تونس تقر اعتماد مواقع الإنتاج الحيوية {مناطق عسكرية»

نقابات الأمن تطالب بتطبيق صارم لقانون الطوارئ

واجهة مؤسسة للنفط في منطقة الكامور تعرضت للتخريب بسبب الاحتجاجات المطالبة بالتنمية والشغل (أ.ف.ب)
واجهة مؤسسة للنفط في منطقة الكامور تعرضت للتخريب بسبب الاحتجاجات المطالبة بالتنمية والشغل (أ.ف.ب)
TT

تونس تقر اعتماد مواقع الإنتاج الحيوية {مناطق عسكرية»

واجهة مؤسسة للنفط في منطقة الكامور تعرضت للتخريب بسبب الاحتجاجات المطالبة بالتنمية والشغل (أ.ف.ب)
واجهة مؤسسة للنفط في منطقة الكامور تعرضت للتخريب بسبب الاحتجاجات المطالبة بالتنمية والشغل (أ.ف.ب)

أعلنت الرئاسة التونسية، أمس، إقرار خطة تقضي باعتماد مواقع الإنتاج والمناطق الحساسة في البلاد مناطق عسكرية محجرة، وذلك في خطوة لتحييد هذه الأماكن عن الاعتصامات والاحتجاجات الاجتماعية التي شهدتها أكثر من بلدة ومدينة خلال الأسابيع الماضية.
ويأتي إعلان الرئاسة عقب اجتماع لمجلس الأمن القومي للنظر في مشروع الأمر الرئاسي، الذي عرضه الرئيس الباجي قائد السبسي لأول مرة في العاشر من مايو (أيار) الماضي. وقد جاء قرار السبسي آنذاك بجعل مناطق الإنتاج تحت إمرة الجيش ردّاً على الاعتصامات والاحتجاجات في الجنوب بولايتي قبلي وتطاوين وفي منطقة الكامور، القريبة من مواقع الإنتاج النفطي الموجودة في الصحراء. وقالت الحكومة إن الاعتصام كلف خسائر مالية كبرى للدولة، ونقصاً في الإنتاج النفطي.
وقال بيان رئاسي أمس إنه «تم النظر في مشروع الأمر الرئاسي الذي تقدمت به وزارة الدفاع الوطني المتعلق بإعلان مواقع الإنتاج والمنشآت الحساسة والحيوية مناطق عسكرية محجرة، وتم الاتفاق على اعتماده».
وعادة ما تتواتر الاحتجاجات في مناطق الحوض المنجمي، المنتجة للفوسفات بجهة قفصة، وفي مناطق الإنتاج النفطي في الجنوب. وقد دامت الاعتصامات نحو ثلاثة أشهر في الكامور للمطالبة بفرص عمل في الشركات النفطية وبالتنمية في تطاوين، وبلغت ذروتها في 22 من مايو الماضي، حيث شهدت وفاة محتج وإصابة العشرات من المتظاهرين والأمنيين، إلى جانب عمليات حرق وتخريب واسعة للمنشآت.
لكن بعد ذلك أعلنت الحكومة التوصل إلى اتفاق شامل مع المعتصمين عبر حزمة من القرارات المرتبطة بالتشغيل، تم توقيعها في 16 من يونيو (حزيران) الحالي، إثر وساطة تقدم بها الاتحاد العام التونسي للشغل.
من جهة ثانية، دعا عماد بلحاج خليفة، رئيس الاتحاد التونسي لنقابات قوات الأمن، لعقد اجتماع برلماني عاجل مع لجنة تنظيم الإدارة وشؤون القوات الحاملة للسلاح في البرلمان بهدف إعادة طرح مشروع القانون المتعلق بزجر الاعتداء على القوات المسلحة ومناقشته والإسراع باعتماده.
وجاءت هذه الدعوة بسبب تكرر الاعتداءات على رجال الأمن، كان آخرها تعرض ضابط أمن برتبة ملازم أول خلال نهاية الأسبوع الماضي إلى الحرق في منطقة بئر الحفي بولاية (محافظة) سيدي بوزيد الواقعة وسط البلاد.
وطالب بلحاج خليفة بتطبيق قانون الطوارئ بشكل صارم في جانبه المتعلق بالاجتماعات العامة والمواكب، والاستعراضات والمظاهرات والتجمهر، بهدف حماية رجال الأمن ومقراتهم من الاعتداءات التي قد تؤدي إلى الموت، وهو ما اعتبرته منظمات حقوقية دولية، مثل منظمة العفو الدولية، والرابطة التونسية لحقوق الإنسان، دعوة للحد من الحريات وعدم اللجوء إلى القضاء لمحاسبة مخالفي قانون الطوارئ ومختلف الخارجين عن القانون.
وحثت نقابات الأمن في بيان لها رئيس البلاد على «عدم التسامح مع مخالفي قانون الطوارئ والتعامل معهم بكل صرامة». وفي السياق ذاته دعا بلحاج خليفة رئيس الحكومة إلى تحمل مسؤولياته في حماية قوات الأمن الداخلي، و«عدم التنازل عن حقوقهم، وعن القضايا المرفوعة ضد كل من اعتدى على المؤسسة الأمنية والمنتسبين إليها».
في غضون ذلك، أشرف أمس الرئيس قائد السبسي في قصر قرطاج على اجتماع مجلس الأمن القومي الذي يحضره رئيس الحكومة ورئيس البرلمان ووزراء الداخلية والعدل والدفاع، وكبار القيادات الأمنية والعسكرية.
وتناول هذا الاجتماع الوضع الأمني، ودعا إلى مواصلة اتخاذ كل الإجراءات والتدابير المناسبة للتصدي لظاهرة الإرهاب والقضاء عليها، واستئصالها من جذورها ومكافحة كل أشكال التطرف. كما تناول الاجتماع كذلك آخر مستجدات حرب الحكومة ضد الفساد والإجراءات المزمع اتخاذها لضمان مواصلة هذه الحرب بالنجاعة والصرامة المطلوبتين.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.