الخارجية الأميركية تراقب السودان مع اقتراب تحديد مصير العقوبات

TT

الخارجية الأميركية تراقب السودان مع اقتراب تحديد مصير العقوبات

أعلنت وزارة الخارجية الأميركية إنها ستكشف «قريباً» عن تقييمها النهائي لمدى التزام السودان، بمجموعة خطوات مطلوب فعلها، يتحدد على ضوئها «رفع العقوبات عنه من عدمه».
ويتوقع أن تقرر الإدارة الأميركية خلال الأيام المقبلة مصير العقوبات الاقتصادية، التي تم رفع جزء منها في أواخر أيام الرئيس السابق باراك أوباما، ويتعين على الخرطوم إجابة بعض المطالب الأميركية حتى تتمكن من رفعها بشكل نهائي، بحلول 12 يوليو (تموز) الجاري. وقال مسؤول في الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن الإدارة الأميركية «تجري دراسة دقيقة لأفعال السودان»، تمهيداً للإعلان «قريباً» عن تقييمها النهائي للأوضاع في السودان، وتابع: «من المؤكد أن التقييم النهائي إذا كان إيجابياً سيتحدد بموجبه رفع بعض العقوبات».
وتشترط الحكومة الأميركية لرفع العقوبات عن السودان وفقاً للقرار التنفيذي الذي أصدره الرئيس السابق باراك أوباما 13 يناير (كانون الثاني) 2017 لرفع العقوبات المفروضة على السودان منذ 1997 كلياً، التزامه بما اتفق على تسميته بخطة المسارات الخمسة، وتتضمن عددا من القضايا المحورية، وعلى رأسها التعاون في مكافحة الإرهاب والأمن الإقليمي، والسلام في كل من السودان وجنوب السودان، وإيصال العون الإنساني.
وأوضح المسؤول الأميركي أن حكومته تتوقع أفعالاً إيجابية من السودان، وتابع: «تتوقع الولايات المتحدة أن ترى أفعالاً إيجابية من جانب السودان بعد يوم 12 يوليو (تموز) الحالي، بصرف النظر عن نتيجة مراقبتنا لأفعاله».
وقطع بأن تواصل الولايات المتحدة تعاملها مع السودان، وفي ذات الوقت مواصلة الضغوط الضرورية عليه، للحيلولة دون حدوث انتكاسة إلى الوراء في أفعال السودان. وفي ذات الوقت تعهد بأن تواصل حكومة الولايات المتحدة تشجيع المزيد من التعاون بين البلدين، والتقدم باتجاه السلام والاستقرار في السودان وفي الإقليم.
ولم يحدد المسؤول بشكل قاطع ما إن كانت إدارة الرئيس دونالد ترمب ستلتزم برفع العقوبات وفقاً للأمر التنفيذي رقم 13761 الذي أصدره الرئيس السابق باراك أوباما قبل أيام قليلة من نهاية عهده، وقال: «هذا حدث قبل بداية عهد الرئيس دونالد ترمب»، بيد أنه عاد ليضيف: «القرار الذي ستصدره إدارة ترمب سيكون حسب ما جاء في أمر أوباما التنفيذي». وقالت السفارة الأميركية في الخرطوم الجمعة الماضية، إنها «قلقة جداً» إزاء سجل السودان في مجال حقوق الإنسان وإغلاق الفضاء السياسي، والقيود المفروضة على حرية التعبير والحرية الدينية بما في ذلك حرية الصحافة، واعتبرته متشابكاً جداً مع خطة المسارات الخمسة. وأضاف بيان سفارة واشنطن: «خلال هذه الفترة، نظل نضغط لضمان أن يلتزم السودان بإعلانه وقف القتال من جانب واحد في مناطق النزاع، وأنه أوقف كل القصف العشوائي الجوي، لأن هذا جزء هام من مطالب حقوق الإنسان».
وأيدت المحكمة العليا الأميركية الأسبوع الماضي القرار التنفيذي الذي أصدره الرئيس ترمب في مارس (آذار) الماضي، وحظر بموجبه دخول رعايا ست دول لأراضي بلاده، من بينها السودان، وهو الأمر الذي رفضته الخرطوم وقالت إن السودان وحكومته ومواطنيه لا يشكلون تهديداً للأمن القومي الأميركي.
من جهته، جدد مجلس الأمن الخميس الماضي مهمة بعثة حفظ السلام المشتركة بين الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة لعام آخر، بيد أنه رأى تخفيض عدد القوات العسكرية والشرطية تدريجياً إلى النصف بنهاية العام حال تعاون السودان.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».