الأنبار تلوّح باستفتاء رداً على «تعسف» بغداد

TT

الأنبار تلوّح باستفتاء رداً على «تعسف» بغداد

لوّح مجلس محافظة الأنبار في غرب العراق، بإجراء استفتاء على إعلان المحافظة إقليماً، لمنحها صلاحيات أوسع، رداً على إجراءات مشددة تفرضها قيادة عمليات بغداد منذ أسبوعين، إذ لا تسمح بدخول السيارات الآتية من الأنبار أو عبرها، بما في ذلك شاحنات نقل البضائع الآتية من الأردن.
ويضطر آلاف من قاطني الأنبار إلى الترجل لعبور سيطرة «الصقور» الأمنية سيراً، عند المدخل الغربي لبغداد من جهة الأنبار، قبل أن يستقلوا سيارات أجرة توصلهم إلى مقاصدهم في العاصمة.
وتبعد سيطرة «الصقور» نحو 5 كيلومترات عن قضاء الفلوجة. وكانت سابقاً تدار من قيادة عمليات الأنبار، لكن تحولت إلى إدارة وسيطرة قيادة عمليات بغداد بعد صعود «داعش» في 2014. وروى شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» المعاناة الكبيرة التي يتعرض لها أهالي الأنبار خلال رحلتهم المضنية إلى بغداد، إذ يضطرون إلى السير لمسافة طويلة في أجواء الحر الشديد لعبور السيطرة، ومنهم مرضى وعجزة وأطفال.
وكشف عضو مجلس محافظة الأنبار طه عبد الغني عن أن المجلس سيناقش الخميس المقبل قضايا عدة، بينها «طرح استفتاء لإعلان المحافظة إقليماً» على قاطني المحافظة، رداً على «الإجراءات التعسفية التي تقوم بها قيادة عمليات بغداد» في سيطرة «الصقور».
وقال عبد الغني لـ«الشرق الأوسط»: «الناس تحملنا المسؤولية، ونحن كحكومة محلية ليس لدينا حول ولا قوة. الأمر بيد القيادات الأمنية في بغداد. تحدثنا إلى كبار المسؤولين الأمنيين ومع قائد عمليات بغداد، وهم يتعكزون على أجهزة فحص السونار في السيطرة غير الجاهزة للعمل».
ولفت إلى أن هذه «السيطرة هي المنفذ الوحيد لأبناء محافظة الأنبار. صحيح أن المحافظة تحاذي حدود خمس محافظات أخرى، لكن تلك المنافذ جميعها مغلقة باستثناء الحدود مع بغداد». وأشار إلى «تواجد عناصر من الحشد الشعبي في إدارة السيطرة»، مشيراً إلى أنهم منعوا «عضوة في مجلس محافظة الأنبار من العبور، رغم حصولها على تصريح دخول من قيادة عمليات بغداد وموافقة ضابط برتبة عقيد على دخولها».
ويعتقد عبد الغني أن الإجراءات المشددة ضد الآتين من الأنبار، باستثناء حالات نادرة للطلبة وبعض الموظفين، «تعسفية وغير مقبولة». وأضاف: «نحن مغلوبون على أمرنا، ونعتب على ممثلينا في الحكومة والمجلس الاتحاديين. عشرات الآلاف من المواطنين يعانون الأمرين في سيطرة الصقور».
ولفت إلى أن «تعطل التبادل التجاري بين بغداد والأنبار ومنع السيارات من الدخول أدى إلى وصول سعر أسطوانة غاز الطبخ إلى 20 ألف دينار (ثلاثة أضعاف سعرها تقريباً)، إلى جانب شح المواد الغذائية المختلفة». وأكد أن «الذهاب إلى بغداد غير مسموح إلا سيراً، أما الذهاب إلى الأنبار فمسموح، لكن غير مسموح بالعودة». وأضاف بمرارة: «عيرونا بتحريرنا من داعش، وهم يعلمون أن دمار البلاد ودخول داعش كان بسبب سياسات حكومات بغداد غير العادلة، ونحن من دفع ثمن تلك السياسات الخاطئة».
وغالباً ما حملت شخصيات وجهات سياسية من الأنبار السياسات التي انتهجها رئيس الوزراء السابق نوري المالكي مسؤولية تصدع الأمور في المحافظة وصعود «داعش» في 2014. فيما يتهم المالكي شيوخ عشائر في الأنبار بالتواطؤ مع تنظيمي «القاعدة» و«داعش».
ولا يستبعد عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية عن محافظة الأنبار حامد المطلك أن تدفع الإجراءات الأمنية «المقلقة وغير الإنسانية» على سيطرة «الصقور» أهالي الأنبار إلى «التفكير في إعلانها إقليماً». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «يشعر الناس في الأنبار بأنهم في سجن كبير. الإجراءات في السيطرة مقلقة جداً، وهي عمل غير صحيح وغير إنساني أو مهني».
ويرى المطلك أن ما تقوم به عمليات بغداد «لا يحقق أمناً. العكس هو الصحيح، إنه يخلق حالة من التوتر غير مسبوقة وأجواء نفسية معادية»، خصوصاً أن أهالي الأنبار «ما زالوا يعانون نكبة النزوح والتفجيرات المتواصلة من قبل داعش، ومن غير الصحيح معاقبتهم بهذه الطريقة».
وتعرضت محافظة الأنبار في اليومين الماضيين إلى هجومين انتحاريين أحدهما على مخيم للنازحين، وأسفر عن مقتل وجرح نحو 27 شخصاً، وآخر على مقر حشد الأنبار أسفر عن مقتل المهاجمين وجرح جندي واحد، استناداً إلى «خلية الإعلام الحربي».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.