{الرباعية} تدرس في القاهرة غداً إجراءاتها... ومخاوف من لجوء الدوحة إلى «المراوغة»

ترمب يشدد على وقف تمويل الإرهاب... وقطر تسلّم ردها إلى الوساطة الكويتية

TT

{الرباعية} تدرس في القاهرة غداً إجراءاتها... ومخاوف من لجوء الدوحة إلى «المراوغة»

استجابت الدول الأربع المقاطعة لقطر فجر أمس لطلب أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح إمهال الدوحة 48 ساعة، لتقديم ردها على المطالب التي تضمن وقفها تقويض الاستقرار في المنطقة وقطع علاقاتها مع الشبكات الإرهابية والحدّ من تدخلاتها في الشؤون الداخلية للدول. ومع تمديد المهلة الممنوحة لقطر، أجرى الرئيس الأميركي دونالد ترمب اتصالات هاتفية مع كل من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي لمناقشة ما سمّاه البيت الأبيض، في بيان، «مخاوفه بشأن الخلاف الحالي».
وقال البيت الأبيض إن ترمب «أكد أهمية وقف تمويل الإرهاب والتصدي للفكر المتطرف». كذلك شدد الرئيس الأميركي الذي سبق أن اتهم قطر بدعم الإرهاب وتمويله، على أهمية «الوحدة» في المنطقة من أجل تحقيق أهداف القمة الإسلامية - الأميركية التي استضافتها الرياض في مايو (أيار) الماضي، لا سيما «القضاء على الإرهاب وإرساء الاستقرار»، وقال إن «الوحدة في المنطقة مهمة لتحقيق أهداف قمة الرياض بهزيمة الإرهاب وتعزيز استقرار المنطقة». وتابع: «لكن الرئيس ترمب يعتقد أن الهدف الرئيسي لمبادرته هو وقف تمويل الإرهاب».
وشددت السعودية وألمانيا، بعد مشاورات جمعت وزيري خارجية البلدين في جدة أمس، على أهمية أن تشمل الإجراءات ضمان وقف دائم لتمويل الإرهاب وكبح التحريض على التطرف. وقال وزير خارجية ألمانيا زيغمار غابرييل إن الاتفاق على منع تمويل الإرهاب في منطقة الخليج سيكون أفضل سبيل لتسوية أزمة قطر، مؤكداً أن مجلس التعاون الخليجي قوة استقرار في المنطقة وينبغي أن يظل موحداً. أما وزير الخارجية السعودي عادل الجبير فشدد في مؤتمر صحافي مع الوزير الألماني على ضرورة أن تتبنى قطر «السياسات التي لا تروج للإرهاب والتطرف والكراهية وألا يقوموا بإيواء ممولي الإرهاب». وأكد الجبير أن الدول الأربع تتطلع لتسلّم الرد من قطر و«سندرسه بدقة واتخاذ ما يلزم حياله».
ويعقد وزراء خارجية الدول الأربع في القاهرة غداً الأربعاء اجتماعاً «لمتابعة تطورات الموقف من العلاقات مع قطر»، بحسب بيان لوزارة الخارجية المصرية أمس. ومن المتوقع أن يوفد أمير الكويت وزير الخارجية الشيخ صباح الخالد إلى جدة لتسليم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز تفاصيل الرد القطري.
وكان أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، استقبل صباح أمس، وزير خارجية قطر محمد بن عبد الرحمن آل ثاني الذي سلّمه رسالة خطية من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني، تضمنت الرد الذي تم إعداده في وقت سابق من قبل قطر على قائمة المطالب الجماعية المقدمة من السعودية والإمارات والبحرين ومصر عن طريق دولة الكويت في أواخر الشهر الماضي. وقبل هذا اللقاء، طلبت الكويت تمديد المهلة 48 ساعة لتسليم الرد، وهو أمر ردت عليه السعودية والإمارات والبحرين ومصر ببيان مشترك فوري أعلنت فيه استجابتها لطلب الشيخ صباح الأحمد، أمير الكويت، بتمديد المهلة الخاصة والمقدمة لحكومة قطر لمدة 48 ساعة منذ وقت انتهاء المهلة. وأعلنت الدول الأربع أنها سترسل رداً بعد درسها رد الحكومة القطرية، وتقويم مدى تجاوبها مع قائمة المطالب كاملة.

ماذا يتضمن الرد القطري؟
ويتوقع مراقبون أن تحاول الدوحة «تفكيك» المطالب ودفع الأطراف للتفاوض بشأن بعض النقاط الجوهرية، وخصوصاً المتعلقة بإيجاد آلية تضمن وقف التدفقات المالية إلى الشبكات الإرهابية مع تخفيض سقف التوقعات بشأن إخراج المدانين بالإرهاب من قطر، وعلى رأسهم أعضاء في جماعات تطالب مصر بكف أنشطتهم وتسليم بعضهم.
ويقول مراقبون إن القطريين قد يقدمون تعهداً «عاماً» بعدم دعم الإرهاب، دون الدخول في تفاصيل تبدو محرجة على الصعيدين السياسي والقانوني، كما أنهم ربما سيوافقون على إخراج عدد من أعضاء جماعة «الإخوان المسلمين» من قطر. يذكر أن الدوحة أبعدت في سبتمبر (أيلول) 2014 عدداً محدوداً من جماعة «الإخوان المسلمين» إلى تركيا، حيث طلبت من 7 شخصيات بارزة في الجماعة مغادرة البلاد بعد أن ضغط عليها جيرانها كي توقف دعم الجماعة المتهمة بالإرهاب. وشمل قرار الإخراج وقتها كلاً من وجدي غنيم، ومحمود حسين، وعمرو دراج، وحمزة زوبع، وجمال عبد الستار، وعصام تليمة، وأشرف بدر الدين.
وتقول مصادر مراقبة لمسار الأزمة الخليجية إن قطر ربما وافقت على خفض التمثيل الدبلوماسي مع إيران، ولكنها ترغب في «تجميد» القاعدة التركية في قطر، ليصبح الوجود العسكري التركي رمزياً. ومعلوم أن تركيا لا يمكنها زيادة عدد قواتها المرابطة في قطر بحجم يزعج الولايات المتحدة ذات الوجود العسكري الوازن هناك.
وبشأن قناة «الجزيرة» المتهمة بأنها أصبحت منصة للمتطرفين، فقد تحاول الحكومة القطرية «تحصين» هذه القناة مع تعهد بوقف بعض البرامج المثيرة للجدل، والتزام سياسة أكثر انسجاماً مع المواقف الخليجية. أما الشبكات الإعلامية «الرديفة» التي تتلقى تمويلاً من قطر، فمن المتوقع أن يتعرض بعضها للإغلاق ووقف تمويل بعضها الآخر.
وتتعلل الدوحة بمبدأ «السيادة» لتعطيل التزامها الكامل بشروط الدول الأربع.
وحاولت قطر التملص من التزاماتها بتطبيق القائمة الخليجية العربية، وقالت إن هذه المطالب تتضمن اتهامات لا أساس لها، وإن المطالب، التي تشمل إغلاق قناة «الجزيرة» التلفزيونية وإغلاق القاعدة العسكرية التركية المتمركزة في الدوحة، وُضعت لتُرفض.
وأثارت السعودية والبحرين ومصر والإمارات إمكانية فرض مزيد من العقوبات على قطر إذا لم تستجب للمطالب الـ13، التي قدمت لها عبر الكويت التي تتوسط لحل الخلاف. ولم تحدد الدول العقوبات الإضافية التي قد تفرضها على الدوحة، لكن مصرفيين في المنطقة يعتقدون أن البنوك السعودية والإماراتية والبحرينية قد تتلقى توجيهات رسمية بسحب ودائع وقروض ما بينها وبين البنوك في قطر.
وكانت الدول الأربع قطعت العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع قطر في الخامس من يونيو (حزيران)، متهمة إياها بدعم الإرهاب والتدخل في شؤونها الداخلية والتقارب مع إيران.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.