل فريد يمنحه هيئة طبيعية ظاهرة بالعين المجردة من على بعد كيلومترات عدة.
ومبنى القلعة مستطيل الشكل يتجه في اتجاهين شمال شرقي وجنوب غربي وطرفها الجنوبي ينتهي بشكل نصف مسدس الأضلاع، ويتراوح ضلع القلعة ما بين 150 و200 متر طولا، وأوسع عرض لها يبلغ مائة متر. ويبلغ سُمك سور القلعة الخارجي مترين، أما أركانها فقد قويت بدعامات قوية... وقد ضمت القلعة في داخلها غرفا صغيرة لرجال الحامية وشيدت في فنائها مبان عدة لأغراض مختلفة، منها ردهة مسطحة عمقها خمسة أمتار تحت مستوى الأرض، كانت تستخدم مخزنا للمؤن، وكذلك مسجد من دون سقف جداره الشرقي به قبلة عليها كتابة منقوشة للبسملة، وكذلك صهريج مياه منحوت في قلب التل يحتوي على خزان أبعاده 6 - 10 - 5.5 متر، ما زالت جدرانه جيدة، وله فتحتان لإدخال وسحب المياه.

رحلات سفاري وسياحة علاجية

هناك مساحات صحراوية شاسعة تحيط بمدينة رأس سدر، فإذا قررت أن تهرب قليلا إلى الصحراء، فيمكنك التجول بسيارتك حول المدينة، حيث مناظر الطبيعة البكر التي تمزج بين الصحراء والشجيرات الصحراوية. أو يمكنك القيام برحلات سفاري تمتد لثلاثة أيام في الأودية القريبة من رأس سدر، ومنها:

وادي الغرندل

ويقع على بعد 115 كم من نفق الشهيد أحمد حمدي، وهو من أجمل الوديان بمنطقة جنوب سيناء وقد أشار إليه المؤرخ الكبير الراحل جمال حمدان في كتابه الخالد «شخصية مصر» باعتباره أهم وادي في المنطقة. يتميز الوادي بوجود عدد من الواحات والطيور البرية والحيوانات الصحراوية. ويمتد الوادي بطول 75 - 85 كم، ويمتاز بكثافة الغطاء النباتي فيه وينتشر بطول الوادي المياه العذبة الآتية من العيون الطبيعية والمتدفقة طوال أشهر العام ويصلح الوادي لإقامة المنتجعات السياحية البدوية ورحلات السفاري التي تمتد إلى ثلاثة أيام.

حمام فرعون

وهو حمام مياه كبريتية تخرج مياهه من الجبل، ويقال إنه المكان الذي غرق أمامه فرعون موسى. عيون موسى: تقع على بعد 60 كيلومترا جنوب نفق الشهيد أحمد حمدي، ومعروف عنها فوائدها الصحية الكثيرة، حيث تعالج أمراض العظام والروماتيزم والأمراض الجلدية مثل الصدفية وغيرها. وهي تعد الأهم علاجيا بين العيون والآبار والينابيع المصرية لاحتواء مياهه على عناصر الكالسيوم والصوديوم والبوتاسيوم والسيلكون والأملاح المذابة، فضلا عن الكبريت، وتبلغ درجة حرارة المياه 92 درجة مئوية.

مغارة وادي قنيت

وتعد من أقدم مناطق السياحة الثقافية في سيناء، هنا يمكنك التعرف إلى حضارة المصريين القدماء عبر نقوش تظهر اهتمامهم بالتعدين، وإرسال البعثات إلى تلك المناطق في وادي سدر شرق خليج السويس. ويطلق اسم المغارة على جزء محدود من وادي قنيت، حيث يوجد الجبل الذي توجد فيه عروق الفيروز التي استخرجها المصريون القدماء. وما زالت توجد في هذه المنطقة بقايا أكواخ العمال القدماء فوق أحد المرتفعات، وتم نقل أغلب تلك النقوش إلى المتحف المصري بالقاهرة، وتحطمت أجزاء منها خلال محاولات البحث عن الفيروز في بداية القرن الحالي.

عين رأس سدر

هي أحد مزارات السياحة العلاجية التي تتميز بها رأس سدر، وهي تتوسط الصحراء القاحلة، تخرج المياه الساخنة التي تبلغ درجة حرارة مياهها الكبريتية 200 درجة مئوية، وتندفع من باطن الأرض في حالة فوران، ويتصاعد منها بخار المياه المحمل برائحة الكبريت. وتسير المياه بعد خروجها في قناة حفرتها لنفسها طولها 100 متر، حتى تستقر في منخفض عمقه نحو مترين، ومساحته لا تقل عن 100 متر، ويمثل حمام سباحة طبيعيا درجة حرارته تتدرج من الساخن إلى الدافئ.

كيف تقضي الليالي؟

لن تجد الملل يتسرب إليك، بل ستجد الكثير من الأشياء التي تقضي بها وقتك. فمثلا يمكنك الاستمتاع بحمامات السباحة الكبيرة التي تعج بها المنتجعات والتي يسمح فيها بالسباحة ليلا وهي ميزة لا تجدها في منتجعات الساحل الشمالي أو العين السخنة.
عادة ما ستجد جدول حفلات موسيقية ساهرة تنظمه المنتجعات بشكل دوري لكبار المطربين والمطربات، خصوصا في مواسم الأعياد الإسلامية والمسيحية وأيضا شم النسيم، فضلا عن الحفلات الأسبوعية في فصل الصيف وحفلات سمر يومية تجمعك برواد المكان في أجواء من الألفة والمرح.

أين تقيم؟

هناك عدد كبير من المنتجعات السياحية الممتدة على طول أكثر من 90 كيلومترا تتضمن فيلات وشققا فندقية وشاليهات فاخرة التصميم والتأثيث، والتي تتوافر بها حدائق خلفية لجلسات السمر ليلا، واللهو مع الأطفال لقضاء عطلة مميزة مع العائلة، ويتم استئجارها من مقر إدارة القرية أو المنتجع وتتراوح أسعارها ما بين 500 و1800 جنيه مصري في اليوم (100 دولار) في اليوم، أما إذا كنت تفضل الإقامة في فندق فهناك عدد منها، وهي: «موسى كوست»، و«باراديس» و«سيسيل» و«لاسيندا» و«ريزورا» و«جولدن بيتش»، و«بلو باي» ويتراوح سعر إقامة الفرد في الليلة الواحدة ما بين 30 دولارا و80 دولارا.



«المعادي»... ضاحية مصرية من «الزمن الجميل»

محمية وادي دجلة (صورة لمحمد سلامة)
محمية وادي دجلة (صورة لمحمد سلامة)
TT

«المعادي»... ضاحية مصرية من «الزمن الجميل»

محمية وادي دجلة (صورة لمحمد سلامة)
محمية وادي دجلة (صورة لمحمد سلامة)

في أفلام «الأبيض والأسود» المصرية القديمة، تطل ضاحية «المعادي» بقصورها الفخمة وفيلاتها الفسيحة وشوارعها المظللة. واليوم حين تزور هذه الضاحية، جنوب القاهرة، يفاجئك أنها لا تزال تحتفظ بطابعها العريق، مع لمسات حياتية عصرية؛ فتستمتع فيها بالأجواء الهادئة الممتزجة بوسائل الراحة الحديثة، مجسدةً تلاقي الماضي والحاضر.

محمية وادي دجلة (صورة لمحمد سلامة)

عندما أقام الخديوي إسماعيل مدينة «حلوان» لتكون مشتى للعائلة الملكية والنبلاء، تحولت المعادي المجاورة من قرية ريفية تتمتع بجمال الطبيعة والمساحات الخضراء، إلى محطة رئيسية في طريق الوصول إلى حلوان. يقول الباحث في التاريخ أمجد عبد المجيد لـ«الشرق الأوسط»: «عندما تتجول في شوارع المعادي تشعر أنك عدت سنوات طويلة للوراء، إلى أجواء الزمن الجميل؛ حيث الهدوء والرقي والمباني الكلاسيكية، والأشجار العتيقة».

بمرور السنوات ازدادت أعداد هذه الأشجار؛ فحين تسير في شوارع المعادي تنبهر بجمال وألوان البونسيانا والجاكرندا والأكاسيا، كما يستوقفك منظر الأشجار المثمرة، مثل المانجو والتوت والنبق والليمون والجوافة. وإذا صادفتَ أحد سكانها في الطريق وسألته عن السر، يقول لك بفخر: «عندما بدأ السكان يقطنون المعادي حدث فيما بينهم ميثاق شرف غير مكتوب، مفاده أن كل من يبني بيتاً أو ينتقل إلى منزل بها، عليه أن يزرع شجرة من اختياره؛ ما جعل المكان كالجنة».

زواحف وحيوانات لهواة السياحة البيئية في محمية وادي دجلة (تصوير: محمد وجيه)

للأماكن القديمة مميزاتها الاستثنائية بالنسبة لكثيرين؛ وليس من الغريب -وفق أمجد- أن تحتفظ المعادي بكل سماتها الأساسية؛ لأنها مكان عريق يرجع إلى عام 1903، فقد كانت في الأصل منطقة زراعية تعبر منها المراكب بين شاطئي النيل، وكان ذلك وراء تسميتها «المعادي»، فهي كلمة مأخوذة من «معدية» الركاب النيلية.

يقول عبد المجيد: «شهدت تطويراً كبيراً عام 1890 لتلائم الطبقة الأرستقراطية التي تمر بها إلى حلوان، إلى أن سكنها أبناء هذه الطبقة؛ حيث قام المهندس الكندي ألكسندر آدامز بتخطيطها، مستلهما طابع القرى الإنجليزية، ومن ثم تميزت المعادي ببيوتها ذات الطابقين والحدائق الخلفية الواسعة. والمفاجأة أن المؤرخ الراحل موفق بيومي قدَّم وثيقة تاريخية تثبت إنشاء أول محطة طاقة شمسية بالمعادي عام 1911؛ لذلك كله فإن الضاحية مسجلة بوصفها منطقة ذات قيمة تراثية».

وحين تزور هذه الضاحية، فإنك تشعر بكل هذا العبق التاريخي والثراء الجمالي للمكان. ورغم نشأة امتدادات لها يرتبط اسمها بها، فإن «المعادي القديمة» لا تزال ملاذاً للأثرياء والجاليات الأجنبية.

المعادي حنين للزمن الجميل (تصوير: مي تركي)

إذا كنتَ من عشاق القراءة، فإنك حين إقامتك في هذا الحي لفترة طويلة أو قصيرة، أو حتى عند زيارته لبضع ساعات، حتماً ستشعر بنوستالجيا غامرة؛ فهنا على سبيل المثال عاش «المغامرون الخمسة» أبطال السلسلة البوليسية الشهيرة في الوطن العربي.

الفنون والتعلم

يجد الأفراد الذين لديهم شغف بالفن ضالتهم في المعادي؛ حيث تحتضن الضاحية فرصاً لا حصر لها للتعلم والإبداع، بدءاً من البازارات الموسمية، وحتى العروض المتنوعة للفنانين المحليين والأجانب. وتزخر بمراكز ثقافية، بعضها فيلَّات قديمة قرر أصحابها تحويلها إلى ساحات للفن، تقدم العروض السينمائية والمسرحية والفنون الحركية التشكيلية، والكتب، وورشات العمل للأطفال والكبار وفصول الرقص، مثل السالسا، والتانغو، والرومبا، فضلاً عن تنظيم أسواق المنتجات اليدوية التقليدية.

«فيلا بيل إيبوك» له طابع خاص في المعادي (صفحة الفندق على فيسبوك)

متعة التسوق

إذا قررتَ الإقامة لفترة في المعادي، فلن تحتاج إلى الخروج بعيداً للتسوق؛ فكل شيء حولك رهن إشارتك، من العلامات العالمية أو المنتجات المحلية. تضم المعادي كثيراً من مجمعات التسوق. وبجانب المولات ستجد متاجر تتخصص في القطع اليدوية الفريدة التي تجمع بين الحرفية التقليدية والجماليات الحديثة. وتشتهر المعادي أيضاً بمتاجر أخرى تبيع منتجات عالية الجودة للعناية الشخصية بأسعار معقولة، مقارنة بالمراكز التجارية.

المعادي حي له سمات خاصة (تصوير: عمر المصري)

التخييم

الاستمتاع بأجواء الصحراء والتخييم في مصر لا يشترط أن تتوجه إلى خارج العاصمة؛ ففي قلب المعادي توجد «محمية وادي دجلة»، وهي من أفضل أماكن التخييم؛ لتمتعها بالطقس المعتدل؛ فهي مناسبة للزيارة في الصيف والشتاء؛ لاحتوائها على تجويفات في الجبل تجعل الجو رطباً حتى مع ارتفاع درجة الحرارة.

داخل المحمية، اترك نفسك لجمال الطبيعة، واستمتع بالهدوء والاسترخاء، وشاهد عن قرب حيوانات وطيور نادرة، سواء كان ذلك سيراً، أو باستخدام الدراجات في المحمية؛ ما يجعل المغامرة أكثر متعة.

فيلَّات محاطة بالأشجار والزهور (تصوير: مي تركي)

جبل الخشب

لا تغادر المعادي بعد زيارة المحمية؛ فإذا كنت من عشاق السياحة البيئية، فأمامك مكان آخر ينتظرك، وهو محمية «الغابة المتحجرة» التي تكونت عبر ملايين السنين، ويُطلق عليها في كثير من المراجع العلمية اسم «جبل الخشب»؛ حيث تعد أثراً جيولوجياً نادراً.

طعام مختلف

لا يوجد في السفر والرحلات أروع من تناول الطعام اللذيذ بعد يوم مليء بالحركة والتنقل. في المعادي أمامك عدد مذهل من المطاعم، وخيارات الطعام التي لا حصر لها. يتوفر كل شيء، بدءاً من المخبوزات الطازجة الساخنة القادمة من مختلف مطابخ العالم، مروراً بأطباق اللحوم المختلفة والأسماك والبيتزا، فضلاً عن مطاعم المأكولات العالمية، مثل السوشي الطازج والأطباق الفنزويلية والبرتغالية وغير ذلك، وصولاً إلى أحدث اتجاهات السلطات والأكل النباتي والصحي.

في مطاعم المعادي انغمس في روعة مذاق أطباق من مختلف مطابخ العالم (تصوير مي تركي)

جولة نيلية

من أروع الأنشطة هناك، الاستمتاع بالإطلالة الساحرة على ضفاف النيل، على متن إحدى البواخر الثابتة أو المتحركة؛ حيث المنظر الخلاب والنسيم المنعش. وهناك يمكنك الاختيار بين تشكيلة متنوعة من أشهى الأطباق، بينما تستمتع عيناك بجمال الطبيعة، وستعيش أيضاً أجواء فنية مميزة؛ حيث تقدم البواخر برامج استعراضية فلكلورية، مثل عروض التنورة على أنغام الموسيقى.

وإذا كنت تبحث عن إقامة مختلفة تجمع بين الرفاهية ودفء البساطة المصرية، فأنصحك بالابتعاد عن الفنادق العالمية الفخمة، واختيار أحد فنادق المعادي القديمة، في فيلات أنيقة مفعمة بذكريات أُسر عريقة، عاشت فيها عشرات السنوات، ومنها فندق «فيلا بيل إيبوك» الذي يعود إلى عشرينات القرن الماضي، وتحيط به المساحات الخضراء.