الولايات المتحدة تهدد الأسد بدفع ثمن باهظ إذا شن هجوما كيماويا

موسكو وصفته بـ«غير المقبول»

المتحدث باسم الرئاسة الاميركية شون سبايسر (أ.ف.ب)
المتحدث باسم الرئاسة الاميركية شون سبايسر (أ.ف.ب)
TT

الولايات المتحدة تهدد الأسد بدفع ثمن باهظ إذا شن هجوما كيماويا

المتحدث باسم الرئاسة الاميركية شون سبايسر (أ.ف.ب)
المتحدث باسم الرئاسة الاميركية شون سبايسر (أ.ف.ب)

أعلن البيت الابيض مساء أمس (الاثنين)، ان قوات النظام السوري قد تكون تعد لشن هجوم كيميائي جديد، محذرا برد مشابه للضربة التي نفذتها القوات الاميركية بداية ابريل (نيسان)، وسط ارتفاع حدة التوتر بين البلدين.
وقال المتحدث باسم الرئاسة الاميركية شون سبايسر في بيان ان "الولايات المتحدة رصدت استعدادات محتملة من قبل النظام السوري لشن هجوم كيميائي آخر قد يؤدي الى عملية قتل جماعية لمدنيين بمن فيهم اطفال أبرياء". واضاف ان الانشطة التي رصدتها واشنطن "مماثلة للاستعدادات التي قام بها النظام قبل الهجوم الذي شنه بالسلاح الكيميائي في 4 أبريل" والذي ردت عليه الولايات المتحدة بضربة عسكرية غير مسبوقة شملت اطلاق 59 صاروخ كروز على قاعدة جوية للنظام في سوريا.
وتابع المتحدث باسم الرئاسة الاميركية "كما قلنا سابقا فان الولايات المتحدة موجودة في سوريا للقضاء على تنظيم داعش في العراق وسوريا (...) ولكن اذا شن الاسد هجوما جديدا يؤدي الى عملية قتل جماعية باستخدام اسلحة كيميائية فانه وجيشه سيدفعان ثمنا باهظا".
وفي تغريدة على تويتر مساء امس قالت سفيرة الولايات المتحدة لدى الامم المتحدة نيكي هايلي، إن "أي هجوم جديد يستهدف المدنيين السوريين سيتحمل مسؤوليته الاسد، وكذلك روسيا وايران اللتان ساعدتاه على قتل شعبه".
وتسبب هجوم يشتبه بأنه كيميائي في خان شيخون بمحافظة ادلب بمقتل 88 شخصا بينهم 31 طفلا، واستدعى ردود فعل دولية منددة حملت مسؤوليته للنظام السوري.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الانسان، فان الغارة على خان شيخون هي "الهجوم الكيميائي" الاكثر دموية بعد هجوم بغاز السارين أوقع 1400 قتيل في ريف دمشق في 2013.
ونفت كل من النظام السوري وروسيا الاتهامات الغربية.
وكان الرئيس الاميركي دونالد ترمب عبر عن تأثره بعد الهجوم على خان شيخون منددا بمقتل عدد كبير من الاطفال.
وردت الولايات المتحدة ليل 6-7 ابريل باستهداف مطار الشعيرات قرب حمص باطلاق 59 صاروخ توماهوك من سفينتين اميركيتين متمركزتين في البحر المتوسط.
ويقتصر الوجود الاميركي في سوريا رسميا على نشر مستشارين وتسليح قوات سوريا الديمقراطية.
ويأتي التحذير الاميركي وسط ارتفاع حدة التوتر بين النظام السوري وقوات سوريا الديمقرطية المدعومة من واشنطن، ما قد ينذر بمواجهة عسكرية معه.
وأسقطت الولايات المتحدة في 18 يونيو (حزيران) الحالي طائرة حربية للنظام قالت انها كانت تستهدف قوات سوريا الديمقراطية في محافظة الرقة شمال البلاد.
وكانت القوات الاميركية قصفت منذ بداية مايو (ايار) في ثلاث مناسبات على الاقل قوات موالية للنظام السوري في منطقة التنف على الحدود مع العراق، وعلى مسافة غير بعيدة من الحدود الاردنية، معلنة أنها "تشكل تهديدا" لقوات التحالف.
وأدى التوتر الى تدهور في العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا، حليفة النظام السوري، والتي كانت نددت باسقاط طائرة النظام واعتبرته "عملا استفزازيا"، منتقدة واشنطن لعدم ابلاغها مسبقا.
وفي تطور لاحق، قال الكرملين اليوم (الثلاثاء) إن تحذيرات البيت الأبيض لرئيس النظام السوري بشار الأسد وجيشه من شن
هجوم بأسلحة كيميائية "غير مقبولة".
وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف في مؤتمر صحافي عبر الهاتف "ليس لدي علم بأي معلومات عن تهديد باحتمال استخدام أسلحة كيميائية".
وأضاف بيسكوف "بالتأكيد نعتبر مثل هذه التهديدات غير مقبولة".



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.