قلق في مصر من طوفان تضخم إثر رفع أسعار المحروقات

الحكومة أكدت أن الموازنة لا تتحمل التلكؤ في إجراءات الإصلاح

رفع أسعار السولار والبنزين 80 أوكتين سيسفر عن زيادات كبيرة في أسعار السلع والخدمات كافة (إ.ب.أ)
رفع أسعار السولار والبنزين 80 أوكتين سيسفر عن زيادات كبيرة في أسعار السلع والخدمات كافة (إ.ب.أ)
TT

قلق في مصر من طوفان تضخم إثر رفع أسعار المحروقات

رفع أسعار السولار والبنزين 80 أوكتين سيسفر عن زيادات كبيرة في أسعار السلع والخدمات كافة (إ.ب.أ)
رفع أسعار السولار والبنزين 80 أوكتين سيسفر عن زيادات كبيرة في أسعار السلع والخدمات كافة (إ.ب.أ)

كما كان متوقعا قبل بداية الموازنة المالية السنوية الجديدة في الأول من يوليو (تموز)، رفعت الحكومة المصرية صباح أمس الخميس أسعار المحروقات في البلاد، في إطار خطتها لإعادة هيكلة دعم المواد البترولية وخفض عجز الموازنة، لكن الصدمة الحقيقية في الشارع المصري كانت نتيجة امتداد طيف الزيادات ليشمل كافة منتجات المحروقات، وبنسب أكثر من المتوقع وصلت إلى 100 في المائة، في جانب منها، فيما يحذر مراقبون من آثار تلك الزيادات، مؤكدين أنها ستسفر عن موجة تضخم جديدة تزيد من سوء حجم التضخم غير المسبوق الذي تعاني منه مصر حاليا.
وهذه هي المرة الثانية التي ترفع فيها الحكومة أسعار الوقود خلال ثمانية أشهر، بعدما رفعتها في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بنسب تراوحت بين 30 و47 في المائة، في إطار خطة لإلغاء الدعم بحلول العام المالي 2018 – 2019، وفقا لبرنامج متفق عليه مع صندوق النقد الدولي، تحصل بموجبه القاهرة على قروض قيمتها الإجمالية 12 مليار دولار.
وكان وزير البترول المصري طارق الملا قد قال في مارس (آذار)، إن مصر لا تستهدف إلغاء دعم الوقود بشكل كامل، وإنما خفضه فقط خلال ثلاث سنوات. وقال الملا لـ«رويترز» في اتصال هاتفي أمس: «رفعنا أسعار الوقود بدءا من الساعة الثامنة صباحا (06:00 بتوقيت غرينتش)». وذكر الوزير أن الحكومة رفعت سعر البنزين 92 أوكتين إلى 5 جنيهات (نحو 0.28 دولار) للتر، من سعره السابق عند 3.5 جنيه، بزيادة نحو 43 في المائة. كما رفعت سعر البنزين 80 أوكتين إلى 3.65 جنيه من 2.35 جنيه، بزيادة نحو 55 في المائة.
وزاد سعر بنزين 95 الذي يباع بالأسعار العالمية بالفعل، بشكل طفيف إلى 6.60 جنيه للتر، من سعره السابق عند 6.25 جنيه، بارتفاع 5.6 في المائة. بينما رفعت الحكومة المصرية سعر السولار (الديزل) نحو 55 في المائة، ليصل إلى 3.65 جنيه للتر، من سعر سابق يبلغ 2.35 جنيه. كما زاد سعر غاز السيارات 25 في المائة، إلى جنيهين للمتر المكعب من 1.60 جنيه.
وكانت أكبر زيادة في سعر أسطوانة غاز الطهي (البوتاجاز) الذي قفز 100 في المائة، ليصل في سعره الجديد إلى 30 جنيها من 15 جنيها. كما رفعت الحكومة سعر أسطوانة غاز الطهي «التجارية»، وهي أسطوانات كبيرة الحجم مخصصة للمطاعم والمحال، بنسبة 100 في المائة، ليصل سعر الأسطوانة الواحدة إلى 60 جنيها بدلا من 30 جنيها. كما أشار الملا إلى زيادة سعر المازوت لمصانع الإسمنت إلى 3500 جنيه للطن، من مستواه السابق عند 2500 جنيه، لكنه أكد أنه «لا زيادة في أسعار الغاز للقطاع الصناعي»؛ حاليا.
ورغم أن زيادة الأسعار كانت متوقعة بشكل واسع خلال الفترة الماضية، فإن مستوى الزيادات وامتدادها لكافة مشتقات الوقود كان مفاجئا لمعظم الأوساط في مصر، خاصة أن كثيرا من المراقبين كانوا يتوقعون إرجاء بعض من هذه الزيادات لتجنب غضب شعبي.
ويؤكد أغلب الاقتصاديين أن رفع أسعار السولار والبنزين 80 أوكتين، سيسفر لا محالة عن زيادات كبيرة في أسعار السلع والخدمات كافة خلال الفترة المقبلة، وذلك نظرا لاعتماد حركة نقل البضائع والركاب على هذه المنتجات، خاصة في ظل غياب وجود رقابة حكومية على الأسعار بشكل كبير.
وكانت الحكومة قد قررت قبل يوم واحد من رفع أسعار الطاقة في نهاية العام الماضي، تحرير سعر صرف العملة المحلية مقابل الدولار، ما دفع سعر الجنيه للتناقص بشكل كبير من مستواه السابق عند 8.87 جنيه للدولار، ليصل إلى متوسط يبلغ 18.20 جنيها للدولار منذ ذلك الحين. وأسفر القراران عن موجة غلاء وتضخم غير مسبوقة في مصر.
ويتوقع المحللون أن تحدث هذه الزيادات الجديدة موجة تضخمية أخرى، بعدما قفزت نسبة التضخم السنوي في نهاية 2016 إلى أكثر من 25 في المائة، وأخذت في الزيادة وصولا إلى 30.9 في المائة في مايو (أيار) الماضي، بحسب بيانات جهاز التعبئة والإحصاء.
وكانت رئيسة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد قد قالت في أبريل (نيسان) الماضي، إنه يتعين على مصر أن توجه «اهتماما خاصا» لمشكلة التضخم، معربة عن أملها في أن «يعالج المسؤولون المصريون هذه المسألة».
ومساء أول من أمس، نفى وزير البترول المصري تحديد موعد لتحريك أسعار الوقود، وذلك عقب اجتماعه مع رئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل، لكن عقب ساعات قليلة، وفي صباح الخميس، خرج الاثنان في مؤتمر صحافي ليعلنا زيادة الأسعار.
وأوضح الملا أن رفع أسعار الوقود «سيحقق وفرا في فاتورة دعم الطاقة بنحو 35 مليار جنيه في موازنة 2017 - 2018». وأضاف أن إجمالي حجم دعم المواد البترولية في موازنة السنة المالية 2017 – 2018، التي تبدأ غدا السبت الأول من يوليو، سيصل إلى 110 مليارات جنيه، انخفاضا من 145 مليارا كانت مستهدفة في السابق. لكنه قال إن «حجم الوفر في دعم الطاقة قد يتغير في أي وقت تبعا للأسعار العالمية».
بينما قال رئيس الوزراء إن رفع أسعار الوقود يأتي في إطار خطة ترشيد الدعم، وسيحقق وفرا في فاتورة دعم الطاقة بنحو 35 مليار جنيه. وأضاف أن «هذه الإجراءات جزء من منظومة الإصلاح الاقتصادي الذي نعمل عليه»، مشيرا إلى أن الموازنة لا تتحمل تأخير القرارات الاقتصادية، مؤكدا أن الدعم سيكون لمن يستحق فقط. وأوضح أن عجز الموازنة 10.8 في المائة خلال العام الحالي 2016 - 2017. مؤكداً أن «الحكومة تسعى لخفض الدين العام، إلى 95 في المائة، ونستطيع توجيه الدعم لخدمات تمس المواطن».
وأكد إسماعيل أن زيادة أسعار المحروقات الآن لن تؤثر على أسعار تذاكر القطارات والمترو والنقل العام. مضيفا أن هناك نسبة زيادة سنوية في أسعار الكهرباء، وأن الزيادة ستكون في فاتورة شهر أغسطس (آب) المقبل، مشيرا إلى أنه بالنسبة للزيادات في فاتورة الكهرباء: «تمت مراعاة محدودي الدخل، ولا بد من المحافظة على البنية التحتية وتطويرها»، وأن الحكومة لن تسمح بانهيار الكهرباء مثل انهيار قطاع السكة الحديد.



«ستاندرد آند بورز»: نمو قوي للإقراض في الإمارات بدعم من السياسة النقدية

منظر عام لبرج خليفة وأفق مدينة دبي (رويترز)
منظر عام لبرج خليفة وأفق مدينة دبي (رويترز)
TT

«ستاندرد آند بورز»: نمو قوي للإقراض في الإمارات بدعم من السياسة النقدية

منظر عام لبرج خليفة وأفق مدينة دبي (رويترز)
منظر عام لبرج خليفة وأفق مدينة دبي (رويترز)

توقعت وكالة «ستاندرد آند بورز غلوبال رايتنغز» في تقريرها عن توقعات القطاع المصرفي لدولة الإمارات العربية المتحدة لعام 2025 تحت عنوان «توازن النمو والمخاطر في ظل التوسع الاقتصادي»، أن يستمر النمو القوي للإقراض في عام 2025، بدعم من استمرار تيسير السياسة النقدية والبيئة الاقتصادية الداعمة، مشيرة إلى أن البنوك شهدت زيادة ملحوظة في الودائع خلال الأعوام الثلاثة الماضية، مما سيدعم زخم نموها القوي. ومع ذلك، فإن بعض الودائع خارجية وقد تكون عرضة للتقلبات بسبب جوانب الضعف الاقتصادية.

كما توقعت أن يظل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للإمارات قوياً في الفترة من 2025 إلى 2027 مع زيادة إنتاج النفط والغاز، بدعم من النشاط القوي في القطاع غير النفطي. وتعتقد أنه على الرغم من احتمال التعرض لتصعيد مفاجئ في التوترات الجيوسياسية الإقليمية ولانخفاضات كبيرة في أسعار النفط، فإن المخاطر الاقتصادية ستظل قابلة للإدارة بدعم من المرونة التي أظهرتها المنطقة خلال فترات انخفاض أسعار النفط وتفاقم عدم الاستقرار الجيوسياسي في الماضي.

استمرار تحسن جودة الأصول

بحسب الوكالة، من المتوقع أن تظل القروض المتعثرة وخسائر الائتمان في البنوك الإماراتية منخفضة، وذلك لأن الأداء القوي للقطاعات غير النفطية والخفض المتوقع الأسعار الفائدة سيساعدان في تحسين جودة الأصول الأساسية.

وعلى مدى العامين الماضيين، استخدمت البنوك ربحيتها العالية للاحتفاظ بمخصصات للقروض القديمة وقامت بشطبها، مما أدى إلى انخفاض قروض المرحلة الثالثة لأكبر 10 بنوك إلى 4 في المائة من إجمالي القروض كما في 30 سبتمبر (أيلول) منخفضة من أعلى مستوى لها في عام 2021 حين بلغ 6.1 في المائة.

بالإضافة إلى ذلك، أدى تحسن البيئة الاقتصادية إلى ارتفاع معدلات التحصيل من القروض المشطوبة، مما أسهم في خفض الخسائر الائتمانية الصافية.

كما تحسنت ربحية البنوك مع تشديد السياسة النقدية، حيث ساعد ارتفاع أسعار الفائدة في زيادة هوامش الأرباح. وتوقعت الوكالة أن تظل تكلفة المخاطر منخفضة، وبالتالي من المتوقع أن تظل ربحية البنوك مرتفعة، وإن بمستويات أقل من الذروة التي وصلت إليها في عام 2023.

الرسملة تظل عامل دعم

دَعَّمَ رأس المال القوي البنوك الإماراتية في السنوات الماضية، مع تعزيز هوامش رأس المال من خلال توليد رأس مال داخلي مدفوع بالربحية العالية ودعم المساهمين. كما تمتلك البنوك الإماراتية مركز أصول خارجية قوي، مما يخفف تأثير تقلبات أسواق رأس المال. وتمثل الودائع الأجنبية 29 في المائة من المطلوبات، فيما يشكل الاقتراض بين البنوك وتمويل السوق 20 في المائة. وعلى الرغم من المخاطر الجيوسياسية، تقدر الوكالة قدرة البنوك على تحمل الضغوط.

كما شهدت الإمارات ظهور البنوك الرقمية والتكنولوجيا المالية، مع زيادة في المنتجات الرقمية من البنوك التقليدية. وتمهد الموافقة على خطة تسجيل العملات المستقرة لإصدار العملات المدعومة بالدرهم الإماراتي. ومن المتوقع أن تكمل البنوك الجديدة وشركات التكنولوجيا المالية البنوك التقليدية، بينما يواصل مصرف الإمارات المركزي الحفاظ على استقرار النظام المصرفي وتشجيع التحول الرقمي.

ويمكن إدارة الإقراض المباشر من البنوك المحلية للقطاعات المعرضة لتحول الطاقة، حيث يمثل نحو 11 في المائة من إجمالي الإقراض في 2023، رغم التركيز العالي على النفط والغاز. كما أن التنويع الاقتصادي، والثروة العالية، والأصول السائلة الضخمة، وزيادة الاستثمار في الطاقة المتجددة، ستسهم في تقليل مخاطر الانتقال من المصادر الملوثة للكربون.

كما ارتفعت أسعار العقارات في الإمارات خلال الأربع سنوات الماضية، مع تسليم عدد كبير من الوحدات في الأشهر الـ12-24 المقبلة، مما قد يزيد من مخاطر فائض العرض. ومع ذلك، تظل المخاطر للبنوك محدودة لأن معظم المعاملات تتم نقداً، ويتم تمويل 30-40 في المائة من المبيعات الجاهزة عبر الرهن العقاري. كما انخفض انكشاف القطاع المصرفي على العقارات والبناء إلى 15 في المائة من إجمالي الإقراض في يونيو (حزيران) 2024، مقارنة بـ20 في المائة عام 2021.

التقييم لمخاطر القطاع المصرفي

ترى الوكالة اتجاهاً إيجابياً للمخاطر الاقتصادية في الإمارات بفضل الأداء القوي للاقتصاد غير النفطي، مما حسّن جودة الأصول المصرفية وقلل الخسائر الائتمانية. ويشير تصنيف الوكالة الائتماني للبنوك إلى استقرارها حتى عام 2025، مدعومة بنمو الإقراض والربحية المرتفعة، لكن هناك مخاطر من التوترات الجيوسياسية وتقلبات أسعار النفط.