أميركا تلمح إلى مراجعة مساهمتها في صندوق النقد

تزامناً مع تقارير تنتقد مبالغة في تقدير قيمة الدولار

وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوشن أثناء مؤتمر صحافي (إ.ب.أ)
وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوشن أثناء مؤتمر صحافي (إ.ب.أ)
TT

أميركا تلمح إلى مراجعة مساهمتها في صندوق النقد

وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوشن أثناء مؤتمر صحافي (إ.ب.أ)
وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوشن أثناء مؤتمر صحافي (إ.ب.أ)

تزامناً مع صدور تقارير لـ«صندوق النقد الدولي» خلال الأسبوع الماضي، خفض فيها توقعاته للنمو الأميركي، مشككاً في خطط الإدارة الحالية، ومشيراً أيضاً إلى تقويم مبالغ فيه لقيمة الدولار، لمح وزير الخزانة الأميركي ستيفين منوتشين إلى أن بلاده بصدد مراجعة مساهماتها في صندوق النقد، دافعاً بأن ذلك يأتي حرصاً على دافعي الضرائب، ومن دون أي إشارة إلى تقارير الصندوق.
وقال منوتشين، في مؤتمر صحافي مساء الخميس، إن الولايات المتحدة تدعم مهمة صندوق النقد الدولي، رغم أنها تريد دوماً أن تتأكد من أن «أموال دافعي الضرائب» يجري إنفاقها بطريقة رشيدة، موضحاً: «سندرس مساهماتنا للصندوق، مثلما ندرس كل المساهمات، بحرص شديد، لنتأكد من أننا ننفق أموال دافعي الضرائب بشكل صحيح».
وتعد الولايات المتحدة أحد أكبر المساهمين في صندوق النقد الدولي. وجاءت تصريحات منوتشين في نهاية أسبوع شهد تخفيض صندوق النقد الدولي، يوم الثلاثاء الماضي، توقعاته لنمو الاقتصاد الأميركي إلى 2.1 في المائة في عامي 2017 و2018، فيما يعد التراجع الأول من نوعه لتوقعات النمو الأميركي منذ انتخاب دونالد ترمب، دافعاً بأن هذا التخفيض يأتي بسبب عدم اتضاح خطة ترمب لإنعاش الاقتصاد وتعزيز النمو نتيجة خطط التخفيضات الضريبية والإنفاق المالي للإدارة الأميركية.
وأتبع صندوق النقد خفض تقديراته بنشر تقرير على موقعه الإلكتروني يوم الأربعاء، أشار فيه إلى أن الدولار الأميركي «مقوم بأكثر من قيمته» أمام العملات الرئيسية، معتبراً أن الأمر يشكل ضغطاً على نمو أكبر اقتصاد في العالم، وقال إن العملة الأميركية «مبالغ في قيمتها بنسبة تتراوح بين 10 و20 في المائة».
كما أوضح، في التقرير ذاته، أن الاقتصاد الأميركي يشهد ضغوطاً على المدى المتوسط، تشمل ارتفاع الدين العام، وصعود قيمة الدولار، مع توقعات بتجاوز عجز الحساب الحالي مستوى 3 في المائة من الناتج المحلي. لكن الصندوق أوضح في الوقت نفسه، أن الاقتصاد الأميركي يشهد حالياً ثالث أطول فترة نمو منذ عام 1850، في الوقت الذي نما فيه الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 12 في المائة، مقارنة بمستويات ما قبل الأزمة المالية في عام 2008.
ورغم أن منوتشين لم يذكر في حديثه أي علاقة مباشرة بين تقارير صندوق النقد الأخيرة ونية الإدارة الأميركية مراجعة مشاركتها فيه، فإن مراقبين يرون أن ثمة اضطراباً في التواصل بين الطرفين خلال الفترة التي تلت تولي دونالد ترمب للرئاسة.
ومن ناحية أخرى، قال منوتشين، في المؤتمر الصحافي، إن إدارة الرئيس ترمب لم تتخذ حتى الآن أي قرار فيما يتعلق بالرئيس المقبل لمجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي)، الذي تتولاه حالياً جانيت يلين منذ عام 2014، في ولاية تمتد حتى العام المقبل.
وكانت الخلافات في وجهات النظر بين ترمب ويلين سبباً في توقع كثير من المراقبين حول العالم أن ينهي الرئيس الأميركي ولايتها مبكراً، لكن يبدو أن مستشاري الرئيس ترمب نصحوه بالتريث لحين انتهاء فترة ولايتها حتى لا يؤثر «قرار حاد» على حالة الاقتصاد الأميركي.
وفي حين تتمسك يلين بخطوات رزينة واثقة في تحريك السياسات المالية، وما يخص رفع أسعار الفائدة، يريد ترمب تحركاً أكثر سرعة، يشمل تيسيرات مصرفية وزيادة وتيرة رفع أسعار الفائدة، في سبيل إنعاش عاجل وقوي لاقتصاد بلاده، بحسب رؤيته. إلا أن يلين، وغالبية مجلس الاحتياطي الفيدرالي، يرون أن أي خطوات «غير محسوبة» من شأنها أن تسفر عن احتمالات عكسية تقوض عمل سنوات من البناء أعقبت الأزمة المالية العالمية.
ووسط تلك المناوشات، قال مكتب الميزانية بالكونغرس الأميركي، في تقرير مساء الخميس، إنه يجب على الكونغرس أن يرفع سقف الدين العام بحلول أوائل - إلى منتصف - أكتوبر (تشرين الأول)، من أجل تفادي التخلف عن سداد مدفوعات القروض.
وأشار منوتشين إلى أن وزارته قد تبلغ سقف الدين في سبتمبر (أيلول)، وشجع الكونغرس على رفعه قبل أن يبدأ المشرعون عطلتهم الصيفية. وبدأ زعماء الجمهوريين في مجلس النواب مناقشات مع الديمقراطيين بشأن هذه المسألة. ويوجد سقف قانوني لحجم الأموال التي يمكن للحكومة الأميركية أن تقترضها لتغطية عجز الميزانية. والكونغرس وحده هو الذي يمكنه رفع ذلك السقف.
وأشار تقرير مكتب الميزانية بالكونغرس، وهو هيئة غير حزبية، إلى إيرادات للضرائب أقل من المتوقع في العام المالي الحالي، الذي ينتهي في الثلاثين من سبتمبر، وهو عامل أشار إليه منوتشين كسبب للإسراع برفع سقف الدين.
وانخفاض مدفوعات الضرائب يشار إليه أيضاً كعامل في زيادة العجز المقدر في الميزانية. ورفع مكتب الميزانية تقديره للعجز للسنة المالية الحالية إلى 693 مليار دولار، بزيادة قدرها 134 مليار دولار عن تقديره السابق الذي صدر في يناير (كانون الثاني) الماضي.



التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)

ارتفع معدل التضخم في السعودية إلى 2 في المائة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على أساس سنوي، مسجلاً أعلى مستوى منذ 15 شهراً، وذلك عطفاً على ارتفاع أسعار قسم السكن والمياه والكهرباء، والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة وأسعار أقسام السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة، مقابل انخفاض أسعار قسم النقل بنسبة 2.5 في المائة.

وعلى الرغم من ذلك الارتفاع فإن هذا المستوى جعل السعودية البلد الأقل ضمن مجموعة العشرين، في الوقت الذي عدَّه اقتصاديون معتدلاً نسبياً.

ووفق مؤشر الرقم القياسي لأسعار المستهلك، الصادر عن الهيئة العامة للإحصاء، الأحد، ارتفع قسم السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة، وقد تأثر بارتفاع مجموعة الإيجارات المدفوعة للسكن 10.8 في المائة خلال نوفمبر الماضي، بسبب زيادة في أسعار إيجارات الشقق 12.5 في المائة.

المطاعم والفنادق

وكان لارتفاع هذا القسم أثر كبير في استمرار وتيرة التضخم السنوي لنوفمبر 2024، نظراً للوزن الذي يشكله هذا القسم، الذي يبلغ 25.5 في المائة، وفي السياق ذاته، ارتفعت أسعار قسم السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة خلال نوفمبر السابق، متأثرة بارتفاع أسعار المجوهرات والساعات بأنواعها والتحف الثمينة 23.7 في المائة.

وسجلت أسعار قسم المطاعم والفنادق ارتفاعاً بنسبة 1.5 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار الخدمات الفندقية والشقق المفروشة بنسبة 5.9 في المائة، أما قسم التعليم فقد شهد ارتفاعاً بنسبة 1.1 في المائة، متأثراً بزيادة أسعار الرسوم لمرحلتي المتوسط والثانوي 1.8 في المائة.

الأغذية والمشروبات

في حين سجلت أسعار الأغذية والمشروبات ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.3 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار اللحوم والدواجن، 1.9 في المائة. من جهة أخرى، انخفضت أسعار قسم تأثيث وتجهيز المنزل بنسبة 2.9 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الأثاث والسجاد وأغطية الأرضيات بنسبة 4.4 في المائة.

وتراجعت أسعار قسم الملابس والأحذية بنسبة 2.3 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الملابس الجاهزة 4.6 في المائة، وكذلك سجلت أسعار قسم النقل تراجعاً بنسبة 2.5 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار شراء المركبات بنسبة 3.9 في المائة.

تنويع الاقتصاد

وقال كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، الدكتور نايف الغيث، لـ«الشرق الأوسط»، إن ارتفاع معدل التضخم في المملكة إلى 2 في المائة خلال نوفمبر الماضي، مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق، يعكس التغيرات الاقتصادية التي تمر بها المملكة في إطار «رؤية 2030»، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.

وبيَّن الغيث أن العامل الرئيسي وراء هذا الارتفاع كان قطاع السكن والمرافق، حيث شهد زيادة كبيرة بنسبة 9.1 في المائة. وكان لارتفاع أسعار إيجارات المساكن، وخصوصاً الشقق التي ارتفعت بنسبة 12.5 في المائة، الدور الأكبر في هذه الزيادة، موضحاً أن هذا القطاع يشكل 25.5 في المائة من سلة المستهلك، وبالتالي فإن تأثيره على معدل التضخم العام كان ملحوظاً.

ووفق الغيث، أسهم ارتفاع أسعار السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة في زيادة معدل التضخم، وأن هذا الارتفاع يعكس تغيرات في أنماط الاستهلاك وزيادة الطلب على بعض السلع والخدمات في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة.

تحسين البنية التحتية

على الجانب الآخر، يرى كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، أن قطاع النقل شهد انخفاضاً بنسبة 2.5 في المائة، ما أسهم في تخفيف الضغط التضخمي إلى حد ما، وأن هذا الانخفاض قد يكون نتيجة لتحسن البنية التحتية للنقل وزيادة كفاءة الخدمات اللوجيستية، وهو ما يتماشى مع أهداف «رؤية 2030» في تطوير قطاع النقل والخدمات اللوجيستية.

وفي سياق «رؤية 2030»، يؤكد الغيث أنه من الممكن النظر إلى هذه التغيرات في معدلات التضخم كجزء من عملية التحول الاقتصادي الشاملة، مضيفاً أن الارتفاع في أسعار السكن، «على سبيل المثال»، قد يكون مؤشراً على زيادة الاستثمارات في القطاع العقاري وتحسن مستويات المعيشة.

وأبان أن الزيادة في أسعار السلع والخدمات الشخصية قد تعكس تنوعاً متزايداً في الاقتصاد وظهور قطاعات جديدة.

ولفت الغيث النظر إلى أن معدل التضخم الحالي البالغ 2 في المائة يعتبر معتدلاً نسبياً، ما يشير إلى نجاح السياسات النقدية والمالية في الحفاظ على استقرار الأسعار.