التمرد الحوثي يقر ضمنياً بنهب 14 مليار دولار العام الماضي

TT

التمرد الحوثي يقر ضمنياً بنهب 14 مليار دولار العام الماضي

أقرت القيادات الحوثية في صنعاء أمس بفقدان ما لا يقل عن 41.4 مليار ريال يمني شهرياً من الإيرادات المثبتة، ما يعني تورطهم في نهب 497 مليار ريال يمني (14.6 مليار دولار) خلال عام 2016، ومعروف أن حجم الإيرادات السنوية للمناطق الواقعة تحت السيطرة الحوثية يصل إلى 48.4 مليار ريال يمني (1.6 مليار دولار) شهرياً، فيما لا يقر التمرد سوى بـ7 مليارات ريال يمني في الشهر، ما يعني أن نحو 41.4 مليار ريال غير مسجلة في الكشوفات، ويتم صرفها عبر قنوات غير شرعية ولا رسمية.
وكشفت حكومة الانقلابيين غير المعترف بها في صنعاء، للمرة الأولى عن مبالغ الإيرادات التي تحصلها، والتي تطالب الحكومة الشرعية بتوريدها إلى البنك المركزي اليمني بعدن لدفع رواتب موظفي الدولة. وكشف اجتماع لما يسمى «المجلس الاقتصادي الأعلى» برئاسة رئيس حكومة الانقلاب عبد العزيز بن حبتور، أن إجمالي ما يتم تحصيله في مناطق سيطرتهم لم يتجاوز 7 مليارات ريال (540 مليون دولار) حتى اللحظة. وأكد الاجتماع أن هذا المحصل يشكل 1 في المائة فقط من الالتزامات الفعلية لمرتبات الموظفين في المحافظات الشمالية والغربية، والتي تزيد على أربعمائة مليار ريال. وزعم أن المحافظات الواقعة تحت سيطرتهم تمثل أكثر من 80 في المائة من إجمالي عدد السكان.
وكرر الاجتماع مطالبة المجتمع الدولي وفي مقدمته الأمم المتحدة والمؤسسات المالية الدولية، بالقيام بواجباتهم الأخلاقية والإنسانية وممارسة الضغط على حكومة هادي، للوفاء بالتزاماتها تجاه موظفي الجهاز الإداري للدولة في عموم المحافظات ووقف الممارسات الانتقائية في صرف المرتبات. ويعاني موظفو الدولة خاصة في المحافظات الشمالية والغربية من انقطاع مرتباتهم منذ قرار نقل البنك المركزي اليمني إلى عدن.
وأمام ذلك، قال الدكتور نجيب غلاب، وكيل وزارة الإعلام لقطاع الصحافة لـ«الشرق الأوسط» إن الادعاءات التي تقدمت بها حكومة الانقلاب في صنعاء غير صحيحة وتدل على أنها لا تحكم ولا معلومات لديها، مشدداً على أن المليارات السبعة التي تحدث عنها بن حبتور دليل واضح على حجم النهب والسرقات والسطو الذي يحدث للمال العام. وأضاف أنه «بجردة بسيطة سنجد أن إيرادات ميناء الحديدة لوحده تتجاوز 50 مليار ريال يمني (1.7 مليار دولار)، حسب إحصاءات الانقلابيين، وهذا المبلغ لا يمثل إلا ما هو معلن، كما أن أرباح المشتقات النفطية تبلغ حسب دراسات اقتصادية بالحد الأدنى 350 مليار ريال يمني سنويا (10 مليارات دولار) ناهيك عن الضرائب والجمارك والاتصالات».
وذهب إلى أن من الواضح أن الحركة الحوثية تسيطر بشكل كامل على الموارد العامة وتضعها في حسابات خاصة بالحركة وقياداتها وتعيد توظيفها في اقتصاد الحركة الذي أصبح يشكل كياناً موازياً متحكماً، فيما تحولت وظيفة مؤسسات الدولة إلى خدمة هذا الكيان وبالمجان.
وبين أن الحركة لم تكتف بذلك بل تقوم بإنهاك الاقتصاد الوطني وإضعافه لخدمة التنظيم الحوثي الذي أصبح سلطة سطو وهدم لا سلطة انقلابية فحسب، مشيراً إلى أن غالبية القوى التي تحكمها السلطات الحوثية تشكو من النهب المنظم واللصوصية التي يمارسها كيان الحوثية الموازي. وكانت الأمم المتحدة قد تقدمت بمقترحات لتنظيم عملية الإيرادات، ووافقت عليها الحكومة الشرعية على ذلك، وهو مقترح تم العمل عليه من قبل رجال مال وأعمال يمنيين وفاعلين دوليين إلا أن التمرد الحوثي رفض المقترحات الأممية.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.