«داعش» تواصل تقدمها في دير الزور.. و«الحر» يطالب بالدعم للتصدي لها

اشتباكات عنيفة قرب مبنى المخابرات الجوية بحلب والنظام يمطر أحياءها بالبراميل المتفجرة

عناصر من الجيش السوري الحر خلال اشتباكات مع قوات النظام بمنطقة الشيخ نجار بحلب أمس (رويترز)
عناصر من الجيش السوري الحر خلال اشتباكات مع قوات النظام بمنطقة الشيخ نجار بحلب أمس (رويترز)
TT

«داعش» تواصل تقدمها في دير الزور.. و«الحر» يطالب بالدعم للتصدي لها

عناصر من الجيش السوري الحر خلال اشتباكات مع قوات النظام بمنطقة الشيخ نجار بحلب أمس (رويترز)
عناصر من الجيش السوري الحر خلال اشتباكات مع قوات النظام بمنطقة الشيخ نجار بحلب أمس (رويترز)

طالب رئيس المجلس العسكري في دير الزور المقدم مهند الطلاع، أمس، بدعم مقاتلي الجيش السوري الحر وسائر المقاتلين ضد تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» المعروف بـ«داعش»، بالذخيرة والسلاح المضاد للدروع «بهدف صد هجمات التنظيم المتشدد العازم على بسط سيطرته على المدينة»، محذرا، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، من أن قدرة الصمود من غير ذخيرة «تزداد سوءا مع وصول مقاتلي (داعش) إلى مدخل دير الزور الشمالي». ومع تجدد الاشتباكات بريف دير الزور الغربي، أفاد ناشطون باندلاع اشتباكات عنيفة على محور حي جمعية الزهراء في حلب بين القوات الحكومية والمقاتلين المعارضين، بينما تواصلت الاشتباكات على محور بلدة المليحة بريف دمشق الشمالي.
وأفاد ناشطون بتقدم «داعش» غرب مدينة دير الزور، شمال نهر الفرات، وشنها هجمات متتالية شمال المدينة من جهة الحسكة، مؤكدين وصول مقاتلي التنظيم المتشدد إلى تخوم مدينة دير الزور.
ووصف الطلاع الوضع في دير الزور بـ«السيئ»، قائلا: «إذا لم تصل إلينا الذخيرة، والأسلحة المضادة للدروع، فإن الوضع سيزداد سوءا، نظرا لنفاد ذخيرتنا، وتفوق مقاتلي (داعش) بالتجهيزات العسكرية»، نافيا في الوقت نفسه أن يكون المجلس العسكري في دير الزور تسلّم أي أسلحة حتى الآن.
ويحاول مقاتلون من «جبهة النصرة» والجيش السوري الحر وكتائب إسلامية بينها «الجبهة الإسلامية»، صد هجمات متتالية تشنها «داعش» بهدف السيطرة على مدينة دير الزور التي يتقاسم النظام السوري ومقاتلي الجيش الحر وحلفاؤه السيطرة عليها. ويقاتل تحت لواء «الحر» و«النصرة» نحو عشرة آلاف مقاتل، مقابل ألفي مقاتل لـ«داعش» يشنون الهجمات على المدينة.
وإذ أكد الطلاع افتقاد مقاتليه لـ«الإمكانات العسكرية»، أشار إلى أن مقاتلي «داعش» «يمتلكون القدرة على المناورة من خلال آلياتهم التي تتيح لهم التحرك بسرعة، كما يمتلكون الذخيرة والأسلحة الثقيلة مما يؤهلهم لاستخدام الغطاء الناري بكثافة، بالإضافة إلى تجهيزاتهم الكبيرة والإمداد المادي والعسكري الآتي من العراق والرقة والريف الشرقي لحلب، مما حول هذا العدد الكبير من المقاتلين إلى قوة ضاربة تطمح للسيطرة على دير الزور»، مشيرا إلى أن قسما كبيرا من مقاتلي «داعش» «من الأجانب».
ودفع هذا الواقع المقاتلين المعارضين إلى التوحد لقتال «داعش»، بعدما كانت بعض الفصائل «مترددة في قتالها في السابق». وانخرطت بعض الفصائل أخيرا في قتال التنظيم المتشدد، فيما بقي آخرون يقاتلون على جبهة مطار دير الزور العسكري ضد القوات الحكومية.
وأبرزت المعارك الأخيرة بين «داعش» والمقاتلين المعارضين في المدينة، حجم تأثيرات القتال على سير المعارك ضد القوات الحكومية، إذ بات مقاتلو المعارضة محاصرين بين القوات الحكومية من جهة، وقوات «داعش» من الجهة الثانية. وقال الطلاع إن قوات النظام «متواطئة مع (داعش) حيث يتزامن قصف الطرفين للمكان نفسه، بينما ينفذ الطيران النظامي غارات في المواقع التي تحاول (داعش) التقدم فيها، مما يدفعها لاستغلال القصف التمهيدي وشن هجماتها». وأضاف: «وسط هذه المعركة، لا خيارات لنا إلا الصمود والقتال ضمن الإمكانات المتوفرة».
وبموازاة الاشتباكات على مداخل المدينة، تتقدم «داعش» في الأرياف التي يسيطر عليها المقاتلون المعارضون، وسط نفي من قيادات المعارضة أنها انسحبت من المعركة. وكانت المعارك بدأت قبل شهرين على مداخل محافظة دير الزور المحاذية لمناطق نفوذ «داعش» في الرقة والحسكة، وقرب الحدود العراقية.
في غضون ذلك، تجددت الاشتباكات قرب جمعية الزهراء في حلب بين مقاتلي المعارضة والقوات الحكومية المتمركزة في مبنى المخابرات الجوية ومحيطه. وأعلن المكتب الإعلامي لـ«غرفة عمليات أهل الشام»، التي تضم مقاتلين معارضين من كل من «جبهة النصرة» و«الجبهة الإسلامية» و«جيش المجاهدين»، عن تقدم جديد أحرزته القوات المشتركة في المنطقة، وذلك من خلال السيطرة على مبان جديدة.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بقصف الطيران المروحي مناطق في حي الحيدرية بالبراميل المتفجرة، فيما قصف الطيران الحربي مناطق في المدينة الصناعية بالشيخ نجار، كما ألقى الطيران المروحي عدة براميل متفجرة على مناطق في طريق حندرات، وحي مساكن هنانو، وأطراف حي الأشرفية.
بموازاة ذلك، تجددت الاشتباكات في المليحة بالغوطة الشرقية بريف دمشق، وترافقت مع قصف قوات النظام بصواريخ ثقيلة مناطق في البلدة. وأفاد المرصد بقصف قوات النظام مناطق في مدينة زملكا وبساتين بلدتي دير العصافير والمليحة ومناطق محاذية لأوتوستراد السلام بريف دمشق.
وفي العاصمة السورية، أفاد ناشطون بتعرض منطقة الجورة بحي القدم ومناطق في حيي العسالي وجوبر، للقصف، بعد ساعات من وقوع اشتباكات في حي جوبر.
وفيما تصاعدت وتيرة الاشتباكات في ريف حمص، وتحديدا في ريف مدينة الرستن، أفاد ناشطون بتكثيف القوات النظامية من هجماتها على مناطق نفوذ المعارضة في ريف اللاذقية الشمالي.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم