«شمس على نوافذ مغلقة» إبداعات الشباب الليبيين بعد القذافي

«شمس على نوافذ مغلقة»  إبداعات الشباب الليبيين بعد القذافي
TT

«شمس على نوافذ مغلقة» إبداعات الشباب الليبيين بعد القذافي

«شمس على نوافذ مغلقة»  إبداعات الشباب الليبيين بعد القذافي

إطلالة مهمة على إبداعات الشباب في ليبيا، يقدمها هذا الكتاب «شمس على نوافذ مغلقة»، الصادر حديثا في إطار مشروع مشترك بين مؤسسة أريتي للثقافة والفنون بالعاصمة الليبية طرابلس ودار دارف للنشر وبالتعاون مع المجلس الثقافي البريطاني هناك.
يقع الكتاب في نحو 550 صفحة وأعده للنشر وحرره الشاعر خالد المطاوع، والقاصة الصحافية ليلى نعيم المغربي، وقدم له الروائية والباحثة الأكاديمية دكتورة فريدة المصري، كما تصدرت الكتاب دراسة نقدية مستفيضة للكاتب الصحافي أحمد الفيتوري.
يقدم الكتاب بانوراما للمبدعين الشباب الليبيين، تضم نصوصا لـ23 اسما، في الشعر والقصة والرواية تواكب نشر إبداعهم ما بعد ثورة 17 فبراير، التي أطاحت بنظام العقيد معمر القذافي.
تعكس أجواء النصوص الواقع الليبي الراهن بكل ما يضج به من اقتتال واضطراب سياسي وأمني، ويهيمن عليها طابع الانفعال المباشر مع ما يفرزه هذا الواقع على كل المستويات، فتعلو نبرة السخرية، والفانتازيا، بينما تبدو صورة الحرب، وكأنها خبز يومي، ومشهد معتاد، تفوح منه رائحة كراهية للذات والآخر والواقع برمته.
إنها نصوص غير اعتيادية لا يحدها سقف، كما تقول الباحثة فريدة المصري في تقديمها للكتاب، لافتة إلى أن «جذورها عميقة، كما أنها تحمل عطرا متمردا على واقع وجدوا أنفسهم مغمورين فيه دونما إرادتهم، لاهثا خلف تاريخ صنعه الأجداد».
ويرى الكاتب أحمد الفيتوري أن «نصوص الكتاب السردية والشعرية تتميز عن الكتابة الليبية السابقة، بأنها كتبت في زمن الثورة والحرب الأهلية الناتجة عنها، وهي حرب مدن وشوارع وقودها جيل الشباب. لذلك تهجس بالفجيعة في زمن القتل بالمجان والصدفة والعبث»..
والأسماء المشاركة في الكتاب تضم كلا من: أحمد البخاري، أحمد الشارف، أحمد الفاخري، أمل النايلي، أمل بنود، أنوار الجرنازي، انتصار البرعصي، إيناس فارس، المكي أحمد المستجير، أنيس فوزي، جمانة الورفلي، حسام الثني، خيري جبودة، راوية الككلي، ربيع بركات، سراج الدين الورفلي، شكري الميدي أجي، علي الطيف، غدى كفالة، فيروز العوكلي، محمد النّعاس، منيرة نصيب، مهند شريفة، مو مصراتي، نجوى وهيبة.
من أجواء الكتاب يقول الشاعر حسام الثني، في قصيدة بعنوان «تدوين»:

أنا كلية أكتم نباح جِرائي خشية مدفع هاو تزر يمشي في شارعنا
أنا شجرة كلما
ارتطم جذعي بالأرض
أنا شقيقتي أذاكر تحت شمعة
يفرح قلبي لفتيلة زيت مصنوعة من قشر البرتقال
أنا صوتي المخنوق اكتب لي
أنا أمي أرى انهيار كبريائي بسبب أول أكسيد الكربون المنبعث من الموقد
أنا ضمير قاتلي..
اقتلني بحسن نية.



«الأقلمة» و«العبور»... كتابان جديدان لنادية هناوي

«الأقلمة» و«العبور»... كتابان جديدان لنادية هناوي
TT

«الأقلمة» و«العبور»... كتابان جديدان لنادية هناوي

«الأقلمة» و«العبور»... كتابان جديدان لنادية هناوي

عن مؤسسة أبجد للنشر والترجمة والتوزيع صدر حديثاً كتاب «أقلمة سرد الحيوان» للدكتورة نادية هناوي ويأتي استكمالاً لمشروعها في «الأقلمة السردية»، وكانت قد بدأته بكتابها «أقلمة المرويات التراثية» وأتبعته بكتابين هما «الأقلمة السردية من العصور الوسطى حتى القرن التاسع عشر» و«الأقلمة السردية: مخابرها الغربية - مناشئها الشرقية».

ويدور كتاب «أقلمة سرد الحيوان» في إطار النظرية السردية وما يجري في العالم من تطور في مجال دراسات الأقلمة، بغية الإفادة منها في دراسة تراث السرد العربي بكل ما فيه من نظم وتقاليد وأساليب وتقنيات، ترسيخاً لدوره التأصيلي في السرد الحديث والمعاصر، وتدليلاً على عالميته التي ترى المؤلفة أنها قد «حجبت بستر التبعية، بكل ما في الاتباع من تقريع الذات ودفن قابلياتها والتشكيك في قدراتها».

ويدخل هذا النوع من الدراسات في إطار نزعة ما بعد الإنسان التي ساهم بعض المفكرين والنقاد في تعزيزها. وممن تناولهم الكتاب بالدراسة الفيلسوف جاك دريدا بمقالته «الحيوان الذي أكون» وفيها رأى أن الحيوان يملك وجوداً متجانساً ومتناغماً مثلنا، وأن الملايين من الكائنات الأخرى تتطلب منا أن نبدأ في التعامل معها بجدية. واستعاد دريدا ما قاله ميشال دي مونتيني (1533 - 1592) حين كتب اعتذاراً إلى ريموند سيبوند، متسائلاً عن علاقته بقطته. فالقطة كيان حقيقي وتحديقها فيه تأمل وله معنى. أما جان فرنسوا ليوتار فطرح أسئلة كثيرة حول علم الأجناس وما هو غير إنساني وتساءل: «ماذا لو كان البشر بذاك الإدراك الحسي الإنساني في عملية إكراهية لتحويلهم إلى غير البشر؟ ماذا لو كان ما نعرف أنه مناسب للبشر قد أصبح ملائماً لغير البشر؟». ومن جهته افترض فرانسيس فوكوياما في كتابه «مستقبلنا ما بعد البشري» أن الإنسان في أصل تكوينه حيوان ثقافي، ومن المستحيل أن نتحدث عن حقوق الإنسان، وبالتالي عن العدالة والسياسة والفضيلة بصورة أكثر عمومية من دون أن يكون لدينا مفهوم ما عن ماهية البشر كنوع حي. فالبشر أحرار في صوغ سلوكياتهم الخاصة لأنهم حيوانات ثقافية قادرة على تعديل الذات، ومثلما أن الحيوانات تتصارع من أجل البقاء والاعتراف بالغلبة فكذلك البشر يتصارعون.

وتؤكد المؤلفة أن تبني المدرسة الأنجلوأميركية لنزعة ما بعد الإنسان، هو الذي وسّع مدارات علوم السرد ما بعد الكلاسيكية باتجاهات بشرية وغير بشرية، ويعد علم سرد الحيوان واحداً من تلك العلوم المستجدة وميداناً بحثياً يُختبر فيه كل ما هو نظري وإجرائي له صلة بعلاقة الإنسان بالحيوان من جهة ويتقارب أو يتداخل من جهة أخرى مع ميادين علمية أخرى، لعل أهمها علم البيئة من ناحية ما للإنسان من دور رئيس في دمار الطبيعة وتهديد نظامها الإحيائي النباتي والحيواني. ويساهم في ذلك كله ظهور جمعيات ومنظمات تدافع عن البيئة وتدعو إلى الرفق بالحيوان.

في السياق نفسه، صدر حديثاً عن المؤسسة نفسها كتاب آخر للدكتورة نادية هناوي بعنوان «العبور الأجناسي: الأشكال - الأنواع - القضايا»، ويعد الكتاب السادس فيما بحثته المؤلفة في هذه النظرية من قضايا وتفريعات بعد كتبها «نحو نظرية عابرة للأجناس» 2019 و«الطائر المكدود في البحث عن اليقين المفقود لعبد الرحمن طهمازي» 2021 و«غاليانو صياد الكلام والعبور الأجناسي» 2022 و«قصيدة النثر العابرة في مطولات الشاعر منصف الوهايبي» 2024 و«السونيت في شعر حسب الشيخ جعفر» 2023.