الجيش الإسرائيلي يهدم نصباً تذكارياً في جنين... والسلطة تحتج

مقتل 43 فلسطينياً منذ بداية العام واعتقال 350 مواطناً الشهر الماضي

جانب من الاحتجاجات التي عرفتها بلدة كفر قدوم قرب نابلس أمس (رويترز)
جانب من الاحتجاجات التي عرفتها بلدة كفر قدوم قرب نابلس أمس (رويترز)
TT

الجيش الإسرائيلي يهدم نصباً تذكارياً في جنين... والسلطة تحتج

جانب من الاحتجاجات التي عرفتها بلدة كفر قدوم قرب نابلس أمس (رويترز)
جانب من الاحتجاجات التي عرفتها بلدة كفر قدوم قرب نابلس أمس (رويترز)

اقتحمت قوات كبيرة من الجيش الإسرائيلي مدينة جنين فجر أمس، وهدمت نصباً تذكارياً يحمل اسم خالد نزال، أحد قادة العمليات المسلحة القديمة. وتركت في المكان لافتة كتبت بالعربية، تقول إنها هدمت النصب «الذي يخلد ذكرى الإرهابي»، ودخلت في اشتباك مع الشباب الذين قذفوها بالحجارة، وأصابت اثنين منهم.
وأفادت مصادر بمنظمة التحرير الفلسطينية بأن مثل هذه الاقتحامات باتت تتم بشكل يومي، رغم خرقها لاتفاقيات أوسلو، وكانت نتيجتها حتى الآن قتل 43 فلسطينياً منذ بداية السنة، وهدم كثير من النصب التذكارية والبيوت، واعتقال مئات الشباب.
وتحولت قضية نصب خالد نزال إلى موضوع دولي منذ بنائه قبل 3 أسابيع، إذ طالبت الإدارة الأميركية بهدمه، بدعوى أن «خالد نزال قاد عدة عمليات إرهابية، أسفرت عن مقتل العشرات من المدنيين والأطفال اليهود في إسرائيل في سنوات السبعينات»، واضطرت بلدية جنين إلى إزالته قبل نحو أسبوعين، وذلك بعد أسبوع واحد من إقامته، استجابة للضغوط الأميركية وتهديدات إسرائيل بإزالته بالقوة، غير أنها سرعان ما تراجعت عن موقفها أمام الانتقادات الشعبية التي وجهت إليها، لتعيد النصب إلى مكانه قبل نحو أسبوع.
وقال محمد أبو غالي، رئيس بلدية جنين، على صفحته في مواقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، إن الهدم «جاء بعد أن وصل الأمر إلى أعلى المستويات السياسية في مكتب نتنياهو وترمب، لدرجة أن الصلف الإسرائيلي وصل حد إرسال رسالة واضحة إلى السلطة الوطنية بإزالة الحجر المكتوب عليه اسم الشهيد»، موضحاً أن الميدان الذي يحوي النصب سيظل يحمل اسم الشهيد خالد نزال حتى لو هدم النصب.
ونفذ جيش الاحتلال تهديده أمس، حيث اقتحم المدينة وطوقها، ونشر قواته على أسطح البيوت، فوقعت مواجهات مع شبان من المدينة رشقوها بالحجارة والزجاجات الفارغة، في محاولة لإحباط عملية تدمير النصب التذكاري.
وتجدر الإشارة إلى أن نزال من مواليد بلدة قباطية، جنوب جنين، ومن أبرز قادة ومؤسسي «الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين»، بقيادة نايف حواتمة. وقد قاد عدة عمليات مسلحة ضد إسرائيل في السبعينات، أسفرت عن مقتل مدنيين. وكان له دور بارز في مقاومة الاجتياح الإسرائيلي للبنان سنة 1978 وسنة 1982، وقد اغتالته الاستخبارات الإسرائيلية الخارجية (الموساد) في اليونان، في يونيو (حزيران) عام 1986.
وندّدت «الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين» بالهدم، وقالت في بيان لها إن «ما أقدمت عليه قوات الاحتلال يمثل جريمة مادية وإنسانية وحضارية، ارتكبت تحت جنح الظلام، وتهدف إلى استباحة الذاكرة الوطنية الفلسطينية، والمساس بقيمة (الشهيد) السامية الراسخة في وجدان شعبنا وثقافته الوطنية، وهي مقدمة لمحاولات مكشوفة ومعلنة لإعادة تشكيل الوعي الشعبي الفلسطيني على نحو انهزامي، بما ينسجم مع مخططات تأبيد الاحتلال وتكريسه واقعاً نهائياً».
وأكد البيان أن «حكومة الاحتلال ومؤسساته دأبت على تمجيد القتلة الإرهابيين الصهاينة، على شاكلة باروخ غولدشتيان مرتكب مذبحة الحرم الإسرائيلي، وناتان زادة مرتكب مجزرة شفا عمرو، والإرهابي الأكبر إسحق شامير المسؤول عن اغتيال الكونت برنادوت وتفجير فندق الملك داود، الذي تولى أعلى المناصب السياسية في دولة الاحتلال، وغيرهم كثيرون».
من جهة ثانية، نشر «مركز عبد الله الحوراني للدراسات»، التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، إحصائيات تفيد بأن حصيلة الشهداء الفلسطينيين الذين قضوا برصاص القوات الإسرائيلية منذ بداية العام الحالي، ارتفعت إلى 43 فلسطينياً، بينهم 10 أطفال وسيدة واحدة، 9 قتلوا في شهر يونيو وحده.
وقال المركز إن الحكومة الإسرائيلية صادقت خلال شهر يونيو الماضي على مخططات لبناء أكثر من 11 ألف وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية والقدس، وهدمت خلال الشهر ذاته كثيراً من المنشآت السكنية والصناعية الفلسطينية في الضفة والقدس، وأخطرت بإخلاء وهدم منشآت أخرى، من بينها مدرسة «بدو الكعابنة»، شرق القدس، ومنشآت زراعية شيّدت بتمويل أوروبي. كما شهد الشهر نفسه اعتقال نحو 350 مواطناً فلسطينياً في كل من الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، من بينهم عشرات الأطفال، فضلاً عن إصابة 120 فلسطينياً جرّاء اعتداءات القوات الإسرائيلية.
وسجّل التقرير تصاعداً في حجم اعتداءات المستوطنين على المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم في كل أنحاء الضفة الغربية والقدس المحتلة خلال الشهر الماضي، تنوّعت بين إعطاب السيارات وخط شعارات عنصرية على جدران المنازل الفلسطينية، وحرقها، فضلاً عن اقتحام القرى الفلسطينية والاعتداء بالضرب على أهاليها، وتخريب أراضيهم واقتلاع الأشجار منها. كما اختطفت مجموعة من مستوطني «إيتمار»، المقامة على أراضي قرى جنوب نابلس، الطفل الفلسطيني بشار مليطات، من سكان بلدة بيت فوريك، وأصابته بحروق في جسده. كما أقدم مستوطن على طعن مواطن فلسطيني بالقرب من مستوطنة «بيتار عليت»، المقامة على أراضي مدينة بيت لحم، في وقت سابق من الشهر الحالي.
وفي قطاع غزة، رصد التقرير الفلسطيني الرسمي تنفيذ قوات الاحتلال الإسرائيلية 45 عملية إطلاق نار وقصف مدفعي، استهدفت مزارعين ورعاة أغنام في المناطق الشرقية للقطاع، وأسفرت عن استشهاد مواطنين وإصابة 39 آخرين بجروح، بالإضافة إلى 8 عمليات توغل بري انتهت بتجريف أراضي المواطنين شرق محافظتي خان يونس ورفح، وشمال غزة. وشملت الاعتداءات أيضاً 27 عملية إطلاق نار تجاه مراكب الصيادين في عرض بحر غزة.



إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

اعترضت إسرائيل صاروخين باليستيين أطلقتهما الجماعة الحوثية في سياق مزاعمها مناصرة الفلسطينيين في غزة، السبت، قبل يوم واحد من بدء سريان الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس» التي ادّعت الجماعة أنها تنسق معها لمواصلة الهجمات في أثناء مراحل تنفيذ الاتفاق في حال حدوث خروق إسرائيلية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تشن الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وتطلق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وتهاجم السفن الحربية الأميركية، ضمن مزاعمها لنصرة الفلسطينيين.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، عصر السبت، بتوقيت صنعاء، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار»، وإن الصاروخ وصل إلى هدفه «بدقة عالية وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له»، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المتحدث الحوثي أن قوات جماعته تنسق مع «حماس» للتعامل العسكري المناسب مع أي خروق أو تصعيد عسكري إسرائيلي.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض الصاروخ الحوثي، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن صافرات الإنذار والانفجارات سُمعت فوق القدس قرابة الساعة 10.20 (الساعة 08.20 ت غ). وقبيل ذلك دوّت صافرات الإنذار في وسط إسرائيل رداً على إطلاق مقذوف من اليمن.

وبعد نحو ست ساعات، تحدث الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ آخر قبل دخوله الأجواء، قال إنه أُطلق من اليمن، في حين لم يتبنّ الحوثيون إطلاقه على الفور.

ومع توقع بدء الهدنة وتنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من غير المعروف إن كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، وخليج عدن؛ إذ لم تحدد الجماعة موقفاً واضحاً كما هو الحال بخصوص شن الهجمات باتجاه إسرائيل، والتي رهنت استمرارها بالخروق التي تحدث للاتفاق.

1255 صاروخاً ومسيّرة

زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي استعرض، الخميس، في خطبته الأسبوعية إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال الـ15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

جزء من حطام صاروخ حوثي وقع فوق سقف منزل في إسرائيل (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته، جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن المتحدث الحوثي خلال حشد في أكبر ميادين صنعاء، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر، دون حديث إسرائيلي عن هذه المزاعم.

وادعى المتحدث سريع أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

كما زعم أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

5 ضربات انتقامية

تلقت الجماعة الحوثية، في 10 يناير (كانون الثاني) 2025، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الانتقامية على الرغم من التأثير المحدود للمئات من الهجمات الحوثية، حيث قتل شخص واحد فقط في تل أبيب جراء انفجار مسيّرة في شقته يوم 19 يوليو (تموز) 2024.

مطار صنعاء الخاضع للحوثيين تعرض لضربة إسرائيلية انتقامية (أ.ف.ب)

وإلى جانب حالات الذعر المتكررة بسبب صفارات الإنذار وحوادث التدافع في أثناء الهروب للملاجئ، تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ حوثي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أصيب نحو 20 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في الـ21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية أول رد من إسرائيل، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات غربية وإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر 2024، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.