إثيوبيا تؤكد لمصر التزامها باتفاق إعلان المبادئ حول سد النهضة

وزيرا خارجية البلدين التقيا على هامش اجتماعات أفريقية في أديس أبابا

وزيرا خارجية مصر وإثيوبيا قبل بدء جلسة مشاورات سياسية بينهما على هامش اجتماعات المجلس التنفيذي للاتحاد الأفريقي بأديس أبابا («الشرق الأوسط»)
وزيرا خارجية مصر وإثيوبيا قبل بدء جلسة مشاورات سياسية بينهما على هامش اجتماعات المجلس التنفيذي للاتحاد الأفريقي بأديس أبابا («الشرق الأوسط»)
TT

إثيوبيا تؤكد لمصر التزامها باتفاق إعلان المبادئ حول سد النهضة

وزيرا خارجية مصر وإثيوبيا قبل بدء جلسة مشاورات سياسية بينهما على هامش اجتماعات المجلس التنفيذي للاتحاد الأفريقي بأديس أبابا («الشرق الأوسط»)
وزيرا خارجية مصر وإثيوبيا قبل بدء جلسة مشاورات سياسية بينهما على هامش اجتماعات المجلس التنفيذي للاتحاد الأفريقي بأديس أبابا («الشرق الأوسط»)

أكد وزير خارجية إثيوبيا، وركنا جيبيو، على التزام بلادة بالتعاون مع مصر من أجل استكمال المسار الفني الثلاثي والانتهاء من الدراسات في موعدها، والتزام إثيوبيا باتفاق إعلان المبادئ الثلاثي، وذلك خلال جلسة مشاورات سياسية انعقدت صباح أمس مع وزير الخارجية المصري سامح شكري، على هامش اجتماعات المجلس التنفيذي للاتحاد الأفريقي بأديس أبابا، تناولت مجمل العلاقات المصرية - الإثيوبية من جميع جوانبها، بالإضافة إلى مسار التعاون الثلاثي بين مصر والسودان وإثيوبيا، فضلاً عن التطورات الخاصة بسد النهضة ومسار أعمال اللجنة الفنية الثلاثية المعنية بمتابعة الدراسات الخاصة بتأثير السد على دولتي المصب.
واتفق الجانبان على أهمية البدء في الإعداد لاجتماع اللجنة العليا المشتركة بين البلدين على مستوى القيادتين السياسيتين، وكذلك الاتفاق مع السودان على السبيل الأمثل للتعجيل ببدء عمل الصندوق الاستثماري الثلاثي لتنفيذ مشروعات تعود بالنفع على الدول الثلاث.
وفيما يتعلق بملف سد النهضة، أوضح المتحدث باسم الخارجية المصري، أحمد أبو زيد، أن وزير الخارجية أكد لنظيرة الإثيوبي على الاهتمام الكبير الذي توليه مصر لضرورة إتمام المسار الفني الخاص بدراسات سد النهضة وتأثيره على مصر في أسرع وقت، وإزالة أية عقبات قد تعيق إتمام هذا المسار لتسهيل الانتهاء من الدراسات المطلوبة في موعدها المقرر دون أي تأخير.
وأكد شكري للوزير الإثيوبي أن مصر هي الطرف الرئيسي الذي يمكن أن يتضرر من استكمال بناء السد وبدء تشغيله دون أخذ الشواغل المصرية بعين الاعتبار. وفى هذا الإطار، جدد وزير الخارجية طلب وزير الموارد المائية والري المصري لنظيريه الإثيوبي والسوداني، بعقد اجتماع فوري للجنة الفنية الثلاثية على المستوى الوزاري لإعطاء التوجيهات اللازمة للجنة الفنية لاتخاذ القرار المناسب تجاه التقرير الاستهلالي الذي قدمه المكتب الاستشاري، والذي لم تتفق اللجنة عليه حتى الآن، وذلك لضمان السير قُدُماً في إعداد الدراسات وفقا للإطار الزمني المتفق عليه. وقد طلب الوزير شكري من نظيرة الإثيوبي التجاوب مع المطلب المصري لتسهيل عقد الاجتماع على المستوى الوزاري في أسرع وقت.
وأضاف أبو زيد أن وزير الخارجية المصري أكد لنظيرة الإثيوبي أن اتفاق إعلان المبادئ الموقع بين مصر وإثيوبيا والسودان يؤكد بكل وضوح على ضرورة الالتزام بنتائج الدراسات الخاصة بتأثيرات السد المحتملة على دولتي المصب لتحديد فترة ملء خزان السد وأسلوب تشغيله سنويّاً، ومن ثم فإن إضاعة المزيد من الوقت دون إتمام الدراسات في موعدها سوف يضع الدول الثلاث أمام تحديات جسام، وبالتالي فإن الأمر يتطلب التدخل السياسي من أجل وضع الأمور في نصابها لضمان استكمال المسار التعاوني الفني القائم.
واتسم الحوار بين وزيري خارجية مصر وإثيوبيا بالوضوح والصراحة الكاملة، وأكد الوزير الإثيوبي على التزام بلادة بالتعاون مع مصر من أجل استكمال المسار الفني الثلاثي والانتهاء من الدراسات في موعدها، وعلى التزام إثيوبيا باتفاق إعلان المبادئ الثلاثي.
كما التقى سامح شكري مع عبد القادر مساهل وزير خارجية الجزائر. وأوضح المستشار أبو زيد أن وزير الخارجية، شكري، بناء على استفسار من نظيره الجزائري، قدم شرحا لأهم نتائج ومداولات قمة دول حوض النيل التي عقدت أخيراً في العاصمة الأوغندية كمبالا، مشيراً إلى أن مصر شاركت في المفاوضات بروح إيجابية ورغبة في تعزيز علاقات التعاون في كل المجالات وبناء الثقة مع دول حوض النيل. كما ناقش الوزيران مبادرة الإصلاح المؤسسي للاتحاد الأفريقي، وأهمية التنسيق المشترك بين الدولتين في هذا الصدد باعتبارهما من كبار المساهمين في ميزانية الاتحاد الأفريقي.
كما تناول اللقاء الوضع في ليبيا ونتائج اجتماعات اللجنة الأفريقية رفيعة المستوى حول ليبيا مع التأكيد على محورية دول الجوار في هذا الصدد، مضيفاً أن الوزيرين ناقشا أيضاً الأزمة القطرية وتطوراتها.
من جانبه، أكد وزير خارجية الجزائر على أهمية التنسيق المشترك بين البلدين في إطار الاتحاد الأفريقي لا سيما فيما يتعلق بالميزانية المقترحة للاتحاد وبرامج التنمية المقترحة في إطار التعاون بين دول القارة والشركاء الدوليين.



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.