موسم أصيلة الثقافي يناقش قضايا الشعبوية وأفريقيا والمسلمين في الغرب

الدورة الـ39 تكرم المفكر المغربي محمد سبيلا... وتحتفي بـ«بانيبال»

موسم أصيلة الثقافي يناقش قضايا الشعبوية وأفريقيا والمسلمين في الغرب
TT

موسم أصيلة الثقافي يناقش قضايا الشعبوية وأفريقيا والمسلمين في الغرب

موسم أصيلة الثقافي يناقش قضايا الشعبوية وأفريقيا والمسلمين في الغرب

ببرنامج غني تتوزعه الدورة 32 لجامعة المعتمد بن عباد الصيفية، ومشاغل الفنون التشكيلية، ومرسم الطفل، ومشغل كتابة وإبداع الطفل، ومعارض الفنون التشكيلية، وباقة من العروض الغنائية والموسيقية الراقية، في ظل حضور نوعي وجمهور متعطش، ينتظر أن تكون الدورة الـ39 من موسم أصيلة الثقافي الدولي وفية لروح وتوجه هذه التظاهرة المتميزة، سواء من حيث نوعية وتنوع برنامجها أو قيمة المشاركين فيها.
وعلى غرار المواسم الثقافية الماضية، حرص القائمون على هذا الحدث المتميز الذي ينظم تحت رعاية العاهل المغربي الملك محمد السادس، في دورة هذه السنة، التي تنظم ما بين أول و25 يوليو (تموز) المقبل، على التجديد النوعي والكمي، ضمن خيار الاستمرارية والمحافظة على الهوية الفكرية، التي طبعت الموسم منذ انطلاقه، في 1978. كتظاهرة هادفة غير مسبوقة في المجال الثقافي غير الحكومي في المغرب، ما أكسب الموسم مصداقية متجددة، فصار موعداً ثقافيا دولياً بامتياز، تقصده النخب السياسية والثقافية المغربية والأجنبية، وخصوصاً من دول الجنوب والمنطقة العربية، على أساس أنه من الواحات الفكرية القليلة في العالم وعالم الجنوب، التي يجري فيها نقاش خصب بين الفاعلين ومنتجي الأفكار بخصوص قضايا وإشكاليات لها اتصال بصميم الراهن الثقافي والمعيشي العام. ويتضمن البرنامج المسطر، في إطار جامعة المعتمد بن عباد، بمكتبة الأمير بندر بن سلطان ومركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية، ما بين 7 و25 يوليو (تموز)، ندوات تؤكد احتفاء أصيلة بفضيلة النقاش والحوار، والانخراط بفعالية في كل ما يتعلق بالأسئلة التي تؤرق الشعوب والنخب وصناع القرار عبر العالم. وتبرز أرضيات الندوات المبرمجة أهمية المواضيع والأسئلة المطروحة للتداول، بشكل يؤكد قيمة الإضافة التي يحملها موسم أصيلة، كل دورة، وهو يطرح للنقاش مواضيع لها راهنيتها في حضور نوعي من الفاعلين والمهتمين وصناع القرار عبر العالم.
وفي هذا السياق، سيكون جمهور الموسم ومتابعوه مع ندوة «أفريقيا والعالم: أي عالم لأفريقيا؟»، ما بين 7 و9 يوليو (تموز)، التي تؤكد في أرضيتها أن صورة أفريقيا الخارجية قد تغيرت جوهرياً، في السنوات الأخيرة، فلم يعد ينظر إليها على أنها قارة الفقر والأوبئة والديكتاتوريات العسكرية؛ إذ أن فيها، اليوم، دول صاعدة، وتجارب تنموية رائدة، وديمقراطيات مستقرة، كما أنها، اليوم، مدار استقطاب دولي واسع من مختلف القوى العالمية الرئيسية: الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والصين واليابان والهند. لذلك، تهدف هذه الندوة إلى تناول أوجه الرهانات الاستراتيجية والاقتصادية والأمنية والثقافية ذات الصلة بوضع أفريقيا في المنظومة الدولية، باستعراض الواقع الراهن واستشراف الأفق المستقبلي. ولإبراز صورة أفريقيا الجديدة من منظور المعادلة الدولية الراهنة، سيتوقف المشاركون عند محددات رئيسية، تشمل «موقع أفريقيا في الخريطة الاستراتيجية العالمية الجديدة» و«النظام الأفريقي والنظام الدولي»؛ و«أفريقيا في سياق النظام الاقتصادي الدولي»؛ و«أفريقيا ومسألة الحكامة وحسن التدبير» و«أفريقيا والأزمات الأمنية في العالم».
فيما تتعرض ندوة «الشعبوية والخطاب الغربي حول الحكامة الديمقراطية»، ما بين 12 و14 يوليو (تموز)، لما شهده العالم، في الآونة الأخيرة، من صعود أنماط جديدة من التيارات السياسية من أقصى اليمين وأقصى اليسار، يطلق عليها في الأدبيات السياسية صفة «الشعبوية»، التي تبرز، بتلويناتها المتعددة، في الحملات الانتخابية للشخصيات والأحزاب السياسية.
وتندرج «الشعبوية»، حسب أرضية الندوة في سياق له محددات أربعة أساسية؛ أولاً «أزمة عميقة تعاني منها المنظومة الديمقراطية التمثيلية في بنياتها المؤسسية وآلياتها العملية»؛ وثانياً «أزمة عميقة تطال النظام الدولي الذي تشكل بعد نهاية الحرب الباردة» وثالثاً «أزمة عميقة يعاني منها الاقتصاد العالمي، من أبرز مظاهرها انفصام الدينامية المالية عن المجال الاقتصادي»؛ ورابعاً «أزمة أمنية متفاقمة، تعاني منها مختلف بلدان العالم من جراء صعود الموجة الراديكالية العنيفة». لذلك ستهدف هذه الندوة إلى تلمس مختلف الإشكاليات ذات الصلة بصعود التيارات الشعبوية وأثرها على تركيبة واتجاهات النظام الدولي، والبحث عن سبل تفعيل الحكامة، والتشجيع على المشاركة السياسية، بما يقوي الاندماج الاجتماعي، ويساعد على امتصاص الخطابات الإقصائية.
من جهتها، تهدف ندوة «المسلمون في الغرب: الواقع والمأمول»، المنظمة ما بين 17 و19 يوليو (تموز)، إلى رصد أبعاد الحضور الإسلامي في الغرب، من خلال ثلاثة محاور: الأول «تشخيصي لوضع المسلمين في الغرب رصدا وتحليلا ووصفا»؛ والثاني «تقييمي يستعرض أوجه الرأي في التحديات والإشكالات والمصاعب التي تعترض الوجود المسلم في الغرب»؛ والثالث «استشرافي لاستكناه المستقبل وتصور الحلول والمقاربات البديلة لتطبيع وضعية المسلمين في المجتمعات الغربية، في أفق اندماج المكون الإسلامي في هذه المجتمعات، مع ضمان حقوقها الدينية القانونية والثقافية».
أما ندوة «الفكر العربي المعاصر والمسألة الدينية»، فتستهدف من وراء أشغالها، ما بين 21 و23 يوليو (تموز)، الوقوف على الإشكالات الفكرية التي يثيرها الموضوع، من خلال ثلاثة محاور، تشمل «التحليل الاجتماعي الثقافي لظواهر التدين الجديدة في مجالاتها المختلفة (التنظيم السياسي، الحركات الراديكالية العنيفة، التشكلات الطائفية)»؛ و«تحليل وتقويم الخطاب الفكري الإسلامي الراهن في توجهاته الكبرى: تناول المسألة التراثية، علاقته بالدينامية الحداثية، تناوله للمسألة الدينية السياسية؛ و«تحليل وتقويم المقاربات التأويلية والعملية التي بلورها الفكر الإسلامي المعاصر في صناعة الفتوى والإعلام الديني والدرس الديني».
على صعيد آخر، سيتم يوم 16 يوليو (تموز)، بمركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية، تكريم المفكر المغربي محمد سبيلاً، ضمن فقرة «خيمة الإبداع»، التي سعت، منذ البداية، أن تكون لحظة حوار ومساءلة واعتراف معرفي، لجهود أسماء طبعت الثقافة المغربية، لذلك جرت العادة أن يقترن الاحتفاء بمراجعة المنجز الفكري والإبداعي، وتحليل مضامينه ومقاصده.
كما سيعرف برنامج الموسم، يوم 20 يوليو (تموز)، الاحتفاء بالذكرى العشرين لصدور مجلة الأدب العربي الحديث (بانيبال)، التي تنهض بـ«أدوار مؤثرة في نقل الأدب العربي الحديث إلى العالم»، حيث إنها تلعب «دوراً هائلاً في ترجمة الأدب العربي».
من جهته، يعرف برنامج الفنون التشكيلية والكتابة، ما بين أول و23 يوليو (تموز)، اقتراح مشغل صباغة الجداريات، تحت إشراف محمد عنزاوي (المغرب) وسناء السرغيني عيدة (المغرب)؛ وجدارية «حكاية منضالا»، من تنسيق الفنانة الإسبانية مارتا دي بابلوس؛ و«مشغل الحفر»، تحت إشراف مليكة أكزناي (المغرب) وسناء السرغيني عيدة (المغرب)؛ بمشاركة كبير الفنانين أكيمي نوغو شي (اليابان)، وكامل عبد الله (تونس) وجعفر العرايبي (البحرين) وأوليسيا دزورايفا (أوكرانيا) وفرانسيسكا غانا (إيطاليا) وأيمن قادري محمد حامد (مصر) وخافيير روث (إسبانيا)؛ ومشغل الصباغة، تحت إشراف محمد عنزاوي (المغرب) وسناء السرغيني عيدة (المغرب)، بمشاركة كل من سمية عبد الغني (البحرين) ولبنى الأمين (البحرين) وخالد الساعي (سوريا) وناتاليا أبلاوسون (إسبانيا) وسهيل بن عزوز (المغرب) ولاوسون فلاو (الطوغو) وباهرام حجو (ألمانيا) وهيلدا الحياري (الأردن) وبشار الحروب (فلسطين) ونازبال إيتزيار (إسبانيا) ونرجس الجباري (المغرب) وعبد القادر المليحي (المغرب) ومحمد المرابطي (المغرب) وأتسوكو مويوما (اليابان) وأمينة رزقي (المغرب) ومين سوي صاوانو (اليابان)؛ ومرسم أطفال الموسم، تحت إشراف كوثر الشريكي (المغرب) وعلي حسين ميرزا (البحرين)، وفقرة «لنحافظ على مدينتنا»، من تنسيق الفنانة المغربية بدرية الحساني؛ ومشغل كتابة وإبداع الطفل، تحت إشراف عبد الكريم البسيري (المغرب) ومحمد بوخزار (المغرب)، وتأطير الشاعرة علية الإدريسي البوزيدي (المغرب)، ويوسف ناوري (المغرب).
فيما سيكون الجمهور، ضمن فقرة المعارض، ما بين 7 و25 يوليو (تموز) مع معرض جماعي، تحت عنوان «الإبداع في كافة المجالات»، برواق مركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية، ومع معرض «الربيعيات»، برواق مركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية؛ ومعرضاً جماعياً للفنانين الزيلاشيين الشباب (شباب أصيلة)، برواق ديوان قصر الثقافة، يشارك فيه كل من سلوى البحرين وعبد الواحد المسناني وربيع المسناني وطارق فايطح وعبد العزيز الحراقي وشروق المليحي وسوسن المليحي؛ فضلا عن معرض جماعي للوحات أطفال المرسم، برواق مدخل قصر الثقافة.
أما على مستوى العروض الموسيقية والغنائية، فسيكون الجمهور مع سهرة لمجموعة «الحضرة الشفشاونية» برئاسة أرحوم البقالي من المغرب، في 8 يوليو (تموز)؛ وسهرة «العزف على الغيتارة» لخوان خوسي ألبا من إسبانيا، في 9 يوليو (تموز)؛ وسهرة «أوركسترا شامبر فرانسي»، رباعي الكورد من فرنسا، في 11 يوليو (تموز)؛ وسهرة للفنانة إحسان الرميقي ومجموعة «زمان الوصل» من المغرب، في 14 يوليو (تموز)؛ وسهرة عزف على العود مع الفنان إدريس الملومي من المغرب، في 18 يوليو (تموز)؛ وسهرة فلامنكو مع ماكارينا راميريث من إسبانيا، في 23 يوليو (تموز)؛ وسهرة في الطرب الأندلسي مع فرقة محمد العربي التمسماني للمعهد الموسيقي بتطوان برئاسة الأستاذ محمد الأمين الأكرامي من المغرب، في 24 يوليو 2017.
وكما جرت العادة، ينتظر أن يتوج موسم أصيلة، في نهاية فعالياته، بحفل تسليم الجوائز لسكان مدينة أصيلة، التي تتمحور حول الأم المثالية والمرأة العاملة والبيئة وصياد السنة وصانع السنة وجمعية السنة ورياضي السنة و«طفل السنة».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».